الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة الاسلام

احمد داؤود

2013 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان يحتوي دين ما علي مجموعة من الافكار والتعاليم السالبة لا يعتبر امرا غريبا او يمثل ازمة في حد ذاته وخاصة ان الدين فكرة بشرية وليست الهية حسب ما يزعم البعض .ومن طبيعة البشر انهم خطاؤون واشرار وسلبيين لذلك لا يعتبر امرا غريبا اذا ما ضج دين صُنِع من بنات افكارهم بمجموعة افكار وتعاليم سالبة .ولكن اين تكمن الازمة :تكمن في رفض دين ما لفكرة الانتقاد او المحاكمة العقلية بحجة انه يمتلك الحقيقة المطلقة . اذا ما احتوي دين ما علي اشياء سالبة وقبل في ذات الوقت بان يتم محاكمته عقليا فهذا لا يعتبر مشكلة او ازمة وانما تكمن الازمة في احتوائه علي جوانب سالبة مع رفضه التام لفكرة انتقاد واصلاح تلك الجوانب .

يتفق معي اغلب المسلمين بان الاسلام يمتلك مثل تلك الجوانب ،اي بمعني اخر انه يضج بالكثير من الافكار والتعاليم السالبة مثل فكرة ان الارض مركزية الكون او ان هنالك سبعة منها ،وانها ممدة ومسطحة ،وانه يحق للمسلم ان يضاجع زوجات الاخرين عنوة بحجة انهن ملك يمين او ان الغنائم التي يحصل عليها بالاعتداء يمكن الاعتماد عليها كمصدر للرزق او ان خالق الكون مكار كما انه يمتلك كل الصفات الانسانية من حقد وغل وجشع وانتقام وبطش و انه يامر بقتل الاطفال بحجة انهم سيرهقون والديهم طغيانا وكفرا مثلما حدث في قصة النبي موسي والرجل الصالح وان المراة مجرد وعاء للجنس كما انها مثل الكلب والحمار وانها تقطع الصلاه وانه يجب حرمانها من كثير من حقوقها الطبيعة بحجة انها ناقصة عقل ودين وان الله يامر بقتل انسان بحجة انه كافر وملحد وانه يحق لشخص يزعم بانه رسول من ذاك الله ان يتزوج من طلفة لم تبلغ العاشرة بعد او انه يحق للحاكم ان يقطع اعضاء الانسان اذا ما ارتكب جريمة السرقة و انه لا يحق لذات الانسان ان يخرج علي ذاك الحاكم طالما انه يؤمن بفكرة ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله وانه يحق للمسلم ان يقسر الاخر المختلف ليدفع الجزية لو اراد ان يمارس طقوسه وشعائره الدينية التي يفترض انها منزلة من ذات الاله الذي حرضه لفعل ذلك . وان هنالك بحر ينشق الي نصفين وان الله يمكن ان يعاقب مجتمع باكمله بسبب خطيئة ارتكبها بعض افراده وانه يحرض للعنف والاكراه وكافة الاشياء التي ترفضها الاخلاق الانسانية ..وغيرها من الافكار السالبة .

ولكن حسب ما قلت سابقا الازمة ليست في احتواء الاسلام علي افكار وتعاليم سالبة وانما في رفضه المطلق لفكرة انتقاده او محاكمته عقليا بما يؤدي الي معالجة مثل تلك الاشياء . كلنا يتفق بانه لا وجود لفكرة ايجابية دون وجود فكرة سالبة ، فلولا الافكار السالبة لما كن هنالك افكار ايجابية . في اروبا القرون الوسطي جاءت المسيحية بفكرة ان الارض مركزية الكون .بل واقسرت الكنيسة كل المسيحين للايمان بها ،وترتب علي ذلك ان اصبحت تلك الفكرة من الاشياء المسلمة بها ، كما انه حُرم الناس من رفضها او مناهضتها .ولكن رغم مافيها من جوانب سالبة الا انها ساعدت في توصل الاروبين لفكرة ان الشمس هي مركزية الكون ،فلولا تلك الفكرة السالبة لما اضطر جاليلو جاليلي الي اثبات النقيض .ويمكن ان نرجع التطور الكبير الذي شهدته اروبا الي وجود تلك الافكار ،والامر الجيد ان حامليها او قل مبتكريها قبلوا الاعتراف بخطئها في ذات الوقت الذي اعترفوا فيه بصحة الافكار الحديثة .فها هي الكنيسة بعد مئات السنين تعترف بانها اجرمت في حق من تبنوا فكرة ان الشمس مركزية الكون خلافا لما تذهب اليه . كما انها غضت الطرف عن النصوص الدينية التي تتبني مثل هذه الافكار بل وعملت علي الغاء المشروعية عنها .

غير ان مثل هذا الامر لا ينطبق علي الاسلام ؛فرغم احتوائه علي الكثير من الافكار والتعاليم السالبة الا انه يرفض الاعتراف بذلك بل ويؤكد بانه يمتلك الحقيقة المطلقة كما انه لايحق لاي انسان ان ينتقده او يحاكمه عقليا بحجة "ان الله يحزركم نفسه " "ولا تسالوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم". ومن يفعل ذلك سيكون مصيره القتل . ويخبرنا التاريخ الاسلامي بان هنالك مئات المسلمين قد تم قتلهم حينما جاءو او تبنوا اراء مخالفة لما يذهب اليه الاسلام . كما انه قد اتهم الكثير منهم بالردة .ففي عهد الخلفاء الراشدين مثلا امر عليا بن ابي طالب رابع خلفاء المسلمين وابن عم النبي محمد امر بحرق مجموعة من المسلمين بحجة انهم مرتدين او خارجين علي الملة .وذات السيناريو يتكرر في العصر الحديث ،حيت تخبرنا الوسائط الاعلامية من حين لاخر بان شخص ما قتل لانه انتقد الاسلام او جاهر بالحاده او تبني رأيا مخالفا لما يذهب اليه الاسلام .

اكثر ما يضر الاسلام هو الجمود والانغلاق الذي يتميز به ،فهو يمنح اتباعه تفسيرا خاطئا للكثير من القضايا كما انه يضج بالمزيد من الافكار والتعاليم الخاطئة غير انه يرفض الانتقاد والمحاكمة .واذا ما اثبت شخصا ما خطأ ما جاء به فهو يرفض القبول بذلك بل ويامر بقتله ،اي بمعني اخر هو لا يبتكر اي جديد ويرفض في ذات الوقت الاعتراف بذاك الذي جاء به العقل البشري .

نظرية التطور التي منحنا اياها العالم البريطاني شارلز داروين والتي اثبت العلم صحتها اعترفت بها اغلبية المؤسسات التي تتحدث باسم الاديان السماوية الا المؤسسة الاسلامية التي رفضت الاعتراف بذلك بل واصبحت توصمها بالالحاد وتدعو الي استئصالها كما منعت تداولها او حتي الترويج لها. وفي اغلب الدول الاسلامية يعتبر الخوض في تلك النظرية خطا احمر يواجه صاحبه سيف الردة .واذكر ان احد استاذة جامعة الخرطوم تعرض لافظع العقوبات الجسدية علي يد مستشار ريئس الجمهورية السوداني نافع علي نافع حينما وجد وهو يدرس تلك النظرية لطلابه. قد يقول قائل بان الاسلام برئ من ذلك الا ان المنطق يثبت خلاف ذلك .فلولا ان الاسلام ادعي بانه يمتلك الحقيقة المطلقة لما حدث كل ذلك بل واصبحت نظرية التطور من النظريات المعترفة بها في العالم الاسلامي.

تندثر اي فكرة حينما تنغلق حول ذاتها وترفض الاصلاح . وذات الامر ينطبق ايضا علي الاديان التي ترفض التجديد وتنغلق في ذات الوقت حول ذاتها . الاسلام باعتباره جزء من تلك الاديان سيكون مصيره الحتمي الانهيار والسقوط . قد يكون دينا ما سلبيا الا انه قد يصبح ايجابيا اذا ما قبل الاصلاح والتجديد اما حينما يفعل خلاف ذلك فهو بالتاكيد سيكتب نهايته بيديه .

لا شي يميز الاديان الاخري عن الاسلام ،فذات الافكار السالبة التي توجد في الاسلام قد اُخِذت من تلك الاديان ولكنها رغم ذلك نجحت في تطوير ذاتها حينما قبلت الانتقاد والتجديد. واذا ما ارد الاسلام ان يفعل ذلك فالواجب يلزمه بان يقبل فكرة الانتقاد والمحاكمة العقلية ويقبل في ذات الوقت بالاعتراف بكافة الافكار والنظريات التي اثبت العلم صحتها .

كل تلك الاديان تحظي بالاحترام من قبل الكثير من الملحديين واللادينين رغم انهم يؤمنون بفكرة بشريتها الا ان الاسلام لايحظي بذاك الاحترام .بل حتي ان هنالك مسلمين يفضلون المسيحية علي الاسلام لا لسبب سوي تميز الاولي بالمرونة والقابلية للتطور والتجديد بينما تركن الثانية الي الانغلاق ورفض الاصلاح .

اكثر ما يواجه المسلمين في الفترة المقبلة ليس وجود افكار وتعاليم وسالبة بديانتهم وانما جمودها وانغلاقيتها .وحسب ما قلت سابقا ان الازمة لا تكمن في احتواء شيئا ما علي افكار وتعاليم سالبة وانما ركونه للانغلاق ورفضه للتجديد او حتي المحاكمة والانتقاد. ماكان يكتب للبشرية ان تصل الي ماهي عليه الان مالم تعاني من الافكار السالبة .ولا احد يمتلك الحقيقة المطلقة ولكن بمواكبته للجديد وقبوله الاعتراف بكلما هو صائب فقد يتمكن من الوصول لتلك الحقيقة.


وقد قلت في وقت سابق وساقول في مقبل الايام ان الذين يرفضون الاسلام لايفعلون ذلك من منطلق انه بشري وانما بسبب اصراره علي امتلاك الحقيقة المطلقة ،فلا احد يهمه بشرية الاسلام او الهيته بقدر ما يهمه عدم تعرضه للاكراه والقسر بحجة ان ما ورد فيه هو الصواب المطلق وانما غيره فهو بالضرورة خلاف ذلك .

وليس عيبا ان يضج شيئا ما بافكار وتعاليم سالبة ولكن العيب ان يرفض القبول بسلبيتها بل ويقسر الناس للايمان بها . ان يضج الاسلام بافكار سالبة قد يعتبر شيئا ايجابيا لانه لولا وجود السالب لما كان هنلك ايجاب ولكن السئ في الاسلام هو انه يرفض الاعتراف بسلبيته وهذا ما سيضع نهاية سيئة له .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاعتراف بالخطا بعني الاعتراف بالغباء
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 5 / 24 - 12:57 )
اذا اعترف المسلمون بان هناك اخطاء سوى في فهم الاسلام او في محتواه فهذا يعني اعتراف منهم بانهم اغبباء لكونهم مظللين وهذا لا يكون ابدا باعتبار ان الاسلام دين موحى من السماء والسماء لا تخطئ ولكن بامكانهم الاعتراف بانهم اغبياء لانهم اودعوا عقولهم بايدي دهاقنة الدين واصيحوا كالفطيح يصدقون ما يتلى عليهم وان بعض الايات ـ ولا سيما آيات القتال ـ كانت بنت بيئتها فقط وبهذا الاعتراف يبقى الاسلام دين محبة وسلام ولا ينقص في اعتقادهم بالوهيته.على من تقع مسؤلية حل هذه الازمة؟؟. ان مسؤولية حل هذه الازمة تقع على فقهاء البيت الابيض آل الشيخ في السعودية ( بيت الاسلام) والقرضاوي في قطر والغنوشي في تونس ومرسي في مصر بحيث يظل ظل الله في الارض كما هم بدون التعرض لمقامهم السامي.
ولتنفيذا الاعتراف بالغبا ادعو من يؤيدني من المؤمنين الحريصين على سمعة الاسلام بالقيام للترويج لذاك الاعتراف وبعدها اصدار فتوى (بالتشاور مع البيت الابيض) تطالب جند الله وانصار الشريعة وانصار السنة والصحابة لوقف الجهاد في سوريا وتدعوا الفئات المتنازعة الى طاولة الحوار.كما ويضمنوا للمقاتلين بان نصيبهم من الحور العين غير قابل للمساومة


2 - الحل
بلبل عبد النهد ( 2013 / 5 / 24 - 13:20 )
الحل الوحيد لتتحسن احوال الشعوب الاسلامية هو التخلص من هذا الدين اوعلى الاقل ابعاده عن الامور اليومية للمواطنين ومن اراد التعبد فله ما اراد


3 - الإسلام حركة سياسية فمستفيدة من عدم نقدها
Amir Baky ( 2013 / 5 / 24 - 13:56 )
الأديان هى فهم البشر لأمور ربانية. فالأديان نتاج فكر بشري. مشكلة الإسلام هى عصمة الأنبياء و فكرة المبشرين بالجنة. أى جعل البشر لا يخطئون وجميع أقوالهم هى الحقيقة المطلقة حتى لو تحدثوا فى أمور الدنيا. فالأرض مسطحة فى النص الدينى و هذا ليس خطأ فى نظرى لأنها وصف لما تراه العين البشرية وهذا القول ليس ضد أن الأرض كوكب كروى عالق فى الفضاء. والكتب الدينية ليست كتب علمية أو فلكية. فتجار الدين يريدون تسويق الوهية الكتب الدينية و أن صياغتها العلمية هى من خالق الكون. هذه الكتب هى أداة الطغيان التى أستخدمها الحكام الدكتاتورين طيلة قرون من الزمان لتثبيت حكمهم السياسي. فالحكم الدينى هو حكم الله أى حكم غير قابل للمجادلة أو النقاش. والحقيقة أن الله يحكم الكون و المتاجرين بأسمه يسوقون هذا الكلام الكاذب حتى لا يخرج عليهم أحد أو يعارضهم أحد. فالتراث الإسلامى من أسوء التراث البشرى عبر التاريخ و يتم تقديسة رغم أن اللذين قاموا بهذا الإجرام يصنفون من السلف الصالح. مشكلة الإسلام أن رب الإسلام هو من يسوق لتحليل القتل و الكذب و الإنتحار و السرقة بمرادفات لغوية آخرى.


4 - ت 2 - الأخ بلبل
د. ضياء العيسى ( 2013 / 5 / 25 - 05:32 )

عزيزي ، أتفق معك إن الحل الوحيد هو التخلص من الإسلام ولكنني لدي قناعة بإستحالة إبعاده عن مجتمعه المحيط به والشواهد التاريخية تؤكد ذلك. الإسلام كالسرطان لا علاج له بدون التخلص منه بالكامل. وهذه إشكالية الإسلام :

في حالة تشخيص المرض فالعلاج هو إستئصال السرطان والقضاء عليه.

في حالة عدم تشخيص المرض ، سيموت المريض ويموت معه السرطان.

فالإسلام كالسرطان محكوم عليه بالموت في كلا الحالتين

تحياتي لك وللكاتب مع خالص تقديري.
....

اخر الافلام

.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah