الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة و التربية و الحرية

ابراهيم فيلالي

2013 / 6 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


السلطة و التربية و الحرية

السلطة هي مفهوم مرتبط بالسياسة. فهل يمكن الحديث عن أزمة السلطة و ظهور أشكال جديدة من الممارسة السياسية ؟ كيف نفهم السلطة خارج الحقل السياسي ؟ أي في مجال آخر كالتربية ، مثلا. حيث تكون مقبولة في علاقة المعلم بالتلميذ ، إذ تكون هي الضامنة لاستمرارية الماضي من خلال نقل المعارف للوافدين الجدد إلى عالمنا.
نقل المعارف و القيم المرتبطة بالمجتمع هي العملية التي تعطي للمربي أو المعلم "مشروعية" ممارسة السلطة داخل القسم و من ثمة فهو ينتج و يعيد إنتاج السلطة بشكل عام . لأن السلطة تفترض الخضوع و الامتثال ، فإننا نفهمها باعتبارها عنفا . العنف المادي و المعنوي . في حالة ما إذا اعتبرنا السلطة لا تفترض بالضرورة التدخل المادي المباشر لممارسة العنف ، فممارستها تتم بشكل مرئي . غير أن السلطة و العنف متلازمان في مؤسساتنا التربوية خاصة المدرسة . على هذا الأساس ، فان السلطة لا تفترض المساواة إلا من زاوية أخرى سنراها فيما بعد. ممارسة السلطة داخل القسم هي بالنسبة للجميع شيء طبيعي مرتبط بتنشئة الأطفال و من ثمة استدماج العناصر الثقافية القديمة الضرورية لاستمرارية المجتمع و بالتالي فإننا بهذا نغذي آلة السلطة السياسية . قبول التلميذ للممارسات السلطوية في القسم و المدرسة هي مقدمة ضرورية لقبوله السلطة السياسية كراشد و من ثمة إعادة إنتاجها من خلال الموقع الذي سيحتله فيما بعد . توريث الممارسة السلطوية لا ينحصر على الحقل السياسي و فقط ، بل يمتد إلى كل تفاصيل الحياة الاجتماعية . و لكن هناك سلطات لا نقاش حولها، ألا و هي سلطة السلطان / الملك/ الرئيس / الأمير... السلطات التي يمكن مناقشتها هي ما تبقى أو هي فتات غير مرغوب فيه أو متروك للآخرين لتغذية السلطة المطلقة فوق الهرم أو حتى متعالية تستمد مشروعيتها خارج السياسة نفسها لتمتد إلى ما وراء الطبيعة ،إلى الدين ، إلى التمثيلية الإلهية فوق الأرض. بهكذا تصبح التراتبية الاجتماعية جامعة لمتناقضات يصعب فكها خارج الوعي بمصدر السلطة و آليات ممارستها من الأعلى إلى الأسفل . من القمة إلى القاعدة . في مجتمعاتنا حيث لم نحسم بعد مع الماضي و التقاليد و الموروث الديني و الثقافي للعصور البائدة ، حيث لم ننتقل طبيعيا من شكل إلى شكل آخر من المجتمع ، بل يمتد الماضي ليصبح حاضرا بشكل أسوأ مما كان عليه ، في هذه المجتمعات ينضاف للسلطة بعدا غير متواصل مع الأبعاد الأخرى ، يعني المقدس . و هو ما يبرر به المتسلط المستبد سلطته . كثيرا ما نقول و نسمع بغياب الطبقات المتوسطة ، يعني أن الهرم حاد و متقطع بداخله حيث ممارسة السلطة تنحصر في شخص المستبد و لا تمتد إلى أسفل . يمارس جميع السلطات بشكل مطلق . غياب الطبقة المتوسطة هو تعبير عن الاستبداد و الحكم الفردي المطلق ، حيث لا تنتشر و لا توزع السلطة على باقي المستويات تنازليا و إن كان ذلك مظهريا يعطي واجهة مناقضة لما نقول، لأن وجود التنظيمات السياسية و النقابية و الجمعوية و البرلمان و ما إلى ذلك من مؤسسات سياسية و شبه سياسية قد يعكس نظريا صورة لمجتمع لا سلطوي ، بداخله سلط متنوعة و متصارعة ، و من ثمة فان المجتمع من القمة إلى القاعدة يشتغل بتناغم و بتوزيع عادل للأشياء المادية و الرمزية . يصبح بهذا المعنى صاحب السلطة في أعلى الهرم مواطن يخضع للقوانين ككل المواطنين . و هذا عكس ما هو واقع. نقول إن السماح بوجود التنظيمات السياسية المذكورة هو فقط تجميل و تزيين للوجه المتوحش للمستبد و تزييف للحقائق و طمس للواقع. الحديث عن الديمقراطية و عن التداول أو التناوب السياسي، يعني أننا حققنا نقلات نوعية في مجالات الحياة . انه مجرد مفهوم للاستهلاك فقط. لأن الممارسة الديمقراطية تقتضي القطع مع ابيستيمي معين ، مع حقل إشكالي مرتبط بالماضي . فهل تم الحسم و القطع مع الماضي و التقاليد و الدين و القبيلة ؟ ثم ، ما علاقة الذاكرة بالماضي و التقاليد و..؟ هل نفقد الذاكرة كلما ابتعدنا من الماضي ؟ و هل ابتعدنا منه ؟ و هل يمكن أن نتجه نحوالمستقبل و نعيش الحاضر بدون ذاكرة ؟ يعني ، هل اذا نسينا كل شيء سيكون معنى لوجودنا ؟ و ما قيمة انسان بدون ذاكرة ؟ هناك تناقض صارخ في تعاملنا مع الذاكرة . من جهة فالذاكرة هي التي تربطنا بماهيتنا كانسان و بدونها لن نراكم أي شيء و سيكون محكوم علينا بإعادة التجارب دائما مثل الحيوان ، فهو لا يتعلم من التجارب و لا يراكمها و بالتالي فهو يجرب في حدود ما هو طبيعي ، ميكانيكي، غريزي . فالطبيعة تكفيه كي يعيش . أما الإنسان فقد تجاوز حدود الطبيعة و أصبحت التربية خاصية إنسانية حصريا. فالحيوان لا يربي صغاره. هو ينقل غريزيا و ميكانيكيا. و لا يمكن أن نربي خارج تاريخ و ماضي و ذاكرة .فالقيم و المعارف كلها داخل الذاكرة و ليس خارجها . و لكن هل الذاكرة تشد دائما إلى الماضي أم تعطي المواد و الوسائل الكفيلة بالانطلاق نحو المستقبل ؟ هل الذاكرة عائق أم حافز ؟ هل تمنعنا من تجاوز الماضي و تذكرنا به دائما ، أم تغذي عقولنا و معارفنا و تمدنا بما يسهل مسيرتنا نحو الأمام و تمنعنا من تكرار الماضي ؟ و هل التقاليد و الدين تعطلنا أم تحررنا ؟ و من جهة أخرى فان الذاكرة تشكل عبئا ثقيلا على الحاضر و لا يمكن أن نتحرر منها إلا بالحسم مع ما لم تعد له صلاحية التداول و الوجود. فالتاريخ البشري تاريخ قطائع و تحولات و ثورات و كل شكل من المجتمع يظهر على أنقاض شكل آخر. و من ثمة، فالتقدم لا يعني غير الحسم مع الماضي و عدم الرجوع إليه. ثم ما علاقة الذاكرة بالنقد ؟ نحن في هذه المجتمعات مثقلون بالتقاليد و الدين و لا نستطيع الحسم معها لأنها ليست موضوع نقد . لا يسمح بنقد الدين. لأنه الشيء المقدس الذي يستمد منه السياسي المستبد مشروعيته السياسية. لا يرجع المستبد إلى القاعدة ليقرر و يحكم و يمارس سلطته ، بل يستقيها من الدين . لأن نوع الذاكرة التي نربي هي تلك التي لا تناقش مكانة السياسي و لا تنازعه في الملك. ذاكرة تراكب و لا تركب . ذاكرة غير واعية و منمطة. هذه الذاكرة المثقلة بالاستبداد ، ما علاقتها بالحرية ؟
الخوض في نقاش معنى الحرية هو في الحقيقة نقاش فلسفي و سياسي مرتبط أساسا بالوجود الإنساني. إذ لا تنحصر في مسألة نظرية و فقط ، و لكن هي مسألة عملية مرتبطة بالحياة اليومية ، أي بالمجال السياسي. هي مطروحة في أي مكان يعيش فيه الإنسان في إطار مجتمعات . و لا يمكن تصور حياة سياسية بدن طرح الحرية كقضية و كمصدر أساسي منه تستقي السياسة معناها أصلا . فما معنى السياسة بدون حرية ؟ هذه مسألة معقدة و شائكة . إذا كانت السياسة تستدعي بالضرورة الحرية ، فهل عرف التاريخ نظاما سياسيا مبني على الحرية نظريا و عمليا ؟ و ما معنى الحروب إذا لم تكن هي الدليل على تغييب الحرية هاته ؟ و ما معنى الاعتقال و الاغتيال و المنع و ما إلى ذاك من أساليب رفض الرأي الآخر ؟ فإذا كانت السياسة بدون حرية هي مثل جسد بدون روح ، فالممارسة اليومية بدون قيود الكفيلة بضخ الروح في السياسة ، و إلا فإنها مجرد ديكتاتورية لا تسمح إلا برأي الديكتاتور . و في هذه الحالة التي تقمع فيها الحرية ، فإنها تتحول إلى مسألة داخلية نتخيلها و نحس بها و تصبح كملجئ لاستحالة أو لصعوبة تحققها خارجيا ، أي في ممارستنا في الحياة اليومية . و لكن ما معنى الحرية خارج التجربة و الممارسة اليومية ؟ لأننا ندرك الحرية و نحس بها أو بعدمها في إطار علاقاتنا بالآخرين في حياتنا اليومية . الحرية إذن ليست مسألة نفسية كرغبة و طموح فقط، و لكنها مسألة سياسية مرتبطة بعلاقات الأفراد و الجماعات داخل المجتمع . الآخر هو الذي يعطي معنى لحريتي و العكس صحيح . نحن أما مفارقة ألا و هي : الحرية مرتبطة بشكل وثيق بالسياسة و الحديث عن الحرية هو الحديث عن مجتمع عادل ، متكافئ ، يتمتع فيه الجميع بكل الحقوق الإنسانية ، و هذا ممكن بممارسة سياسية تأخذ الحرية كمرجعية نظرية/ فلسفية و كسلوك عملي . غير أن العكس تماما هو الحاصل . هذه السياسة التي تمارس هي نفي للحرية و ليس تأكيد لها

التربية بدون حرية هي بمثابة عملية ترويض و غسل الدماغ و نفي لشخصية الطفل و اسقاط لأوهام الراشدين عليه و احتجاز لقدراته الذهنية و عرقلة لذكائه و شحنه بما لا يعنيه و استعباده و اعتباره شيئا ككل الأشياء التي يمتلكها القائم على تربيته . و لأن الطفل لا يمتلك بعد الوسائل الكفيلة ببناء ذاته باستقلالية ليشق طريقا خاصا به خارج الوصاية الأبوية و المؤسساتية ، و لأنه بعيون المجتمع و الثقافة السائدة قاصر و غير عاقل أو ناقص عقل ...اعتبارا لكل ما قلنا فان الطفل يعتبر ملكا لأبويه و للمجمتع و للدولة.
فكيف نبني مجتمعا متحررا يحترم الانسان و كرامته ؟ وكيف سيصبح الانسان انسانا بتربية مؤسسة على العنف المادي و المعنوي ؟ كيف سصبح الطفل / الفرد / الانسان، انسانا و هو مقيد و محاصر منذ البداية بثقافة القهر و الحرمان...؟ اذا كانت تربية و تعليم الطفل ترمي الى تنمية قدراته و ذكائه و استقلالية شخصيته، فان ذاك يتناقض تماما مع المناهج المتبعة و البرامج المسطرة. و الدليل على ذلك و على أزمة التربية هو هذا التغيير المتتالي للمناهج البيداغوجية و لمحتويات البرامج التعليمية ، اضافة طبعا الى العنف الممارس يوميا ضده ، سواء العنف المادي والتحرش الجنسي و الاغتصاب أو العنف المعنوي . اذ ما معنى دروس لا يستفيد منها في حياته اليومية أي شيء ؟ و ما معنى الحفظ و الاستظهار و الترديد الببغائي لأشياء لا يفهم معناها أيضا ؟ علاوة على اللغة ، فاللغة العربية التي تعتبر هي لغة التدريس لا تأخذ بعين الاعتبار اللغة الأم لأطفال لا يفهمون في العربية حرفا واحدا قبل ولوجهم للمدسة ؟ و رغم ذلك نعنفهم لأنهم لا يتقنون اللغة التي لم يسبق أن تعاملوا معها ؟ هذه كلها عوائق و كوابح لتنمية ذكائهم .
ان ما نلاحظ الآن من أعمال عنف سواء داخل المدارس و الثانويات أو في المجتمع بشكل عام هو نتيجة طبيعية لتربية غير سليمة ، حيث يتلقى الطفل تربية سلطوية من الأسرة الى المدرسة فالشارع . و ينضاف الى مصادر العنف هاته البرامج التلفزية و الأفلام و المسلسلات التي لا تخلو من مظاهر العنف...فكل هذه العوامل تساهم في خنق النمو الطبيعي للطفل. فالتربية التي تعتمد على شل قدراته و رغباته لا يمكن اطلاقا أن يتمخض عنها سوى أطفال معقدين . فكما قال ميشيل باكونين لا يعتبر الأطفال ملكا لأحد، فهم ليسوا ملكا لآبائهم ولا للمجتمع حتى. انهم ينتمون فقط لمستقبلهم كحرية.
نحن، في تربيتنا للأطفال ، لا نقوم بذلك كما نصنع الأشياء . فالمربي ليس مهندسا يطبق قواعد و نظريات معينة لبناء أو صناعة شيء ما، بل هو ذاك الانسان الذي عليه أن يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل طفل . ان هذ الأخير وحيد و فريد ولا يوجد طفلين متطابقين . ان التربية ليست الا تجارب عملية و ليست نظريات دوغمائية نحفظها و نطبقها مهما كان المجال ، هنا و هناك، في المدينة و في القرية...اننا حين نربي أطفالا فانما نكون مرشدين و متتبعين لخطواتهم ، تاركين لهم حرية الفعل و المقارنة و التجريب و التفكير ، و ذلك في اطار علاقاتهم المباشرة مع بعضهم البعض، حتى نتمكن من اغناء خيالهم و ابداعهم. بهذا المعنى فالتربية ليست مسألة خارجة عن الحياة اليومية. فالحيوان لا يربي و لا يحيا . انه يعيش و يعيد انتاج نفسه بالغريزة . اذن، فالتربية و الحياة شيئان لا ينفصلان . و هما خاصيتان انسانيتان . و هناك فرق عظيم بين الحياة و العيش . الانسان يعيش من أجل حياة كريمة تضمن و تصون كرامته و انسانيته . و الغاية النهائية للتربية هي خلق الانسان . أو لنقل ، هي السير بالانسان من حالته الطبيعية البيولوجية الى انسان القيم و العقل و الحرية و الكرامة و الاحترام المتبادل. على هذا الأساس ، فسلوك الطفل هو نتيجة لمحيطه. فالعنف يولد العنف و الكراهية و الانتقام . و بالمقابل ، فالتربية في جو من الحرية و الاحترام تعطي في المستقبل أناسا مبدعين و متحررين . فمن الوهم الاعتقاد بأن معاقبة الطفل مسألة ايجابية و من الوهم أيضا افتراض أطفالا لا يخطئون . ان الخطأ هو جزء مهم و أساسي في العملية التربوية ، بل هو ما يؤسس لها أصلا. و التربية هي محاولات متكررة لممارسة الخطأ . هكذا فالمؤسسات التربوية السلطوية تقوم على الجهل أساسا، الجهل بماهية الانسان و بقدراته الخلاقة و باستقلاليته و بفرادة كل واحد. و تقوم كذلك على الاحتقار و الاخضاع و الاستعباد و الاذلال و الفبركة . هذه المؤسسات تحمل في ذاتها عقدا متوارثة . كل جيل ينقل عقده للجيل الموالي باسم التربية.
يقول وليام رايش ان هناك ما يسميه " أورغان" وهي طاقة بيولوجية أساسية شبيهة بما سماه فرويد " ليبيدو" و تلك اضافة الى كونها تنشط الخلايا و الأعضاء فهي كذلك طاقة جنسية و عاطفية. و هي أساس اكتشاف القوة اللامحدودة الكامنة بداخلنا. و بالمناسبة فوليام رايش توفي في أحد السجون الأمريكية عام 1957 لأنه رفض أن يتخلى عن أفكاره و رفض سرقة انتاجاته لتي تهدد الشركات الصيدلية التي ستتضرر في حالة ما اذا اكتشفنا هذه الطاقة الكامنة بداخلنا و التي نقمعها و نقطع معها بحكم نمط التربية التي نتلقاها. طبعا فالأدوية لا تداوي و لكنها تعقد الوضعية و تعمق العقد و تراكم أرباح أصحاب الشركات.
حين نقمع الطفل منذ البداية في جميع تحركاته و ممارساته، فاننا بذلك نعرقل نموه الطبيعي و نخلق لديه حواجز و مقاومة سيكولوجية تمنعه من أن يكون حرا في حياته و ان يتمتع بها. و يقول ماكس ستيرنر بأننا لا نستطيع أن نتنفس في مجتمعاتنا السلطوية التي تنفي الحياة و تتأسس على العقوبات و التهديدات و الخوف.
في هذا الجو من الرعب و الخوف و القمع يصبح الطفل قليل الحركة و يمارس الرقابة على نفسه ، حيث يبدو ظاهريا انسانا هادئا . و نقول انه طفل رزين وهادئ و متزن. و لكن في الحقيقة العكس هو الصحيح. فالطفل الذي لا يكون نشيطا و لا يتحرك كثيرا و لا يصرخ و لا يبكي و لا يرفض ... انه طفل يراكم العقد . و هدوءه الظاهري علامة لنفسية معقدة و ينذر بشخصية منحرفة . و هو ما سيعطي مع مرور الوقت سلوكات قد لا نستطيع التحكم فيها و لا يستطيع التعامل بشكل عادي و سوي مع الوضعيات التي سيواجهها. هذه هي الأرضية الخصبة لانتاج كل الظواهر السلبية و المرضية و هي التي تغذي الأحقاد و التطرف و تصدر الموت للمجتمع.
ان الطفل حين نمنعه من حرية الحركة و نقمعه سيكون متعصبا و غير متسامح و يكره الحرية بل يحاربها.هذه المؤسسات السلطوية لا يمكن تغييرها الا اذا فتحنا المجال للطفل أن يعبر بحرية و يمارس بحرية و يجرب بحرية و يخطئ فيكتشف هو نفسه الخطأ فيستفيد منه . ومن هنا يتعلم و يكتسب شخصية مستقلة فيفكر و يبدع و ينمو و يتفتح .
و هكذا ستتغير طبيعة المؤسسات. من السلطوية الى التحررية، فننتج الانسان الذي يعطي القيمة لنفسه و للحياة. فالطفل لن يكون سعيدا الا اذا علمناه قيمة الأشياء . و لن يكون كذلك الا اذا صنع تجربته الخاصة في الحياة و ليس أن يكرر و يستنسخ تجارب الآخرين و ينفي نفسه و يمدد وجود الآخرين فيه. هو هكذا الموروث.
لا يجب بأي حال من الأحوال تعنيف الطفل و معاقبته لأن هذا هو لطريق لاستدماجه الخوف الذي سيحوله الى انسان جبان. فالخوف و الجبن يفرشان للكراهية و الحقد و الانتقام و اللا تسامح . و هذه هي علامات و أعراض الشخصية السادية . و يتحول الى مجرم و نعاقبه مرة أخرى، فنحول حياته الى جحيم.
من يصنع الجريمة اذن ؟ أليست التربية هي بداية كل شيء ؟
اذا فهمنا أن الحرية ملازمة للتربية بالضرورة، فلن نحتاج الى عقاب و لا تهديد و لا قمع و لن نغذي حالة الحروب و التطاحنات التي تقتلنا يوميا. فوجود السجون و مستشفيات الأمراض العقلية هي دليل على فشلنا في تربية أطفالنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب