الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولاية الفقيه..وجه آخر للإستبداد

نزار جاف

2005 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين کتب الامام الخميني کتاب"الحکومة الاسلامية" والتي نظر فيها لمبدأ ولاية الفقيه والذي بناه على عدة رکائز مستقاة من النصوص الشرعية(سواءا القران الکريم أم السنة النبوية وماورد عن الأئمة الاثنى عشر)، کانت المبررات والمسوغات التي تدفعه لذلک أکثر من کثيرة. ورغم المؤاخذات الکثيرة على مبدأ ولاية الفقيه ولاسيما من الفقهاء الشيعة المتواجدين في النجف و قم، لکنها مع ذلک تملک أدلتها الشرعية الخاصة بها، لکن هذا لايعني أن الطرف الاخر الذي يرفض هذا المبدأ لايملک أدلته الشرعية الخاصة التي تمنحه الحق في عدم القبول بهذا المبدأ. هذا الطرف أيضا يبني رفضه على مرتکزات فقهية مستقاة من المباني الشرعية الاسلامية. أما إذا دققنا في آراء الفقهاء من المذاهب السنية، فإننا سنرى رفض هذا المبدأ أقوى و أشد وهم" أيضآ" يبنون موقفهم الفقهي على مرتکزات فقهية من المصادر الشرعية الاساسية للدين الاسلامي. ونستطيع أن نستقرأ نفس الامر مع (إمارة أفغانستان) في حقبة حکم حرکة طالبان، حيث أن الملا عمر (أمير المؤمنين) ومن يشاطره آرائه، کان قد بنى إمارته "الاسلامية" على مباني شرعية إستقاها من القران و السنة النبوية. والذين رفضوا إمارة طالبان سواءا من السنة أم من الشيعة، فقد بنوا رفضهم على أدلة نقلوها من الکتاب الکريم و السنة النبوية. إلا أن الذي جمع بين مبدأ ولاية الفقيه الشيعية و خلافة الملا عمر في إمارة أفغانستان، هو فرض الحکم الاسلامي على الدولتين بالاستناد على کل ما يسمح بذلک ولاسيما القوة من خلال اللجان الثورية الاسلامية أو فرق الامر بالمعروف و النهي عن المنکر وحتى الاجهزة الامنية من شرطة و مخابرات وماإليها والتي وظفت جميعها لأجل دعم و ترسيخ و تطبيق الاسلام" المسيس" في البلدين. وواقع الامر أن هناک العديد من الاشکاليات التي أثيرت و تثار حول موقف الاسلام من العديد من القضايا(ومنها إشکالية الحکم الاسلامي في العصر الحديث، ناهيک عن الاختلاف حتى بصدد القديم)، وکل فريق يبني مزاعمه على حجج مأخوذة من المباني الشرعية للإسلام. وإذا کان الآية الکريمة(وأمرهم شورى بينهم) أساسا لبناء الدولة الاسلامية من المنظور الفقهي للسنة، فإن الشيعة أيضا يرون في الاية الکريمة التالية(انما وليکم الله و رسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزکاة وهم راکعون) أساسا لنظريتهم حول الحکم الاسلامي، إذ يرون فيه دليلا شرعيا الى جانب حديث غدير خم تجيز السلطتين الدينية و الدنيوية للأئمة الاثنى عشر. والاختلاف في آراء و مواقف الفقهاء و المذاهب الاسلامية، يتجاوز إشکالية الحکم الى نقاط اخرى عديدة لکل منها مبرراتها و أدلتها الشرعية الخاصة. إذ لو دققنا النظر في الآية الکريمة (نساؤکم حرث لکم فآتوا حرثکم أنى شئتم) لوجدنا أن التأويلات بصددها متباينة، وترتکز مرة على کلمة (أنى) من حيث معناها کأداة ظرف تفيد الزمان ومرة أخرى تفسر بناءا على الحديث الشريف المروي من قبل(عبدالله أبن عمر بن الخطاب)، ويذکر فيه أنهم "أي الصحابة" سألوا الرسول في معنى الآية(نساؤکم حرث لکم...الخ) فأجابهم تأتوهن في کذا و کذا، وهذا الحديث ينقله الرازي الذي هو من الثقاة المعتمدين عند أهل السنة، وفي نفس الوقت يعتمده البعض من الفقهاء الشيعة في تبرير عملية مواقعة المرأة في غير الموضع الطبيعي المخصص لذلک. مهما يکن، فأن مسألة الاختلاف وإن تکن واردة و طبيعية في السياق العام، لکنها قد تتخذ أبعادا غير مألوفة حين تتم مصادرة الرأي المضاد تحت ذرائع متباينة من أجل فرض رأي محدد على أمل أن يصبح في نهاية المطاف اللون الغالب على بقية الاطياف الاخرى المتواجدة في الساحة. والذي تم إستنتاجه و إستشفافه من خلال الفترة الزمنية التي طبقت"وتطبق" فيها نظرية ولاية الفقيه(و تکاد تزيد على الربع قرن)، تۆکد أنها لم تستطع إطلاقا أن تکون البديل المطلوب الذي بإمکانه أن يقصي باقي الطروحات و المذاهب الفکرية الاخرى، بل وإنها قد سلکت في بعض الاحيان دروبا لاتختلف إطلاقا عن تلک التي سلکتها العديد من الانظمة الاستبدادية من حيث خنق و مصادرة الآراء المضادة. ورغم محاولة إضفاء هالة من القدسية على مسألة ولاية الفقيه، إلا أنها لم تستطع أن تکون کذلک خصوصا بعد وفاة الخميني و الخطوات الدراماتيکية السريعة التي تم إتخاذها لتنصيب الخامنئي خليفة له رغم وجود الأکفأ و الأعلم منه(بموجب البند الدستوري الخاص بذلک) تزيح الستار عن خلفية داکنة للصراع على السلطة في إيران والذي يعتبر الولي الفقيه لولبه و محوره الاساسي. ولست أرى أي إختلاف في الذي جرى بعد وفاة الخميني في إيران و بعد وفاة حافظ الاسد في دمشق من حيث تنصيب الخليفة أي إختلاف يذکر من حيث المضمون، إذ کليهما يمهدان لإستمرار الاستبداد و الإمعان في رفض کل الخيارات و الافکار الاخرى المتواجدة على الساحة. وعلى الرغم من محاولات النظام السياسي ـ الفکري في إيران للظهور بحلة دينية تجعله في موقع يؤهله لإحتلال مرکز القيادة، لکن التداخلات التي جرت و تجري على الساحتين الدولية و الاقليمية، جعلت هذا النظام ينزل بثقله الى أکثر من لعبة سياسية کدولة لا کنظام فکري فوق الإعتبارات و المصالح الضيقة، حتى بدت آثاره واضحة المعالم في لبنان و العراق و أفغانستان و حتى باکستان و السعودية. والحق أن کون "الولي الفقيه" بموجب نظرية ولاية الفقيه، مسؤولا عن المسلمين في أرجاء العالم، فأن له الحق کاملا في أن أن يتصرف في أمورهم وفق مايراه مناسبا لهم. ولامناص من الحذر من القوى و المنظمات السياسية التي ترعرعت أو نشأت برعاية أو في کنف هذا النظام السياسي من حيث ولاءها(المفروض شرعا بموجب هذه النظرية) للولي الفقيه وکون هذا الولاء فوق کل ولاء و إعتبار آخر مهما کان لونه و حجمه. ولاغرو من أن نظام ولاية الفقيه يعيش أسوأ أيامه و يمر بظروف صعبة جدا قد تجعل من حرکة أذرعته الممتدة شمالا و يمينا محددة و محدودة بعض الشئ، سيما وأن الامريکان الذين باتوا جيرانا لبلاد ولاية الفقيه من أکثر من جانب، يأخذون الطموحات و الاهداف السياسية ـ الفکرية البعيدة المدى لهذا النظام بمنتهى الجدية و يتعاملون معها بحذر شديد قد لايشارکهم فيه حلفائهم الاوربيين فقط وإنما حتى أغلبية دول المنطقة.
کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني