الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما أرى ما نحن عليه

نادية بيروك
(Nadia Birouk)

2013 / 5 / 2
المجتمع المدني


عندما أرى ما نحن عليه
عندما أرى ما نحن عليه من تخلف وجهل وتشردم وفظاعة وسفه وفساد وضياع وخراب وحروب وطائفية وتحزب وتأسلم وتطرف... عندما أرى ما نحن عليه من تفاهة أفكار وضحالة مواضيع ودماثة قيم وسداجة حوار وقلة ذوق وعقل... عندما أرى ما نحن عليه من استهلاك لاختراعات الغرب وابتكاراته وإنجازاته وأفكاره... عندما أرى ما نحن عليه من ضلالة وبدع وفتن وفتاوي وتقهقر وانحلال... أشعر بمرارة وألم لما نحن فيه من جهل وتدين مزعوم. منذ خمسة عشر قرن وحضارتنا لم تبرح مكانها،الأمم تطورت وازدهرت وأنجزت وابتكرت ونحن نستهلك ونسب ونشتم عباقرة الغرب وليتنا نكتفي بالقذف والشتم: فمرة ننعتهم بالكفرة وأخرى بأهل النار، ولولا اختراعاتهم وتضحياتهم وبحوثهم لكانت حياتنا جحيما.
منذ خمسة عشر قرنا وشيوخنا يناقشون دم الحيض والنفاس، يناقشون التعدد وزواج المتعة والزواج المسيار وملك اليمين والجماع والإرث ووجه المرأة ومؤخرتها وثوبها وما إلى ذلك من النقشات الرخيصة، الخليعة، السطحية التي جعلتنا أضحوكة للعالمين...
حين يسألوننا عن اختراعاتنا وعلمائنا نستنجد بأعلام الماضي، الذين اعترف بهم الغرب والذين قتلنا وكفرنا معظمهم بعد أن أحرقنا كتبهم.
عالمنا غريب، عالم فاسد، أسود يكرس حياة الظلم والجهل والوأد. اليابان أوالصين لم تعرف الإسلام، لكنها أفضل بقاع الأرض علما وأخلاقا واختراعا واحتراما لكرامة الإنسان ومستقبله، وشيوخنا يحلمون بإسلام شكلي لا يتعدى اللحي والجلابيب!
أين علومنا؟ أين اختراعاتنا؟ أين مستقبل أمتنا التي أضحت أحط وأقذر الأمم: شوارعنا ملطخة، طرقنا بؤر وحفر، منازلنا آيلة للسقوط، تعليمنا غير نافع لأنه أصم وأبكم لا يساير تطور ولا تقدم الأمم العلمانية المتحضرة التي تعرف معنى السلطة والحقوق وتضع حدا للتسلط والتطرف. رحم الله الشعراوي الذي قال:" أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة وأن لا يصل أهل الدين إلى السياسة." لأن الدول تحتاج أناسا متخصصين، دارسين، متعلمين، لديهم دراية بشؤون التسيير والتدبير والإقتصاد لا إلى فقهاء. فمن لديه الخبرة والدراية قاد بلده إلى القمة ولو كان كافرا ومن اعتقد أنه يستطيع أن يخترع طائرة برقية شرعية فإنه مخطئ...
لن تقوم لنا قائمة حتى نعلم بناتنا وأبناءنا، العلم الحديث المرفق بالإبتكار والإختراع والقدرة على الإبداع. وهذا لن يحدث إلا إذا قضينا على الجهل وقطعنا حبل الماضي السري الذي يشدنا إلى حضيض قريش وقبائل الخرافات والتخاريف التي لازال شيوخنا يتفننون في سرد قصصها ويقيسون عليها أحكامهم الزائفة...
نحن لا نحتاج إلى من يمثل الدين، لقد حولنا أشخاصا دون قيمة إلى آلهة مقدسة وأغلقنا أعيننا على حتمية العلم وضرورة التطور. أول آية نزلت هي "إقرأ" ونحن نكذب، نسرق، نقتل ،نرتشي... ولا نقرأ.
علينا أن نستيقظ قبل فوات الأوان وأن نفهم أن الوجود عمل وتعلم وحلم وجد وألوان. أن القيم والشرف والأخلاق مبادئ وليست ملابس. أن الكرامة هي أن نلبس مما نخيط وأن نأكل مما نزرع وأن نركب ما نخترع لا أن نلبس ما تجود به تجارة ملا بسهم البالية وأن نأكل زرعهم ونركب سياراتهم وطائراتهم وأن نكفرهم!!! والله هم أفضل وأحب إلى الله منا لأنهم لا يتاجروا بالدين ولا يركبوا مطية السياسة لحصد الغنائم والجواري بل لخدمة بلادهم ومواطنيهم.
يضحكني حديثكم عن الربيع الأسود الذي بدأ بدمار العراق، وأسلمة تونس ومصر وخراب سوريا والله أعلم بما سينتهي.
استيقظوا من سباتكم، نحن نحتاج عملا نافعا وعلما متطورا ومسكنا لائقا ورعاية صحية واجتماعية وحرية كاملة لاختيار حياتنا ومستقبلنا ولا نحتاج إلى وسطاء دين أو نظراء لباس أو أباطرة نكاح. كفى سفها وخرابا لقد "كنتم"، "كنتم" خير أمة أخرجت للناس" وأصبحتم أفظع وأحط الأمم. شوهتم الدين والدنيا، كفاكم سفكا للدماء واغتصابا وضياعا للذمم، كفاكم خرابا ومكرا وتسلطا؛ فأنتم لا حاضر ولا مستقبل لكم. إستيقظوا قبل أن تنقرض قيم الدين الحنيف الذي حرر المرأة التي استعبدتموها، الذي دعا إلى العمل الذي أهملتموه، الذي طالب بفرض العلم وبطلبه ولو في الصين لكنكم ضيعتموه، الذي حرم الفسق والفساد والفتنة لكنكم ناقضتموه.
عندما أرى ما نحن عليه....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: نسعى لتسل


.. مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: الوضع كارثي ومؤلم




.. مندوب جامعة الدول العربية: الجانب الأمريكي لا يريد أي دور لل


.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة : جويتريش




.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة:أمريكا بدأ