الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السر وراء نجاح الدعوة المحمدية

احمد داؤود

2013 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من مجرد انسان عادي اصبح محمد مؤسس دين الاسلام من بين اعظم الشخصيات تاثيرا علي الانسانية . ومن مجرد دين اصبح الاسلام من بين القوي التي لا يستهان بها في الوقت الراهن . هنالك وجهات نظر مختلفة حول السؤال :ماوراء نجاح الدعوة المحمدية . اتباعه الذين يؤمنون به يعتقدون بانه لولا ان الله كتب ذلك في كتابه لما نجحت دعوته . اي بمعني اخر فهم ينسبون النجاح لله الذي ساعده ووقف ضد ماهضيه مثلما حدث في غار حراء التي طلب ذاك الله من "العنكبوت " ان تنسج خيوطها حول الغار حتي لا يتمكن القريشين من رؤيته وقتاله . كما ان هنالك نصوص دينية كثيرة تؤكد فكرة نصرة لله لمحمد وديانته بل ومساعدته في كثير من المحن التي تعرض لها .حيث تشير تلك النصوص علي سبيل المثال الي ان ذاك الله كان يحمي محمد من المؤامرات التي يحيكها لها اعدائه من حين لاخر .

بجانب فكرة النصرة الاهلية يضيف المسلمين عاملا اخر ادي الي نجاح وتثبيت اركان الدعوة المحمدية .ويتمثل ذاك العامل في الشخصية الكاريزيمة التي كان يتمتع بها مؤسس ذاك الدين . حيث يقول هؤلاء بان محمد كان يستطيع ان يقنع مناهضيه بصحة قضيته بما يمتلكه من وعي وعقل راشد . كما انه كان يتميز بالصدق والشهامة والمروؤة للحد الذي جعل كثير من اتباعه يضحي بذاته من اجل نشر دعوته مثلما تخبرنا بعض المصادر الاسلامية التي تقول بان احد الصحابة رضي بان ينام في فراش محمد في وقت يدرك فيه مسبقا امكانية تعرضه للاغتيال من مشركي قريش .

هذا فيما يختص بالعوامل الاساسية .فهنالك ايضا عوامل ثانوية حسب ما يذهب هولاء . منها علي سبيل المثال مجهودات المسلمين التي ظلوا يبذلونها منذ القرن السابع وحتي الان .

ولكن غض النظر عما يذهب اليه اتباع محمد الا اني اعتقد بانه توجد عوامل اخري ساعدت في نجاح الدعوة المحمدية ويمكن اجمالها في الاتي :

الربط بين الذات الالهية والذات المحمدية :

كثير من الاديان التي ظهرت في فترة سابقة كتب لها الاندثار وذلك حينما رفض مؤسسيها الربط بين ذواتهم وبين الذات الالهية . ومحمد رغم انه ابتكر فكرة الاسلام من بنات افكاره الا انه قام بالباس فكرته لباس المشروعية الالهية .بل واكد بان القران الذي جاء به هو كلام ذاك الاله وانه اوحي اليه بواسطة الملك جبريل . واصبح يستغل كل فرصة سنحت له من اجل ربط اسمه باسم الاله . وما ان ينطق اسم هذا الاخير حتي تجد اسمه مرتبطا به . وهنالك الكثير من النصوص القرانية مثلا لا تذكر اسم الله الا لتاكيد وجود علاقة بين ذاك الله ومحمد .ورغم اعترافه في بادي الامر بالانبياء والرسل الاخرين الا انه سن فكرة "خاتم الانبياء" في اشارة واضحة منه الي عدم قبول دين الا ماجاء به .ومالم يقرن محمد بين ذاته وبين الاله فهو بالتاكيد سوف يفشل في نشر دعوته . وقد ساعد انتشار الاصنام والالهة البدائية في تقبل افراد المجتمع الجاهلي لدعوته لاعتقاد كثير منهم بانه مرسل من اله حقيقي قادر علي تغيير مصائرهم و حياتهم للافضل . ولانه كان يدرك جيدا بان الفصل بين ذاته و الذات الاهلية سيتسبب في فشل دعوته فانه عمل علي قمع كل الاصوات التي تسعي الي ذاك الفصل . واصبح يامر بقتل كل من يقول انه غير مرسل من الله حتي لو كان القائل من الذين يؤمنون بذاك الله الذي يزعم بانه ارسله .كما يؤكد هو بدوره بانه امر ان يقاتل الناس حتي "يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله " .

رفع شعار العدالة والمساواة والامتيازات:

حسب ما تخبرنا به بعض المصادر الاسلامية فقد كان المجتمع الجاهلي قبل ظهور الاسلام ينقسم الي طائفتين :الاغنياء والفقراء . الطائفة الاولي تمتلك كافة مقومات الحياة .كما انها تجلس علي قمة الهرم السياسي والاجتماعي والاقتصادي . اما الطائفة الثانية فقد كانت تفتقر لابسط تلك المقومات بل انها كانت تكن عداءا سافرا للطائفة الاولي التي تعتقد بانها من تسببت في حدوث ذلك .وعندما برز محمد للوجود واعلن نبوته قام باستغلال تلك الفروقات . بل ورفع شعار العدالة والمساواة التي كانت تراود افراد الفئة الثانية .وهذا ادي الي اعتناق الكثير منهم لديانته لا لانها منزلة من اله الكون ولكن لانها ستسبب في تغير اوضاعهم الي الافضل لدرجة ان البعض قال لمحمد بانه لم يتبعه الا الفقراء وافراد الطبقات الدنيا . ولكن استمرار هولاء في ديانته كان مرتبطا بمدي قدرته في انزال شعاراته علي ارض الواقع . بيد ان بعض الظروف حالت دون تحقيق ذلك الامر الذي جعل محمد يلجا لاتخاذ تدابير وتكتيكات اخري اهمها الربط بين ديانته والامتيازات . اي بمعني اخر اعتناق الاسلام يجلب المزيد من الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كان يصعب الحصول عليها في تلك الفترة. ومن ابرز تلك الامتيازات مثلا " الغنائم وملك اليمين " . فمحمد يعلن "كلوا مما غنتم حلالا طيبا " بل ان الغنائم تعتبر من بين ابرز مصادر الاقتصاد الاسلامي . كما انه يبيح للمسلم ان يضاجع اي امراة لا تعتنق الاسلام دون عقد زواج طالما انها وقعت اسيرة في يده .ولارتباط الاسلام بالامتيازات التي قد تخرجهم من حياة الفقر والضنك فقد تمسك الكثير من المسلمين الجدد بفكرة عدم الخروج عليه بل وتعهدهم بالدفاع عنه مما كان له الاثر في نجاح دعوة محمد .

الاكراه :

اكثر ما يثير المسلمين هو فكرة ان "الاسلام انتشر بحد السيف " .لذلك تجدهم يعملون بكافة الاشكال لتاكيد انه انتشر بالسلم . ويستدل هؤلاء بايات الاسماح التي استخدمها محمد في بداية دعوته والتي تقول " لكم دينكم ولي دين " "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " "افانت تكره الناس حتي يكونو مؤمنين" "جادلهم بالتي هي احسن " "لست عليهم بمسيطر " .نتفق مع هؤلاء بان الاسلام بدأ سلميا . ولكن هذا لاينفي انه اعتمد علي الاكراه والعنف في وقت لاحق . فحينما رفع محمد شعار الدعوة السلمية فهو لم يفعل ذلك الا لانه كان يفتقر للاليات التي تمكنه من فرض ديانته بالقوة ولكنه ما ان امتلك تلك الاليات حتي رفع شعار العنف . بل واكد بان " الدين عندالله الاسلام " " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلم يقبل منه .كما انه دعا لقتال كل من لايعتنق ديانته وقال " قاتلوا....حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " " قاتلوهم حتي لاتكون فتنة " " قاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم .".

وساعدت سياسة الاكراه والعنف التي اتخذها في دخول الكثير من الامم والشعوب الي ديانته قسرا . ولكن تشير بعض الدلائل الي انهم ارتدوا عنها ماان انتقل محمد الي الرفيق الاعلي للحد الذي جعل خلفائه يلجأؤن للعنف من اجل ارجاعهم .

وقد كان محمد يدرك بان الذين دخلوا في ديانته بالقوة قد يخرجون عنها متي ما تلاشت تلك القوة لذلك عمل علي ابتكار حد الردة الذي يطالب بقتل كل من يعلن خروجه علي الاسلام .ومع حقيقة ان الداخل للاسلام سيحصل علي المزيد من الامتيازات والخارج منها سيكون مصيره القتل اضطر الكثير لتاييد فكرة التمسك بها بدلا من الخروج عليها ومواجهة مصير غامض قد ينتهي بموتهم.


ايهام المؤمنين بوجود عدو خارجي :

اذا ما اردت ان تسيطر علي شعب ما فما عليك الا ان توهمه بوجود عدو خارجي يتربص به ويسعي الي استئصاله .هذا الشعار كان يطبقه هتلر زعيم النازية الالمانية .ولكن المتتبع للتاريخ يري بان محمدا ايضا اعتمد علي ذات النهج .حيث كان يوهم اتباعه بوجود عدو يهدف الي النيل منهم .وغالبا ما يكون هذا العدو هم الذين يناهضونه من يهود ونصاري وبعض افراد قريش من الذين لا يؤمنون به . ولقد افرد محمد جزء كبير من قرانه لتجريم هولاء .وعمل علي اثارة اتباعه ضدهم .واعلن لهم بانهم " اشد كفرا ونفاقا" كما انه "لم ترض عنك اليهود والنصاري حتي تتبع ملتهم " . ولاعتقاد المسلمين بوجود عدو يتسهدفهم نبذو خلافاتهم الشخصية واتحدوا من اجل مواجهة ذاك العدو والقضاء عليه مما ادي الي استمرار تمسكهم بالاسلام والذي ساعد هو الاخر في نجاح الدعوة المحمدية .


الرشوة:

كان النبي محمد يدفع الاموال للذين لا يعتنقون ديانته من اجل اسلمتهم تحت ستار "المؤلفة قلوبهم " .وقد اختلف علماء المسلمين حول تعريف المؤلف .البعض اعلن بانه كافر يعطي ترغيبا له في الاسلام .بينما يري البعض الاخر بانه مسلم قريب عهد بالاسلام يعطي منها ليتمكن من الاسلام . والمؤلفة قلوبهم عند المالكية هم الذين يتألفهم الامام علي الاسلام ."للمزيد انظر كتاب وديع طعمة الاسلام نصوص وافعال "
اما عند الحنفية فهم ثلاث اقسام :

_قسم كفار كان عليه السلام يعطيهم ليتألفهم علي الاسلام
_قسم كان يعطيهم ليدفع شرهم
_قسم اسلموا وفيهم ضعف في الاسلام فكان يتألفهم ليثبتوا .

وعند الشافعية هم ضربان :كفار ومسلمون ؛فاما الكفار فهم صنفان :صنف يرجي خيره وصنف يخاف شره .اما المسلمين فهم اربعة اصناف:

_قوم لهم شرف في قومهم يعطي بتألفهم اسلام نظرائهم.
_قوم اسملوا ونيتهم في الاسلام ضعيفة فيتألفون لتقوي نيتهم وليثبتوا .
_قوم يليهم قوم من الكفار اذا اعطوهم قاتلوهم "اي الكفار" .ويراد باعطائهم تألفهم علي قتالهم.
_قوم يليهم قوم عليهم زكوات ويمنعوها فان اعطي هؤلاء قاتلوهم علي اخذهم منهم وحملوها الي الامام.

قلنا ان محمد كان يرشي الاخرين من اجل اسلمتهم .ولكن عندما مات وقويت شوكة المسلمين رفض خليفته عمر بن الخطاب ان يمنح بعض المؤلفيين سهمهم .بل انه اعلن "انما كان النبي يعطيكم يتألفكم علي الاسلام .فاليوم قد اعز الله الاسلام .فان تبتم علي الاسلام والا فبيننا وبينكم السيف" كما ان بعض فقهاء المسلمين يذهب للقول بان سهم المؤلفة قلوبهم اسقط بوفاة النبي .حيث اخرج البخاري عن الشعبي قال "ليست اليوم مؤلفة قلوبهم ،انما كان رجال يتألفهم النبي فلما كان ابوبكر قطع الرشي في الاسلام ".

ولكن رغم ذلك مازال مسلمي هذا العصر يستخدمون الرشوة من اجل اسلمة الاخرين وما المملكة العربية السعودية التي تنفق ملايين الدولارات ببعيدة عنا .

وترفع تلك الدولة شعار "الغذاء والتعليم والكساء مقابل الدخول الي الاسلام " . وهنالك عشرات المنظمات الاسلامية التي تربط بين الاسلام والغذاء .حيث تقدم الطعام للشعوب التي تعاني من الجوع من اجل اسلمتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فشل الدعوة المحمدية
شاكر شكور ( 2013 / 5 / 14 - 21:39 )
شكرا أخ احمد على هذا التحليل الرائع والمنطقي جدا ، هناك بأعتقادي سبب آخر مهم لأنتشار الأسلام خارج حدود الجزيرة العربية هو اعتماد المسلمين على مقاتلين عاشوا بقساوة الصحراء مع الأبل والبهائم ونالوا من هذه الشدة القوة العضلية والعقلية العدوانية بالبطش دون رحمة (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون - سورة الدخان) وقد اشترك مع جيش محمد الصعاليك المجرمين والقبائل العدوانية المكروهه كالأوس والخزرج ، كانت اغلب البلدان التي احتلها الجيش المحمدي مسالمة وتعتمد على الزراعة كما في الشام مثلا ولم يكن سكان هذه المناطق مستعدين للقتال حين اخذهم الجيش المحمدي على غفلة ، وحين تطور صنع السلاح وأستعدت الشعوب تراجعت انتصارات المسلمين وطردوا من الأندلس ثم استعمرتهم الدول الكبرى بسبب كسلهم وانشغالهم بالسبايا والغنائم وعدم تطورهم وأعتمادهم على تاريخ امجادهم وعلى نصوص الآيات القرآنية لتنصرهم بقوة السماء على اعدائهم ، ويقول قول الحق من يأتي بالسيف فبالسيف يؤخذ لذا ترى الآن بضعة ملايين من الدولة العبرية تتحكم بأكثر من مليار مسلم ، تحياتي ومودتي


2 - الميكاڤيلية !
حميد كركوكي ( 2013 / 5 / 15 - 03:12 )
المصطلح للكاتب الأيطالي الرائع “ميكاڤيلي” لرسالة الأمير! إنهذا المصطلح راجت في القرون السادسة عشرة! لكن لكون المصطلح قرين لأفعال محمد القرشي طبقا وأصلا أحبذ تسمية الميكاڤلية ب {الدعوةالمحمدية }! لأنه هو الأول في هذه القدوة و العملية السياسية !!!!!!،، هذا وشكرا