الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية المريضة

فاخر السلطان

2013 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لأن الحرية في الكويت مريضة، فهي تحتاج إلى علاج.
مريضة لأنها تحولت من قيمة إلى وسيلة. وأصبحنا نقودها وفق تصوّراتنا المصلحية بدلا من أن توجّهنا وترسم لنا أسس القيادة والعمل.
الغالبية، وخاصة السياسيين، المنتمين للسلطة ولغيرها، يستغلونها أيّما استغلال لتحقيق أهدافهم، التي تبدو في غالب الأحيان أهدافا ضيقة. لأن ردود أفعالهم ستخالف الحرية حينما تصبح هي سلاحا في الضد من أهدافهم وشرطا لا يخدم تحركاتهم. بعبارة أخرى، المعضلة تكمن في الآتي: اعتبار الحرية لازمة من لوازم العمل الديموقراطي حينما تكون سلاحي، لكنها ستصبح تهديدا لأمن المجتمع ولقوانينه حينما تكون سلاح الآخر ضدي.
إن الحرية هي فوق هذا وذاك. هي الأصل الذي تتمخض عنه قوانين الحياة الحديثة في علاقتها بمختلف العناوين، بما فيها عنوان الديموقراطية. لذا هي حاجة مجتمعية دائمة، قبل أن تكون حاجة مؤقتة سياسية أو غيرها. فنحن لا نحتاج إليها لتنظيم عملية الغالب والمغلوب في صراعاتنا السياسية فحسب، بل هي ضرورة ثقافية لابد أن تتغلغل في جميع مناحي الحياة، ومطلب فكري يجب أن يؤثر في مختلف مجريات حياتنا الطبيعية. فلا يمكن أن تكون مشروطة بلعبة سياسية، ولا أن يتم استغلالها في جانب معين، كالجانب الديني، بل هي تفتح المجال للدين أن يكون حرا في تحركاته، لكنها تعارض استغلال الدين لدعم موقف، سواء سلطوي أو غيره، قد ينتهي به المطاف إلى خنق الحرية.
ولأن الحرية لم تكن ولم تُصبح ضرورة ثقافية أو فكرية، فقد فضحت الكثير من المزاعم، خاصة مزاعم بعض العلمانيين والليبراليين، الذين تتجه بوصلة الحرية صوبهم قبل غيرهم، بوصفهم رافعي شعارها الأساسيين والمدافعين عنها بضراوة قبل أن يتبناها أيضا أصحاب الأيديولوجيات التكاملية النهائية. لقد فضحت المزاعم العلمانية التي تُمصلح الدفاع عن حقوق الإنسان من أجل اهداف هي في المحصلة غير إنسانية، لأنها مارست التمييز تجاه مختلف صور الحريات بحجة ان لا حرية لأعداء الحرية، في حين كانت هي من هؤلاء الأعداء من دون أن تدري.
ولأن الحراك في الكويت أوجد واقعا سياسيا ثم اجتماعيا جديدا، من أبرز صوره ارتفاع سقف الشعارات السياسية الساعية إلى ديموقراطية واقعية، وبروز المظاهرات والمواجهات في الشوارع، واستخدام العنف ضد المتظاهرين، ثم فرز المختلفين في إطار عناوين سياسية/ اجتماعية متمايزة، أعقبه رفع قضايا ضد المخالفين للسلطة وسجن عدد منهم والسعي للقفز على القانون من أجل معاقبة البعض منهم... فإن ذلك أدى إلى شحن المجتمع وانقسامه بصورة لم يشهدها من قبل، وهو ما قد يهدد أمنه الاجتماعي ويعرضه لمخاطر جمّة.
ولا تتوانى السلطة، التي هي صاحبة النفوذ الأكبر، في ظل النظرة المطلقة التي تسود ثناياها، والقائمة على السمع والطاعة، في إلقاء سبب الشحن والانقسام على الحراك ومنظميه وعلى الشعارات المرفوعة والمطالب المرجوّة. في حين يردّ منظمو الحراك على ذلك باتهام السلطة. وكوني أميل إلى اتهام السلطة بصورة جدية وواقعية، لأن المطلق لا يجلب إلا الاختناق، ولأن الطاعة لا يمكن أن تتعايش مع المختلف، لكني لا أبرئ العديد من المنتمين إلى الحراك من مسؤولية تأجيج الشحن.
ولأن الحرية كحاجة مجتمعية، لا فقط سياسية، يفتقدها الكثيرون في الحراك، ويتعمد بعض العلمانيين والليبراليين والاسلاميين والسلطويين تجاهلها بل ومحاربتها حفاظا على مصالحهم ودفاعا عن مكتسباتهم، فإنها تعتبر مدخلا مهما لخفض الشحن، لا أقل عند المنتمين إلى الحراك. فالسلطة لن تقدِم على أي خفض ما دام ذلك يفقدها مصالحها ويجبرها على تقديم تنازلات سياسية إصلاحية. بينما شباب الحراك قادرون على تبنّيها بكل أريحية، كونها تتوافق مع الشعارات والمطالب التي يرفعونها، ولأنها المدخل لتبني عملية التسامح والتعايش بمختلف عناوينه التي يحتاجها مستقبل البلاد في إطار القواعد الدستورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 164-Ali-Imran


.. 166-Ali-Imran




.. 170-Ali-Imran


.. 154-Ali-Imran




.. 155-Ali-Imran