الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدموند هوسرل وافهومية المنطق المحض ... نحو عرض ابستمولوجي مغاير

اسامة غالي

2013 / 6 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اتسم المنطق بوسم الصناعة منذ ارسطو [الواضع الاول] وحتى عصر كنط الذي منع من قسمة المنطق الى نظري وعملي،مما استدعى الامر ابعاد المنطق عن العلوم الاخرى وعزله عن مصاف المعرفة العملية في خضم هذا الاجراء تم التشكل الماهوي للمنطق على انه (صناعة الحكم الصحيح) بيد ان هذا التعريف يلغي المسافة بين المنطق و العلوم الاخرى ويصير الهدف هو التفكير ذاته بدل ان يكون الهدف هو ما نفكر به كما و انه يجعل من المنطق مرجعية نهائية تحبو نحوها المعارف الاخرى نقدا وتقويما،من هنا اعترض ادموند هوسرل على افهومية المنطق مبديا قلقه من الصيرورة المحضة التي تجهز على قابليات الادراك وتشضي المعرفة ملحا في طرح اشكالياته الابستمولوجية وهو يقترح من خلالها افهومية مغايرة تتخذ المنطق كعلمياء منتجة تتواشج مع المعطيات البديهية والتجريبية على حد سواء وتعمل على زحزحت الثوابت الجاهزة متجاوزا جميع التمركزات الذهنية بوصفها اجراءات منهجية وليست منح طبيعية يعتمد عليها في استحضار المطلوب وصياغة الحكم الصائب،من ثم يتسأل عن سمة هذا الفن هل هو فن قبلي ام فن امبيري استقرائي؟ بعد ان قدم امكانية جعل المنطق كعلمياء لها اشتغالها ومهمتها في اعطاء تنوعية وتعالق سستامي بالمعنى النظري بين جزئيات منفردة تنتمي بالنهاية الى وحدة تعليلية منتظمة تُكتسب عبرها المعارف الجزئية وتعليلاتها ككل يتناسق وينساب مع اعلى المقاصد النظرية وباكثر تمامية ممكنة،جاعلا هذا التساؤل عتبة نقدية ثانية يترتب عليها البحث في البنى المنطقية وتفحص خاصياتها التعليلية وتحليل الانظمة المكونة للمعلومات المسماة بـ[الاقيسة]...
يفترض هوسرل ان هناك تعالقات تعليلية بين العلم المعياري والعلم النظري فضلاً عن التعالقات الضمنية، اذ ان قوانين المعيارية تنص على ما يجب [ان يكون] و قوانين العلم النظري تنص على مجرد [ما يكون]،وبهذا يرى هوسرل ان كل فن معياري يتقوم على اسس نظرية تمنحه (مكانا طبيعيا في أي علم من العلوم النظرية من التي سبقت ان حددت او التي لا تزال قيد الانشاء) ويحيل في الكشف عن تلك التعالقات الى فهم معنى الوجوب والعمل على تبئير هذا المصطلح من وجهة ابستمولوجية،لذا يتعرض هوسرل في ثنايا بحوثه المنطقية الى بعض المصطلحات التي تقع في طريق البحث المنهجي مستبدلا اياها بمصطلحات تنساب مع العرض الابستمولوجي الجديد،فهو يقترح توسعة لثيمة الحدث الفكري بادخال عناصر جديدة اخلاقية وجمالية تلغي المفاهيم المتموقعة بين ثنائيات / الوجوب واللاوجوب والصدق والكذب والمطابقة واللامطابقة / التي على حد رأيه تُبقي المنطق في مساحة مغلقة دون ان يتجاوز الاحتكار الانفعالي المفترض قديما في التراث الارسطي الى حيث الاشتغال والاعتمال، وهو يُرجع تلك الثنائيات الى مجال الرغبة والارادة باعتبار ان الاذعان والتصديق المنطقي اجراء سيكلوجي محض يتقوم بتفاعل الذات مع العالم سواء كان التفاعل بصورة شكلية تسور الخارج بمقولات [الكيف والكم] او بصورة مواد مجتزأة يتم تصنيفها حسب احتماليتها او يقينيتها القبلية،ثم يفترض ان الرغبة النفسانية تمنع عادة من صياغة الاحكام الحيادية التي تتساوق مع تراتب الموضوعات، فالوجوب كمراس تقليدي لا يصير الحكم على موضوع ما بنسق تفاضلي معياري بقدر ما يلغي نسبة التفاوت القيمي والجمالي عن الموضوعات المحكوم عليها،بذا يحاول هوسرل ان يجترح مصطلحات جديدة ذات معاني اوسع كـمصطلح[ حسن] مقابل [الوجوب] والذي يقصد به (ماله قيمة ما) سواء كان الحكم متجه نحو النفي او الايجاب،من هنا يبدو التداخل المنهجي واضحاً في تضاعيف الرؤى المنطقية على اختلافها وتعددها ،ممثلاً هذا التداخل عتبة نقدية اخرى عالج هوسرل من خلالها العلاقة بين الانتماء السيكلوجي والمنطقي والذي نتج عنه تشخيص دقيق لجوهر التداخلات المنهجية بين العلمين متوقفاً عند اشكالية مهمة جدا الا وهي كون القوانين المنتمية للمنطق السيكلوجي ـ مهما ادعيت شموليتها ـ تبقى قوانين غامضة وقلقة ،باعتبار ان المنطق السيكلوجي يهتم بالوقائع العيانية المستمدة من التجربة ،بخلاف ما هو عليه المنطق المحض من دعائم تعد النواة الخاصية لكل منطق بمعنى / المبادئ/،كما ان الرؤى السيكلوجية تصطدم مع فرض المنطق علمياء باعتبار تتابع القول بالاحتمالية لكل علمياء مفترضة وبالتالي تفقد قيمة المعرفة...
من هذا كله،تتبلور افهومية المنطق المغايرة لدى هوسرل وهو يتخذ موقفا محايداً بين رؤى المنطق المحض ورؤى المنطق السيكلوجي،فهو يقارب المنطق المحض من جهة صلاحيته كعلمياء ترسم خطاطة التفكير النموذجي وفق افاعيل نهائية وحتمية، ويحايثه من جهة كونه معطى جاهز لعالم خارجي منتشر في الزمان والمكان ذو السمة الرياضية ،وكذلك يقارب المنطق السيكلوجي من جهة حلحلة الصرامة المفترضة في المنطق التقليدي و التي بدورها تفصل المنطق عن العلوم وتودعه في حيز الكينونة المستقلة ،و من جانب اخر يبتعد عن السيكولوجيا لرتابة القول بامبيرية المعرفة التي تتخذ التقريب وسيطا كونيا بين الذات والعالم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد