الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان في وجه العاصفة

نجيب الخنيزي

2013 / 4 / 29
المجتمع المدني



يمر لبنان بمرحلة دقيقة وحرجة وحاسمة ، وتعد بحق الأخطر منذ انتهاء الحرب الأهلية ( 1975 – 1990 ) المدمرة ، حيث تتفاقم وتحتدم الأزمة الداخلية وعلى المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، كما يشتد ويحتدم الأستقطاب و الصراع بين مكوناته الطائفية والمذهبية كافة، وذلك إزاء قضايا مفصلية من بينها الموقف من قانون اللقاء الأرثودكسي الذي يحصر انتخاب النواب المسيحيين بالقاعدة الانتخابية المسيحية ، حيث اعتبر بأنه يرسخ نظام المحاصصة الطائفية ، ويتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنيين في الحقوق والواجبات ، كما يطال الخلاف طبيعة الحكومة القادمة في اعقاب استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ، وتكليف تمام سلام بتشكيل الحكومة القادمة ، والتي لا تزال متعثرة رغم التوافق اللبناني والاقليمي على هذا التكليف ، و يتمحور التباين الحاد حول طبيعة عمل الحكومة ومهامها ، وهل تمثل حكومة انقاذ وطني أم ستكون حكومة الغالبية النيابية ، وكذلك الموقف من شرعية سلاح حزب الله الذي يصر بدوره على ثلاثية الدولة والشعب والمقاومة ، وبأن سلاحه هو الذي حرر جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000 ، وافشل العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006 ، في حين تطرح المعارضة ، بأن سلاح حزب الله لم يعد شرعيا بعد استكمال التحرير ، وصار ضروريا تأكيد شرعية احتكار الدولة للسلاح ، ولاستراتيجية الدفاع عن لبنان . على صعيد أخر تستمر وتتفاقم الأزمة الاقتصادية / الاجتماعية وتتصاعد مستويات البطالة والفقر وترد الخدمات التعليمية والصحية ، كما أصبح لبنان وعلى نحو متزايد رهين للتجاذبات والصراعات الأقليمية والدولية، خصوصا أنه لم يعد محصنا رغم الحديث المتكرر عن النأي بلبنان عن الصراع الجاري في سوريا ، من امتداد لهيب الصراع الدموي الدائر فيها ، والذي ينحدر بسرعة إلى حرب أهلية مدمرة ، ستكون لها تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على الأمن والإستقرار في عموم المنطقة والعالم وعلى لبنان على وجه الخصوص ، نظرا للتداخل الجغرافي والاجتماعي والعائلي والاقتصادي والأمني والسياسي بين البلدين ، ودون ان نتجاهل تأثير وأبعاد وجود مئات الآلاف من النازحين السوريين في لبنان من جهة ، واتقسام الموقف اللبناني الداخلي إزاء ما يجري في سوريا ، والذي وصل حد المساندة المادية والمشاركة العسكرية ، لدعم النظام أو المعارضة على حد سواء من جهة أخرى . تاريخيا تباينت وتعددت التحليلات والتقييمات والمواقف إزاء لبنان ، وهل لوجوده مقومات تاريخية وسياسية وثقافية واقتصادية ونفسية ، أم انه كيان مصطنع يعيش واقع بنيوي مشوه وغير سوي ،أو قابل للحياة و للعيش المشترك بين مكوناته وفئاته ، مما يستدعي ويحفز اندلاع وتفجير الأزمات والعنف والحروب الأهلية بينها على نحو متوصل أو دوري . واللافت انه وبعد التجارب المريرة والحروب الداخلية المدمرة والتي حولت لبنان إلى ساحة للتدخلات والحروب الخارجية ، فان اللبنانيين اجمعوا في أتفاق الطائف ( 1989 )على خيار كون لبنان هو و طن نهائي لكل اللبنانيين ، وعلى ضرورة احترام خياراته الوطنية و عروبته وتفاعله مع قضايا الأمة العربية ، والابتعاد به عن التجاذب والصراعات الإقليمية التي حولته إلى ساحة لصراع الآخرين على أرضه ، كما دعا إلى قيام حكومة وفاق أو اتحاد وطني ، وتحويل لبنان إلى دائرة انتخابية واحدة ،ونبذ اللجوء إلى العنف والصراع لحل الخلافات والتناقضات بين المكونات والطوائف في لبنان ، وصولا إلى إقامة الدولة اللبنانية الحديثة ، غير أن الوقائع على الأرض تؤكد أن الطريق لتحقيق ذلك لازال شاقا وطويلا ،وتكتنفه العديد من العقبات والمطبات الداخلية والخارجية ، ومع أن العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان بين مدى قدرة المقاومة اللبنانية والدولة والشعب اللبناني على الصمود والتلاحم والتضامن في وجه آلة التدمير الإسرائيلية ، غير انه أوضح في الوقت نفسه مدى ضعف و هشاشة الدولة اللبنانية وعدم قدرتها على التصدي للعدوان ومخططاته الخطيرة ، إلى جانب التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية المختلفة وقبل كل شيء الفشل في إقامة وبناء الدولة العصرية الحديثة ، والذي انعكس في الشكوك و غياب الثقة المتبادلة بين مكوناتها الاساسية وذلك منذ إعلان استقلال لبنان في عام 1943 ، و الذي استند أنذاك إلى التعاقد الحر ( الميثاق الوطني ) بين مختلف التكوينات والطوائف اللبنانية وقبل كل شيء بين المسيحيين ( الموارنة ) والمسلمين ( السنة ) وبالتالي تحول الميثاق من مشروع دولة إلى صيغة للمحاصصة الطائفية ، وبالتالي لم يستطع لبنان الاستمرار والتطور كدولة ووطن ، بمعنى بناء وترسيخ مقومات الولاء الوطني على حساب الانتماءات الطائفية والمناطقية والعشائرية وذلك من خلال تأسيس مقومات الدولة الحديثة العابرة للطوائف والتكوينات الخاصة والتأكيد على دولة كل المواطنين(الدين لله والوطن للجميع) المتساوين في الحقوق والواجبات والتي يكفلها الدستور وترسخها السلطات (التنفيديه والتشريعية والقضائية ) والمؤسسات الرسمية والاهليه ومنظمات المجتمع المدني ، والتي بموجبها تكون الدولة قادرة على احتواء أو تقبل صراع وتنافس القوى السياسية فيها على أساس سلمي ، غير إن دلك لم يتحقق حيث حافظت البنية الطائفية على وجودها من خلال ترسيخ الدولة-المزرعة لنظام السيطرة والامتيازات والمحاصصه الطائفية ، مما دفع وانحدر بالتنافس والصراع السياسي إلى مستوى العنف والصراع المسلح ، والحروب الأهلية ،وأصبحت الدولة عاجزة من احتواء وضبط التدخلات والتأثيرات الخارجية . في الواقع فأن الصراع في لبنان و الذي يتمظهر بشكله الديني والطائفي والمذهبي ، وبغض النظر عن بعديه الإقليمي والدولي ،هو كما في غيره من البلدان ليس سوى احد أشكال الصراع الاجتماعي ، ويمثل العامل السياسي دور الاداة و المحرك فيه ، ومن هنا فان مشكله الأقليات وإشكالات الطائفية والمذهبيه في الجانب الأساسي منها هي سياسيه بامتياز، حيث كان لبنان (بتركيبته الطائفية) ونظامه السياسي وجهان لعمله واحده ونذكر في هدا الصدد قول بيار الجميل مؤسس وزعيم حزب الكتائب اللبناني بأنه لا يفرق بين الكيان (الوطن)والنظام (انساق الهيمنة) في لبنان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ


.. نتنياهو: شروط غانتس تعني هزيمة إسرائيل والتخلي عن الأسرى




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 160 موقعًا أمميًا دمرته


.. الصفدي: الأونروا ما زالت بحاجة إلى دعم في ضوء حجم الكارثة في




.. مفوض الأونروا: 800 ألف من سكان رفح يعيشون في الطرقات.. ومناط