الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأريض الإسلام (11)

زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)

2013 / 5 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثقافة القتـل في الإســلام 1

” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ.. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ.. مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً.. فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ.. فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ.. فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً .“ ( مما نزل من الوحي على قلب محمد بعد لجوئه إلى يثرب في المرحلة الجهادية من دعوته)

لماذا تميز الإسلام عن غيره من الأديان بأنه أكثرها لجوءً الى القوة والسيف لفرض نفسه؟ ولماذا تفرد "خاتم الأنبياء" الذي بعث رحمةً للعالمين "محمد بن عبدالله" من بين أكثر الأنبياء والرسل بإشهار السيف وضرب رقاب الناس حتى يؤمنوا به نبياً ورسولاً من عند الله بعد أن يأس من ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة؟ هل لضعف في العقيدة وعجز فيها؟ أم لجهالة فادحة وعصبية قوية وصف بها العرب فأبوا أن يغيروا أنفسهم طوعاً فغيرهم "يتيم قريش" قسراً؟ أم هو تنازع على البقاء وتدافع بين البشر على المصالح ورغبة غريزية عمياء بلهاء لفرض الذات بالقهر والتسلط والإكراه؟ لماذا أمر "العزيز الحكيم" بإبلاغ الناس الاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ثم عاد "الجبار المنتقم" وأمر بضرب رقابهم حتى يؤمنوا بمحمد بن عبدالله نبياً ومبشراً ونذيراً وهادياً ورسولاً من عنده، وأن يصدقوا رسالته ونبوته وقرآنه بأنه وحي من "القوي الشديد"؟ ثم كيف يقول الوحي وهو "أحسن الحديث": "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، فيأتي "سيد البشر" ليقول أنه أُمِرَ أن يُقاتل الناس حتى يؤمنوا؟ وكماجاء في القرآن أيضا "لاإكراه في الدين" فكيف أكره إذن محمد وعصبته العرب على الإسلام،ثم أكره الغزاة العرب المسلمون الشعوب الأخرى على إعتناق الاسلام؟ (وعندما أقول الغزاة العرب وليس الفاتحون العرب أحاول أن أكون أكثر دقة ، فالفتح العربي الإسلامي كان تأسياً وتكملةً لغزوات "النذير المبين" والتي بلغت العشرات (82 غزوة) وقاد محمد بنفسه قرابة الثلث منها.)
إن هذا التناقض الصارخ بين مايدعو اليه "القرآن الحكيم" لنشر الاسلام بالكلمة من جهة وبين ما لجأ اليه صاحب السيف "الصادق الأمين" وأصحابه وخلفائه الراشدون والأمويون والعباسيون والعثمانيون وغيرهم لفرض الاسلام وإكراه الناس على الدين بالسيف (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله تعالى وحده لا شريك له وجُعل رزقي تحت ظل رمحي وجُعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه الإمام أحمد.) من جهة أخرى ، يبين بوضوح تام أن أحد هذين الأمرين على الأقل لم ينزّل من السماء ،وإلا دلّ ذلك على وجود إلهين وليس إله واحد ، لأننا نسلّم بأن الإله الذي هو "الله" باللغة العربية منزَّهٌ عن الخطأ وبريءٌ من النَّقص، ويتفق معي على ذلك جميع أهل المعرفة الإسلامية وكل مؤمن بالله ، وإذا كنا نعتبر أنَّ "التناقضَ" أو أنَّ "الوقوع في التناقض" ضرباً من ضروب النَّقص وعدم الكمال ، فهذ يعني أن التناقض السابق حول "كيفية" نشر الدعوة المحمدية التي تمت "بالكلمة ثم بالسيف"، لايمكننا نسبه إلى الله لكماله وبعده عن "الوقوع في التناقضات".
بالإضافة إلى ذلك، فإن فرض الدين ـ أي دين ـ بالقوة والإكراه على البشر، يعتبر إنتقاصاً من قدرة الله "القادر على كل شيء" وتعدياً على أحقيته فيما يفعل بعباده، لأنه لوشاء لَفَعَل، ولو شاء الله لجعَلَنا جميعاً أمة واحدةً لأن قدرته "لا حدود لها" ، كما ورد في "الكتاب المسطور" مايؤيد ذلك، هو دليل إثبات دامغ على عدم شرعية هذا الاسلوب القسري لإكراه الناس على الإيمان بالدين الاسلامي ، أي أن إكراه الناس على الدين هو "عَمَلٌ بَاطِلٌ".
وهذا يجيز لنا أن نطرح سؤلاً هاماً وكبيرًا، عجز العقل المسلم عن طرحه ومناقشته بجدية الى الآن ، وهو:

هل كان الغزو المحمَّدي ثم الغزو العربي الإسلامي ، وفرض الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية بالقوة والإكراه والقتل والدم "عملاً باطلاً" أم أنه كان "عملاً مشروعاً"؟.

يمكن الإجابة على هذا السؤال من مصدرين وهما التاريخ و الدين:

أولاً: الجواب من وجهة النظر التاريخية:
يقول التاريخ بصراحة أنه يتبرع بالحق دائما للأقوى ،ولايهمه من يكون هذا الأقوى، أكان جالوتاً أو طالوتاً ، طاغوتاً أم رسولاً،جاهلاً أم حكيماً، قبيحاً أم جميلاً، والحق هنا هو بالمفهوم الأرضي المرتبط بالنزعة الإنسانية بكل مافيها من "تناقضات" مختلفة،أي أن مفهوم "الحق" هنا ليس مفهوما مطلقاً مجرداً متحرراً من تأثير العواطف المتنوعة والمصالح الذاتية الأنانية والتأثيرات البيئية المختلفة من ثقافة ومعرفة ونواميس وأعراف وتقاليد وغير ذلك ، وقبل هذا وذاك فإن هذا المفهوم يستمد مكوناته من "ثقافة محدودة ومحددة بمكان وزمن محددين" ، لذلك فإن مفهوم الحق هنا متغير بتغير المكان والزمان والدوافع. وبإيجاز شديد فإن الحق ينتقل من مكان إلى آخر ومن شخص إلى آخر ومن فئة إلى اخرى ومن دولة إلى اخرى بإنتقال "عوامل القوة" فيما بينها.
إذن، فمفهوم الحق هنا مستمد من "ثقافة القوة"، وبصورة أكثر وضوحاً كما أثبت التاريخ نستطيع أن نقول أن القوة هي التي تصنع الحق وتختلق له صياغة تتلاءم مع طبيعة هذه القوة وتحقق لها مصالحها وأغراضها، وتنسجم مع مراميها وغاياتها التي تلبي نزعاتها الذاتية المفرطة في الأنانية والتي غالباً ما تكون بعيدة جدا عن جادة الصواب ومفتقرة إلى أدنى مقومات "الموضوعية" و"المنطق السليم"، ومع ذلك فإن الحق بهذا المفهوم هو الفاعل والمنتصر دائماً، على الأقل منذ أن قتل قايين الموسوي أوقابيل المحمدي المفتول العضلات نتيجة عمله في الأرض أخاه هابيلاً الضعيف العضلات لرعيه الأغنام، الذي اغتال الحق البريء ودفنه مع دفن أخيه إلى الأبد، وتبنى حق الأقوى الذي أورثه للبشرية والتي تلقفته وتبنته هي بدورها، حتى إن الناس يسمون أسماء أبنائهم بقابيل وليس بهابيل،مع أنه قابيل كان المعتدي وكان هو القاتل. إلا أنه كان هو الأقوى وبالتالي هو المنتصر، ولذلك يجب علينا أن لانستغرب أن الضعيف عندما يصبح قوياً يفعل تماماً ماكان الأقوى يفعله،وينسى بسرعة مذهلة مفهومه الذاتي للحق عندما كان ضعيفاً، فالغزال الذي يطارده الأسد ليفترسه يدعي أنه لوكان أسداً لما قام بمطاردة أي حيوان لطيف ولإكتفى بأن يتغذى من خشاش الأرض، ومن يدري ،فلعل رسول السلام والمحبة "عيسى المسيح" كان يفكر كما الغزال السابق. وكذلك فكر سائر الرسل والأنبياء. فمحمد "الصادق الأمين" كان يهجر قومه هجراً جميلاً عندما كانوا يسخرون منه ومن قرآنه، عندما كان في حالة ضعف،لكنه بعد أن تمكَّن في الأرض، صار يضرب رقاب من لايؤمن بأن قرآنه ما هو إلا وحي يوحى ،ألهمهه إياه شديد القوى: "فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ". ومن قبله سلفه داوود الذي قال له إلهه بعد أن أشتدت عضلاته:" إمتشق أيها الجبار سيفك، فإن نواميسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك".
ويبدو أن الفيلسوف فريدريك نيتشه على صواب عندما يقول:"انني أستهزأ حقاً من الضعفاء الذين يعتقدون أنهم أناس صالحون مهتدون، لأنهم ليس لديهم مخالب لينبشوا بها". والحق بهذا المعنى تداوله الكثير من الفلاسفة، وأعلنوا أن: "حفنة من القوة خير من جبل من الحق"، وأن القوة هي الحق، والحق بدون القوة كالسيف بدون مقبض،وأن العدالة هي حق الأقوى، لأنه هو الذي يضع القوانين والشرائع وفقاً لرؤيته ومصلحته وأغراضه، وهو الذي يطبقها وينفذها بقوته وبإسلوبه الذي يراه مناسباً، والإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض يجاهد في سبيل مصالحه التي يعتبرها حقاً، ولايتردد أن يلبس هذا الحق ثوب القداسة ، ليبرر بهذه القداسة أغراضه الدفينة ويححق بها غاياته الشخصية وهو بغاية الرضى النفسي ، وبهذا يبلغ الحق مستواً خطيراً جداً وهو "الحق المطلق"، الذي يدعيه ويرعاه رجال الدين، وهذا "الحق المطلق" يلغي بشكل تلقائي كل مايتعارض معه، ويعطي متبنيه كامل الصلاحية في تحقيق مايريد على ضوء هذا الحق، مع منح الثواب والأجر.
لذلك نجد أن أفظع أشكال القتل والتنكيل والتعذيب قام ويقوم بها رجال الدين، وهم في غاية الرضى دون أن يرف لهم جفن، ودون أي وخز للضمير، بل ويعتقدون أنهم بهذه الجرائم الشائنة يحجزون لأنفسهم أفضل الأماكن في "دار السلام" إلى جانب آدم ونوح وإبراهيم وداوود ومحمود وغيرهم من الأنبياء والرسل، وهنا تكمن خطورة مفهوم الحق الذي يدعونه، فهو غير قابل ولابأي شكل من الأشكال إلى الحوار والمناقشة،حتى عندما يكون ضعيفاً. وعندما تدعمه القوة يصبح غولاً متوحشاً،يفترس كل شيء، ولايتردد في فرض نفسه على الناس أجمعين، فالحق المطلق هنا يبيح لأصحابه إفناء خصومهم وإفناء بعضهم البعض دون تردد، ولذلك كان من الضروري تأريض مختلف الأديان للتخفيف والحد من هذه القداسة وبالتالي انتزاع صفة "المطلق" من مفهوم الحق عند المتدينين. ولاأعتقد مطلقاً أن السلام يمكن أن يسود العالم طالما بقي على سطح الأرض أناس يتمسكون بقناعاتهم الراسخة بأنهم يمتلكون "الحق المطلق" وأن الوكالات الممنوحة لهم من السماء تعطيهم الحق في القتل والتدمير، وإعتبار أنفسهم أوصياء على غيرهم، وفعل مايرونه مناسباً لهم في سبيل إعلاء كلمة الله "القوي الجبار"، ومايشهده العالم اليوم من عمليات إرهابية من قبل الحركات الأصولية الإسلامية لهو خير دليل على ذلك، والفظائع الإجرامية التي يقوم بها الإسلاميون الأصوليون في العراق وغيرها بحق المدنيين الأبرياء، ومباركتها من قبل أغلب شيوخ أهل السنة والجماعة، لشاهد إثبات على ماأزعم.
إذن، فالحق بمفهومه الإنساني يعطي القوي المبررات لأفعاله ويضفي عليها الشرعية الضرورية بفعل قوته وتمكنه في الأرض ، لتكتسب قبولاً وإستحسانا من الشعب، ومن هنا يمكننا القول أن الغزو العربي الإسلامي كان مشروعاً ومبرراً من وجهة نظر التاريخ البشري بالصورة التي أشرت إليها، تماما مثل الغزو الروماني والغزو الفارسي،وغزو الإسكندر المقدوني،والغزو الصليبي، وغزو جينكزخان وهولاكو، والغزو الأوروبي للهنود الحمر، والغزو العثماني ،وكذلك المد الأوروبي الإستعماري إلى أقاصي الأرض، وإستعماره لسائر الشعوب ، وإحتلال الامبرطور الياباني للصين وكوريا وأندنوسيا، وكذلك إحتلال البيض لاستراليا ونيوزيلندا، والعديد من الجزر المنتشرة في البحار والمحيطات.

ثانيا: الجواب من وجهة النظر الدينية:
لايحتاج المرء لجهد كبير لمعرفة وجهة نظر الدين الإسلامي على هذا السؤال ، فهو من جهة يعتبر أنَّ "إكراه الناس على الدين" "عملاً باطلاً" ، ومن جهة أخرى يحرض المسلمين على قتال الناس لإجبارهم على إعتناق الدين الإسلامي الذي هو الدين الحق ،الذي لن يقبل الله من الإنسان غيره ، كما جاء في النبأ العظيم". هذه "الإزدواجية المتناقضة" التي تغذيها آيات كثيرة وسور عديدة من "القرآن المجيد" وأحاديث لاتكاد تحصى من السيرة النبوية. والإسلام لم يقف إطلاقاً على شرعية الغزو العربي الإسلامي خارج جزيرة العرب، بل إعتبره واجباً دينياً وأمراً إلهياً مقدساً لاخلاف ولاجدال حوله، ودعّم هذا الواجب المقدس مادياً ومعنوياً بشكل قل نظيره في التاريخ البشري، فقد أباح للغزاة المنتصرين إغتصاب وإمتلاك كل شيء من الشعوب المغلوبة، الإنسان والحيوان والأرض، فالأسير الذي كان ينجو من ضرب رقبته يصبح عبداً حقيراً مملوكاً لصاحبه، يفعل به مايشاء، أما النساء فكانت تصبحن إماتٍ والأمَة هي العبدة التي حُلّل وطأها من قبل صاحبها ،هذا بعضاً مما وعد به الإسلام المحاربين دنيوياً، أما على المستوى الأخروي فقد أغرق "الذكر الحكيم" المجاهدين في بحور من الخمور واللبن والعسل وأغراهم بحوريات حسناوات فاتنات كلما وطئهن عدن أبكاراً ،"خمار الواحدة منهن خير من الدنيا ومافيها"(أخرج الطبراني عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الجنة إذا جامعوا النساء عدن أبكاراً ". الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي.). هذه التعبئة النفسية الفريدة وهذا الدعم المعنوي والمادي، حوَّل الغزاة العرب إلى أبطال وصناديد، ومع تصادف هذا الغزو مع ضعف كبير أصاب الأمبرطورتين الفارسية والرومانية، تححق للغزاة المهاجمين أغراضهم، وتمكنوا من تدمير هاتين الأمبرطورتين في غضون بضع سنوات، وتم للعرب ماكان محمد يوعدهم به من أن العرب سيمتلكوا الدنيا إذا توحدوا تحت رايته ودعوته، عندما كان يسير في شعاب مكة كما ذكرت ذلك سابقاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال