الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الطائفية في سورية .. وكذبة الأمة الواحدة

حامد حمودي عباس

2013 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية




منذ أن استقر الرأي في اروقة الغرب ، على ركوب متن أحداث التغيير في تونس وليبيا ومصر ، في سبيل اضعاف القوى الضالعة في الدكتاتورية من جهة ، واستخدام الانظمة الجديدة من أجل توفير عوامل الأمان لإسرائيل ، وتدجين الشعوب العربية بالإتيان بالاحزاب الاسلامية المتطرفة للحكم ، فقد عمدت الولايات المتحدة الامريكية ، لامتطاء صهوة الاحتدام السني الشيعي في المنطقة ، متخذة من السعودية وقطر وبقية دول الخليج حليفا لها في هذه المهمة كجبهة مضادة للتوسع الايراني المزعوم ، لتشعل فتيل الازمة هذه المرة في أهم معقل يمكن له ان يكون مصدر اسناد لإيران ، وهي سورية ..
وبعيدا عن تصورات الكثيرين من حسني النية ، فان الولايات المتحدة الامريكية ، لم تكن بعيدة عن مجمل الاحداث التي حصلت ولا زالت تحصل في المنطقة ، بل انها تقوم برسم الخطوط البيانية لمظاهر الاضطراب الحاصلة في الشارع العربي وتوجيهه ، وبذكاء واسع ، صوب الاهداف التي تحقق لها مصالحها ، وتبعد عن اسرائيل اكبر عدد من مكامن الخطر .
لقد أصبح من الواضح جدا ، بأن استرجاع الاصطفافات التي يحسبها بعض المثقفين العرب ، نزوعا تقليديا في عملية الاستقراء السياسي العربي ، هو بمثابة البقاء في حدود الحقيقة ليس الا .. فاسرائيل كانت ولا تزال بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها ، هي محور الصراعات الجارية في المنطقة ، يوازي ذلك من حيث ألأهمية ، تحقيق المصالح الاقتصادية المتمثلة بضمان الانتفاع من مصادر الطاقه .
واعتمادا على تفاصيل تلك الاصطفافات القديمة الجديدة ، تتحرك اليوم أذرع القوى الكبرى ، لتمهد سبل التوجهات الدقيقة ( للثورات) في البلدان العربية ، حيث تجددت المفاهيم التقليدية في الصراع العربي الاسرائيلي من جهة ، وحيثيات تحقيق المصالح الاقتصادية للغرب عموما في المنطقة من جهة اخرى ، لتأخذ صيغ مختلفة خلقتها ظروف غير الظروف التي كانت من قبل .. فبدلا من الاحتراب السياسي التقليدي بين الاحزاب السياسية الحاكمة ، وتلك التي تعارضها في الايدولوجيا ، ظهرت من الخلف وبقوة غير اعتيادية ، الاحزاب الدينية المتربصة للقفز على حواجز الوصول الى الحكم ، بعد طول انتظار غطت عليه فترات طويلة من حالات عدم الموائمة بين تلك الاحزاب واجهزة السلطه .. ثم ظهرت ملامح الطائفية على مسارح الاحداث ، لتكون هذه المرة بديلا عن حيثيات الصراع السياسي الايدولوجي بين القوى القومية واليسارية والدينية ، وانزاحت عن الأذهان طريقة الركون الى صيغ الانقلابات العسكرية كحل وحيد لإنهاء تلك الخلافات .
الطائفية ، هي الهيكل الجديد ، والذي أفرزه العنف الجماهيري سعيا نحو تغيير انظمة الحكم في تونس ، متخذة شكل النزاع بين الاسلاميين المتطرفين واعدائهم التقليديين من علمانيين وقوى تدعو للحياة المدنية ، وفي ليبيا ظهرت الطائفية المطعمة بالانحياز القبلي وبوجه واضح المعالم ، حينما سارعت القوى الاسلامية المتطرفة الى ضرب العديد من العناصر الداعية لاصدار دستور حضاري يبتعد عن أسلمة النظم القانونية والاجتماعية ، ووقفت من حولها قبلية تغذي وتشحن روح التنافس غير المنظم ، تاركة الشارع الليبي رهنا بعوامل الفوضى ومهدد باحتلاله من قبل قوى التطرف .. وفي مصر أمعن الاخوان المسلمون في تدمير جميع البنى الثقافية والاجتماعية ضمن أقوى هجمة شرسة ، ضد اركان التمدن في اكبر دولة عربية كانت معروفة بتأثيرها الفعال في مجمل الاحداث في العالم العربي ، في حين برزت في مصر ولأول مرة ، بواكير محاكاة النزعة الطائفية في بلدان المشرق العربي .
وحين تقرر نقل ( الثورة ) الى سورية ، كانت الحسابات هنا تختلف جملة وتفصيلا ، إذ أن الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ، ومن ورائهما دولة قطر، المنفذ المركزي لسياسات الغرب في الوطن العربي ، اضافة الى بقية دول الخليج الاخرى ذات التوجه السني ، هبت متحالفة جميعها لمقاومة ما سمي بالهلال الشيعي متمثلا بايران والعراق وسوريا وجنوب لبنان ، ثم الحوثيين في اليمن .. واعتبرت سورية هي القشة التي ستقصم ظهر البعير الايراني فيما لو تم ادخالها في أتون ما دخلت فيه بقية البلدان التي طالها الاضطراب وخرجت من دائرة الاستقرار .
وشعرت ايران بعظم الخطر المحدق بها ، وكان لها ان دخلت علانية في حرب مع قوات الجيش الحر ، الى جانب حزب الله وبعضا من المتطوعين العراقيين .. انها الحرب الطائفية بجميع توصيفاتها تلك التي تجري في سوريا الان .. وقد افصح حزب الله عن الهوية الحقيقية لهذه الحرب ، وهو يرفع شعار ( لبيك يا حسين ) على قمة مأذنة لجامع في مدينة القصير السورية .
لقد سقط القناع ، وبالكامل ، هذه المرة ليكشف زيف من يردد بوحدة الأمة .
ترى .. هل شعر بشار الأسد الان ، بضرورة ان يترك هو ورفاقه ، الكذبة الكبرى والتي ألهت بلدانا وشعوبا ، ونالت من جرائها تلك الشعوب ، بما فيها الشعب السوري ، الأمرين طيلة عدة عقود ، الكذبة الشنيعة التي تقول ( أمة عربية واحده ، ذات رسالة خالده ) ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حماك الله يا حامد
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 6 / 10 - 13:28 )
متى كانت العرب امة واحدة؟؟.الم يتقاتل الصحابة المبشرون بالجنة؟؟.اذا كان الاجداد والسلف الصالح لم يكن صالح فعلى الاصول تنبت الفروع. لكن للحق والحقيقة كانت سوريا ملجا لكل العرب بغض النظر عن جنسياتهم. فذا كان اللوم موجه الى سوريا فالاولى توجيهه لحماة الحرمين المحتلين للجزيرة العربية بـ مرآى ومنظر المسلمين وهي ـ اي الجزيرة العربية ـ يجب ان تكون ماوى للمسلمين عامة وللعرب خاصة لانها موطن اجدادهم ولكنها اصبحت ملكا خاصا لاسرة معرفة بخيانتها للاسلام نفسه تحت لواء الاسلام.اني واالله اعجب من امة ترى السراب وتحسبه ماءا ولكن لا غرو ان العرق دساس. الم يشتري الامويون الضمائر بالدرهم والدينار الا انهم كانوا اذكياء وعرفوا كيف يجيدون فن التدليس والضحك على الدقون حتى نالوا شرف الصحبة وهم بعيدون عنها بعد الارض الى السماء.كما ان آل الشيخ وآل سعود نالو شرف حماية الحرمين بالاسم وولولا فوائدهما التجارية لاصدرت فتوى بازالة الكعبة لانها كانت معبد وثني. ومقارنة بين سوريا بقيادة الاسد ـ وان كان دكتاتوربا ـ وبين آل سعود فهي مقارنة بين لصوص وقطاع طرق.
لا تجد حربا طائفية في بلاد اسلامية الا وآل سعود هم مسعروها.


2 - العالم كله أمة واحدة
عتريس المدح ( 2013 / 6 / 10 - 15:44 )
الانسان هو أخو الانسان جاء من صلب انسان ورحم انسان، لذا العالم كله أمة واحدة
ما قسم العالم الى أمم هو الشبع ، عندما أصبح الانسان ينتج ما يفيض عن حاجته تراكمت الثروة بأيدي مجموعة استعبدت مجموعة أخرى لم يسعفها جهدها وحظهافي انتاج ما يكفي، فكانت الحاجة سببا في التقسيم، ودافع أصحاب الثروات عن ثرواتهم فاختلقوا الدين لتنظيم الحفاظ على حصصهم وثرواتهم واخترعوا المكان المحدد( الوطن) ليحددوا سيطرتهم على غيرهم وخاضوا الحروب ضد المجمةعات الاخرى
فقط بالنضال الى بناء مجتمع العدل والكفاية الذي ينتفي فيه الاستغلال يتخلص المجتمع الانساني من الانقسام، فلنحارب ضد استغلال الدين لتأكيد مكانة المستغِلين ضد المستغَلين بهذا نحارب الطائفية بطريقة تقدمية، الامبريالية تدرك هذا فتستخدم الدين لتعميق الانقسام لحماية ثروتها في باطن الارض العربية


3 - الاخ فهد العنزي المحترم
حامد حمودي عباس ( 2013 / 6 / 11 - 06:48 )
الناس بدأت الان تبحث عن حلول تخلصهم من هذا الصراع الدامي والذي لا يريد ان ينتهي .. سنة وشيعة ، عليون ومسيحيين ، اكراد وعرب ، عرب وأمازيغ ، والنتيجة هي آلاف الضحايا وهدم للبنى التحتية للاوطان .. متى ما تخلصنا من خدام الحرمين ووكلاء الله على الارض ، وامتلك الانسان حريته وعلاقته الخاصة مع ربه ، حينها سيسود العدل وتستقيم الحياة ، وبعكسه فسوف ينتشر الموت فينا ونضحى اطلال لتاريخ ميت .. اشكرك على المرور


4 - الاخ عتريس المدح المحترم
حامد حمودي عباس ( 2013 / 6 / 11 - 06:53 )
ما ذهبت اليه في تعقيبك ، هو عبارة عن ثوابت بدأنا نفقدها يوما بعد يوم ، حتى اصبحت بالنسبة لشعوبنا كلوحات اغلقت عليها ابواب المتاحف .. ليس هناك اليوم ، يا سيدي ، من يستطيع ان يطعم ويعلم ويطبب المساكين بقيم مكتوبة فقط ليس لها من يسعى لتطبيقها على الارض .. المصيبة عظيمة ، والحل ليس على الابواب .. تحياتي وامتناني لمساهمتك القيمه

اخر الافلام

.. التحديات المصيرية في سوريا.. بين الحوار والميليشيات! | #رادا


.. حريق في سجن حلب المركزي يؤدي إلى إتلاف وثائق وسجلات رسمية




.. أزمة سياسية تتصاعد في كوريا الجنوبية.. ماذا يحدث؟


.. هل تقبل فصائل المقاومة في غزة بصفقة تبادل جزئية؟




.. طفل مصاب يودع والده الشهيد إثر قصف إسرائيلي على دير البلح