الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين مفتي الدجاج و مفتي التسونامي

أميرة الطحاوي

2005 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بين مفتي الدجاج و مفتي التسونامي
أميرة الطحاوي
قبل سنوات كانوا يناقشون حدث العام و هو ظهور قناة فضائية عربية شهيرة... و ما تبثه وقتها من فتاوى أحد الشيوخ المصريين المتقطرين- من قطر لا القطران،قال أحد المؤرخين أن هذا الشيخ المتقطر قد سبق و أفتى برأيين متضاربين في أسبوع واحد، فقد جاء للشيخ فتوى من أحد المسلمين عن حكم أكل الدجاج المستورد من بلاد تضطهد المسلمين فأفتى بتحريم ذلك لأنه فيه عون للظالم على المسلم المظلوم..
و خلال الأسبوع التالي لهذه الفتوى كان المستورد الأكبر للدجاج و هو من أهل هذه البلد العربية قد لاحظ الأثر السحري للفتوى على معدلات شراء دجاجه "المحرم" و خال أن الأمر مكيدة من منافس له، ثم وصل فجأة للشيخ سؤال من شخص اكتفى من اسمه بالأحرف الأولى رغم أن السؤال لا حياء فيه ( ربما كان س ص ع أو أ ب ج.. لا يهم ) إذ كان يسأل فيه عن حكم أكل الدجاج المستورد من بلاد تضطهد المسلمين و لكن-أضاف السائل-.... ربما كان هؤلاء المسلمون المضطهدون من الفقر بحيث لا يجدون عملا سوى في مزارع الدجاج، فأفتى الشيخ بأنه من "الأوجب" شرعا شراء و أكل هذا النوع من الدجاج باعتبار أن فيه دعما للمسلمين المضطهدين و أن الامتناع عن دعم المسلم فيه تخاذل و المسلم أخ المسلم.... الخ
هكذا ببساطة في 7 أيام تغيرت الفتوى فسبحان من لا يتبدل وجهه و هو ذو الجلال و الإكرام.
مضت الأيام و السنوات،و هل تجرؤ إلا أن تمضي؟ و رأيت مفتي الدجاج فجأة يدافع عن نظام البشير الذي حدث في عهده أشد موجات العنف القبلي في دارفور –بالغرب و العنف الجهوي في الشرق و العنف الجهادي في الجنوب و اللا تنمية المطلقة في الشمال و الوسط و بقية أراضي السودان،رأيت مفتي الدجاج و قد أصبح باحثا ميدانيا و طبيبا شرعيا إذ نفى حدوث تهجير جماعي أو تطهير عرقي أو اغتصاب لنسوة دارفور، و هو نفي مطلق لا يملك حتى البشير نفسه التصريح به، و هو ما لم يفعله أيضاً حقوقي "ناصري" على رأس منظمة "عربية" لحقوق الإنسان، إذ أقر بما رأى كأي إنسان لديه شرف و ضمير و التزام تجاه ما يتبناه من مواثيق حقوق الإنسان و منها ما مصدره الكتب السماوية التي يحفظها جيدا مفتي الدجاج لكن يبدو انه نسيها قليلا في حر السودان الحارق، هذا الحقوقي الملتزم مثلاً لم ينجر لدواعي الترهيب الزاعقة بأن أي إقرار بجرائم دارفور يعني خيانة العروبة لأن الفاعل عربي و الضحية مسلم لكنه غير عربي،كما لم يستجب لحملات التخويف بأن الإقرار بما حدث في دارفور هو تصريح بقبول عقوبات اقتصادية و ربما حرب على السودان.. الخ
بيني و بين نفسي وددت لو أن مفتي الدجاج هذا ذهب و عاش لفترة في دارفور ثم خرج بأي شيء يمكن أن يفهم منه أنه ينتصر لقيمة الإنسان بغض النظر عن عرقه أو لونه، و ليس مجرد مناصرة نظام يرفع شعار الإسلام و يهدر كرامة الإنسان.
يا مولانا اقترح عليك طالما أردت الإدلاء برأيك في أمر دارفور أن اذهب للجنينة و فاشر و نيالا،امض أسبوعا واحدا في كل مدينة،سافر على ظهر-دفار- أي لوري معدل لنقل البشر،استمتع بحرارة الشمس الحارقة و ارتدي زي الغرباويين،كم سيكون مشهدك بهيا لو ارتديتها،اشرب مياه المطر الربانية عندما تجود به السماء و دع عنك قناني المياه المعدنية فضررها أكثر من نفعها،ثم أطلب من لاجئي دارفور البائسين الصحبة و الرفقة إلى تشاد، و تجلد و تحمل مثلهم مخاطر الطريق،فهذا هو الجهاد بعينه،اذهب يا مولانا هناك و عد لنا برأي عما رأيته،هذا إذا عدت أصلا.
اذهب و ابق و رابط و ناصر الله هناك،و لا تعد فنحن مهتمون للغاية بما ستقوم به من نصرة للإسلام في أطراف أمتنا أما القلب- سواء قُطر أو مِصر- فلا تنشغل به كثيرا،يوجد من سيحل مكانك حتى تعود فتلاميذك كثر...
أحدهم خرج علينا منذ أسابيع بفتوى ينسب فيها ظاهرة " التسونامي " إلى غضب الله على عباده و يكفر من قال أنها ظاهرة طبيعية، يا سرك الباتع يا مولانا مفتي الدجاج، الحقيقة أنني أرغمت نفسي-و نجحت-في ألا أشاهد أيا من صور الكارثة، لكنني قرأت أرقام الضحايا التي تتزايد يوما تلو آخر،وكنت أسعد عندما يجدون بين الفينة و الأخرى طفلا على قيد الحياة أو شخصا راوغ الموت بالعيش على ثمار برية و مياه شحيحة،و تصورت لو أن شيخنا – شيخ التسونامي-كان هناك ليمارس دوره الطبيعي في هداية البشر الضالين-على قوله-ثم حدثت الواقعة و تساءلت عما يكون حكم الدين فيه، أكان الله ليؤخر الحدث حتى يعود شيخنا لبلاده؟، بلادنا مصر التي ضربها أيضاً زلزال مروع في عام1992 رغم أننا في بلادنا لا نأكل الكلاب و لا القطط،و لا نتاجر بالبشر و إن كنا ننزع عنهم كرامة الجسد و الروح بطرق أخرى،فالذي يعمل مثلاً لـ 12 ساعة ليفي بقوت يومه يذبل جسده قبل الأوان و تنحصر روحه في التفكير في الإيفاء بمطالب الحياة في حدها الأدنى، ترى ألهذا السبب حدث لدينا الزلزال؟ ربما.. من يدري.
يا أيها الشيوخ الأفاضل، لماذا لا تعملون على إخراج الضالين من بيننا حتى لا يصيبنا نحن ايضا تسونامي؟الآن و- حسب فهمكم- قد نظف الله عن طريق التسونامي تلك البلاد من شرها، فلم لا تذهبون و تدعون لله هناك حتى يكون مصير الخلف خير من السلف، و لا تنسوا أنه لا تحمل وازرة وزر أخرى و حق على الله هداية عباده بغض النظر عن تاريخ آبائهم و كل أسلافهم... ما رأيكم لو تذهبوا عنا،فيذهب عنا البلاء،و ترحلوا فيرحل معكم غضب الله و تحل مكرمته،أو ليس هذا هو منطقكم في تفسير الأمور ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية


.. 110-Al-Baqarah




.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل