الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماكو ولي، الا علي، واجانه حاكم سرسري!

رزاق عبود

2013 / 5 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اثناء انتفاضة اذار المجيدة في البصرةعام 1991، التي ابتدأها الجنود، والضباط المحبطون المتراجعون من الكويت، بعد الاهانة، والاذلال اللذان تعرضوا لهما، وسحق كرامة الجيش العراقي، وتوريطه في احتلال دولة شقيقة، بعد سنتين من انتهاء حرب مع الجارة ايران. بدأت الانتفاضة باطلاق النار على جدارية لصدام حسين. فكانت الشرارة، التي اشعلت نار الانتفاضة في برميل البارود في البصرة. المدينة، التي عانت ويلات الحرب العراقية الايرانية لمدة ثماني سنوات. سبقتها الهجمة على القوى الوطنية، والديمقراطية، وخاصة الشيوعية. انتشرت الانتفاضة بسرعة مثل النار في الهشيم. خرجت الجموع لتسقط نظام القمع، والفاشية، والحرب. هبت المدينة كلها بمسلميها، ومسيحييها، وصابئتها، عربها، واكرادها. رجالها، ونسائها، بشيبها، وشبابها عسكريين، ومدنيين اهل الريف، مثل اهل المدينة. الزبير السنية، والحيانية الشيعية كلهم هتفوا ضد صدام بما فيهم المبعثيين المجبرين. هربت عناصر البعث، وهربت قوات الامن، والمخابرات، واستسلمت الشرطة، ولم تجد اثر للجيش الشعبي، او اي تنظيم مسلح تابع للنظام. سقطت المدينة كلها خلال ساعات قليلة، وتحررت من قبضة نظام صدام. تسلح الشعب كله، بعد ان سلم العسكر السلاح للاهالي، وفتح الجيش مشاجب الاسلحة للجماهير الثائرة.
كنا مجموعة شباب ـ يروي احد المشاركين في الانتفاضةـ نقف امام جامع للسنة في شارع الجزائر. كانت سماعاته تردد شعارات الانتفاضة، وتدعو اهالي البصرة الى اليقظة، والاستمرار بالثورة. كنا قد سمعنا، ان مجاميع عبرت حدودنا مع ايران، ودخلت التنومة، وهي ترفع صور الخميني. (وسائل الاعلام العالمية نقلت هذه الصور لايام طويلة، مما اثار قلق الجيران العرب، الذين ايدوا الانتفاضة في البداية. وخافوا بعدها من شعار تصدير الثورة الايرانية). يواصل صاحبي: كنا مجموعة شباب، وكانها تمثل الفسيفساء العراقية. عربا، واكرادا، سنة، وشيعة، صابئة، ومسيحيين. شيوعيين قدامى، واخرين. كنا مسلحين جميعنا نناقش كيف نحمي شارعنا، ومنطقتنا، والمدينة. وكيف نتصدى لاعمال النهب، والتخريب. كنا مصممين على المقاومة، مهما كان الثمن. فنظام صدام ساقط لا محالة بعد ان تبعتنا 14 محافظة اخرى. تفاجئنا بمجموعة مسلحة جاءت محمولة بسيارات غريبة، ومجاميع تهرول معهم من جهة "متنزه تموز" وهي تهتف: "ماكو ولي، الا علي، ونريد حاكم جعفري"! اصابنا الذهول، فمجاميعهم كبيرة، وسلاحهم اكثر، واكبر. كيف؟ نحن نقف هنا من كل الاديان، والطوائف. كيف تختصر الانتفاضة، والثورة، والشعب، والوطن بطائفة واحدة؟! بمذهب واحد؟ بخط واحد؟! حجمونا هكذا، بسرعة خاطفة، قبل الانتصار النهائي، كما اختزلنا صدام باسم البعث. ساد الخوف، والاحباط، والرعب، والتشاؤم. توجهوا نحونا، وطالبونا، ان نهتف معهم، ان نرفع اعلامهم! كيف؟ نحن بصريون، والمنطقة مختلطة، وهؤلاء الجيران تحملوا مصاعب الحروب، والديكتاتورية سوية. كيف نفرض عليهم ديكتاتوريتنا. انسحب بعض الشباب، سلموا سلاحهم الى من بقي، وذهبوا الى بيوتهم. بقينا مجموعة قليلة من انتماءات شيعية. المنسحبون كانوا هم الاغلبية. لكنهم لم يرفعوا شعار دينيا، او طائفيا، او قوميا. فهذا امر غريب على التقاليد البصرية، والاعراف النضالية، التي تميزت بها ايام المد اليساري، ولا زالت اثارها باقية. كانت الهتافات، والمشاعر، وطنية خالصة، قبل وصول هذه المجاميع المسلحة الغريبة. اثار دخول الايرانيين، وعملائهم فزع اهالي البصرة، وجيرانهم العرب، والامريكان. فجاءت الطائرات السمتية، بمباركة امريكية، لتسحق الناس، والمنتفضين، بعد ان، عاث الايرانيين وعملائهم، فسادا، ونهبوا الدوائر، والمؤسسات، وشجعوا الفرهود ليتستروا به لسرقة ما هو اهم من وثائق، وسجلات، وخرائط، واموال. ثم تبعهم حسن المجيد باساليبه الفاشية، واعدامات الشوارع الكيفية. تحول السراق، ورافعي الشعارات الطائفية ادلاء للامن، والمخابرات. يشخصون المنتفضين ليقتلوا، او يعذبوا على الفور، وامام الملأ. عاد الطغيان البعثي بفضل المندسين، والخونة، والجبناء، والتدخل الاجنبي. ضاعت الثورة، وسقطت الانتفاضة بالدم، والنار. وهرب "الجعفريون" الى الوهابيين "النواصب" في السعودية. بعد ان سمعوا ان السعوديين يعطون مخصصات لجوء رغم تركهم في البراري. ايران الجعفرية اعادت الكثير لمقاصل النظام، وابقت الاخرين اسرى معسكرات مذلة.
بعد سنوات طويلة صعبة قاسية من الحصار، والموت الجماعي، والتدمير المنظم لامكانيات، وقدرات، ونسيج المجتمع العراقي. بعد ان ارسل جورج بوش الاب طائراته لنجدة صدام ضد انتفاضة شعبنا. ارسل جورج بوش الابن جحافله واساطيله، وطائراته، واسلحته المخصبة نوويا لتدمير ما تبقى من العراق، وتمزيق وحدة ارضه، وشعبه. واحتلاله، وتدمير طاقاته الدفاعية، ومؤسسات دولته، وتسليمه لنفس العصابة التي عبرت الحدود العراقية من ايران لاجهاض انتفاضة اذار المجيدة. عبرت هذه المرة من كل الحدود، وعلى متن الدبابات الامريكية، والبريطانيىة. اختطفوا العراق رهينة، وتعاملوا معه كغنيمة حرب، تقاتلوا على تقاسمها. سرقوا كل شئ، وحولوا العراق الى نموذج للفساد، والتمزق، والخراب، والسرقات الاسطورية، والنهب العلني باسم الدين والطائفة. ومثلما اجهضوا بعمالتهم لايران انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 اجهضوا غبطة العراق بسقوط الصنم، وسرقوا فرحة الشعب.
وصف العلامة هادي العلوي ديكتاتور العراق السابق بالسرسري. وهاهو العراق اليوم يبتلي بعد الاحتلال بألاف السرسرية يقتلون، وينهبون، ويسرقون باسم الدين، والطائفة. هذا ليس تجاوزا للاصول، بل ان "الجماهير الشيعية" في المدن ذات "الاغلبية الشيعية" هي التي هتفت، ولا زالت: "قشمرتنه المرجعية، وانتخبنه السرسرية" فالعتب اذن على السرسرية مو عليه، ولا على الجماهير الغاضبة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من أجمل ماكتب.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 5 / 5 - 12:02 )
تحية لك أستاذ عبد الرزاق عبد.

الحقيقة إن َّ مقالك هو من أجمل وأصدق ماكتب، وهذا مانؤكده دائما ً، من سلبيات الأحزاب الإسلامية.
فكل إنسان، وبالتالي المجتمع، هو إنعكاس لعقيدته،
وهؤلاء القادمون من إيران، هم أتباع الأحزاب الإسلامية الشيعية،
فالعقيدة الإسلامية، هي عقيدة الكذب، المسمى تقية، ومعاريض،
وعقيدة السرقة الحلال، المسماة، غزو وغنائم.
وعقيدة الدعارة الحلال، من سبايا ومتعة وملكات يمين.
وعقيدة القتل الحلال، تحت تسمية كفر وزندقة.
لذلك نرى الكارثة التي تحل بالدول الإسلامية، بعد سيطرة الأحزاب الإسلامية على الحكم، سنية أم شيعية.

لذلك، نؤكد على تحليل العقيدة الإسلامية، من قرآن وحديث، والتي بدأت تتكشف حقيقتها للشعوب المغفلة، لأن شيوخ الإسلام لايقولون حقيقة الإسلام وحقيقة قادته ومؤسسيه، وهي مؤكدة في القرآن وكتب التراث والحديث الإسلامي.

تحياتي...


2 - الحقيقة كـ الشمس لا تجب بالغربال
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 5 / 5 - 17:20 )
الاسس الشرعية بتقليد المرجعية في الطائفة الشيعية والديموقراطية الغربية لا يلنقيان.
الاسس الشرعية في اطاعة الامير ولو كان من الحمير في الطائفة السنية مع ديموقراطية العقل المستنير لا تسير وما علينا الا ان نسال الله العلي القدير ان يبعد شر ساكني الخيام وراكبي البعير وتدخل القريب والبعيد في شؤون الشعب العراقي الكبير ليتم الوئام ويعم السلام بابعاد ادارة الدولة عن قوانين الاسلام لانه متعدد الوجوه ولا يصلح لشعب متعدد الاعراق والاقوام ونقول القول الحازم للاقزام لا تعودوا عهد صدام باسم الاسلام ونعود ونكرر ونقول للشعب العراقي الابي انتبهوا ايها النيام واعلموا: ليس بن الدموقراطية والاسلام وئام وعلى العقول النيرة ومن سمع ووعى السلام.


3 - البقاء للــــــــــــــــــــــــــة
سلام صادق ( 2013 / 5 / 6 - 06:00 )
عزيزي الشعب الان ملتهي ...يصرخ وينادي ..ماكو ولي الا الكعبري ...انريد موطا وازبري...عزيزي البقية بحياتك لان العراق مات منذ فجر 14 تموز 1958فهل للاموات عودة ...فعلينا انتظار يوم يبعثون عسى ان ينهض من جديد..لانه ان ذهب الحاكم السرسري...ياتي بديله حاكم عظرطي والكل سيان فقط اختلاف بالاسماء...فيذهب ابو الليثين وياتي ابو الثورين..وهكذا دواليك جمع دولكة...كجل حسن حسن كجل...وما اظرط من سعيد الا مبارك....تحياتي عزيزي الورد.


4 - وصف جميل وتحليل دقيق
د. ضياء العيسى ( 2013 / 5 / 6 - 07:11 )

تحياتي وتقديري للأخ الكاتب.
....


5 - العتب على الجماهير بالدرجة الاولى
سيلوس العراقي ( 2013 / 5 / 6 - 08:08 )
تحية
الجماهير التي تمت قشمرتها من قبل السرسرية ، وسيستمرون بقشمرتها
لا يمكن القول مثلما تقول بنهاية مقالك
لا عتب على الجماهير الغاضبة
غاضبة على مَن ؟
تنتخب مَن قد قشمروها ثانية وثالثة ورابعة ؟
ماذا يمكن تسمية هكذا جماهير ؟
يحزنني القول بأن الجماهير تشبه مَن انتخبت
وان لم تكن كذلك ، لماذا انتخبتهم ؟
الطيور على أشكالها تقع

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah