الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية قراءة النص الديني عند حامد ابو زيد

الشيخي رمضان

2013 / 6 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يرى علي حرب بان الانجاز الحقيقي الذي يكمن في مشروع حامد ابو زيد يتجلى في تحليله لآليات اشتغال النص ، وفي بحثه عن شروط إمكان الوحي وفي تعريته للأسس الأسطورية والجوانب القدسية التي يقف عليها الخطاب الديني ، يقول " علي حرب " "اجتهد أبو زيد فأصاب في اجتهاده وتقنياته ، بقد ما نجح في تفكيك بنية النص للكشف عن النسبي والبشري والدنيوي التاريخي وراء المطلق والإلهي والديني والماورائي ، هنا فكر الدارس للقران في مناطق لم تسبر من قبل فاقترب من كينونته بقدر ما أسهم في اختراق طبقاته الرمزية ، وحجبه القدسية ، انه اختراق لطبقات الخطاب وحفر في بناه العميقة .
إن موقف علي حرب هذا يؤكد على مدى قوة إستراتيجية ابو زيد في مقاربة الخطابات المختلفة ، حيث انه وصفها بطابع اجتهادي مثمر نظرا لإسهامه الفعال في سير قضايا محرمة وطرح أسئلة غير مفكر فيها . ولهذا يقول ابو زيد في مقدمة كتابه : النص ،السلطة ،الحقيقة " ان الخطاب الذي يطرحه هذا الكتاب يعد في جانب منه تواصلا مع خطاب عصر النهضة في جانبه الديني ، ليس بدءا من محمد عبده حتى محمد احمد خلف الله بل هو تواصل مع هذا التراث في بعده الأعمق المتمثل في الانجازات الاعتدالية الرشدية ولكنه تواصل يمثل الامتداد النقدي لا لخطاب النهضة فقط بل للخطاب التراثي كذلك " .
فنقطة البداية في قراءته للنص الديني هو تفرقته بين الدين والفكر الديني ، فاركون كذلك يعترف بكفاءة الإستراتيجية التحليلية التي يتبناها ابو زيد في مقاربة الخطابات نظرا لكونها تقوم على استثمار النظريات اللسانية والسيميائية الحديثة والمعاصرة ، لكن حسب اركون تبقى كتاباته عادية ككل الكتابات الفكرية والنقدية الأخرى نظرا لبعدها عن تناول بقع اللامفكر فيه L inpense بالتحليل الكافي .
وعلى هامش هذين الموقفين يقف " الدكتور عبد القادر بودومة " على ان ابو زيد ليس بعيدا عن محاولات أركون في ممارسات التأويلية بل انه يقف موقفا أكثر إجرائية منه في مسألة التراث .
هذه المواقف تدل على النتائج المعتبرة للدراسات التطبيقية المتعلقة بكشف آليات الاشتغال على الخطاب الديني التراثي الحديث والمعاصر ، وذلك باكتشاف البنى العميقة للنصوص التراثية العربية وخاصة النصوص المحورية او النصوص " الممتازة في الثقافة " بعبارة ابو زيد .
وفيما يخص دراسته في الخطاب الواصف على آراء ابن عربي ( ت 638 ه ) الا يدل ذلك على ان ابو زيد تطرق الى آراء ابن عربي المهمشة طيلة الحقبة التي سيطر فيها الاتجاه السلفي على العقل الإسلامي ؟ مما يعني انه خاض في اللامفكر فيه والذي عده " علي حرب " بانه "الحقل المعرفي الذي لم يحرث فيه من قبل ، او المنطقة الخارجة عن نطاق البحث والتفكير وتتشكل من المهمش والمستبعد والمطموس ، وكل مسكوت عنه بوعي او غير وعي " ، فرغم وصف محمد اركون لأبو زيد بان كتاباته يبادر فيها الى تحليل النصوص التراثية ( القران والنصوص المنتجة في فلكه ) مطبقا في ذلك الألسنيات الحديثة هي كتابات عادية تدل على مدى اتساع اللامفكر فيه والمستحيل التفكير فيه والذي يبقى بحاجة الى اكتشاف وتفكيك ، اذا لماذا عاد ابو زيد إلى دراسة فلسفة ابن عربي رغم كثرة الدراسات العربية والإستشراقية والتي تناولها بالاستقصاء والبحث .
ولعل الدلالة الإشكالية التي دارت عليها كتاباته كانت تحت عنوان علاقة الفكر بالواقع او علاقة المعرفة بالأطر الاجتماعية ، وعلى هذا الأساس جاء بمفهوم التاريخية اي ملزمون باستعادة السياق التاريخي لنزول القران من اجل تفهم مستويات المعنى وأفاق الدلالة ، فلدعم نظريته هذه ومنهجه وليسوقه من داخل التراث استدعى مسالة خلق القران عند المعتزلة والجدل الكلامي بينها وبين الأشاعرة حولها ، فمفهوم " تاريخية الفهم " يعده ابو زيد شرطا لابد منه لانجاز قراءة جديدة للخطاب القرآني من جهة وبين مفهوم حدوث القران والتأويل العقلي لمضامين هذا الخطاب المتجدد من جهة أخرى .
كما اتخذ آلية النقد لخطاب النهضة كونه يعتمد القراءة النفعية للنص الديني ، والتي تنتقي من التراث ما تراه نافعا في بناء الحاضر ، وقد لجأ الى توظيف آلية التقسيم حيث فرع " المدونة التراثية " الى قسمين عقلي وأخر عرفاني ، ثم طبق منظوره التأويلي على نصوص تنتمي الى هذين الحقلين حيث يوجد في التراث الإسلامي بعض النصوص التي يتزاوج فيها الجانب العقلي والجانب الصوفي ككتاب " ابي حامد الغزالي " الموسوم " مشكاة الأنوار " و " حي بن يقظان " لابن طفيل .
كذا توظيفه لآلية نزع ألأسطرة والتي استثمرها في قراءته لخطاب الوحي ، اذا فالمتتبع لآليات مشروع ابو زيد يجدها تتنوع بين تعرية للأسس الأسطورية ونزع القداسة عن النص الديني وذلك لكسب النصوص الثانوية صفة القداسة ، كذلك التفكير في اللامفكر فيه ، والآليات الموضحة في كتابة نقد النص الديني " والمتضمنة تفسير الظواهر كلها بردها جميعا إلى مبدأ او علة واحدة تستوي في ذلك مع الظواهر الاجتماعية او الطبيعية ، كذا آلية اليقين الذهني او الحسم الفكري ، كذا آلية التاريخية وذلك بدراسة الفكر وفق الوقائع التاريخية ، والية المصلحة مقابل النص ، كلها آليات وظفها ابو زيد للاستعانة بها في انجاز المشروع النقدي لدراسة وإعادة قراءة التراث بدءا من النص الديني وما ينجر عنه من نصوص مؤسسة للعقل الإسلامي وطريقة تفكيره ومحاولة تجديده والرقي به إلى تفكير أكثر تحررا من سلطة النص وذلك بربطه بالواقع وإسقاط النصوص على الواقع ودراستها دراسة ميدانية اجتماعية غير متعالية عن الواقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah