الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق

صبري المقدسي

2013 / 5 / 19
التربية والتعليم والبحث العلمي


المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق
إعتقد العلماء في القديم أن الكون بما يحويه من مجرات وسدم يؤلف نظاما سكونيا مستقرا، إلا أن الفلكي أدوين هابل، إكتشف أن جميع المجرات تتباعد عنا بسرعات تتناسب طرديا مع بعدها عنا. وسمي هذا الاكتشاف بقانون هابل Hubble Law ، وتوسعت نظرة العلماء بعد ذلك حول الكون والمجرات التي فيه ولاسيّما بعد الارصاد الفلكية الضخمة التي إستخدموها والتي ساعدتهم لرؤية أشكال متوهجة لمجرات بعيدة وبأعداد هائلة، وذات أشكال مختلفة. وإستنتجوا "أنها في بنية الكون كالعشيرة في بنية المجتمع"(الاستاذ الدكتور محمد باسل). وكان لدخول التصوير الفلكي الدور المهم والدقيق في أخذ الصور لهذه المجرات مما ساعد وبشكل كبير على إكتشافها ودراستها ومعرفة أشكالها وحجمها وعددها. وأصبح بإستطاعة العلماء رصد هذه الحشود النجمية الضخمة، والتي تقع عبر مسافات بعيدة جدا، ولم يكن يعرف بأنها مجرّد مجرات كونية أو بالاحرى جزر كونية في الفضاء العملاق.
وتوصل العلماء الى نتيجة مفادها أن الكون يتكون من أعداد هائلة من هذه المجرات التي تتشكل من مجاميع مجرية عملاقة متفاوتة الاحجام، والتي تقدر بأكثر من مليار مجرة (1000) مليون (مليار) بين صغيرة وكبيرة ومنتظمة وغير منتظمة. ولما كان تقدير العلماء بوجود 1000 مليون الى 2000 مليون نجم في كل مجرة، مما يعني وجود أكثر من (مئة مليار مليار) نجم أي 10 مع 20 صفرا، ويعدّ هذا الرقم كبيرا لغاية الدرجة، مما يدل على أننا جزء من كون عظيم حقا، يُمجد كل جزء فيه الله الخالق بوجوده ونظامه وترتيبه.
فالمجرات بالعموم هي الوحدات الاساسية في البناء الكوني، تتجمع مع بعضها، كما يتجمع الافراد لتشكيل المجتمع. وكل مجرة مفصولة عن الاخرى بفضاء فارخ تماما، إلا من بعض ذرات الهيدروجين. فهي إذا نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكوني ‏(‏الدخان الكوني‏)‏، وبتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل كل مجرة‏.‏ وتختلف نجوم هذه المجرات في أحجامها‏،‏ ودرجات حرارتها‏، ودرجات لمعانها‏‏. ومعظم النجوم بعيدة جدًّا عن الأرض بدرجة لا تسمح بقياس مسافاتها بالأميال أو الكيلومترات. باستثناء الشمس فهي أقرب النجوم للأرض، ولهذا تعتبر شمسنا مصدر خيراتنا وسبب وجودنا وحياتنا التي لولاها لما كنا هنا، ولما كان أي نوع من الحياة على كوكبنا الجميل. وأقرب نجم إلى الشمس هو قنطورس القريب على مسافة 4.3 سنة ضوئية من الشمس.
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن دائما هو كيفية نشوء هذه المجرات والجواب في طبيعة الحال يكمن في الانفجار الكوني الكبير، وتعطينا الأرصاد الفلكية معلومات حول ولادة النجوم في المجرات الأولية التي تشكلت قبل مجرتنا الحالية. وثمة بقايا منها وهي ما يسميه العلماء بالمجرات القزمة.
إذ أن المجرات هي بمثابة الجزر الكونية التي ترتبت في مجموعات نجمية منتضمة وغير منتضمة تتماسك بتأثير القوة الثقالية. وتقترح بعض النظريات أن المجرات في بداياتها بدأت كسديم هائل الاتساع يبلغ مداه ملايين السنين الضوئية، ثم تجمعت أجزاءه حتى تركزت مادته فيما تزايدت سرعة دورانه حول نفسه. وبسبب دورانها تأخذ المجرات شكلا مفلطحا.
وفي نظرية اخرى، المجرات هي سحابات غازية عملاقة داكنة اللون كروية الشكل تدور حول نفسها، إنكمشت تحت تأثير القوى الجاذبية الذاتية حتى تكون لها قرص مجري بعد فترة طويلة. وأخذت بعض الذرات بالتجمع والاحتشاد فيما بينها حتى تتحول الى سحابة غازية ضخمة تبدأ السحابة بالدوران حتى تصل الى الشكل المطلوب.
وللعلماء نظريات مختلفة أخرى عن نشوء المجرات وتطورها، حيث يُعتقد أن المجرات إتخذت مسارات مختلفة في تطورها بعد الانفجار الكبير ولا تزال في حالة التطور والنشوء والتكوين. وقد جاء في نظرية هبل أن الأنواع المجرية المختلفة تمثل مراحل مختلفة من تطور المجرات، وهي تتطور من حالة الى أخرى كالمجرات الاهليجية التي تتطور الى مجرات حلزونية. ونعرف اليوم أن المجرات العدسية تنتج عن إندماج مجرتين حلزونيتين غنيتين بالغازات. فخلال إندماج المجرتين يزداد تشكل النجوم التي تستهلك الغازات الموجودة في المنظومة المندمجة. ولهذا فإن المجرات العدسية هي على الأرجح مجرات هرمة. وأما المجرات اللولبية فتطورها يكون على نحو مختلف عن الاهليجية. وبالرغم من كل هذه المعارف إلا أن العلماء لا يستطيعون الاجابة عن كثير من الاسئلة مثل الأسباب الكامنة وراء تغيير شكل المجرات ولمعانها وبريقها خلال مجرى حياتها.
ويدل المسح الفوتوغرافي للكون على أن معظم المجرات تنتمي الى مجموعات تدعى بالعناقيد المجرية التي هي في معظمها حشود مندفعة من أكوان معزولة يُقيدها أو يسيطر عليها عضو مهيّمن أو أكثر بتأثير قوته الثقالية العظيمة. وتميل هذه العناقيد المجرية للتجمع مع عناقيد مجرية أخرى لتكون العناقيد المجرية العظمى Super Clusters ، وترتبط كل هذه المجرات ببعضها البعض بتأثير القوة الجاذبية(الثقالية). وقد اكتشف العلماء دزينات من هذه العناقيد العظمى، وكل واحدة منها تحتوي على العديد من العناقيد الصغيرة المتناثرة في مناطق الفضاء، والتي تمتد الى عشرات الملايين من السنين الضوئية.
وتنقسم المجرات بحسب العلماء الى: المجرات اللولبية أو الحلزونية Spiral galaxies وهي مجرات ذات أذرع تلتف لولبيا نحو الخارج. ومجرات إهليجية (بيضوية) Elliptical galaxies وهي مجموعة نجومية ضخمة ذات شكل كروي أو بيضوي، وليس لها أذرع، وتشكل نحو 70 % من مجموع المجرات الكونية المعروفة. ومجرات غير منتظمة ومتنوعة الاشكال irregular galaxies ، ولا تمتلك شكلا مُحددا، فلا هي بيضوية ولا دائرية ولا لولبية. وعادة ما تكون هذه المجرات صغيرة الحجم، ولا تشكل سوى 5 % من مجموع مجرات الكون. وأنواع اخرى من المجرات منها العدسيةlenticular galagxies والاهليجية فائقة العملقة، والقزمية dawrf galaxies . والمجرات الراديوية Radio Galaxies : وهي نوع من المجرات التي تطلق أمواجا راديوية قوية، ويميل شكلها الى المجرات الاهليجية. والمجرات المتصادمة Galxies in Collision والتي تتصادم نجومها مع بعضها البعض بحيث تتداخل نجومها مع نجوم المجرات الاخرى. والمجرات المنفجرة Exploding Galaxies : وهي من نوع المجرات التي تتمدد آلاف الكيلومترات، وتؤدي الى انفجار الأشعة الراديوية القوية. ومجرات سيفيت Syfett Galaxies والتي اكتشفت سنة 1943 من قبل كارل سيفرت والتي تطلق اشعة تحت الحمراء والاشعة السينية. وأنواع أخرى من المجرات قد تكتشف في المستقبل لكونها في حالة نمو وتطور وزيادة مستمرة ما دام الكون في حالة نمو وتفاعل.
وهناك ايضا نظاما آخر للمجرات في الكون والتي تجتمع في تجمعات مختلفة وبأشكال مختلفة في ما يشبه بالعناقيد، وتسمى بالعناقيد النجمية Star Clusters وهي على نوعين: العناقيد المفتوحة Open Clusters والتي تكون نجومها متباعدة مثل كوكبة الثريا التي تقع في برج الثور والذي تبعد حوالي 120 فرسخا فلكيا(391 سنة ضوئية). والعناقيد المغلقة Globular Clusters والتي تكون نجومها متقاربة وشكلها عادة كروي على الاغلب، ولهاذا تسمى بالعناقيد الكروية، وتحوي على الملايين من النجوم ومعظم نجومها عملاقة عبرت مرحلة الحيوية والنشاط الى مراحل الشيخوخة والهرم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علم ام دين؟
حمدي الراشدي ( 2013 / 5 / 20 - 15:24 )
أن حشر اي تعبير ديني في موضوع علمي، يتعدى على علمية الموضوع ويلغي حياديته الواجبة. وعلى الرغم من ان الموضوع، على العموم، امتلك لغة علمية عالية، إلا أن تسريب تعبير:- يُمجد كل جزء فيه الله الخالق بوجوده ونظامه وترتيبه.- يتعدى على موضوعية المقال بأسره. هل برهن العلم على وجود إله ليصبح هذا التعبير جزء من موضوع علمي؟
من اين اتيت بهذا التعبير إذا كان لايوجد علم في العالم يدعم هذا الهراء الشرقي الذي يجري تسويقه في اطار العلم الغربي؟


2 - ألأخ حمدي الراشدي !
ماجد جمال الدين ( 2013 / 5 / 20 - 17:03 )
تحية طيبة ، وإشتياقي !
أتفق تماما مع تعليقك ، فقد أثارت إنتباهي ( وإستهجاني أيضا ) بشدة الجملة التي إقتبستها .. ولنفس الأسباب التي ذكرتها ..
ولكن ما أثار إنتباهي أيضا محاولة الكاتب تمرير إيديولوجيته الدينية في مقال يبدو تنويريا علميا من خلال عبارة أخرى :: (((. فهي إذا نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكوني ‏(‏الدخان الكوني‏)‏، )))
فأنا لا أعرف وجود مصطلح دخان كوني في اي من بحوث العلماء المختصين ، لأنه أصلا لم يوجد حريق ... والكاتب أراد بشكل تدليسي تمرير الخرافات القرآنية على الطريقة الزغلولية ..
وأرجو أن يتسع صدره للنقد لكي تكون مقالاته أكثر أهمية علمية بالنسبة للقارى !
مع إحترامي

اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج