الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء الفيس بوك و(بجماليون )

رسول الحجامي

2013 / 5 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بجماليون أسطورة إغريقية قديمة لكنها تعبر عن نوازع إنسانية متوارثة في الحياة والجمال والحب والكمال .
وهي تحكي عن قصة شاب فنان كان يعيش في قبرص يدعى بجماليون وكان هذا الشاب فنانا موهوبا في نحت التماثيل من العاج أو الحجر .
وكان بجماليون يبحث عن صورة للمرأة المثالية لكنه لم يجدها حوله فقرر أن يبدعها بنفسه فأنتج أجمل تحفة فنية صنعتها يداه ، عبارة عن تمثال لامرأة فائقة الحسن ، لم يكن التمثال مجرد صورة عادية ولكنه كان آية في الجمال والروعة ، وكان تجسيدا لكل أوصاف الحسن والجمال .
ولكن هذا التمثال أصبح هم بجماليون الأكبر فكان يصنع بأصابعه الساحرة لمسات فنية جديدة يضيفها إليه في كل يوم ،حتى أصبح التمثال أروع تحفة فنية يمكن صناعتها ولم يعد بجماليون يستطيع أن يجمل تمثاله أكثر من هذا الحد فقد أصبح أجمل من أي امرأة ولكن بجماليون أصابه أمر لم يكن يخطر بباله فقد أحب تمثاله حبا شديدا وأصبح لا يقدر على فراقه لحظة واحدة ، يقضي معه ساعات الليل الطويلة وهو يتخيل انه أمامه امرأة حقيقية وليس تمثالا ، وظل يعشق تمثاله بجنون ويدعو الآلهة أن تمنحه الحياة واستجابت له الآلهة وأصبح تمثاله امرأة .
غير إن النهاية العربية على يد توفيق الحكيم تقول إن بجماليون بدأ يزعجه إن تحفته الفنية الرائعة أصبحت تكنس وتمسح وتطبخ فطلب من الآلهة أن تعيدها حجرا كما كانت .
اليوم بعض الرجال والنساء (وهذا البعض قد يتجاوز النصف !) يحاول أن يصنع تمثاله الخاص به في الفيس بوك ، فهناك من يحاول أن ينحت صورة لذاته أو للمقابل غير ما هي عليه ، فبعض ! نساء الفيس بوك وغيرها من برامج التواصل هن جميلات (بسبب استعارة الصور ) ومثقفات (بسبب أوامر النسخ واللصق )ومحاورات بشكل لا يصدق ، وهذا أيضا ينطبق على الرجال فهم شاعريون هادئون يقدسون حقوق المرأة من الألف العربي الى الياء الصينية ..
فالبعض يريد أن يصنع تمثاله الخاص به وما أن يكتشف أن صورته الذهنية قد تزعزت قليلا حتى يعيد توازنها الحجري إليها قد يكون الرجال أكثر صراحة في صورهم لكنهم أكثر من النساء في تزويق آراؤهم ..وتذكروا إننا نتحدث عن فئة صغيرة جدا!
فكل واحد يبحث عن بجماليونه في الصحة والسياسة والدين والحب والطبخ والفكر ..الخ.
وما أن تحين ساعة اكتشاف الذات والآخر حتى تبدأ الثورة على تلك الحقيقة..
الثورة لان الآخر يعجب عادة بالقناع وليس الأصل ..
ولكي يمارس بجماليون دوره فعليه أن يثبت نفسه في كثرة النشر وتحصيل أعداد اكبر من الإعجاب دون أن يفكر فيمن حوله وبواجبه تجاههم في متابعتهم ومشاركتهم ،وهؤلاء هم النصف الثاني الذين يتفاعلون بالمشاركات وبدون مكياج أو تزويق ، لان الفيس بوك هو للتواصل والتواصل يحتاج الى حلقات متصلة لا متقطعة .
اعرف أن مثل هذه الموضوعات حساسة للجميع ، ولكن على احدنا أن يكون كبش فداء لاعتراضات الكثيرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟