الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا قتل الشيخ معشوق الخزنوي ؟

سيهانوك ديبو

2013 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قول سارتر، أنه من المتعذر الإمساك بالتاريخ كتاريخ. وأن كل نظرية للتاريخ هي بالتحديد "دوكسولوجيا" (نظرية الشكر والحمد). وهي نظرية منتشرة بشكل كبير في التاريخ العربي – الإسلامي. هو قول من ذات العيار الأوحد و اللغة الواحدة و التي تُفنِّد كل شيء خدمة لغائيته
" الوجودية " على اعتبار كل ما هو موجود فقط قابل للمناقشة . وعدا ذلك فهو ضرب من ضروب الخيال و هرطقة للميتافيزيقيا ، لقد أرادها قطيعة ابستيمية و طغيانا وجوديا على العلوم الاجتماعية أيضا و من أهم تموجداتها تفسير الظواهر الاجتماعية تفسيرا وجوديا غائيا .
الكرد ذو الطبيعة المجتمعية الخاصة تمتلئ ساحاتها بالعديد من الظواهر الاجتماعية من أبرزها ظاهرة " المناحرة كرديا "و مظاهرها تتخذ أسسا قصيّة لا يمكن اقتلاعها دفعة واحدة ، و ربما حتى على مراحل و دفعات فهي أي ظاهرة التناحر متأصلة متشبثة ....متوالدة مترعرعة ؛ يأخذها الكرد فوق همومهم في حلّهم و ترحلّهم ، في حلالهم و حرامهم .
قد لا أبدو منصفا عندما أحاول في كلَمي هذا ربط بين من قتل الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي و بين ظاهرة التناحر في المجتمع الكردي . ولكن واحدهما نتيجة للثانية و إن لم يكن بشكل مباشر ، الخلل الذي يصيب المجتمعات المتناحرة تغدو عرضة مباشرة لظواهر الاغتيال و الاغتيال السياسي أبرز ظواهر الخلل .
ثمانية أعوام مرت على استشهاد الشيخ الجليل و في كل سنة يتم استحضار ذكراه الطيبة ، لكن لم نحاول أن نبحث عن علل و أسباب قتل الشيخ الشهيد .
عدة أسباب وفق معتقد ( فهم التناحر ) ، وفق علة الخوف من قادم يحمل معه جديد ؛ من أهمها :
1- الشيخ الشهيد و عبر فهمه المتقدم لظاهرة الدين كمفهوم جمعي . أراد به وعبر خطبه و مقالاته و مقابلاته المتلفزة انقلابا على المفهوم الفقهي الكلاسيكي و رؤية جديدة أكثر أنسنة للدين الحنيف ، مفاد الرؤية " الإنسان " لا يحتاج إلى وسيط ليتعرف عبره و من خلاله إلى الخالق ، طالما خالقهما واحد . و هنا لا بد من التنويه أن الشيخ الخزنوي لم ينفي في طرحه و لم يِبُتْ في ذلك من زاوية واحدة - وفق اعتقادي - التخصص . فظاهرة الدين مثل أي منحى و علم بحاجة ماسة إلى متخصص ، شارح لأي لغط قد يعترض على المتلقي و العابد لله . هذا الفهم المتقدم أحدث بدوره انفكاك متلازم بين المتخصص و المخصوص له أو به . و هذا كان بمثابة ضربة موجعة لظاهرة متعدية " الحشد " . خاصة و أنه من المعلوم أن الإسلام السياسي أو تسييس الأسلمة تعتمد مضمونا على ظاهرة الحشد و مآلاتها " التبعية العمياء " و الانقياد الخاطف للشخصية المتلقية . هذا أحدث إرباكا للوسط الخاص " الدين السياسي " و الذي لب تشكلّه و تشكيله " ظاهرة الحشد " .
2-الانتماء القومي للشيخ الخزنوي لم يتعارض وفق مفهومه مع العقيدة التي ينتمي إليها و ينتهجها كشارح و كعالم في الدين الإسلامي ، لم يتعامل مع الدين كظاهرة " كوسموبولتية " و أن الدين كظاهرة و كمفهوم جامع و أكبر من المفهوم الإثني ، كانا عنده متوافقا و بشكل انسيابي أحدهما يؤكد الآخر ؛ وفق الشيخ الكل الإسلامي يؤكد الجزء الكردي ؛ و عليه فإن التأكيد على الجزء تقوية للكل ، وبفهم آخر أرادها ، تعمقا للطرف " الكردي " في المركز " الإسلامي " ؛ و ليس تورطا مركزيا بإقصاء طرفا إنسانيا . فهو عكس الآية تماما . بعكس ما يفعله بعض من الكرد و خاصة في حالة الحراك الرفضي السوري أنهم ينسون قوميتهم بشعوبية أسلمتهم وفق محدد " الأمير " و مخططه الإقليمي و الاقصائي في الوقت نفسه للمكون الكردي .
3- من المعلوم أن الحركة السياسية الكردستانية و في الوقت الحالي و المؤسس عليه ، قد مرّت عبر عدة مراحل مؤسسة لحالتها الآنية ، من أبرز هذه المراحل ؛ المرحلة الأولية و المسمى " بمرحلة اليقظة القومية عند الكرد ؛ و يحق لنا تسميتها " المرحلة الإسلامية الكردية " فالوعي القومي الكردي قد تأسس بشكل ملفت للنظر على أيدي مشايخ دينية في بدايات القرن المنصرم و ما قبلها ، من أبرز رجالات المرحلة آنذاك : الشيخ محمود الحفيد ، الشيخ سعيد بيران ، سيد رضا ، القاضي محمد .....و آخرون ، ولا يخفى على أحد تأثر الزعيم الكردي " الملا " مصطفى البارزاني بهذا المنحى و لكن عبر مؤسسة أقل تأثيرا و أكثر مدنية " الحزب " .
و الحركة السياسية الكردية في سوريا و التي تأسست عام 1957 و صلت بعد خمسين عاما إلى حالة شرذمة غير مقبولة ، و الشارع الكردي بدأ يتململ من حامل همومه و في الوقت نفسه بدأ يحن و بشكل غير نوعي و واضح و صريح إلى بديل ينوب عنه ؛ فربما كان أحد الحلول أو أحد المخارج للحلول هو الشيخ القومي العصري " الخزنوي " و الذي كان يرضى بحب و احترام لأغلبية أطياف المجتمع الكردي في سوريا و حتى اليوم . النظام المستبد لم تعجبه الحالة الصائرة و الجديدة فسرعان ما أدى ببشاعة و قتلٍ للشيخ " الخزنوي " .
بالتأكيد لا يمكننا وفق ما تقدم أن نؤكد أننا قد أجبنا على العنوان بشكل كلي و كامل ، على الفاجعة التي هزت الضمير الإنساني : لماذا قُتل الشيخ الشهيد ؟ لكنها محاولة و تصويب إلى العمق وفق القناعة الراسخة بوطنية الشيخ و لا إنسانية القاتل .
و أخيرا و بالرجوع إلى سارتر و رؤيته السوداء إلى التاريخ أعتقد أن سارتر في رؤيته هذه . قد صب جام غضبه إلى التاريخ ؛ بالأخص عندما رآها من زاوية محددة فقط ، مما أحدثت عنده انزياحا غير محمودة النتائج ، فقراءة التاريخ من عيون المستقبل تضمن المقاربة و تضمن الاستقرار ، ليس علينا و نحن لا نستطيع تغيير التاريخ إلا أن نُغيّر مستقبلنا وبفكرنا و بعيوننا وبأيدينا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال