الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحلقة الثانية: لا علوم بدون مصطلحات - هل إصلاح العربية ضروري وممكن؟
العفيف الأخضر
2013 / 5 / 23دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هذه الترجمة التأصيلية ـ الأصولية، هي التي سادت منذ القرن التاسع عشر. وبما انها ترجمة منافية لمنطق اللغة، المحكومة بالمواضعة والاصطلاح، لا بالأيديولوجيا. فإنها لاقت فشلاً ذريعاً، ولم تجد كلماتها و "مصطلحاتها" مكاناً يليق بها، غير أكفان الورق التي كُفنت فيها. فالتأويلات، الكدحاء، الربحاء، انظر تجد، وما إليها من هلاوس لسانية، ستظل مجرد نوادر صالونية لقتل الوقت، كما حصل للترجمة المضحكة، التي أبدعها المجمع اللغوي بدمشق لساندويتش: شطيرة.
المشكل الأول الذي يعيق إقلاع العربية من القدامة إلى الحداثة، هو فقرها المدقع في المصطلحات. تنتج الأمريكية، في الولايات المتحدة، نصف مليون مصطلح كل يوم؛ تعالج لجان المصطلحات التابعة للوزارات المختصة، التي شكلها شيراك في السبعينات، بالكمبيوتر 400 ألف مصطلح كل يوم، تعالج الألمانية بنفس الطريقة 400 ألف مصطلح كل يوم، تعالج العبرية 350مصطلح كل يوم.أما العربية فتعالج صفر مصطلح كل يوم! مكتب تنسيق التعريب، لم يترجم منذ تأسيسه حتى 1990، إلا أقل من 80 ألف مصطلح، بـمصطلحات مترجمة، يرفض العلماء والمثقفون والإعلاميون استخدامها.ومعهم الحق، لأن المصطلح المترجم يحتاج بدوره إلى ترجمه! وبالمناسبة تصدر في العالم الحديث 60 ألف مجلة علمية سنوياً، لا تصدر واحدة منها في أي بلد عربي أو إسلامي.
ذللت العبرية، ذات البنية اللغوية المشابهة للعربية، مشكلة المصطلحات، باللجوء إلى العبرنة، بدل الترجمة، كما تفعل اللغات الأخرى. فالتنميط اللغوي، على غرار التنميط الثقافي، اتجاه حاسم في عصر العولمة، وثورة الاتصالات الحاملة لها، وما تتطلبه من تدامج السوق الدولية، بعد توحيدها منذ القرن الثامن عشر.فقد انفتحت الأمم على بعضها بعضاً، وانفتحت الحدود أمام تدفق الرساميل، السلع، الأشخاص والأفكار. على غرار العبرية، بإمكان العربية أن تخرج من أزمتها المزمنة، بتعريب المصطلحات بدلاً من العبث بترجمتها ترجمة، ينافس فيها المضحك المبكي، وكفيلة بإبقاء العربية لغة غير ناقلة للعلوم! التفكير الفلسفي، كما يلاحظ كانط، انتاج للمفاهيم، وهذه لا سبيل إليها بدون المصطلحات. فما المصطلح؟ هو الكلمة الدقيقة، والاقتصادية المتواضع عليها. الاتجاه اللغوي، هو دوماً إلى الاختصار في كمية الكلمات، إلى التركيز والترميز، لا إلى الحشو والإطناب، المضادين للغة العلوم. وظيفة المصطلح هي وظيفة اللغة: التبليغ. شرط الوجوب لأدائه لوظيفته، هو أن يكون نوعيا في دقته وترميزه، أي من طراز رياضي.
قانون الاقتصاد اللغوي عام، لذلك نلاحظه في جميع اللغات الحية الحديثة، والعربية في عصر صعودها. فقد اختزلنا بسم الله الرحمن الرحيم إلى بسمله، وسمع الله لمن حمده إلى سمعله، وصلى الله عليه وسلم إلى صلعمه، ثم إلى(ص)، وبلا كم ولا كيف، إلى بلكفة. وكما يقول الفرنسيون المعاصرون "فاك" اقتصاداً في فاكولتي. قال قدامى العرب عثم اختصاراً لعثمان.
انتهاك لهذا القانون اللغوي، تترجم مجامعنا ومعاجمنا الأصولية، تفسير المعاجم الأجنبية للمصطلح بكلمتين فأكثر، بدلاً من نحته في كلمة واحدة كما هو في لغته الأصلية، وهذا صعب. أو تعريبه وهو الحل الواقعي.
ترجمة معاني المصطلحات ـ على وزن ترجمة معاني القرآن لان كلماته المقدسة لا تترجم ـ ترتبت عنها محاذير لغوية: تعذر النسبة إليها والضياع في متاهات برج بابل المترادفات، فضلاً عن تجرديها من منزلتها كمصطلحات، بتحويلها إلى حشو لفظي.
يُفترض في المصطلح العلمي أن يُنسب إليه دون لبس.وهذا إشكالي، عندما نترجم معنى المصطلح بكلمتين وأحياناً بست.عندما نترجم تريجوميتري، بعلم ـ"حساب المثلثات، فبماذا نترجم نسبته تريكونوميتريك؟ طبعاً بعلم حسابي-مثلثي! وعندما ترجم سوسوس بـ "أنا اجتماعي" تكون النسبة إليه: بـ «أنوي اجتماعي"، وعندما نترجم ديونتولوجي علم الواجبات، علمي واجبي!
أما لو عُربت هذه المصطلحات، بدلاً من ترجمة معانيها، لانتفى الإشكال. وهكذا فالقليل من المصطلحات، الذي ادخلناه إلى لغتنا بهذه الترجمة البائسة، فقد جدواه. والكثير منها الذي لم نترجم معانيه بعد، تنتظره ترجمة مجمعية أو معجمية شبيهة بالعينات أعلاه!
ترجمة المصطلحات بمعانيها، أغرى كل مجمع وكل معجم وكل مترجم وكل كاتب وكل إعلامي، بالتعاظم على المصطلحات التي سُبق إليها، وإعادة صياغتها على هواه، مضيفاً المترادفات إلى المترادفات إلى غير نهاية. وهكذا أصابت ترجمة معاني المصطلحات، بدلاً من تعريبها، العربية بداء ما كان أغناها عنه: ترادف المصطلحات. إذا كان اللغوي "ق.10»، حمزة الأصفهاني، قد شخّص في كتابه "الأمثال" : "أن علة علل العربية وداهية دواهيها في المترادفات"، فإن ادخال هذه الداهية إلى المصطلحات، يعني الحكم على لساننا بالقطع، كلسان ناقل للعلوم، إذن كلسان معاصر لمعارف عصره، التي لم تعد تعبر عن نفسها إلا بالمصطلحات والرموز الرياضية.
علماء الإسلام وفلاسفته في عصر صعوده، أقبلوا دون عقد، على تعريب المصطلحات، التي تعذرت ترجمتها بمقابل عربي دقيق من السريانية، الإغريقية، السانكريتية والفارسية، ولم يضيعوا وقتهم في ترجمة معانيها. لأن هوس النقاوة اللغوية الأصولي، لم يصب منهم مقتلاً، مثلما أصاب مجامعنا ومعاجمنا ومترجمينا المعاصرين.ابن سينا مثلاً عرّب ثلث المصطلحات، التي استخدمها في الفلسفة أو الطب.
فوجئت في 1952، وأنا أطالع مقدمة ابن خلدون بـ ـ"اريتميتي" بدلاً من علم الحساب، فظننت أنها عربية عرباء، استعارها الفرنسيون منا، فأعدت الكتاب على عجل إلى رفه في المكتبة الوطنية، وركضت إلى أستاذي في تاريخ الحروب الصليبية، محمد العروسي المطوي، لأحمل له بشارة أن الفرنسيين المستعمِرِين أخذوا منا "أريتميتي"، لكنه أبى أن يدعني أضمد جرحي النرجسي النازف، فصب على رأسي الملتهب سطل ماء بارد: نحن وهم أخذناها عن الإغريق يا بني!
التثبت في النقاوة اللغوية وسواس، وككل وسواس، لا وجود له إلا في أذهان مرضاه.أما تاريخ اللغات فيهزأ به، لأنه يعلمنا ان أكثر من نصف الإنجليزية ليس من أصل إنجليزي، ان أقل من نصف الفرنسية من أصل فرنسي،وأن ثلث العربية دخيل عليها كما يقول الفيروز أبادي،في مقدمة ومعجمه، أستعارته من لغات الحضارات التي تتلمذت عليها،وخاصة الفارسية.وهكذا فترجمة تفسير المعاجم الأجنبية، لمعاني الكلمات والمصطلحات، تفادياً لإدخالها، معربة،استمرارية للإنغلاق المعجمي، وعدوان على مستقبلها الذي تهدده الأصولية اللغوية ـ الدينية،بالتحويل الى لغة أحفورية، مرصودة للشعائر الدينية والهذر الأديولوجي!
ترادف المصطلحات، جعل المثقف، ما أن يحاول التعبير عن المعارف الحديثة بالعربية، حتى يجد نفسه في برج بابل لغوي حقيقي! وضع غريب حقاً:تضخم كاسح في المترادفات الإصطلاحية، أفرغها من قيمتها الإستعمالية، وإنكماش مريع في باقي المصطلحات!مصطلح مترجم بـ 23 مصطلحاً،وعشرات ألوف المصطلحات التي مضى عليها ربع قرن أو يزيد، في الإنجليزية والفرنسية لا نظير لها في لساننا! مثلاً الألسنية لها في جميع اللغات الأوربية على اختلاف أصولها، مصطلح موحد يؤديها: اللنجويستيك. أما في العربية فقد ُعربت وُترجمت حتى الآن إلى 23 مترادفاً والبقية في الطريق! وقد نشر اللنجويستيك التونسي، عبد السلام المسدي، في معجمه "قاموس اللسانيات" قائمة بهذه "المصطلحات" المترجمة.
1 ـ اللانغويستيك
2 ـ فقه اللغة
3 ـ علم اللغة
4 ـ علم اللغة الحديث
5 ـ علم اللغة العام
6 ـ علم اللغة العام الحديث
7 ـ علم فقه اللغة
8 ـ علم اللغات
9 ـ علم اللغات العام
10 ـ علوم اللغة
11 ـ علم اللسان
12 ـ علم اللسان البشري
13 ـ علم اللسانه
14 ـ الدراسات اللغوية الحديثة
15 ـالدراسات اللغوية المعاصرة
16 ـ النظر اللغوي الحديث
17 ـ علم اللغويات الحديث
18 ـ اللغويات الجديدة
19 ـ اللغويات
20 ـالألسنية
21 ـ الألسنيات
22 ـ اللسنيات
23 ـ اللسانيات.( عبد السلام المسدي، "قاموس اللسانيات" ص 72).
وهلم مترادفات، لا تبقى من مصطلح في العربية، لا اسمه ولا رسمه!
ما فعلناه بمصطلح اللنجويستيك أو الألسنية أوالسانيات أو .. أو ..إلخ، فعلناه بمعجمها المصطلحي شبه الموحد في الألسنة الأوربية، بما فيها غير اللاتينية الأصل. أمثلة: كومبليمون يترجمه معجم اللسانيات ـ بسام بركه ـ مفعول، ظرف، تكملة (الإسناد)، ويترجمها قاموس اللسانيات، ـ عبد السلام المسدي ـ تتميم! ولست أدري بكم مترادف ترجمته معاجم اللنجويستيك الأخرى. أما إذا فتحنا المعاجم الفرنسية العربية العامة، فرواد برج بابل المترادفات، يزدادون عداداً وعدة (...) نظراً إلى الاضطرار لعدم الكتابة بأحرف اللاتينية، لأن البحث بمجرد أن يُنقل من موقع إلى آخر، حتى تتداخل سطوره، فقد ضحيت بفقرة كاملة من الأمثلة.
هذه الفوضى المصطلحية واللغوية، تمتد على امتداد العالم العربي في المؤسسات، في المدارس والجامعات، في الكتابات وفي وسائل الإعلام ...المصطلح الأجنبي الموحد في لغته الأصلية، يصاب بالتعددية في العربية، التي باتت ضيقة الصدر بكل تعددية، إلا تعددية المصطلحات الوبيلة عليها.
المعجم الرياضي موحد، أو يكاد في اللغات الأوربية والعبرية. أما في العربية ففوضى، كجميع المعاجم العلمية الأخرى (...) مرة أخرى ُأضطر للسبب ذاته لحذف فقرة من الشواهد. واضح أن ترجمة المصطلحات بدل تعريبها، تدمير لاحتمال أن تصبح العربية لغة علم.
تُرى ما هي المؤسسات اللغوية المؤهلة، لتأهيل العربية لتصبح لغة علمانية وعلمية، معاصرة لعصر الثورة العلمية والإعلامية؟
الإنجليزية والفرنسية، بدأتا تشقان طريقهما إلى الحداثة، منذ بدايات الحداثة، بمبادرة من النخبة المفكرة، أكثر منها مبادرات النخبة السياسية. ربما باستثناء توحيد الفرنسية، الذي اتخذه الملك، الذي كان مضطراً لإصطحاب مترجمين، كلما تنقل بين محافظات المملكة.العبرية تحدثت وتعلّمنت بفضل النخية اليهودية الحديثة والعلمانية.الألمانية اتجهت إلى الحداثة في القرن الثامن عشر، بمبادرة من الدولة، وتوغلت في التحديث أكثر هذه السنة، بمبادرة من الدولة أيضاً.فمن سيحاول أن يجعل العربية معاصرة لعصرها: علمانية ، علمية، موحدة المصطلحات؟ لست أدري! هل نخبتها الثقافية أم مؤسساتها اللغوية؟
النخبة، بعنصرها السائد، مازالت تقليدية، إذن غارقة في تمجيد الذات، بدلاً من نقدها.ذات غير منقودة لا أمل لها في الانتقال من القدامة إلى الحداثة (...).
المؤسسات اللغوية جزء لا يتجزأ من النخبة إياها: المجامع مشلولة بأصوليتها اللغوية-الدينية، والمعاجم التجارية معلولة بنفس العلة + عدم اختصاص مؤلفيها في الليكسيكوجرافيا [= علم تأليف المعاجم] وجهل كثير من مؤلفيها وتهالكهم على الربح السريع، مما جعل قواميسهم مفرغة من القيمة الإستعمالية، لأنها مرصودة حصراً للقيمة التبادلية.
المجامع اللغوية
المجامع اللغوية أصولية غريبة عن عصرها.غير مدركة لرهان تحديث العربية.
حسبنا مطالعة مجموعة القرارات اللغوية، التي أصدرها مجمع اللغة العربية بالقاهرة في 30 عاماً
(1932 ـ 1962) لنلاحظ عمق الرؤيا التقليدية، التي تشارف أحياناً حدود العمى اللغوي، التي سادته وما تزال من بين قراراته "العلمية" قراران محزنان: الأول "لا يحتج في العربية بحديث، لا يوجد في الكتب المدونة في الصدر الأول، كالكتب الصحاح الست فما قبلها"! الثاني: كتابة اللاطينية بدلاً من اللاتينية!
(مجمع اللغة العربية في 30عاما، مجموعة القرارات العلمية)، قد يقول قائل لكن هذه صغائر لا يؤاخذ عليها.لكني أذّكر صاحب هذا القول، بأن هذه الأمور الصغيرة، التي مر عليها دون التفات، تساوي الهفوات بالمعنى الفرويدي، كزلات اللسان وزلات القلم...وقد تبدو للملاحظ غير الخبير، عديمة الدلالة والأهمية، لكنها في الواقع دلالة، فيما يخص ذهنية صايغي القرار اللغوي العربي، ومنهجيتهم الأحفورية في العمل اللغوي في القرن العشرين!
لكن الخطيئة المميتة، التي اقترفها المجمع اللغوي، والتي توشك أن تحكم على العربية بالإعدام كلغة ناقلة للعلوم، فهي إقراره ترجمة المصطلحات العلمية بأكثر من كلمة واحدة، بدلاً من تعريبها أو نحتها في تركيب مزجي إذا أمكن.
مجمع دمشق اللغوي، أسوأ من أخيه المصري.أليس صاحب الترجمات اللطيفة الظريفة التي سارت بها الركبان: أكابارمون «احراج بالاحتباس"، بدلاً من" احتكار" التي جرت على كل شفة ولسان! (...)
المعاجم العربية
هل بإمكان المعاجم إصلاح العربية؟ لعبت المعاجم في تاريخ اللغات، دوراً مركزياً في تطويرها.فقد تعاونت دائماً مع المجامع اللغوية، لإثراء اللغة الوطنية، بجعلها أكثر فأكثر معاصرة لعصرها، أي قادة على الأداء في جميع مجالات المعرفة والحياة المهنية واليومية، إذا كان حال المجامع اللغوية كما رأينا، فهل يمكن التعويل على المعاجم الإنجليزية ـ العربية والفرنسيةـ العربية والعربية لتحديث لغتنا وترشيدها، لتغدو قادرة على معاصرة عصرها؟ لا شيء أقل أماناً من ذلك.فهذه المعاجم تجارية أولاً وأخيراً، فضلاً عن جهل المفبركين لها "لعلم المعاجم" وغالباً أيضاً للغة التي يترجمون منها والتي يترجمون إليها. أما عن الكسل الذهني، غياب الصرامة المنهجية في تأليف المعاجم، ومعرفة أبجدية الألسنية، وطرائق التوليد والاشتقاق، فحدث ولا حرج. يبدو أنهم لا يستشيرون المعاجم العربية القديمة، لتدقيق معاني الكلمات، لا عند الترجمة ولا عند النحت، لأن وقتهم من ذهب، وحب المال لم يترك في قلوبهم مكاناً لحب أية معرفة!
آخر معجم فرنسي ماكسيديكو، اشترك في تأليفه خمسون معجمياً لمدة سنتين، طبعه لاروس الصغير شارك في مراجعتها ومزيد تحديثها في 1977 ألف معجمي. أما معاجمنا الأجنبية ـ العربية، التي يسرق بعضها أخطاء بعض، سرقة مكشوفة أو مقنعة فيؤلفها "فارس أو فارسان"، صلتهما بالعمل المعجمي، أوْ هى من صلة نسبي بجديتي الشامبانزي! واعترف لي د. سهيل ادريس، عندما قدَّمت له في 1973 قائمة ببعض أخطاء الطبعة الأولى من المنهل، نشرها في الطبعة الخامسة، بأنه وشريكه عبد النور، توجها بعد صدمة هزيمة 1967، إلى التأليف المعجمي يأسا من الناصرية، فأنجزا "المنهل" في أقل من سنتين! فلا عجب إذن أن تنعدم شروط التأليف المعجمي: لا المؤلفون مؤهلون، ولا عددهم بكاف، ولا الوقت المخصص للتأليف بعقلاني! لذلك كانت هذه المعاجم جناية موصوفة على اللغتين، التي تترجم منها وخاصة التي تترجم اليها. هذه المعاجم مجتمعة، لم تنقل إلى العربية من لاروس الصغير أو روبير الصغير، إلا حوالي 28 % من مفرداته، وأقل من 10 % من مصطلحاته، التي لا تعادل إلا 20 % فقط من مجموع المصطلحات، التي تضمنها كل من المعاجمين. أما باقي المصطلحات، 80 %، فقد تكفلت بها المعاجم المختصة في كل علم أو فن. وفضلاً عن ذلك فإن الترجمات العربية عبثت بالمفردات وخاصة المصطلحات عبثاً منكراً. المفردات والعبارات والمصطلحات، لم تترجم بمقابلها المعروف في العربية، بل ـ في أفضل الأحوال ـ بما فسرته بها المعاجم الفرنسية، مما جعل الكلمة تترجم بكلمتين، بثلاث، بست وأحياناً بتسع! أما الكلمات الفرنسية، التي ظن معجميونا الهواة أن لا مقابل لها في العربية، فنحتوا لها على بركة الله أسماء حسنى مضحكة.(...) [حذفنا عدة صفحات بها أخطاء المعاجم، للسبب المذكور ذاته: خشية انفراط البحث عندما ينقل من موقع إلى آخر. أكتفي فقط بالإبقاء على العناوين الفرعية لهذه الأخطاء]، التي تلخص للقارئ الاختلالات البنيوية لهذه المعاجم التجارية: غياب الذائقة اللغوية والدرايا المعجمية؛ النقل الآلي لهذه المعاجم لبعضها عن بعض دونما أدنى فحص لدقة المنقول؛ السرعة التجارية، الكسل الذهني والجهل اللغوي والمعجمي؛ الترجمة خبط عشواء للمصطلحات، ترجمة حتى الكلمات اليومية بمعانيها، بدلاً من مقابلها العربي في العامية أو في العربية الكلاسيكية؛ نحت الكلمات والمصطلحات كيفما اتفق.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - عندي حل أخر
ملحد
(
2013 / 5 / 24 - 13:15
)
انا من مؤيدي تحويل الاحرف العربية الى الاحرف الاتينية كما فعل الكبير مصطفى كمال اتاتورك مع اللغة التركية وبذلك يمكن تلافي معظم الاشكاليات التي ذكرت.
ساعود للتعقيب على المقال وذلك بعد قرائته مرة اخرى عندما يسمح الوقت بذلك.
تحياتي
2 - عيوب لايمكن اصلاحها
ملحد
(
2013 / 5 / 26 - 10:39
)
مع الاحترام والتقدير الكبير لحضرتكم غير انني اعتقد ان هناك عيوب في العربية لا يمكن اصلاحها الا اذا تم تحويل الاحرف العربية الى الاحرف الاتينية. بعض الامثلة:
1- افتقار اللغة العربية للاحرف الكبيرة مما يؤدي الى اشكالات وصعوبات احيانا خاصة لغير المتمرسين وغير الناطقين بها.
2- في الضمير المخاطب: عدم التمييز بين الضمير الذي يعود للانسان من الضمائر الاخرى. ففي الانكليزية مثلا هناك الضمائر he, she, .....الخ الموجهة للانسان بينما, مثلا الضمير it موجه الى اي شئ خارج اطار الانسان مما يؤدي الى التغلب على اشكالات كثيرة تواجهها العربية لافتقارها لمثل هذه الضمائر.
3- عدم مناسبة الاحرف العربية لكتابة المصطلحات العلمية بشكل مختصر! فمثلا عند كتابة المادة الوراثية كمصطلح علمي تكتب بالانكليزية وبقية اللغات من اصل لاتيني DNA . بينما اذا اردنا كتابتها بالعربية فهي اما ان تكتب ( دنا ) ! قد تفهم كفعل ماضي للفعل يدنو بمعنى يقترب. وان كتبت( د ن ا ) يصبح الامر ملتبس ويثير اشكالات كثيرة ! فالاحرف العربية غير صالحة لكتابتها بشكل متقطع( غير متصل)
فما هي تصوراتكم لاصلاح تلك العيوب? وتقبلوا الاحترام
.. الدبلوماسية الأمريكية: أي أمل لغزة ولبنان؟ • فرانس 24
.. هاريس - ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي والمنطقة؟
.. تونس: ماذا وراء حبس -صنّاع محتوى- بتهم أخلاقية؟ • فرانس 24 /
.. ما أسباب توقيف طالب فرنسي في تونس بقرار من القضاء العسكري؟
.. تونس: السجن أربع سنوات ونصفا لناشطة تونسية على إنستغرام بتهم