الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة الإسلامية بين التفكير والتكفير !!

علاء الموصّلي
(Alaa Al-Mosuli)

2013 / 5 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


( عرضٌ مُختصر لتاريخ الفلسفة الإسلامية وفلاسفتها والمِحَن التي مَرّت بها )

لأكثر من ثلاث سنوات مضت ، وأنا أبحثُ وأطالع في ما يُسمى بـ ( الفلسفة الإسلامية ) والشيعية حصراً ..!! فبدأتُ مشوراي البحثي الطويل بالرجوع إلى نشأة الفكر الفلسفي عند المسلمين في حوالي القرن الثاني الهجري مروراً بالمدارس الفلسفية التي اُستُحدثت في فترات مُختلفة من التاريخ الإسلامي وتطورت ومرّت بأزمات ونكبات كبيرة ومن ثُمّ أضمحّلت حتى كادت تنتهي ..!! ومن ثُمّ أخضّرت وأيّنعت وبقيت مُستقرة لفترات محدودة من الزمن . ولكن هل سألنا أنفُسنا يوماً ما عن حاجة - الدين وأي دين !؟ - الدين الإسلامي للفلسفة ؟؟ لماذا يحتاجُ دين سماوي وخاتم للأديان لأفكار و رؤى دخيلة ونتاج بشري وثني ..؟؟ نعم أعتقدُ أنّ أول من أنتبه لهذه الثغرة الكبيرة في الفكر الديني هُـمّ ( المُسلمون الأشاعرة ) وَردّوا ردّاً فكرياً عنيفاً على نُظرائهم الذين أنشقّوا على إثرِ هذه المشكلة وسَمّوا أنفُسهم بـ ( المُعتزلة ) كان هذا الحَدث في أواخر القرن الثاني الهجري حيث أعتزل ( واصل بن عطاء ) مجلس ( الحسن البصري ) إثرَ خِلاف فكري وشرعي .. حيثُ أستند الأول على العقل والفطرة السليمة وأتخذ الآخر حُكمهُ من السلف والكتاب ..!! والحقيقة أن الخِلاف المذكور بين ( بن عطاء و البصري ) لمّ يكُن إلا بداية مُتأخرة لعصر العقلنة والفلسفة والانفتاح الفكري ، فشرارةُ هذا الفكر المُستنير كان قد بدأ قبل هذه الحادثة بزمن ليس بقصير .!! وذلك رداً على المنهج النصّي النقلي الذي أصبح آنذاك مُثقلة بالمُعضلات وما عادت قادرة لمُجابهة الأفكار والرؤى والأسئلة الجديدة النابعة من صميم عقل الإنسان .!! إذاً فالأشاعرة هم من تَصَدّوا لفكرة تقديم العقل على النصّ النقلي ولا سيما الفلسفة والتي شكّلت رُكنا منيعاً في رفد عملية التفكير والاجتهاد العقليين أمام أتباع السلف والفِكر الجامد !! بعد تَصّدي ومُحاربة الأشاعرة للمنهج العقلي المُجرد ، أصبحت الفلسفة وأدواتها في مرمى الكثيرين وبدأت بالأفول والانحِسار وأصبحت مِن الأفكار المُبتدعة والضالة ، وحتى الفلاسفة الأوائل كـ ( الكندي و الفارابي و أبن سينا ) لمّ يَسلموا مِن التكفير والإتهام في الخروج من الدين لمُجرد اشتغالهم بالفلسفة وإعِمال عَقلِهم .!! ففي الفترة القصيرة لعُمر الفلسفة في ربوع الدين الإسلامي أستطاع مُنظّروا وفلاسفة الفِكر أنّ يُحدثوا مَدارسَ عَديدة مُختلفة في الرؤى ومُتفقة في الجَوهر !! فظهرت المدارس الفلسفية المُتعددة كــ ( المشائية و الإشراقية و الرواقية ) وغيرها .. وصولاً للمدرسة الجديدة في الفلسفة الإسلامية ( مدرسة الحِكمة المُتعالية ) والتي تأسست على يدّ الحكيم المُتأله ( صدر الدين الشيرازي – ملا صدرا ) في القرن العاشر الهجري وكانت تِلكُمُ أخر المدارس الفلسفية الإسلامية حيث أنه لم تظهر بعدها مدرسة فلسفية إسلامية !! بل كل من جاء وأشتغل بالفلسفة أصبح مُطوراً وشارحاً لِما سبق ، فعلى سبيل المثال لا الحصر - جاء السيد محمد حسين الطباطبائي وألّف كتابه الفلسفي المشهور ( بداية الحكمة و نهاية الحكمة ) وشرح وبَسّط منهج المدرسة الشيرازية - الحِكمة المُتعالية - وفعل ذلك غيره أيضاً ، حتى وصلَ الأمر إلى السيد محمد باقر الصدر الذي أعتنى بالفلسفة والمنهج البحثي وبذل جهودا ليست بالقليلة في سبيل أحياء تُراث من سَبقوهُ والرَدّ هذهِ المرة ليس على النُظراء في الدين والمُختلفين في المذهب ..!! لا بل كانت المسألة أكبر من ذلك ..!! حيث أخذَ الصدر على عَاتقهِ مُجابهة الفِكر الفلسفي العام والمدارس الفكرية الفلسفية المُتعددة والسائدة في زمانهِ وذلك نتيجة للمدّ الشيوعي المُتزايد آنذاك في العراق والعالم العربي !! وكما نعلم أنّ الشيوعية تستلهُم أفكارها من مُرشدها الفكري الفيلسوف الكبير وعالم الإجتماع الألماني ( كارل ماركس ) فكان الصدر دون قصد في مواجهة ليست بالسهلة مع الشيوعيين وفلسفتهم المادية !!
كما ذكرنا آنفاً الأوضاع التي سادت المنطقة والعراق أضطر الصدر لوضع مؤلفه المشهور ( فلسفتنا ) كنتيجة وَ رَدّة فعل للتصدي للفكري الماركسي المادي .. مِما أستدرجهُ لنقد المدارس الفكرية الفلسفية المادية والتجريبية والحسيّة الغربية .
وللتاريخ نَذكر أنهُ ليس الأشاعرة وَحَدهُم من حارب الفكر الفلسفي الإسلامي !! بل ظهرت فرق ومَلل مُتعددة من هنا وهناك وكفّرت الفلسفة والمُشتغلين فيها ، من بين هؤلاء فرقة إسلامية شيعية تُسمى بــ ( الإخبارية ) فهؤلاء أيضاً يَرونَ أنّ الفلسفة بِدعة ولا يُمكن الإستناد إليها ويكتفون بما ورد عن السلف من الروايات والأحاديث والنصوص الجامدة والثابتة وخصوصاً الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت !! وهكذا ضاعت الفلسفة الإسلامية بين هذه التيارات التي وَأَدَات الفلسفة في مهدها والتي كان المُعّول عليها في إنقاذ الفكر الإسلامي مما هو فيه .

هذا بإختصار ولي عودة أخرى للبحث في فكر السيد محمد باقر الصدر على ضوء كتابه ( فلسفتنا ) والحوار بما جاء به مُنتقداً المدارس الفلسفية الغربية .

ولكم خالص تحياتي .

-----------------
عـلاء الموصّـلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل