الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما -الإسلاميات اللغوية التطبيقية- وما -اليسار المؤمن-؟

محمد الحمّار

2013 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما انفكت قوى المحافظة الدينية توهم المسلمين أن لا أحد سوى الراسخين في علوم الدين بقادر على الخوض في المسائل الدينية. طيب هذا صحيح. لكن صحته قائمة على خطأ. والخطأ هو الأتي: لقد تشكلَ هذا الموقف في وقت توقف فيه عقل المسلمين عن الإبداع وهو مما جعل كل طرف عاقل أو عمل عقلاني يُعرقَل من طرف المجتمع بدعوى أنّ باب الاجتهاد مغلق والحال أنّ إعمال العقل اجتهاد.

من هنا تكونت عقيدة خاطئة مفادها أن ليس هنالك اجتهادا إلا بالدين وفي الدين. ونشأت أجيال وأجيال على هذه العقيدة، مما جعلها ترفض التفكير بتعلة غلق باب الاجتهاد وما صاحب الغلق من تعويل على علماء الدين دون سواهم لتحرير الاجتهاد.
وبطبيعة الحال لم يثمر لا الموقف ولا الظن الذي تأسس عليه. نرى الندوات حول المسألة الدينية تقام بإشراف أخصائيي الدين، وفي أفضل حالات الانفتاح، بمشاركة أخصائيي الحضارة "العربية الإسلامية". و بذلك تكون هاته الندوات مكرسة للخطأ الأزلي والمتمثل في أن لا تفكير ولا إعمال للعقل قبل أن يفتح الراسخون في علوم الدين والحضارة باب الاجتهاد. وهذا بنظرنا عين الاستبداد بالفكر وبالعقل عن طريق أهل الاختصاص الديني والحضاري. وهي ذروة التخلف.

لقد أنجزنا "الإسلاميات اللغوية التطبيقية" في هذه الظروف المتشبعة بالتخلف وأردنا بواسطتها كسر الحاجز القائم بين العقل واللاعقل، بناءً على أنّه لمَا كان لهذا الأخير ليدوم ويعشش لو لم يكن مغلفا بهالة من القداسة القشرية والمتمثلة في تزكية كل فكر بواسطة العلوم الدينية وإلا الحكم عليه بأنه ليس فكرا.

إذن نحن أمام تحدٍّ من الحجم الثقيل. كل المجتمع أمام هذا التحدي. بل كل الأمة. ونعتقد أنّ الوقت قد حان لتحرير العقل. وهو تحرير من الركوب على الدين ففرض السيطرة على العقل والتحكم بالفكر، لا تحررا من الدين. والركوب الذي شخصناه ركوب لا يضاهيه لا ركوب الحركات السلفية والإسلام السياسي على الدين. فهذه كلها لا تساوي قيد أنملة مقارنة بالركوب الأكبر: ركوب الدين من طرف القاصي والداني في المجتمع والأمة. كلنا راكبون الدين، لا فقط بمشايخنا ومؤدبينا ولا بمفسري الإسلام والسنة فحسب، وإنما بمعلمينا وأساتذتنا، بمهندسينا وأطبائنا، بشيوخنا وأطفالنا، برجالنا ونسائنا. كلنا غالقون لباب الاجتهاد العقلي، وطلنا نظنّ أنّ فتح العقل يمر عبر فتح الدين له.

إنّ "الإسلاميات اللغوية التطبيقية" تندرج في إطار التمييز الضروري بين ما هو عقلي وما هو ديني. وهي آلية لفك التعسف على الذات باسم أعز ما نملك ألا وهو دين الله وعقيدة التوحيد. هي منهاج لإعمال العقل حتى يتبين الإسلام للكبير وللصغير، للفلاح وللباحث، للبقال وللطيار، من خلال الفكر الذي سيثمره العقل المتحرر لا من خلال الشطحات الفكرية لـ "أهل الذكر"؛ منهاج استقراء لا استدلال؛ منهاج فردي وجماعي لكنه مضاد لاستحواذ الديني على العقلي؛ منهاج يرمي إلى الربط بين الاختصاصات بفضل تشريك كل الفئات في صياغة الأفكار وتصور الحلول للمشكلات الحياتية، إذن فهو منهاج مضاد للتخصص الديني في ما ليس دينيا إذ إنّ ملكة التفكير، مع أنّ أصحابها مسلمون، تقع تحت طائلة العقل المتدين اي تحت طائلة التجربة القولية والفعلية للإنسان المسلم، ولا تقع بأيّ حال من الأحوال تحت طائلة الدين ولا رموز الدين ولا علماء الدين.

لكنّ كسر الحاجز المنتصب بين المسلم والخيار العقلاني ليس بالعمل الهين. فهو يتطلب وعيا سياسيا منقطع النظير وفعلا سياسيا عضويا، وذلك بناءً على أننا ننتمي إلى أمة بحوزتها أقوى عقيدة سياسية على الإطلاق.

ففي هذا السياق أنجزنا "اليسار المؤمن". وقد أنجزناه على امتداد عقود لكن من دون نشر الكتب بخصوصه وبخصوص مفاصله المتعددة ("الثقافة الوسيطة" على سبيل الحصر)، لا لشيء سوى لأننا نعتقد أنّ أمة من الأمم لا تقرأ إلا في حال توفرت لديها فكرة دافعة على قراءة ما يكتب، بينما أمة المسلمين لم تملك مثل هذه الدوافع في تاريخها المعاصر. وتثبيت الفكرة الدافعة يكون سابقا لفعل الكتابة والقراءة أو لا يكون.

وهنا يأتي دور "اليسار المؤمن" حيث إنّ أتباعه مطالبون بإنجاز الرواج للمنهاج. ذلك أنه آلية سياسية لتطبيق المنهاج. أما "الثقافة الوسيطة" فهي حالة من التطبيق تكون دالة على العبور من طور الجمود إلى طور الحركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا