الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نابليون بونابرت يعلن : نحن المسلمون الحقيقيون !!

ماجد عبد الحميد الكعبي

2013 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ينقل ادوارد سعيد في الاستشراق ان نابليون قد بذل قصارى جهده لاقناع المسلمين بقوله :" اننا نحن المسلمون الحقيقيون" على نحو ما جاء في الاعلان الذي وزعه يوم 2 يوليو 1798 على اهالي الاسكندرية. ومنذ ذلك التاريخ بدأ كل مسلم قد حط رحاله في الغرب بطرح السؤال الاتي على نفسه : من هو المسلم الحقيقي ؟ نحن أم هم المسلمون ؟ . وقد اعيد تبني مضمون قول نابليون من لدن المفكر المجدد محمد عبدة في عام 1884 بعد ان زار فرنسا وشاهد ما شاهد من الاخلاق والقيم العملية التي تنتشر في المجتمع الفرنسي النصراني لا بل العلماني ، ليطلق قوله المشهور: رأيت اسلاما ولم ار مسلمين. وعندما عاد الى الشرق عكس مقولته السابقة واصفا حال بلاد المسلمين : رأيت مسلمين ولم ار اسلاما.
وأكاد اجزم ان كل مسلم ( صوفي او سفلي ، معتدل او متشدد ) يقر بتلك الحقيقة الناصعة على الرغم من نسبيتها ، لاسيما في المعاملات والمواقف التي تتطلب تجسدا حقيقيا للقيم الانسانية الرفعية. وهذا الامر يرفع علامة استفهام كبيرة تتضمن مداليل في غاية الخطورة : كيف حصل هذا التحول القيمي بين الشرق والغرب؟ كيف يطبق اناس في الغرب كثيرا من القيم القرآنية النظرية ويجعلها افعالا حقيقية ملموسة في حين يسعى اناس في الشرق الى مناقضتها والعمل بعكسها ؟ و لا شك في ان الاجابة - ايضا – ستنطوي على شي من الخطورة لانها ستطرح الفرضيتين الاتيتين : امّا ان يكون القران الكريم ذلك النص الذي قد اختطف من بيئة معرفية وأخلاقية مختلفة عن بيئة الاعراب ، فحل ضيفا غريبا على الاعراب الذين لم يستطيعوا تقبله ، أو ان القران الكريم قد نزل في بلاد العرب فآمنت بأخلاقه ثلة قليلة من اهل مكة ، ثم نشأت وترعرعت تعاليمه في احضان اهل يثرب التي تحول اسمها الى المدينة المنورة . وبعد ان توفي الرسول الكريم (ص)خَطف الأعراب القران الكريم وطمسوا قيمه الانسانية التي لم تكن تتلاءم من ثقافتهم البدائية ، فعادوا الى عصبياتهم القبلية والعرقية في عهد بني امية. وقد نبّه الرسول الكريم (ص) في حياته الى ذلك الامر عندما قال : ( التعرّب بعد الهجرة كفر) : بمعنى انه لا عودة الى ثقافة البادية بعد تقبل الحياة المدنية . لقد كان يخشى من عودة الثقافة البدائية الاعرابية لذلك عزل الوليد الجديد في بيئة ثقافية وجغرافية مختلفة تماما عن بيئة الاعراب ، فلاريب – اذن – ان يوصف الانسان الذي يتجاوز تلك الحدود الثقافية الجديدة بالكافر. ولا يخفى على ذوي الابصار ان تحول اسم المكان الجديد من يثرب الى المدينة له دلالة ثقافية كبيرة يعززها اصرار الرسول الكريم على الاستقرار والسكن في المدينة وترك المكان الذي ولد فيه (مكة) على الرغم من وجود بيت الله فيها. اذن الجغرافيا يمكن ان تؤسس ثقافتها و في الوقت نفسه يمكن ان تكشف عن مواطن الخلل الثقافية التي رافقت التاريخ عبر الاجيال. لذلك فليس غريبا ان تسمى (مكة) اليوم بمنطقة الحجر وتوصف (المدينة) بمنطقة الحضر.
لقد خطف الأعراب تلك الثقافة الانسانية وذبحوها بسيوفهم وطمسوا معالمها في بواديهم المقفرة . ولا عجب من ان يمتد حقدهم الدفين الى عصرنا هذا فتنبش قبور الصحابة وتهدّم اضرحة الاولياء لانها علامات وايقونات تذكرهم بالإسلام الروحي المتمدن. ان الغرب – كان وما يزال - يشكو من غياب القيم السامية الروحانية التي اشتهر بها الشرق بوصفه مكانا لمنشأ الاديان كلها ، لذلك راح المستشرقون الاوائل يبحثون ويهتمون بأصول التصوف والصوفية في حين يحارب الإسلام الاعرابي هذه الظاهرة بوصفها دخيلة على الاسلام. وكأنه يتفق من حيث يدري او لا يدري مع هدف الاستشراق في نزع السمو الروحي من الاسلام والذي نسب اصول التصوف الاسلامي الى الاديان والمعتقدات الاخرى ، وبذلك لا يبقى للإسلام إلا وجوده التكفيري الدموي الارهابي ، ليكون الشعار الجديد القديم : نحن المسلمون الحقيقيون ، اما انتم فلستم إلا قتلة و ارهابيون وذباحون ، والغد سيكشف من سيفوز بلقب المنتصر في حرب استعادة القيم بين الشرق والغرب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah