الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه الأرض المقدسة، هل هي حقاً مقدسة؟

أحلام طرايرة

2013 / 6 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتفق فيما تتفق عليه الديانات الإبراهيمية بأن أرض فلسطين هي أرضٌ مقدسة. ويُستخدَم هذا الوصف، أو الاسم، حول العالم على ألسنة الناس المؤمنين منهم وغير المؤمنين للتحدث عن هذه البقعة من الأرض. ماذا يعني أن يكون الشيء مقدسا، والأرض مقدسة؟ وهل فلسطين حقاً أرضا مقدسة؟

لا يبتعد معنى القدسية والقداسة والمقدس عن محور الطهارة والبركة والحرمة والاصطفاء على الغير التي تدور بدورها حول معنى "التوحيد" والاخلاص لله الخالق المصطفي للناس والأماكن والقلوب والكتب! وفي هذا كان اسم مدينة القدس التي توالت فيها الرسالات من خلال أشخاص ذوي قداسة (الأنبياء) تواصلوا مع الله وهم فيها فأصبحت هي بدورها مقدسة. أي أن الله اختار أناسا وأقواما يوحدونه في هذه البلاد فجعلهم ذلك طاهرين مباركين في أرض طاهرة مباركة. ولكن ما يستوقفني هنا، ألا ينبغي لهذه الأرض الطاهرة ان تتميز بشيء ما عن غيرها من البلاد الممتدة عبر القارات غير ان الله اختارها كذلك؟ ألا ينبغي أن توجد شواهد على طهارة وقدسية وحرمة هذه الأرض غير ما تردده الكتب "المقدسة" بأنها أرض الله المقدسة؟

بعيدا عن التسليم، لدى المؤمنين، بما تقوله الكتب "المقدسة"، لنسأل: ما هي الشواهد بأن الشام، وفلسطين تحديدا، هي أرض مقدسة؟
يقول التاريخ أن هذه الأرض شهدت من الحروب الكثير، وسفك فيها من الدماء ما يدمي القلب لوصفه فقط وما لا يمكن لعقل أن يحتمله لو يصّور لنا في مشاهد تلفزيونية حيّة. ولكن التاريخ لم يتوقف، فنرى بأعيننا مشاهد حقيقية لدماء حقيقية في حروب أخرى اليوم يقودها اتباع الديانات المختلفة والطوائف المتعددة للديانة الواحدة. حروب يقول كل طرف فيها أنه يريد بها حماية "الأرض المقدسة" وتطهيرها من الآخر "غير المقدس". هذا أحد أهم الشواهد التي لا تتميز بها هذه الأرض عن غيرها من بقاع العالم الأخرى، فالإنسان لم يترك بقعة لم يقم بها حرباً ما لسبب ما، بما فيها هذه الأرض مع فارق أن سبب الحرب هنا هو في كونها "أرضا مقدسة"!!

ماذا عن طبيعة الحياة في هذه البقعة من الأرض؟ ماذا عن الإنسان فيها؟ هذا في الحقيقة لا يمكن فصله عما ورد سابقا، فأرض الحروب لن تصنع إلا إنسانا بائسا بالضرورة، حتى وإن بدا غير ذلك. فأن يتحدث الناس عن الموت أكثر من حديثهم عن الحياة، هذا لأنهم ميتون لكن في أجساد تتنفس. هذا الإرث الكبير من الرفض للآخر لأنه آخر، لم يترك إنسانا واحدا سعيدا في هذه البلاد.

هذا كله يقودنا لنسأل أيضا: هل تكون البلاد مقدسة وإنسانها تعس؟ هل تكون البلاد مقدسة والإنسان فيها يكره أخيه الإنسان لأسباب لا تنتهي؟ هل تكون البلاد مقدسة والإنسان فيها على يقين أن الله يأمره بقتل أخيه الإنسان لاختلافه عنه في العرق والدين، وربما الطائفة؟ هل تكون البلاد مقدسة ويضطهد فيها الضعيف ويظلم فيها المنكسر وتقتل فيها النساء لأنهن نساء!

هل تكون هذه الأرض مقدسة ولا يأمن فيها الإنسان على نفسه وماله واسمه، ليس فقط ممن صنّفهم التاريخ كأعداء، وإنما ممن صنفتهم الحياة كأهل ومجتمع؟

كيف تكون هذه الأرض مقدسة ولا زال الإنسان فيها لا يقدّس قيمته كإنسان أولا وقبل أي شيء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah