الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزاعمي باكتشاف أخطاء و خبايا في تأريخ الإسلام

يوسف الحسناوي

2013 / 5 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كنت أتأمل في حديث نبوي يتعلق بالعاشوراء، فشدّ انتباهي تطابق الذكرى السنوية عند اليهود و المسلمين. و لعلمي المسبق بطبيعة التقويم اليهودي، وجدت نفسي أمام سؤالين: كيف كان تقويم العرب و المسلمين قبل التقويم الهجري الذي نعرفه؟ متى و كيف تم التحول من التقويم القديم إلى التقويم الهجري؟
أجبت بمنهج يقترب من الأكاديمية عن السؤالين فوجدت نفسي أمام ما لا يحصى و لا يحصر من النتائج، منها ما يصحح التأريخ و منها ما يزيل الغموض و منها ما يثير الأسئلة! كقولي أن هجرة الرسول إلى المدينة كانت في مايو 622 و ليس سبتمبر من نفس السنة كما هو شائع، و كقولي أن عاشوراء المسلمين كانت توافق ذكرى "السبت العظيم" عند اليهود، و كقولي عندما يطرح السؤال "مات الرسول عن سن كذا أو كذا؟"، أهي شمسية أم قمرية؟

قبل الإجابة عند السؤالين، أود الإشارة إلى أن التقويم اليهودي يعتمد على دورتي الشمس و القمر، بحيث يكون معدل طول السنة مساوياً لمدة دورة كاملة للأرض حول الشمس، أما معدل طور الشهر فيساوي مدة دورة كاملة للقمر حول الأرض. و لتفادي الفارق بين السنة القمرية و الشمسية تتم إضافة شهر ثالث عشر إلى بعض السنوات تسمى كبيسة. أخذ اليهود هذا التقويم من الإغريق حيث يتم الاعتماد على دورة ميتون : دورها 19 سنة و تكون السنوات 3، 6، 8، 11، 14، 17، 19 كبيسة، تسمى هذه العملية أيضا بالكبس.

لنعد لسؤالينا،
كيف كان تقويم العرب و المسلمين قبل التقويم الهجري الذي نعرفه؟
اعتمد العرب في تقويمهم على نظام يسمى "النسِئ" الذي وقع تحريمه في القرآن، الٱ-;-يتين 36 و 37 من سورة التوبة :
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ

و ورد في تفسير القرطبي أن "... رجل يقال له القلمس ، فيقول أنا الذي لا يرد لي قضاء . فيقولون : أنسئنا شهرا ، أي أخر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر ، فيحل لهم المحرم .". هذه الواقعة كانت تسري في موسم الحج و تجسد إعلان السنة الكبيسة التي حرمها القرآن.

كما نجد في كتاب نظام النسئ عند العرب لكاتبه الشيخ موسى بن جار الله التركستاني القازاني الروسي (1875ـ 1949)، الذي يروي وفق ما رواه أهل العلم بالسند لا بالاستخراج، أن العرب قد استعارت من يهود الحجاز
هذا النظام فاتخذته في طريقة النسئ.
و المعروف أن التقويم اليهودي المعاصر، المبني على دورة ميتون ساري المفعول منذ سنة 359 بعد انتشار اليهود في أنحاء العالم حيث تم تبنيه مخافة عدم التنسيق في تحديد مواقيت الأعياد، و هذا التاريخ سابق لعهد الرسول بقرنين أو أكثر. يهود الحجاز، كباقي يهود العالم أخذوا هذه الخوارزمية ( ميتون ) و عنهم أخذها العرب

فيما يلي تفسير الآيتين من طرف الشيخ إبن العثيمين :
" قوله تعالى: ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾-;- النسيء معناه: التأخير وكانوا في الجاهلية يعتقدون تحريم شهر صفر لأنه أحد الأشهر الحرم الأربعة التي ذكرها الله تعالى في قوله:﴿-;-إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾-;- وهي ثلاثة: متوالية وشهر منفرد فالمتوالية هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم والمنفرد هو شهر رجب فكانوا في الجاهلية يؤخرون شهر المحرم يحلونه ويجعلون التحريم في شهر صفر ويقولون نحن جعلنا أربعة أشهر في السنة محرمة فوافقنا ما حرم الله ولكنه في الحقيقة أحلوا ما حرم الله تعالى وهو شهر المحرم وتأخيرهم له إلى صفر هذا ضلال منهم وزيادة في الكفر ولهذا قال الله عز وجل:﴿-;-زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾-;-. "


عمليا، ما يهمنا هو أن النسئ هو التأخير و تأخير شهر المحرم بالذات. و بذلك نفهم كيف كانت السنوات الكبيسة عند العرب، كانت تشهد تأخير المحرم، بمعنى أن هناك شهر قمري "أبيض" بعد ذي الحجة ( قبل المحرم للسنة الموالية) تماما كما يضيف اليهود في سنواتهم الكبيسة شهر ٱ-;-دار ٱ-;-خر، ليكون ٱ-;-دار1 و ٱ-;-دار2 قبل نيسان.
و بذلك نكون قد أجبنا عن السؤال الأول.

متى و كيف تم التحول من التقويم القديم إلى التقويم الهجري؟

من المعروف أن التقويم الهجري كما نعرفه راجع للخليفة عمر بن الخطاب حوالي 17 للهجرة، لكن تاريخ التخلي عن النسِئ سابق و يوافق حجة الوداع في ذي الحجة السنة العاشرة للهجرة. حيث تم التحول بأمر واقع بما أن التقويم الجديد شهوره ثابتة لا يحتاج إلى القلمس، و لأن تفعيل النسئ يتوقف على خطبة القلمس إثر الحج حيث يمرر نتائج دورة ميتون، و ربّما أشياء أخرى.

لنعد سنوات قليلة قبل خطبة الوداع، فتح مكة كان في رمضان من السنة الثامنة للهجرة، ما قبل هذا التاريخ إستمر غير المسلمين في طقوسهم و عاداتهم بمكة، و من بين هذه العادات، عادة خطبة القلمس في شأن النسئ للسنة الموالية.

فرض الحج على المسلمين في السنة التاسعة للهجرة، حيث بعث رسول الله أبا بكر أميرا على الحج و بلّغ هو أو/و علي النقاط الأربعة المذكورة على الناس يوم الحج الأكبر بمنى. النقاط الأربعة هي :
1 أن لا يدخُلَ المسجدَ مشرك.
2 أن لا يطوفَ بالبيت عُريان.
3 أن لا يحج بعد العام مشرك.
4 أنّ مَن كان لَهُ عندَ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عهد فهو لَهُ إلى مدته، أي إنّه محترم ميثاقهُ ومالُه ونفسُه إلى يوم انقضاء العهد، ومن لم يكن له عهد ومدة من المشركين فإلى أربعة أشهر فإن أخذناهُ بعد أربعة أشهر قتلناهُ، وذلك بدأً من هذا اليوم (العاشر من شهر ذي الحجة).

العام الموالي، صادف حجة الوداع حيث كان الشرك قد اندحر في كامل الجزيرة العربية، و بعدها بأسابيع توفي رسول الله. المقطع التالي من خطبة الوداع يزيد الصورة وضوحاً :
"أيها الناس إنما النسيء زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا، يحلونه عاما ليواطئوا قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض، وأن عدة الشهور عند الله اثنا عشر، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، والرابع هو رجب مضر الذي بين جمادى وشعبـــــان“

تفعيل النسئ يتوقف على أمر مهم لا يكون بدونه : إثر الحج، يقوم القلمس بتحديد أشهر السنة الموالية عبر خطبته في نفس الموقع (مكة). و هذا أمر لم يثبت حدوثه في عهد ابي بكر أو عمر، و أكثر من ذلك من الصعب كثيرا أن نتخيل أن المسلمين سمحوا بعودة القلمس إثر وفاة الرسول.

و هنا نجيب بوضوح على السؤال الثاني، توقف النسئ في السنة العاشرة للهجرة. بجوابنا هذا نستطيع القول : عاش المسلمون على إيقاع سنوات شمسية إلى غاية السنة العاشرة للهجرة.

حسناً ... سنثبت ذلك بلغة الأرقام أيضاً: عندنا معطى جد مهم، تأريخ موقعة اليرموك في المصادر الإسلامية يشير ل 5 رجب 15 هـ، فيما تشير المصادر المسيحية ل 20 غشت 636 بالرجوع لحساب الأيام و الشهور، نجد أن 20 غشت 636 م توافق 13 رجب 15 هـ، فارق الأيام بين 5 و 13 رجب قد يجد تفسيره في عدة أمور منها اللوجيستيك لن أطيل الحديث في تفصيلها، أكثر من ذلك، أغلب المصادر تكتفي بذكر شهر رجب. نحن الآن متأكدون حسابيا أن النسئ لم يكن موجودا بعد هذا التاريخ، و لن نكون متسرعين في تقبل أن النسئ لم يكن موجودا بعد تحريمه كما سبق و بيّنا بالنصوص و الأدلة العقلية؛ فاتح محرم للسنة 11 هـ يصادف 30 مارس 632 م المصادف لفاتح نيسان4392 العبري!

إن التاريخ الذي اخترناه هنا (فاتح محرم للسنة 11 هـ ) ليس اعتباطيا، إنها نقطة التحول و ثبت منها مطابقة محرم العربي لنيسان العبري، نيسان في التوراة يشار إليه كأول أشهر السنة. سبق لنا أن أشرنا إلى أن نيسان يأتي بعد الشهر الزائد في السنوات الكبيسة، تماما كما بينّا أن المحرم يأتي بعد الشهر "المنسي". من هنا يظهر التطابق الذي لا يدعو للشك أن هناك أيضا تطابق في دورة ميتون.

سيصبح إذن من السهل اكتشاف السنوات الكبيسة في التأريخ الهجري للسنوات العشر الأولى للهجرة و هي : 1، 4، 6، 9 للهجرة، بصيغة اخرى هناك شهر "ابيض" قبل السنوات 2 و 5 و 7 و 10 للهجرة؛ ما يعني أيضاً أن من محرم لسنة الهجرة إلى ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة مر 124 شهر قمري و ليس 120 كما نظن.
التواريخ الميلادية المفترضة في الكثير من الأحداث تحتاج مراجعة، فمثلا تاريخ الهجرة هو مايو 622 و ليس شتنبر من نفس السنة، و في ما يلي، المقابلات الميلادية لشهور رمضان خلال الحقبة المدنية لحياة الرسول :

رمضان السنة 1 هـ : من 11 نونبر 622 الى 10 دجنبر 623
رمضان السنة 2 هـ : من 30 نونبر 623 الى 28 دجنبر 623
رمضان السنة 3 هـ : من 19 نونبر 624 الى 17 دجنبر 624
رمضان السنة 4 هـ : من 8 نونبر 625 الى 6 دجنبر 625
رمضان السنة 5 هـ : من 26 نونبر 626 الى 25 دجنبر 626
رمضان السنة 6 هـ : من 16 نونبر 627 الى 15 دجنبر 627
رمضان السنة 7 هـ : من 4 دجنبر 628 الى 1 يناير 629
رمضان السنة 8 هـ : من 24 نونبر 629 الى 22 دجنبر 629
رمضان السنة 9 هـ : من 13 نونبر 630 الى 11 دجنبر 630
رمضان السنة 10 هـ : من 1 دجنبر 631 الى 30 دجنبر 631

أخيرا، وجدت جوابا لما كنت أبحث عنه بخصوص ما يفترض بالعاشوراء أن تخلد. "عاشوراء" المسلمين يقابلها "السبت العظيم" اليهودي، أخر سبت قبل عيد الفصح ( 15 نيسان )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا قررت مصر الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا في هذا التوقيت؟ |


.. بيسان ومحمود.. أجوبة صريحة في فقرة نعم أم لا ??????




.. دول أوروبية ستعترف بالدولة الفلسطينية في 21 مايو/أيار


.. -مطبخ مريم-.. مطعم مجاني ومفتوح للجميع في العاصمة اللبنانية




.. فيديو مرعب يظهر لحظة اجتياح فيضانات مدمرة شمال أفغانستان