الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الشرق مع الشرق

مسعود محمود حسن

2013 / 4 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حوار الشرق مع الشرق
في الوقت الذي يتوجه فيه إحدى تيارات الخطاب الثقافي المعاصر في الشرق إلى الدعوة للحوار مع الغرب, يتم إغفال دعوة أهم تتمثل في الحوار بين مكونات الشرق ذاته! ونبدأ من المكون الديني الذي يتفرع إلى الإسلام والمسيحية والبوذيّة والهندوسيّة واليهودية واليزيدية والصابئة والسيخ من جهة, وإلى السنّة والشيعة والكاثوليك والأرثذوكس من جهة ثانية. ومن مناطق التوتر الديني التي تشهد على الحاجة لإطلاق حوار ديني يمكن الحديث عن العراق حيث الحوار الإسلامي المسيحي يتحرك ضمن إطار ضيّق وبدوافع سياسية لا يُقصد منها صبّ أرضية صلبة للتعايش. وفي الصين يكاد ينعدم أي حوار بوذي إسلامي. والأمر ذاته ينطبق على الهند حيث الهندوسيّة والإسلام والسيخ في حالة مشاكسة. وفي فلبين العراك مستمر بين الحكومة والقلية المسلمة. وفي إيران بالإضافة إلى العراق واليمن هناك إقصاء متبادل سنّي شيعي. وفي مصر ونيجيريا يظهر بين الفينة والأخرى ما يدل على أنّ الوعي الجماهيري لا يستسيغ فكرة التعددية الدينية.
بعد المكوّن الديني يأتي المكوّن القومي كحالة دالة على غياب الحوار الفعّال. ففي تركيا وإيران هناك رصاص متبادل بين الأتراك والفرس من ناحية وبين الأكراد من الناحية الأخرى. وبإيران نفسها هناك تهميش واسع للأذريين. وفي السودان ما زالت الدماء تُراق بين من هم من أصول عربية ومن هم من أصول إفريقية (زنجية). وفي موريتانيا هناك توتر من هذا القبيل وإن كان بدرجة دنيا مما هو في السودان. وفي المغرب العربي هناك تناحر عربي أمازيغي. وفي الصين شهدنا منذ عام تقريباً إضطراباً بين القومية الحاكمة, وبين القومية التي تتبنّى الإسلام ديناً لها.
كان هذا لمحة موجزة وسريعة لمناطق التوتر الديني والقومي في الشرق, علماً أنه ينبغي ألا نستصغر هذه التوترات لأن تاريخ المنطقة يؤكد أنها تتحوّل إلى براكين نشطة تُلحق ضرراً بالغاً بالشرق سياسيّاً واقتصادياً.
وإذا أبحرنا إلى النصف الآخر من الكوكب حيث ما يُعرف بالغرب لنجري مقارنة بينه وبين الشرق, نجد أنّ المكونات الدينية والقومية للغرب تجاوزت مرحلة الحوار ووصلت لمرحلة الاتحاد فيما بينها. وهي تعمل اليوم على ملفين جديدين الأوّل هو ملف المكونات الدينية والقومية الوافدة إليها من أنحاء الشرق, وتبحث سبل إدماجها في الغرب, والثاني هو ملف مستقبل العلاقة مع الشرق. ومن الواضح أنّ منهج الغرب في الحوار هو منهج يتّسم بالعلمية والعقلانية, فبدأ بالحوار فيما بين الأنا الجمعية, ثم انتقل إلى الحوار فيما بين الأنا الجمعية و(الهُوَ) الوافد والقريب والملاصق, وبالتزامن مع المرحلة الثانية أو بعدها بقليل تأتي مرحلة الحوار مع (الهُوَ) البعيد.
ومن دون شك نحن لا نجد هذه المنهجية العلمية والعقلانية للحوار في الشرق, حيث نلاحظ أنّ الخطاب الثقافي والسياسي يُباشر بالمرحلة الأخيرة من الحوار ويتجاهل إلى حد كبير المرحلة الأولى, أمّا المرحلة الثانية التي هي مرحلة الحوار بين (الأنا) و(الهُوَ) القريب والوافد فليس هناك حاجة لها في الوقت الراهن بما انه ليس هناك توطين للغربي في الشرق. ويبدو واضحاً هنا أن الشرق يُغالط نفسه بطريقة مضحكة, فهو يدعو إلى حوار الأديان في الوقت الذي يعيش صراع أديان بداخله! ويدعو لعالم متعدد الأقطاب في الوقت الذي يقوم هو نفسه بقمع الأقطاب الصغيرة بداخله!! ويدعو لعدالة الأرض في حين أنه أحد المفسدين فيها!! فهل الشرق نبيٌ ادّعى النبوّة كذباً؟ أم هو يا ترى آمرٌ بالمعروف ظاهراً, وآتٍ للمنكر باطناً؟! ويحق لنا كأبناء للشرق أن نتساءل عن الغاية الحقيقية للحوار التي يدعو الشرق لها عبر إعلامه ومثقفيه, والهدف المخفي لها.
مسعود محمود حسن
صحفي كردي من سوريا
Facebook: Masoud Omery
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة