الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيرات في اليات التعليم الطبي

جواد الديوان

2013 / 5 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


تهب رياح التغيير على التعليم العالي والبحث العلمي مؤخرا، وتسعى كليات الطب الى تغيرات جوهرية في المناهج واساليب التعليم والتدريب وغيرها، ومنها كلية الطب- جامعة بغداد.
اعتمدت التدريسات في العقود الماضية على اسلوب مركزه الاستاذ لا الطالب، ويعتمد المحاضرة اساسا له، وصيغة امتحانات تركز على استرجاع المادة واستذكار مفرداتها (الذاكرة). وينعدم التنسيق بين الفروع او اقسام الكلية، فتكررت محاضرات في المراحل او حتى المرحلة الواحدة بين الفروع. واهملت العملية التدريسية المهارات والاتجاهات. وتعود الطلبة على الحفظ والتذكر دون الاستيعاب والتفكير (الدرخ) ومعظمهم ينسى المواد بعد النجاح.
ومنذ خمسينات القرن الماضي يعمل الغرب على اشكاليات التعليم. ووضع العالم بلوم (1956) هرما لها قاعدته المعرفة (تذكر المادة وامكانية ان يعدد المتعلم "الطالب" احداث او عوامل او صفات وغيرها) والادراك (شمول جميع المعاني، وممكن ملاحظة ذلك في الوصف والتفسير والمناقشة) والتطبيق (توضيح استخدام المعلومة او الاشارة للتطبيقات العملية والمختبرية او مناقشة احداث تاريخية وغيرها) والتحليل (اختبار موضوع محدد او الاشارة لمراقبة الاحداث او المقارنة بين حدقين او ظاهرتين وغيرها) والتجميع (تصميم لحدث او ظاهرة او تقديم معادلة رياضية اشتقاقا او نتيجة لظاهرة وتجربة) والتقييم (مثل الحكم على حدث تاريخي او وظيفية فسيولوجية او تقييم برنامج محدد). وهذا ما كان يسميه العرب الاستقراء والاستنتاج!.
ويتجاوز الغرب اشكاليات التعليم في بحوثهم الى اليات التفكير، واشاعة العقل الناقد في المجتمع. وتطورت لديهم طرق البحث وتراكمت المعلومات وتغيرت العديد من الممارسات، ونلاحظ التقدم في مفاصل العلم عندهم. وبقى الناس في العراق يستهلكون المعلومات من الغرب، ويتدربون على تطبيقها فقط. والتنافس في الطب شديد لاحتكار التطبيقات الجديدة.
وتتطور اليات التعليم لتشمل المعرفة بكل درجاتها المشار اليها والمهارات (لها هرم مماثل للمعرفة) والاتجاهات. واهملت مناهج التعليم لدينا المهارات في المراحل الاولى، وتبرز المهارات في السنتين الاخيرتين (طرق اجراء الفحص الطبي او الحصول على التاريخ الطبي والتعامل مع المعلومات للوصول للتشخيص). اما الاتجاهات فلا مكان لها في المنهج، واثرت عند تعامل الاطباء مع مرضى فقدان المناعة المكتسب (الايدز) على سبيل المثال لا الحصر او يعترض استاذ في كلية الطب على محاضرة للانحرافات الجنسية في منهج الدراسات الاولية او العليا. ومثال قديم، اثناء الاقامة الدورية (التدريب بعد التخرج من كلية الطب- البصرة) لم يزر اي من الاطباء اختصاص الباطنية او الامراض الاستوائية مستعمرة البتيرة للجذام leprosy (تم غلق المستعمرة في التسعينات من القرن الماضي)، ويتابع المرضى طبيب قرى وارياف. وتتعاقد الحكومة مع طبيب هندي للمستعمرة، فيجلب المرضى للمستشفى للعلاج الطاريء مثل بتر الاعضاء (الساق) او لاشكاليات العيون وهكذا. ما اردت ان اقوله تمنع الكثير من الاطباء على التعامل مع المرض رغم ان فترة العدوى له تاخذ اكثر من 20 سنة. انها مشكلة الاتجاهات للاطباء العاملين. وتعامل ذلك الهندي بمهارة عالية في متابعة المرض واجراء فحص الجهاز العصبي كجزء من متطلبات تطور المرض واستجابته للعلاج (ولي وقفة لاحقة مع الامر وما عرضته فقط مثالا لاشكالية اهمال الاتجاهات). اهمال الاتجاهات يدفع الاطباء للحصول على المشورات حول الامر من مصادر اخرى. ومثال ذلك ترفض طبيبة التعامل مع وسائل معينة لمنع الحمل.
تعمل وحدة التعليم الطبي (كلية الطب- بغداد) بشكل دؤوب لاقامة ورش عمل متعددة لمناقشة اهداف المحاضرات في نشاطاتها. وتبقى المحاضرة جزء من عملية تعليمية مستمرة. وركزت احدى الورش على صياغة الاهداف لتلك المحاضرات.
كلمة هدف في اللغة العربية قد تكون ترجمة لكلمة objective او goal او target في اللغة الانجليزية. الا ان المعنى التقني للكلمة يتاثر باستخدامها. واهداف المحاضرة تعطي المعنى لكلمة objective اي الاهداف المرجوة من المحاضرة. وعندما يتم صياغتها بشكل يكون الطالب محور مركز للعملية التعليمية، ستمثل تلك الاهداف ما متوقع من الطالب ان يقوم به بعد نهاية المحاضرة. وبذلك تركز اهداف المحاضرة على مختلف مستويات المعرفة (التذكر والادراك والتطبيق والتحليل والتجميع والتقييم) والمهارات والاتجاهات.
من مميزات اهداف المحاضرة الوضوح والقابلية على القياس وامكانية تحقيقها وارتباطها بتقييم الطالب (الامتحان). وممكن ان تكون امثلة لاسئلة متوقعة في الامتحان. المنهج والمحاضرات والاهداف (للمنهج والمحاضرات) معلنة للطلبة في الشبكة العنكوبتية وغيرها. وتجاوز نظام التعليم لديهم اشكاليات الامتحانات في العراق، وشكوى الاساتذة من محدودية المادة وتكرر الاسئلة، وعدم السماح للطالب بالاحتفاظ بنسخة من الاسئلة! او عدم توفر نسخ من اسئلة السنوات السابقة! في المكتبات او الانترنيت (الشبكة العنكبوتية). وتمثل هذه تمرين للطالب على حل الاسئلة وتفهم المادة لا حفظها ونسيانها. ويمارس الطالب بها مختلف انواع المعرفة فيها. ولانعدام هذه الاليات تكرر الخطا في السؤال والتسلسل للاسئلة ثم يضعوا درجة اضافية يسموها bonus ز وهذه صفة للدراسات الاولية او العليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى الباكالوريا- مراجعات في برنامج العربية: الحماسة- التوح


.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي




.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق


.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را




.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض