الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم بين سطوة المستبد وبناء الدولة

ثائر الربيعي

2013 / 5 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


المعلم وبناء الدولة
القلوب أوعية وخيرها أوعاها للخير، والناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع لكل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
الامام (علي )عليه السلام
ان بناء الأمم يتطلب قادة أحرار في قراراتهم الذاتية لديهم القدرة على التغيير نحو الأفضل شكلاً ومضموناً لفهم معاناة شعوبهم وهموهم لتكوين رؤية صحيحة لأفاق مستقبلية تبني مجتمعاتهم ،والمعلم هو العمود الفقري لخلق القادة وذلك لإنارة الطريق اليهم من بعد الظلام ،هوالمعيار لتقيم من خلاله الأمة ليشعل مشاعل نور ليرسم للآخرين حياة تسودها الفهم والمعرفة بدلاً من الجهل الذي يخيم على رؤوسهم ،كما انه اللبنة الأولى لقيام الدولة المدنية التي تحترم أرادة الإنسان وإنسانيته ،وعداد مواطن مؤمن بوطنيته ووطنه وانتمائه لامته التي يندرج فيها .
انه المرجعية الثقافية والعلمية الأولى التي تدعو وتنشد لمفاهيم ثقافة الحب والسلام والتآخي والوئام ،وتقويم الجيل وتغذيته بالأهداف السامية وهي حب الوطن أسمى الأهداف التي يتعلمها المرء منذ صغره ،فدوره يكمن بأنه صاحب رسالة لامتلاكه القدرة على إيصال الخير والشر لعقلية الطفل الخام الذي يستوعب اي طرح يملئ عليه .
فهناك من يربي الأولاد على الكره والأحقاد والعداء للمكون الاخر،وللطائفة الأخرى وبالتالي فأننا امام جيل ليس لديه رحمة اوأي وازع أخلاقي يردعهم لارتكاب الجريمة والفاحشة،ولعل تجربة العنف الذي شهده الوطن كانت دليل ان الكثير من العمليات الإرهابية نفذة من قبل أطفال ينتمون لمجاميع ارهابية ،كان يكون القتل عن طريق الكاتم ،او زرع العبوات الناسفة لقتل الأرواح والأنفس البريئة .
وهنالك من يعلم الأطفال على المودة والرحمة وعمل الخير فضلاً تنمية المواهب منذ الصغر في نفوسهم واعداهم اعداداً يرفد به الدولة بمختلف الاختصاصات العملية والإنسانية ،فلولا المعلم لما كان هنالك اعمار وبنار وثقافة وفنون وإبداع ومن الطبيعي ان تطورالأمم وازدهارها تقاس بعدد علماؤها ومفكريها وصناع حضارتها ،انها مقارنة بسيطة لكلا الحالتين ظاهرة الخير والنور،وظاهرة الشرو الظلام ،والخيار متروك للمرء لمن يريد أن يعيش بسلام وطمأنينة واستقرار.
ولو خيرت بين تعيني موظف بسيط،أوتسنمي منصب وزير التربية والتعليم لخترت بلا تردد الخيار الأول ،فالثاني مهمة شاقة وصعبة بكل مقاييس الكلمة وما تحتويه من المسؤولية التاريخية والشرعية والوطنية والإنسانية ،فلو عرضت هذه الأمانة على الجبال لتناءت عن حملها ،فالاأسكندر المقدوني عندما كان يدخل عليه معلمه (أفلاطون) ينهض من كرسي عرشه تاركاً وراؤه كل الاجتماعات الهامة ويتقدم اليه بكل تواضع ويقبل يديه قائلا (انك الذي أخرجتني من دنيا الظلام لدينا النور ) أما أبيه فكان قدومه أليه واستقباله له لا يتعدى الأمر الاعتيادي بالسلام والترحيب .
فهي حكمة بالغة ان ترتب التربية وبعدها التعليم فلا جدوى من أناس يحملون العلم ويفتقرون للخلق والتربية ،فاختيار شخص لوزير التربية عليه ان يضع الأطر العامة أمام نصب عينيه لأنه وزير دولة وليس لطائفة او مكون دون اخر،واختيار المناهج الدراسية المتلائمة مع تطور العصر والعلم الذي نعيشه مع الحفاظ على الثوابت الخلقية ،والمنهج الذي يؤمن للجميع حرية المعتقد ،وان يولي اهتماماً واسعاً من وقته لشريحة المعلمين (المرحلة الابتدائية )
أن الجهد الفكري الذي يبذله المعلم من تفاني وإخلاص للطلبة يحتاج الى مردود مادي يتناسب مع حاجة الشراء لما يريده من السوق وصولاً لحالة الاكتفاء الذاتي اوما يقارب منها ،فالراتب الذي يتقاضاه المعلم يتراوح (300-400) ألف دينار راتب شهري ،كأول تعين له في هذه المؤسسة العريقة ،والتساؤل ماذا يؤمن له هذا الراتب من حياة حرة وكريمة ؟ والأسعار بارتفاع وتزايد مستمر،والمستفيد فقط هم من لديهم سنوات خدمة كبيرة الذين يتقاضون أكثر من (1500000) مليون نصف دينار راتب شهري،هذا التفاوت خلق هوة وفجوة وانحسار نفسي لدى المعلمين الجدد مما ولد لديهم امتعاض وتراجع في عطائهم للتدريس بل البعض اخذ يغذي شريحة واسعة من الأطفال بالحقد اتجاه الحكومة لتعويض مسالة العقدة التي تحاصره لعدم حصوله على مستحقاته بالشكل الصحيح والمطلوب ،دفع هذا الشعور لأتباع أساليب دنئية ورخيصة في تلويث ذمته بقبول الرشا والولوج بظاهرة الفساد مقابل أعطائهم الأسئلة ،وتدريسه بشكل غير صحيح حتى يضطر الطالب للجوء للذهاب اليه ومطالبته بالتدريس الخصوصي ،وهنالك ميسوري الحال كما هنالك وضعهم المادي صعب جدا فمن أين يدفع مبلغ التدريس ؟
ان سلطة النظام السابق قادة البلد لويلات الحروب المستعرة النيران دون جدوى وفائدة بسبب مغامرات صبيانية ينشأ جيل تروض على ثقافة العنف ومشاهدة اطلاق العيارات النارية لرفعة العلم في كل يوم خميس وسبت في المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعداية لتعمم على كافة مدارس العراق وكأنها ظاهرة ثقافية فكرية ،وما ان انتهت الحرب اتضحت الأمور أنها كلها للوراء بعد ما كانت للإمام ، ان تقديم الولاء للسلطة المقبورة آنذاك كان يعني كتابة التقارير الحزبية والرصد الأمني لكل النشاطات غير المتماشية مع طبيعة الحكم ،فالكل شيء مقابل وثمن ،هذه الفلسفة السوداء اثمرت نتاج سيء على العراق ،فاليوم نحن مطالبين بأكثر من اي وقت سابق لمنع ما يحدث من قصور مادي ومعنوي سواء كان مقصود اوغيرمقصود،لحفظ هيبته وكيانه في الوسط الاجتماعي بتحسين راتبه الشهري ،ومنحهم الأراضي السكنية أو بناء مجمعات سكنية لهم في كل محافظة وبأحدث التصاميم العالمية وبيعها لهم بالتقسيط المريح لهم ،وزجهم في دورات لتطوير قابلياتهم الذهنية لمواكبة ما يطرأ على الساحة من علوم ومعارف واليات جديدة في طرق التدريس لإيصال المادة للطلبة بسلاسة ،من قبل اساتذة متخصصين لرفع المستوى العلمي لهم، وتجهيز المدارس بأجهزة الحاسوب ووسائل الايضاح من معدات وأجهزة اختبار فيما يخص المواد العلمية ،والشروع بحملة واسعة للقضاء على مدارس الطين البالية ،وتشكيل لجان ميدانية تتابع وتراقب عن كثب شكاوى المعلمين والنظر بمطالبهم ،واجراء لقاءات مستمر معهم من قبل الوزير اوالوكلاء والمدراء العامين لغرض كسر الحاجز النفسي والتواصل بروح الاخوية ، ان عملية بناء الدولة تبدأ من المرحلة الاولى للطفولة وذلك بالاعتماد على المعلم الذي يؤسس لخطاب الدولة المدنية ،وهو في ذلك يجسد فكره لانه صاحب رسالة تنير الطريق لغد مشرق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف