الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشجرة الملعونة

نافذ الشاعر

2013 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، وهي أم الخبائث وأصل كل خبث وشر في هذه الدنيا، فهي شجرة تنبت في أصل الجحيم، لكن فروعها ممتدة إلى الحياة الدنيا. وهذه الفروع، إما تكون فروعا حقيقية غير منظورة، وإما تكون فروعا مجازية لا ندرك معناها على وجه الدقة والتحديد.
ومن هذه الشجرة يقتبس العصاة سيئاتهم، ومنها يستمد المذنبون سوء أفكارهم وأفعالهم، لأنها تفيض خبثا وشرا على نفوس الأشرار، فما نراه في الدنيا من شرور وفساد فهو بعض من فيحها ولفحها، فهي تخرج من أصل الجحيم، ولها لفحات ونفحات قادمة من الجحيم، وكل من يقبل عليها ويأكل منها لابد أن تورده إلى الجحيم وإلى الأصل الذي نبتت فيه. وإن الظالمين يسارعون إلى هذه الشجرة فيأكلون منها حتى الشبع، ويشربون بعد الأكل، حتى الارتواء. وبرغم هذا الشرب وهذا الأكل فإنهم لن يجدوا لذة ولا متعة ولا شبعا ولا ارتواء.. إنما يجدون عطشا وظمأ، وهذا معنى قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ).

ثم يقول تعالى: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين):
والطلع: ما يبدو من تمرة النخل في أول ظهورها. وهذا يشير إلى أن الأكل من هذه الشجرة يُخرج ثمارا خبيثة في النفس تشبه رؤوس الشياطين، يعني يجعل الشياطين تطل برأسها من أعماق النفس لتوسوس لمن أكل ثمرة من هذه الشجرة.. وكلما ارتكب الإنسان معصية، كلما أكل من هذه الشجرة ثمرة، فتزداد الوساوس الشيطانية في نفسه كزيادة الجراثيم والميكروبات في الوسط الموبوء بالميكروبات، لأن هناك اتصالا خفيا بين عالم الدنيا وعالم الآخرة، وبين عالم الغيب وعالم الشهادة.
وبما أن هذه الشجرة من أصل الجحيم، فإن أكلها يصيب بالحرارة والعطش والظمأ.. وكذلك تفعل المعاصي بمن يقترفها، فكلما ارتكب الإنسان معصية، كلما أحس بالعطش والحرارة وشعر بأنه لم يرتو، كمثل من أولع بارتكاب الزنا، فكلما اقترف هذه الخطيئة شعر كأنه شرب من مالح؛ يزداد منه عطشا كلما ازداد منه شربا، فيلجأ إلى مزيد من الشرب، وهذا معنى قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ. ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِِ) فهذه الأعمال التي نعملها في الدنيا متصلة بالآخرة ولكنها في صورة غير مرئية ولا منظورة، فإذا مات الإنسان تمثلت له هذه الأعمال هناك على صورتها الحقيقية.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه النار بأنها (لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ) في قوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ. لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ) (المدثر29) ومعنى (البشر) في الآية: نوع الإنسان، من البشرية وليس من بشرة الجلد، وهذا معنى البشر في القرآن جميعه، وفي سورة المدثر نفسها: (إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ)(المدثر25).
ومعنى (لوّاحة للبشر): من التلويح باليد، يقال لَوَّحَ بالشيء: أَظهره ولمع به، ولوَّح بالثَّوب: أشار به ورفعه وحرَّكه ليراه الإنسانُ من بعيد. فكأن النار تلّوح للبشر بالشهوات والملذات التي حفتها وتزينت بها، كي يأتوها ويقترفوها، فإذا اقترفوها جذبتهم لا محالة إلى النار فأدخلتهم فيها، ورأوا عند ذلك هذه الشجرة الملعونة على حقيقتها كأخبث ما يكون الشجر والثمر.
وهذا ما يشير إليه قول النبي صلى اله عليه وسلم: (حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ) (رواه مسلم) يعني تزينت النار بمشتهيات النفس البشرية، فيقبل عليها العصاة بنهم ثم تكون عاقبتهم وبال ونكال، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً)(الفرقان65)
ومعنى: (إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً) يعني إن الأشياء التي أدت إلى عذاب جهنم كانت محببة لدى نفس الإنسان، حيث وقع في غرامها؛ حيث أن هذا العذاب مخفي داخل مشتهيات النفس التي تؤدي بالإنسان إذا اقترفها لدخول النار. ومعنى الغرام هنا: عِشْقُ الشّيء والتَّعلُّقُ به بحيث لا يمكن الخلاصُ منه.
وهذه الشجرة الملعونة هي الشجرة التي نُهي آدم عن الأكل منها، لأنها شجرة ملعونة أدت لإخراجه من الجنة وشقائه في الدنيا. ولا ندري كيف كانت هذه الشجرة وما طبيعتها على وجه التحديد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن