الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أموتل

ابراهيم فيلالي

2013 / 6 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد أحنجيف و تاشنى ، أموتل هو ثالث المفاهيم بالأمازيغية التي حاولنا فهم دلالتها من خلال تداولها في الحياة اليومية ، حتى يتسنى لنا الكشف عن طبيعة العقلية التي تطعمها و تعطيها معنى . هو بالأساس عرقلة عملية و فكرية للوعي . تناول مثل هذه المواضيع مهم جدا لفهم تمفصل الثقافات و الايديولوجيات و المصالح، و تحالفها لتعبئة الكلمات و المفاهيم بشحنة موحدة و متفق عليها. و بادراكنا لدلالات هذه المفاهيم ننفذ الى أعماق العقليات السائدة ، فنعي خيوط اللعبة و ميكانزمات الاشتغال و التداول و اعادة الانتاج. يعني ، معاودة انتاج البنية الثقافية لنفسها . ضروري من خلفية اجتماعية أو سند لسيادة أي فكر . و هذ ه المفاهيم هي جزء من جهاز مفاهيمي مسخر ضمن السياق الثقافي و الاجتماعي و الزمن الذي تتداول فيه. فهي وان لم تؤسس على سيرورة بحث علمي أكاديمي ، غير أنها لغة لتجارب غير ممأسسة، هي نتاج المجتمع بأكمله ، مثل الأسطورة. لا نستطيع أن ننسبها لأحد. هي بهذه الخاصية تصبح وعاءا لثقفة و ايديولوجية معينة. فتحتضن الدين و تسقط خيار المقاومة و المواجهة و التصدي، تصبح مخدرا. المهم أن لا يطرح السؤال و لا نمر الى الممارسة. هي كلمات و مفاهيم مستعملة في حياتنا اليومية ، و بالرغم من ذلك لا نأخذ من وقتنا و لو لحظة واحدة لنجعلها موضوعا للتفكير و لم يسبق أن سجلنا وقفة يوما ما لنتساءل عن ماهيتها ، و ما جدوى تداولها ؟ و ماذا تحمل من شحنة ؟ و هل هي فعلا كلماتنا و لغتنا و مفاهيمنا ؟ و ما هي المصلحة التي تخدمها و تمدد صلاحية تداولها؟ الى غير ذلك من الأسئلة التي ستكشف ، في نهاية المطاف، عن المعاني الحقيقية لهذه المفاهيم . و هو الشيء الذي دفعنا لتحليلها و نقدها حسب فهمنا لها ، لأن تدمير العقليات السائدة يمر عبر تحليل و تفكيك و تدمير لغتها. و من أجل ذلك يجب محاصرة تداولها و زعزعة خلفيتها أو قاعدتها الاجتماعية و ذلك بانتاج الكلمات و المفاهيم و اللغة المؤسسة على العقل و الحرية ، حرية السؤال و البحث و الابداع ، مع احترام مطلق لقيمة الحياة و لقيمة الانسان . هو هكذا ننطلق من واقع المجتمع و من حياته اليومية ، نترجم همومه و أسئلته و ننصت اليه، فلا نغرق في الأكاديمي و لا ننطلق من قراءة للقراءات و لا نسقط في تفسير و شرح لأفكار كاتب ما . حين ننبش في الكلمات المستعملة في الحياة اليومية أو ننتبه و ننصت اليها جيدا لنستوعبها سنجدها مثقلة بدلالات كتيرة ، هي ايجابية في أبعاد معينة و العكس في أبعاد أخرى. و لكنها على العموم لا تخرج من منطق الثقافة السائدة بما تحمله من قيم و أخلاق ، قيم الانبطاح و أخلاق العبيد . أموتل بالأمازيغية هو تعبير عن قوة ما غير محددة و غير معروفة ، تنتقم لصالح مظلوم ما . خاصة حين لا يلتجئ هذا الأخير الى الانتقام أو الى رد الفعل و الاجابة العملية ، بل يترك الأمر لله فيقول : " الله كيشد الحق لأي واحد، الله كيشوف ...الله شاهد ... " منطق أموتل هو منطق التخلي و الهروب و الاتكالية و الدين. و هو كذلك منطق التسامح أو للدقة التجاوز و عدم الانتقام و اعطاء الفرصة للآخر ليفهم فعله و يستدرك و يعيد النظر فيه. هو بهذا منطق أخلاقي يخاطب ضمير الآخر . هذا يمكن أن يكون صحيحا نسبيا في علاقات الأفراد فيما بينهم ، في مستوى دينامية الجماعات و السيكولوجيا الاجتماعية . أما حين ينتقل أموتل ليصبح مفهوما متداولا في مجال آخر ، فالدولة و النظام و العصابات التابعة و المكونة له ، لا ضمير لها. فيتحول أموتل ،اذن، الى مفهوم ايديولوجي كجميع المفاهيم التي تبرر الوضع القائم ، لأنها تسكن و تهدئ و تهادن و تخدر . من يؤمن بأموتل لن يخوض الصراع في يوم من الأيام ، بل يمارس عليه و يترك لأموتل مهمة ممارسته بالنيابة عنه. يفقد روح المبادرة و الصراع و الدفاع و التفكير و النقد و التمرد و انتاج الرأي و الموقف و ممارسته في حقل الصراع الذي لا وجود فيه لأموتل و لا للأشباح و لا للآلهة و لا لجمعيات حقوقية ميتافيزيقية ملائكية متمركزة في كوكب آخر أو في نقطة ما من هذا الفضاء و خارجه، تدافع عن الانسان ، جزاءا و مكافأة له على سكوته و صمته و تحمله بصبر و حسن سلوكه و عدم عدوانيته و طيبوبته و تركه حق رد الفعل و التصرف لأموتل ، كأنه نائب جماعي أو برلماني يمثله و ينوب عنه و يقرر في مكانه ، لأنه أعطاه صوته و رشحه أن يمثله . الفرق أن أموتل ليس شخصا نصوت عليه و ليس نظاما ندافع عن ديموقراطيته بمشاركتنا في لعبتها. هو مفهوم شبح . ليس له وجود مادي ملموس و لكن له وجود في أذهاننا و في ثقافتنا . على هذا الأساس فهو مفهوم ينتج و يعيد انتاج الثقافة المهيمنة و ايديولوجيات الطبقات المسيطرة . ينتج الاستيلاب و يعيد انتاج منطق الثقافة السائدة : الدين و الخرافة و الشعوذة و الجن و العفاريت و الأرواح الشريرة و كل العناصر التي تتكامل لتشكل لوحة لحالة نموذجية من الهستيريا الفردية و الجماعية .
من يرى في أموتل محاميا و/ أو حكما يفوض له أمره ، هو بالضبط من يسمونه بالمواطن الصالح . لا ينفعل و لا ينتفض و لا يحارب و لا يقاوم و لا يهدم و لا يبني و لا يقلق و لا يفكر و لا يستعمل العقل أكثر من استعماله للعاطفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اموتل دعوة لاخذ الحق من الظالم
ابولؤلؤة ( 2013 / 6 / 6 - 15:41 )
الله ياخذ فيك اموتّل ، اي الله ياخذ فيك الحق ، اي العقاب . والانسان الذي يتضرع باموتّل قد يكون ضعيفا امام ظالمه ، وقد سكون جبانا فيختار اهون الطرق للانصراف ، وقد يكون مشموتا من شامته الذي يكون قد طمس الحجة ، اي نجح في افعاله المضرة .
وقد تكون اموتل عنوانا للالتجاء الى البكاء والحسرة دون ادراف الدموع فيكون الالم داخليا وليس خارجيا .
المهم ان الكلمة اصلها بربري وليس عربي


2 - الأمازيغ و ليس البربر
ابراهيم فيلالي ( 2013 / 6 / 8 - 12:49 )
قلت في بداية النص ان أموتل هو ثالث المفاهيم الأمازيغية التي أتناولها... أما كلمة بربر التي استعملتها ففيها ما فيها... أنا لست عربيا و أكتب بالعربية ... المهم أنني انسان و خارج الحدود الوهمية


3 - رد على رد
ابولؤلؤة ( 2013 / 6 / 8 - 14:06 )
ان كلمة برابرة ليست سبا ولا قدفا ، بل هي تدل على العرق او الاثنية . ان من يعتبر كلمة بربر سبا او قدفا يجهل القصد المستعمل باللغة الفرنسية . في هذه اللغة نجد كلمة :
barbare وكلمة bérbère .
الاولى تعني الاقوام الغزاة المتوحشون على شاكلة همج الدول الاسكندنافية ( الفيكينك ) في حين ان الثانية تدل على العرق او الاثنية . لذا حين نقطقت الفرنسية بكلمة الظهير البربري سمته :
le dahir bérbère -;- وليس le dahir barbare.
ان هذا الالتباس هو الذي يجعل البعض يؤول كلمة البرابرة الى سب وقدف ، في حين انها ليست كذلك لانها دلالة على القوم او الاثنية او العرق .
لماذا نسمي الناطقين بالسوسية تشلحيت ، والناطقين بلهجة الاطلس المتوسط تمزيغت ، والناطقين بالريفية تريفيت .
ان السر في هذا هو انهم برابرة اقحاح وهو متشبثون بهذا العنوان الذي يميزهم عن العروبيين و عن آل الفاسي ، لكن يجمعهم وطن واحد ويوحدهم مصير واحد هو حب المغرب .


4 - الأمازيغ و ليس البربر
ابراهيم فيلالي ( 2013 / 6 / 8 - 21:18 )
Je ningore pas cette distinction que tu as faite, mais peu importe. A travers lhistoire, ceux quon appelle les bèrbères sont Imazighnes. Quant à trois composantes que tu as mentionnées, ce sont des nuances de différences dans la prononciations et lutilisation des mots vu la séparation des espaces, si tu veux comprendre cela il faut voir la linguistique comment elle discute ce phènomène.


5 - ما كان ان تجهد نفسك بالكتابة بلغة آيلة الى الهاوية
ابولؤلؤة ( 2013 / 6 / 9 - 10:23 )
ما كان لك ان تجهد نفسك وتكتب بالفرنسية المتراجعة الى الهاوية ، فكان لك ان تكتب باللغة الالمانية او الانجليزية او الاسبانية او العربية او بحروف تيفاناغ التي اتقنها جيدا


6 - Tu n es pas quelqun avec qui on peut discter
ابراهيم فيلالي ( 2013 / 6 / 10 - 20:37 )
Désolé , ton dernier commentaire est de n importe quoi. Ce nest pas toi qui vas me dicter la langue et la façon décrire , moi jécris en Arabe et en Français , cest pareil , lessentiel , c est de discuter et de ce communiquer. Mais , il paraît que tu n es pas quelquun avec qui on peut vraiment mener une discussion qui aboutit à quelque chose du bien. Et, cest bizarre de juger une langue de cette façon. Attends jai , aussi une réponse pour toi en Arabe.


7 - لماذا الهروب يا أبو لؤلؤة
كجوط حسن ( 2013 / 11 / 5 - 08:04 )
ننتظر منك ايها الامي ان تستمر في النقاش؟؟
لماذا الهروب إذن؟؟؟ هل لديك مشكل في اللغة الفرنسية التي وصفتها باللغة المتراجعة، انا مستعد للترجمة لك تلك التعاليق لكي تفهم.

اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة