الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقذونا من ملائكة الرحمة

مفيد بدر عبدالله

2013 / 5 / 16
المجتمع المدني





اعتدت أن ألآمس يد أمي المتجلدة ظاهرة العروق المتعبة من كدح السنين والتي منحتني بحركات أناملها على راسي أروع شعور في طفولتي وصباي وكم يشدني الشوق لتلك الحركات وانأ أناهز الخمسين من العمر مثلما أتبارك بان اقبل يدها كل صباح، ولدى عودتي من عملي في المساء ، وكم يبعث طمأنينة في نفسي دعائها المتدفق من أعماقها بصوتها المبحوح الدافئ بالعبرات لينير لي الدرب ويبعث في نفسي الرضا بان أفي بعضا من الدين الثقيل ولكن هيهات 000وذات مرة مرضت أمي ولأنها الأغلى تركت كلما يشغلني من عمل ومغريات الدنيا الفانية وصارت وسادتها وسادتي واستشعر حرارتها بملامسة خدي لخدها وصرت أتألم لألمها وأأن لأنينها وسارعت بأخذها لطبيب وصف بأنه الأمهر في شارع الأطباء ونحن في الطريق قلت لها أمي إن مهنة الطب مهنه رائعة فكم هو جميل إن يزيل إنسانا الألم والمعاناة عن الآخرين واذكر يا أمي إن المتفوقين ممن درست معهم ما قبل الكلية هم من دخلوا الطب وبعضهم تخلى حتى عن ممارسة الهوايات جاعلا من التفوق غايته ومن كلية الطب هدفا له والبعض منهم حتى في العطلة الصيفية كان يثابر ويحضر للسنة التالية فهنيئا لهم هذه الثمرة الطيبة 0 وما ان وصلنا عيادة الطبيب دفعت أجرة الكشف وبقيت بانتظار الدور فمرت الدقائق ثقيلة وبينما اسأل أمي عن حالتها وإذا بصوت شجار داخل العيادة بعده خرج شخص كبير السن متوترا يردد عبارة لن اعمل عند الظالم وليس الأرض من تحتاج التنظيف بل نفسه المريضة فثار كلامه فضولا بداخلي فاعترضته لدى خروجه وأمسكت بيده وقلت اجلس واحكي لي حكايتك علي أساعدك فرفض وهم بالخروج ولكني منعته وأجلسته عنوة لكي يحكي لي ماجرى فجلس وبعد صمت قليل قال سيدي أنا اعمل مع الدكتور منذ سنوات بالمستشفى الحكومي منظفا صباحا ومساء في العيادة نظفت كل شي سوى نفسه القذرة يقطع من اجري كل شهر بحجج واهية معللا تقصيري في العمل , وهو أكثر الناس علما بحالي فانا أعيل عائلتي وعائلة أخي المتوفي، إن هذا الطبيب لا يعتني بالمرضى في المستشفى الحكومي، وفي العيادة أفعاله أشنع، يطعن بأي طبيب قبله ويرمي بدوائه في سلة المهملات، وذات مرة توهمت عجوز فقالت لا اعرف من أعطاني الدواء وبعد أن رمى بالدواء وسخر من طبيبها اتضح بأنه هو الطبيب ولم تدخل غير عيادتنا وما إن أكمل المنظف هذه العبارة وإذا بأمي تلطم خدها قائله (صخام و لطام) فأكمل قائلا أن الدكتور يوجه مرضاه إلى مختبرات وصيدليات باتفاق مسبق معهم على حصة ، فيثقل على مرضاه بالتحاليل والأدوية لا للشفاء بل طمعا بزيادة الحصة أما عن العمليات في المستشفيات الخاصة فطلباته خياليه وكأنه في بورصة لا يعنيه شيء سوى المال ،بعدما صمت قليل أدرت بنظري إلى أمي فوجدتها تبكي فقلت لها اعطني يدك ولنخرج لطبيب آخر أن هذا وأمثاله هم من أساءوا لأشرف مهنه وجعلوا من البعض يشكوا علته لطبيب هندي أو ماليزي قاطعا المحيطات فالبعض منهم يسابق الزمن وهاجسه الوحيد الثروة فحسب متناسيا ما تحمله هذه المهنة من معاني إنسانية عظيمة فأي شعور أن يكون سببا في إزالة ألم إنسان لازمه الليل والنهار أم أن البعض منهم لا يرتقي لهذه المعاني ولا مكان لها بقاموسه ويرى ما يدخل الجيوب ويثقلها فحسب وبعد خروجنا تذكرت إني لم استعيد أجرة الكشف ولكني لم ارجع ليقيني بانه لن يعيدها لي وهي من حقه كما يرى ولن يكون قلب هذا الطبيب ارق على امي العجوز من المنظف متناسيا إعالته لليتامى مثلما تناسى هو والبعض شرف المهنة وقسم التخرج في كلية الرحمة والانسانية كلية الطب0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار