الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن تركيا والسلطان أردوغان ..!!

واصف شنون

2013 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في لقاء تلفزيوني عبر الهاتف قال ميوفلوت كاس غولو نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم للصحافية الشهيرة البريطانية من أصل إيراني كريستيان أمانبور في قناة سي أن أن الأميركية ، أنه ليس هناك اية نية لبناء (مول تجاري ) في المتنزه الواقع في منطقة تقسيم وسط مدينة إسطنبول ، وانه تم قلع بضع شجرات وإعادة زرعها مجددا وقطع شجرتين فقط ،ثم إستمر وهو في لقاء تلفزيوني محدود الوقت ُيلقي أشبه بخطاب تاريخي للعالم يدافع فيه عن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ويتهم المتظاهرين بصفات جاهزة وإصرار غريب أن حزبه يحكم بأسم الشعب الذي إنتخبه ديمقراطيا ً،لكنه لم ينسى بادىء ذي بدء إتهام اليسار الشيوعي التركي بإثارة الفتنة مضيفاً صفة الإرهابيين والمتطرفين على مجاميع أخرى من الشبان الأتراك ،واستمر يتحدث حتى أجبرته الصحافية أمانبور بالسكوت لوهلة قائلة له (هذه مقابلة وأنت الأن ُتلقي علينا خطاباً )، لكن الحقيقة أن الرجل إعترف أن المظاهرات في بلده وفي مدينته إنطاليا لايمكن لها أن تكون بسبب تداعيات أشجار المتنزه وبناء الأسواق التجارية في وسط مدينة اسطنبول ،قبلة السياحة العالمية بإمتياز ، كما رفض طروحات كرستيان امانبور وأسئلتها الخاصة بأن حزبه الإسلامي يحاول أسلمة المجتمع التركي بأساليب حكم ثيوقراطية وإزالة مشاهد العلمانية والنصب التي تشير إليها وتقييد الحريات الخاصة وحرية الصحافة ومراقبة الإعلام ، حتى أحرجتى بالقول أن لها زميلة صحافية معتقلة الأن ..!!.
ليس خافياً على أحد أن رئيس الوزراء التركي أردوغان قد تم انتخابه ثلاث مرات كرئيس وزراء ناجح خلال عشرة أعوام وأنه عمل عمدة لأهم مدينة تركية هي إسطنبول منعام 1994الى 1998 ،وأن الإقتصاد التركي شهد قفزات عملاقة في عهده حيث تضاعف دخل الفرد ،وبنيت المشاريع الكبرى ،وتحسنت علاقات تركيا الخارجية ،وبادر أردوغان لتحقيق التصالح مع الأرمن والأكراد (العماليين) الذين يقاتلون من أجل الإستقلال وإقرار بعض من حقوقهم حيث تم الإعتراف بلغتهم وثقافتهم بعد أن كانوا ولعقود طويلة يطلق عليهم تسمية ( أتراك الجبال ) ، كل تلك الإنجازات هي في صالح الدولة التركية وجيرانها ،هي كنتائج ايجابية لسياسات أردوغان وحزبه الإسلامي المعتدل الواثق من تأييد أكثرية الناخبين الأتراك كي يفوز في الإنتخابات العامة القادمة في العام المقبل ،كما حصل أردوغان على شعبية واسعة في الدول العربية ، منذ حادثة مقتل الناشطين الأتراك على باخرة المساعدات الإنسانية المتوجهة لفك الحصار الإسرائيلي عن غزة ، ثم تصاعدت شعبيته بعد تأييده الواسع لما سمي بالربيع العربي ،وتحالفه مع قطر والسعودية ضد نظام بشار الأسد منذ إندلاع الإحتجاجات السورية التي تدهورت لتتحول وبدعم تركي قطري علني الى حرب أهلية لايمكن التكهن بنهايتها.
التظاهرات التركية التي بلغت أعدادها اكثر من 300 تظاهرة في 67 مدينة تركية خلال الأيام القليلة الماضية ، أثبتت للعالم المندهش أن هنالك قهراً إجتماعيا وإقتصادياً وسياسياً واسع النطاق ومتراكم في بلاد الأناضول الشاسعة القوية الحليفة للغرب منذ عقود من السنين ، ثم طريقة التعامل العنيف مع المتظاهرين وأعداد المعتقلين ،ثم الأشنع من كل ذلك ، ماقاله أردوغان نفسه عن التظاهرات والتدخلات الخارجية وأنه بمقدوره أن يأمر بإخراج ملايين المؤيدين له كتحدي لمظاهرات ( العلمانيين) ، هنا تُسكب العبرات ويعود السياسي الديمقراطي الوسيم إلى مخزونه العاطفي الآسن ، فقد كشف رئيس الوزراء الإسلامي المودرن الذي يتبجح في نموذجه الإسلامي الناجح باقي الإسلاميين من العرب ،عن رؤاه الدفينة التي تخص شعبه ،فهو كإسلامي يعتقد باطنياً أن (العلمانية ) هي عدوة (الإسلام )، بينما هو ولد وترعرع وتربى وعاش ويحكم تركيا العلمانية الحديثة التي تأسست على الحداثة وفصل السلطات الروحية والسياسية منذ ما يقرب على قرن من الزمان وهذا هو سر تقدمها ورقي شعبها وإستقرارها ،وليس لأنه حكمها منذ عقد من السنين .
لقد تحدث وكتب العشرات من الأتراك عن الإحتجاجات الواسعة التي تشهدها مدنهم ،وأسبابها ، وكانت الخلاصة ،تقول : أن هناك مئات الآلاف من الناس المحتجين وغالبيتهم ليس لديهم أية علاقة مع حزب سياسي أو أي نوع من الانتماء السياسي، ولايتبنون أية أيديولوجية أو حركة فلسفية معينة، إنهم وببساطة ينحدرون من أعراق وأثنيات ومذاهب مختلفة وبينهم ألاف من المؤمنين مع خلفياتهم الدينية ،دفعتهم وحشية الشرطة التركية التي يسيطر عليها رجل مجنون وعنجهي ومتغطرس هو رئيس الوزراء التركي أردوغان الذي ُيخيل إليه أنه سلطان عثماني جديد ، إلى التظاهر والإحتجاج ، فهم متذمرون أصلا من أسلمة المجتمع التركي وسيطرة رجال الريف الأغنياء من حزب العدالة والتنمية على كافة المدن ومشاريعها ، وبروز ظاهرة (حبّ المال ) بشكل مثير دون تحصين القيم الثقافية والأخلاقية التركية الرصينة والمحافظة عليها ، فكل شيء يتم التنازل عنه لصالح رأس المال الملوث أو النظيف ولا فرق.
ومن الطريف أن نرى الإعلام العربي الرسمي وغيره يتشفى بأردوغان لأنه كان يوجه النصائح بإستمرار لبعض الحكام العرب ،ثم يوجهون إليه نفس النصائح ،التي تدعوه بعدم مواجهة احتجاجات شعبه بالعنف والقوة ، بينما هناك إعلام عربي آخر إتخذ جانب الصمت المطبق بحيادية تثير الغرابة ،مثل قناة الجزيرة القطرية القرضاوية العالمية ..!!،إنها الطائفية المقيتة التي أحالت الشرق الأوسط الى أرض حرب دائرة تدفع الشعوب ثمنها الباهض آجلاً وعاجلاً، وقد تناسوا أن تركيا الحديثة قد ترسخت فيها الديمقراطية والمواطنة والقوانين التي يخضع لها الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يبدو ان مرسى اعطاه حقنه سلفيه فى العضل
حكيم العارف ( 2013 / 6 / 5 - 04:40 )
-----

بركاتك يامرسى ياحرامى الكرسى


--------


2 - العرب!لا تسألهم عن الترك ولا الفرس ولا...
Hamid Kirkuky ( 2013 / 6 / 5 - 08:54 )
الأنباء من قناة الجزيرة السنية الوهابية!! لاسامح الله،و خبر حول الشافعي العثماني االصديق الذي يشاطرهم في تدمير سورية وتحويلها إلى واحة بعران وهابية عفنة!!؟

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب