الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابو فلمير ذلك الثوري المرح..

صباح كنجي

2013 / 5 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لا أصدق أن الموت قد خطفك .. لن أصدق حديث موتك ونعيك .. سأصدق انك في مهمة .. مهمة البحث عن الأحبة والمفقودين .. مهمة من المهام العديدة التي كلفت بها .. شغلت بالك .. تهت وتاهت بك الدروب .. قررت كما كنت في احلك الضروف واعقدها ان تجلس لتفكر بايجاد حل لها ..
قليلون من هم بسجاياك وخصالك .. يجمعون بين الصبر والحكمة وتحمل المشاق دون أن يتسلل الوهن والضعف لنفوسهم .. كنت تنحت الموقف لتبشر بالأمل واثقاً من نفسك كما وثقت بقناعتك وحسن خيارك الفكري والاجتماعي حينما واجهت قسوة الإستبداد وسطوة القمع حاملاً ارثَ جدك الأول البير خدر الذي واجه الموت باسماً.. ساخراً .. متحدياً.. قبل أن يلفظ انفاسه وتزهق روحه حرقاً في زمن الأمير الأعور الذي سعى لتغيير قناعات البشر وفرض ارادته عليهم فلاقى ما لاقاه من صلابة الموقف وجرأة التحدي واعترف بنبل وشجاعة ضحيته ـ جدك الذي اورثك تلك السماة التي نتذكرها كلما ذكرنا وتذكرنا ابو فلمير وبقية افراد عائلة بير خدر كما يُسمون الى اليوم وتضحياتهم في زمن العوران من زبانية البعث وسلطتهم الدموية..
أبو فليمير .. المعلم المكافح في مدارس الكوفة.. الناصرية.. تللعفر .. دهوك .. أم الفلاح الكادح .. المزارع المنتج لقوت أطفاله في شعاب جبل كارة متحدياً حصار الدكتاتور وجيشه الحارق للنسل والزرع .. أم المناضل الثائر يحكي قصصاً ومواقف عن معاناة العمل السري وتمكنه من انتزاع أول طابعة من مؤسسة حكومية ونقلها لبيت سري أدت الى كشفه وملاحقته في خطوة سبقت محطات احتجازه.. اعتقاله .. السجون التي مر بها .. قبل أن يلتحق بالانصار عام 1963 ليساهم في تشكيل وتأسيس مقرات سيدكي وبراش وباي باك وبيرموس وما بعدها عام 1983 في مراني لغاية الأنفال..
الانفال يوم طوقك الجحوش والجنود في وادي مراني بالقرب من بيوت الانصار اثناء محاولتك الإستحمام.. حينما تواجهت معهم عن قرب.. أحدهم اقترب منك عشرون متراً فقط فأرتميت خلف صخرة، أول ما خطر في بالك رغم هول الحدث واقتراب الموت اشعال لفافة تبغ دون أن ترتعش يدك قبل إطلاق الرصاصة الأولى نحوه فيبتعد .. يغادر مهرولاً.. بقيت صامداً هادئاً في موقعك حتى حلول الظلام .. تلتحق ببقية الانصار من جديد .. تقود المجموعة المحاصرة نحو الحدود بسلام.. تعبرها متوجهاً إيران بحثاً عن ملاذ آمن لحين العودة مع انتفاضة عام 1991 حيث كنت اول من وصل دهوك..
حياة يتداخل فيها الألم بالحزن .. النكبة بالجرح .. الخسارة بالفشل .. تكفي واحدة منها لزرع الخوف والتردد في النفس لتنتج تشاؤماً يرضخ لحالة الانكسار في لحظة جردٍ ومقارنة لتعب وتضحيات سنين بحصيل بيدر لا يذرى فيه غير التراب.. ورغم ذلك .. رغم ذلك تراهُ يعاند شيخوخته .. يكابر .. يترفع عن آلام جروحه ليقدم لك بدل القنوط والشكوى بسمة صادقة وأملاً ..
منذ أن عرفته .. منذ ان عرفناهُ جميعاً .. كان محمد صالح سواري ـ أبو فليمير يشعُ ليُشيع حوله فرحاً.. بجرعة كأس واحدة ينسى هموم العالم كلها.. ينسى مشاق النضال.. الصعوبات التي مر بها .. يتحول الى حاكٍ لنكت ومواقف مضحكة مرحة.. يقتنصُ لحظة الفرح ليعيشها بعشق لا يوصف وهو يقفز راقصاً بخفة شاب يافع في مقتبل العمر .. يتصبب منه العرق فيحمر وجهه .. وماهي الا لحظات لتجده ملاكاً يطير فوق الرؤوس لينثر السعادة والمرح.. يبارك من قارع الظلم والطغيان ..
ابو فلمير.. ايها الثوري المرح .. اعذرني إنْ استفسر عنك الأصدقاء سأقول لهم انك في مهمة.. مهمة جديدة .. ذهبتَ منذ ليلة الخامس من نيسان لتجلب لنا شيئاً من فرح السماء.. مرح الملائكة.. بعد ان ضاقت بنا السُبل على الارض سأقول لهم : ستعود مع أنانا حاملا شعلة الضياء..
ـــــــــــــــــ
صباح كنجي
10/5/2013
ـ ابو فلمير محمد صالح سواري .. من جيل المعلمين الشيوعيين الرواد مواليد 1932 .. شقيقه عبدالله افندي من الرعيل الأول للمعلمين التقدميين في قضاء الشيخان .. انتسب ابو فلمير لصفوف الحزب الشيوعي العراقي في العهد الملكي وساهم في تكوين وتأسيس منظمات الحزب الشيوعي في دهوك.. اعتقل وشرد في عهود مختلفة ، قدمت عائلته تضحيات كبيرة.. هجرت واعتقل اشقائه مام أحمد.. مام سعيد.. وابن شقيقه عابد من قبل مديرية امن دهوك قبل أن يلتحقوا بالانصار عام 1983 .. استشهد لاحقاً ابن شقيقه ابو هلال ـ جميل أحمد سواري في انزال للطيران على مفرزة للأنصار في كلي كورتك .. ولحقه في الشهادة شقيقه الآخر ابو ميفان ـ جاسم أحمد سواري في كمين للجحوش والاستخبارات في كلي آفوكي بعد أشهر وفي الانفال اعتقلت عائلته الكبيرة ووضعت في مجمع بحركي ـ اربيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. قبل ساعات من التصويت توقعات بتفوق حزب العمال على


.. انتخابات تشريعية في بريطانيا وسط توقعات بفوز حزب العمال




.. التحالف مع اليسار آخر أوراق ماكرون لإيقاف تقدم أقصى اليمين ف


.. الانتخابات البريطانية.. رفض شعبي لحزب العمال لرفضهم مساندة و




.. استطلاعات رأي ترجّح فوز حزب العمال وخسارة المحافظين في بريطا