الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمسة مايو عيد ميلاد كارل ماركس

أسعد البصري

2013 / 5 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل عشرين سنة عبرت نهر الخابور إلى سورية ، بقارب و برقية من منظمة العمل الإسلامي . كان قاربنا يحاذي قاربا آخر لحزب الدعوة ، فيه السيد نوري المالكي مع جماعة جلبهم بنفسه من الشمال . عندي مجلة الثقافة الجديدة . واحدة من أعرق وأهم إصدارات الحزب الشيوعي العراقي الثقافية . التي أخذتها بلهفة من صديق في أربيل . لن أنسى ما قاله من منتصف ذلك الزورق " لقد أصبحت هذه الثقافة قديمة ، وليست جديدة ، ألا تعلمون ذلك في العراق ؟؟ " فسألت مَن هذا الرجل ؟ قالوا هذا أبو إسراء ، حزب دعوة . لم يكن الإسلاميون ، حتى في أصعب الظروف . يُخفون شماتتهم بسقوط الشيوعية . ماركس قديم والسيستاني والقرضاوي معاصران جديدان ؟. قبل أن يعلن الفيزيائي الشهير ستيڤن هاوكنغ موت الفلسفة لابتعادها عن العلوم ، أكد ماركس على علاقة الفلسفة بالعلوم ( هو نفسه عالم اقتصاد واجتماع ) ، و تحدث عن الإغتراب ، و بؤس الفلسفة ، والحرية . قبل أن يتفلسف البيولوجي الدارويني ، واسع الإنتشار بين الشباب هذه الأيام ، ريتشارد داوكنز بالإلحاد ، كان ماركس يرى في الداروينية تناغما مع الماركسية ، و مصدر تفاؤل لها . حتى الأزمة العالمية الإقتصادية في العالم و الولايات المتحدة 2008م وجدوا تفسيرا لها في رأس المال ، وقال علماء اقتصاد كبار من جامعات غربية محترمة ، إن ماركس هو الوحيد الذي تنبأ بحدوث هذا النوع من الأزمات في المضاربات الرأسمالية و سندات الإئتمان .

في 5/مايو /1818م ولد كارل ماركس . لا يوجد تأثير مشابه لتأثير ماركس في الثقافة البشرية المعاصرة ، سوى تأثير أرسطو على العهود القديمة والقرون الوسطى . لم يكن مفكرا عاديا بل كارثة . راجعت موضوعا في الحوار المتمدن للصديق الماركسي جاسم الزيرجاوي بعنوان ( الإغتراب ومفهوم الإغتراب عند ماركس ) يقول فيه (( إن مفهوم الإغتراب عند ماركس يرتكز على التمايز بين الوجود والجوهر, على حقيقة أن الإنسان مغرِّب عن جوهره. إن عملية الإغتراب يتم التعبير عنها في العمل, وفي تقسيم العمل , فالعمل بالنسبة له, هو التواصل الفعّال للإنسان مع الطبيعة , وخلق عالم جديد , بما فيه خلق الإنسان لذاته.الإ أنه عبر تطور الملكية الخاصة وتقسيم العمل , يفقد العمل صفته كتعبير عن طاقات الإنسان , حيث يتخذ العمل ونتاجه , وجوداً منفصلاً عن الأنسان , وعن أرادته ومشروعه. كما أن العامل لا يطور بحرية طاقته الذهنية والطبيعية , بل يكون منهكاً طبيعياً ومنحطاً ذهنياً.... لذلك فإن العامل لا يشعر بذاته وكأنه في بيته إلا في العطلة , هذا الشعور الذي يفتقده أثناء العمل ...ص98 . إن الإنتاج الرأسمالي يحول علاقات الأفراد الى نوع من كيفيات ...الأشياء ذاتها, كما أن هذا التحويل يشكل طبيعة السلعة في أسلوب الأنتاج الرأسمالي. يقول ماركس: ....بدلاً من كون الثروة المادية موجودة لتلبية حاجات التطور لدى العامل...(( وكما يكون الإنسان في الدين محكوماً من قبل نتاج دماغه , كذلك تتحكم به في وسائل الإنتاج الرأسمالي نتاجات يديه )) / رأس المال -1-680 ( انتهى الإقتباس من الزميل الماركسي الأستاذ جاسم الزيرجاوي ) . الماركسية فجرت الغضب حقاً ، لا توجد فلسفة أبرع منها في تفجير الغضب . غضب الفقراء ضد الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج . غضب يطيح بالقانون و بالدين في وقت واحد . فالدين أفيون الشعوب ، عملية تنويم للفقراء والعبيد . في الفترة التي استخدم فيها العبيد في أمريكا ، كان يتم تشجيعهم من قبل الأسياد على ممارسة الدين والتمتع بعمقه الروحي . الأناشيد تعدهم بالجنة ، بالعالم الجميل بعد الموت هذه مكافأتهم ، لقاء الطاعة ، والسلوك الصالح ، و احتمال الذل البشري . لا شيء لكم في هذا العالم سوى العمل الشاق ، والألم لغسل الذنوب . كنوز الأرض كلها لا تساوى مكافأة الرب للمحرومين والعبيد . هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى القانون هو عصا بيد الأغنياء لجلد الفقراء . هذا التحريض الماركسي بلا شك لا يخلو من موضوعية و خطورة . يقول الليبراليون : لم تظهر فلسفة وعدت الكثير و قدمت القليل كالماركسية . الأمريكان مثلا يقولون أشياء كثيرة ربما تكون ظالمة ل ماركس . منها إن هذا الفيلسوف ، تعرض لصدمة كبيرة في طفولته ، حين غير والده ديانته اليهودية الى الكنيسة اللوثرية . لأنه تاجر انتقل إلى مدينة يقطنها اللوثريون . هذه الصدمة جعلت ماركس يجزم بأن الدافع الأساسي للثقافة ليس الإيمان بل المنفعة المادية المباشرة والإقتصاد . تحولت إلى عقدة الكوكب الأرضي . هل هذا صحيح ؟؟ أم مجرد حقد الثقافة الأمريكية على ماركس ؟؟؟ . لا أعرف ، التفاؤل الذي امتلأت به فلسفة القرن التاسع عشر ، نابع من تلك الحلول التي قدمها هيجل للفلسفة بعد أن توقفت مع توقف ( كانت ) ، هيجل تجاوز الفرد إلى التاريخ . لقد ادعى أن لتاريخ الإنسان : معنى ( روح العالم ) ، من هنا ظهرت فلسفة التاريخ الجذابة . ارتقاء العقل الجدلي الكلي نحو الكمال . فكرة (التقدم ) صارت راسخة ، والإيمان بالعلوم ، والعقل صار مبعث ثقة بالإنسان . فقط يجب أن لا ننسى أن القرن التاسع عشر قرن هدوء و سلام . بلا نزاعات كبيرة نسبة إلى القرن العشرين . لقد أخذ ماركس من أستاذه هيجل هذه الروح كلها : روح التفاؤل والتقدم ، والإرتقاء ، و فجرها في نظرية مادية جدلية تفسر التاريخ بشكل مختلف : تفسير مادي . المشكلة فقط تبدأ في أنه لم يكتف بتفسير العالم ، بل سعى إلى تغييره : الثورة / العنف .

في رسالة من والد ماركس لولده حين كان يدرس في بون يقول ولدي أشعر بمارد يسكن هناك في داخلك ولا أعرف هويته ، هل هو ملاك أم تراه من ذلك النوع الذي تحدث عنه غوته في فاوست ؟ ) . في ليلة جميلة قضاها ماركس مع أنجلز وفي انطلاقة للفكر والحوار بين صديقين ، يقول أنجلز بأنه كان يصغي إلى ماركس وكأنه حقاً شخص جبار / عملاق ( كان هذا الرجل يبدو لي حين يرفع ذراعيه و كأنه يمسك النجوم بيديه و يرجها ) . هذا التفاؤل انفجر في العالم كله ، الثقة بالإنسان وبالتاريخ والتقدم . لم يكن حلماً عنصرياً ولا دينياً ، لا فاشية ، ولا إمبريالية كان شيئاً جميلاً ، حلماً ، لم يتحقق بل ربما سبب الكوارث على الواقع .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للشاعر أسعد البصري
عبد الحسين سلمان ( 2013 / 5 / 10 - 21:58 )
شكرا للشاعر أسعد البصري على هذا المقال
حول الجملة التالية لماركس:

( وكما يكون الإنسان في الدين محكوماً من قبل نتاج دماغه , كذلك تتحكم به في وسائل الإنتاج
الرأسمالي نتاجات يديه )) / رأس المال

As, in religion, man is governed by the products of his own brain, so in capitalistic production, he is governed by the products of his own hand. [10]

ان المصدر التالي يكون أسهل للقارئ الكريم

https://www.marxists.org/archive/marx/works/1867-c1/ch25.htm#10a
مع التقدير


2 - أين المصادر
طلال البغدادي ( 2013 / 5 / 11 - 02:24 )
حتى الأزمة العالمية الإقتصادية في العالم و الولايات المتحدة 2008م وجدوا تفسيرا لها في رأس المال ، وقال علماء اقتصاد كبار من جامعات غربية محترمة ، إن ماركس هو الوحيد الذي تنبأ بحدوث هذا النوع من الأزمات ---------أين المصادر


3 - إرادة سقوط السوق الرأسمالي والحلول سياسة ظالمة
أسعد البصري ( 2013 / 5 / 11 - 03:47 )
استاذ طلال البغدادي ، ربما يعينني في الإجابة بدقة الأستاذ جاسم الزيرجاوي فهو أكثر علمية مني . لكنني شاهدت محاضرات و برامج علمية عن هذا الموضوع في بريطانيا وأمريكا أثناء الأزمة الإقتصادية العالمية المخيفة . بعد الأزمة الإقتصادية العالمية 2008م ، زادت نسبة مبيعات مؤلفات كارل ماركس في ألمانيا ، مسقط رأسه ، عشر مرات عن المعدل الطبيعي . وفي تقرير آل بي . بي . سي اعترفوا بأن هذا المفكر العالم كان مظلوما . لأن 95٪ من مؤلفاته كانت حول الرأسمالية . خمسة بالمئة فقط كان عن الحلم الشيوعي . لهذا يقول العلماء اليوم إن ماركس قدم نقدا للرأسمالية يمكن الإفادة منه ، أكثر مما قدم تصورات عن الحلم الشيوعي الذي يتخوف البعض منه . أستاذ طلال حسب ماركس الأزمة الإقتصادية العالمية ستتكرر ، انظر هذه المحاضرة ، ماركس يرى السوق كما يرى توينبي الحضارات ، السوق يولد ، يزدهر و ينهار باستمرار ، وهذا ما يسمية ماركس إرادة سقوط السوق الرأسمالي الذي ينتج سياسة انتهازية تؤجل هذا السقوط باستمرار . هناك أزمة إنسانية واقتصادية داخل النظام الرأسمالي بحسب ماركس لا يمكن تفاديها http://youtube.com/watch?v=fUqybStJmSg


4 - أسعد البصري
أسعد البصري ( 2013 / 5 / 11 - 13:44 )
بعد عقود مرت على وفاة ماركس كتب المفكر فوكوياما كتابه الشهير الذي أنذر فيه بنهاية العالم. واعتبر الكثيرون هذا الكتاب رسالة موجه إلى فكر ماركس. كانت الركائز الأساسية لنظرية فوكوياما هي فرضية انتهاء الإيديولوجيا وانتصار الفكر الليبرالي. غير أن فلاسفة ومفكرون آخرون قاموا بالرد على هذه النظرية، ومنهم جاك ديريدا، الذي آلف كتابا تحت عنوان- أطياف ماركس- مفاده أن ماركس الستاليني، الذي تطور إلى نموذج سوفيتي بيروقراطي هو الذي توفى وانتهى. أما ماركس الفيلسوف والمفكر فما يزال حيا بيننا

اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله