الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستبعاد الإجتماعي 1

نورالدين لشكر
باحث

(Noureddine Lachgar)

2013 / 5 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تفرع علم الإجتماع إلى مجالات وتخصصات تنتمي إلى مدارس متعددة يحاول روادها مزيدا من التطوير لهذا العلم، ولقد دأب الرواد الأوائل على أن يسير علم الإجتماع في أثر العلوم الطبيعية أملا في اكتشاف قوانين عامة للسلوك الإجتماعي.
غير أن مدرسة بريطانية تؤكد خصوصية نظرتها لهذا الحقل المعرفي عبر إنجازاتها المسترسلة المرتبطة بالميدان مستعينة بالتاريخ من أجل الفهم ومحاولة عزل نفسها عن العلوم الطبيعية باعتبار الظاهرة الاجتماعية يصعب مقاربتها بقوانين فيزيائية ثابتة، إلا أن ذلك لم يمنعها من توظيف المعالجات الرقمية وتفريغ المعطيات في جداول ومبيانات من أجل استجلاء الصورة أكثر وتقديم الخلاصات بشكل قريب إلى العقل يسهل استيعابها. ولعلها تعد أشهر مدرسة بريطانية معاصرة "مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم الاجتماعية" ومؤسسها عالم الإجتماع الشهير أنتوني غدنز صاحب الإصدارات الغزيرة ومن أهمها الكتاب-المرجع لدى رواد السوسيولوجيا في العالم: "علم الاجتماع".
وقد جاءت الدراسة التي بين أيدينا لظاهرة "الاستبعاد الإجتماعي" تأكيدا للإنتماء لهذا التوجه الفكري هدفه تجديد الديمقراطية الاجتماعية.
لقد قام مجموعة من المؤلفين المنتمين لنفس المدرسة بتحرير الكتاب وهم :جون هيلز- جوليان لوغران- دافيد بياشو
وكان الناشر في عالمنا العربي مشكورا : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، وكعادتها حرصت سلسلة عالم العرفة أن يكون الكتاب ضمن أهم أعدادها وقام بترجمته الى لغة الضاد وتقديمه للقراء د: محمد الجوهري.
في هذه الورقة المتواضعة سنحاول تقديم الكتاب بشكل مقتضب على أنها لا تغني عن قراءة الكتاب لتجاوز الاختزال والاجتزاء الذي يصيب عادة مثل هذه الورقات التي تحاول تقديم كتب متينة في السوسيولوجيا، والله الموفق وهو يهدي السبيل.

- الإطار العام "مدرسة أنتوني غدنز"
1- مدرسة لندن والخيال السوسيولوجي

حاول أنتوني غدنز مؤسس هذه المدرسة الجديدة ترسيخ سؤال مفاده : ماهي أنماط التغير الإجتماعي والمرغوبة؟ وكيف يمكن أن نجاهد من أجل تحقيقها؟ وهو بذلك يرجو الإفادة الإجتماعية على امتداد التاريخ والتعلم من التجارب السابقة. إنه بذلك يقوم بممارسة "الخيال السوسيولوجي" ليتحرر من القيود الصارمة التي تحصر التفكير، غير أنه يستدرك فيقول أن الخيال لايقوم على التأمل وليس بالتسطح الفكري أو توجه طوباوي، فهو رصد علمي ومجاهدة لتحقيق أنماط التغير الإجتماعي.
وقد قدم غدنز – أستاذ مؤلفي هذا الكتاب ومرشدهم الفكري – صياغة حديثة لهذا الخيال السوسيولوجي تقوم على أبعاد ثلاثة:
- أولها الإفادة من التجربة الاجتماعية على امتداد التاريخ.
- ثانيها التعلم من التجارب الاجتماعية للآخرين (المختلفين عنا). أي أن ممارسة الخيال السوسيولوجي هي التي ستمكننا من التحرر من القيود الصارمة التي تحصرنا في حدود التفكير في ضوء نوع من المجتمع الذي نعرفه (أي الغربي) والآن فقط (أي الصناعي المعاصر).
- ومن شأن مراعاة هذين البعدين أن يقودنا إلى الجناح الثالث للخيال السوسيولوجي، وهو النظر – عند بحث أي موضوع – إلى آفاقه المستقبلية. فعلينا كما يقول غيدنز أن نعي المستقبلات البديلة المتاحة لنا. فالخيال السوسيولوجي – في بعده الثالث – ينصهر كلية مع مهمة علم الاجتماع في الإسهام في نقد الأشكال الاجتماعية القائمة.

2- الاستبعاد ذو مفهومين !

لعل أول مايبدر للذهن عند سماع كلمة "الإستبعاد" هو التهميش، غير أن الكتاب حاول تقريبنا من المصطلح فهو محل خلاف، فقد عرفه ماكس فيبر بأنه أحد أشكال الإنغلاق الإجتماعي، وفي فرنسا هو تعبير عن الذين تخطاهم نظام الضمان الإجتماعي، وحسب byrne ليس لهم طبقة دنيا دائما بل هم بالأحرى جيش احتياطي للعمل. ولايستعمل الأمريكيون إلا مصطلح "الجيتو" أي الأحياء المغلقة المنعزلة، وحسب ألان تورين فهو الوجود "داخل" أو "خارج" دائرة ما.
وبذلك فإن أنتوني غدنز له مفهومين للإستبعاد:
1- المهمشون الذين لم تتح لهم فرصة الإندماج ويقبعون في "القاع الإجتماعي" حسب تعبيره.
2- نخبة المجتمع أو من أطلق عليهم "ثورة جماعات الصفوة" أصحاب الإستبعاد الإرادي. حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة، وأحياناً من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية. إذ يختار أعضاؤها أن يعيشوا بمعزل عن بقية المجتمع، وبدأت الجماعات المحظوظة تعيش داخل مجتمعات محاطة بالأسوار، وتنسحب من نظم التعليم العام، والصحة العامة... الخ، الخاصة بالمجتمع الكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غوتيريش يُجدد تحذيره من تفاقم الحرب في المنطقة بأكملها


.. قوات روسية تدخل قاعدة عسكرية أميركية في النيجر




.. المخابرات الأوكرانية: محادثات محتملة مع الجانب الروسي في الن


.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي