الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ننصبهم آلهة ؟؟!!

ريم ثابت

2013 / 6 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن وتلح كثيراً في طلب إجابتها... لماذا نرفع من مكانة بعض البشر إلى مصاف الملائكة... ثم ننصبهم آلهة لنا... على الرغم أننا لسنا ملزمين أو مجبرين على فعل ذلك؟!... هل السبب يمكن إرجائه إلى وازع الضمير Conscience الصدئ الذي يحكم أغلب تصرفاتنا وأفعالنا... ثم يدفعنا في النهاية إلى اقتراف خطأ فادح بتنصيبهم آلهة ؟!... أم أن السبب في ذلك تعود جذوره إلى جذورنا وأيدلوجياتنا المعروف عنها الرضا Satisfaction بما يستميل بطوننا وجيوبنا ؟!... وهل الماديات من شأنها أن تحرك دافعية Motivation غرائزنا نحو الرضوخ إلى نظام يحكمنا؟!... أم هي قناعات داخلنا تدفعنا لاعتباره نظاماً ألوهياً حاكماً... رغم ما يعتريه من جوانب قصور ونقص؟! .. وهل الماديات يمكنها أن تستبيح إيماننا الحق... وتحول مسارات فكرنا وإيماننا نحو المثول لغير الله... فنتخذه إلهاً ونتغاضى عن كونه يخطيء... أو يحمل في نفسه أطماع... أو أن مراميه تكاد تخلو من الإخلاص؟!... بيد أن اسم (الإخلاص) هو اسم لسورة وردت في كتاب القرآن الكريم... وهي بمثابة أساس لعلم الدراسات الألوهية... بما تحمله من مفهوم لله سبحانه وتعالى... وما ورد فيها من معايير أربعة لمفهوم الإله... فالإله في ضوء هذه السورة هو من يتمتع بصفة الوحدانية... والديمومة (الخلود)... وليس له أم وأب... وليس له شبيه... !!
من ناحية أخرى... هل أصبحنا شعوباً تحترف اللهاث وراء كل شعور بالقهر .. وتستعذب - إلى حد الثمالة - كل إحساس بالهيمنة..؟!... شعوباً تهوى فنون الخضوع بما يكفي لجعل ظهورها معقوفة على نفسها سجوداً لغير الله؟!... وإن السجود الذي أعنيه هنا... ليست له أدنى علاقة بتلك الحركات الآلية المفتعلة... التي يعمد بعض الناس - دون تأمل أو تفكر أو تدبر - تأديتها كواجب شكلي في أداء فريضة الصلاة... إنما السجود الذي أرمي إليه هو الذي يتمكن فيه الجسد من إخضاع العقل... السجود الذي ذكر في القرآن الكريم بما لا يقل عن اثنين وتسعين مرة... كما ذكر في الإنجيل كشكل من أشكال العبادة الخالصة... فإذا أطلعت على (سفر التكوين) ستجد أن "إبراهيم" خرّ إلى الأرض ساجداً (الفصل 17: الآية 3)... وإذا قرأت (سفر الأرقام) ستجد أن "موسى" خرّ على وجهه وصلى لله تعالى (الفصل 20: الآية 6)... وإذا تصفحت (سفر متى) "المسيح" عليه السلام... ستجد أنه قد أخذ بضعة خطوات في الجنة ثم خرّ على وجهه وصلى...!!
أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول هذا الأمر في انتظار إجابات واضحة... وفي اعتقادي أن إجاباتها كان من الممكن أن تكون أسهل وأيسر إذا كان سياق حديثنا عن دولة مثل (الهند) – المعروفة بأنها أرض آلهة البشر – فديانة مثل الهندوسية أساسها هو التعددية الآلهية... تلك التعددية تمثل الاختلاف المحوري بين الهندوس والمسلمين... والهندوسي يؤمن بأن كل شيء إله... بينما المسلم يؤمن بأن كل شيء ملك لله سبحانه وتعالى...
ويبرز "رانجيش" كأحد أشهر الأساتذة الروحانيين الذين أسسوا جماعة ألوهية في مدينة "أسوهو" في القرن الماضي... وذلك بعد أن تم اعتقاله وترحيله من الولايات المتحدة الأمريكية... ويُعد "رانجيش" أحد الهنود المدعيين للربانية... حتى أنك إذا زرت قبره ستجده مدون عليه: (رانجيش لم يولد ولم يمت لكنه زار كوكب الأرض...) ... ويبدو أنهم قد تناسوا أن "رانجيش" لم يتمكن من الحصول على تأشيرة دخول إلى أحدى عشر دولة في العالم.... بل إن أتباع "رانجيش" لا يرونها مشكلة أن يزور كوكب الأرض وهو في أمس الحاجة إلى تأشيرة دخول...!!!
أما إذا أخضعنا "رانجيش" لمعايير الألوهية الواردة في سورة الإخلاص... سنجد أنه لم يتمتع بصفة (الوحدانية)... إذ أن هناك العديد من الهندوس الذين يؤمنون بأشخاص مثل "رانجيش"... كما أنه لم يتمتع بصفة (الخلود) فقد توفي في أواخر القرن الماضي... بل وكان يعاني من (الإكزيما) ومرض السكري... كذلك معروف أنه قد ولد في منطقة (جلبور) وله أم وأب... بالإضافة إلى أنه يشبه البشر إذ له يدان وقدمان... ومن ثم يمكن مقارنته بأي مخلوق بشري... ولكن كيف لمخلوق أن يتساوى مع خالقه ؟!!...
إن الألوهية - في تقديري - يحكمها ضوابط عليا ونمط روحاني مقدس... وهذا النمط الروحاني المقدس يتجسد في الهيئة الشكلية... أما الضوابط العليا فهي تتمثل في الهيئة الموضوعية... ولا سبيل للفصل بين الهيئتين فكليهما متمم للآخر... وإننا مهما بلغنا الإرب في الإلمام بالأمور وتعقيداتها من الناحية الموضوعية... لن نملك الحقيقة والبصيرة كاملة... فالذات الآلهية هي أصل الحقيقة ومنبع الحكمة التي- نحن كبشر - ليس في قدراتنا على الإتيان بها... ولا يمكن لنا أن نبلغ حد الصواب على طول الخط... اللهم إلا من وجهة نظرنا المحدودة الضيقة...
وعلينا هنا أن نعي... أننا لسنا بهندوس حتى نصطفي شجرة أو قمر أو شمس .. الخ... لننصبها إله... كذلك علينا ألا نسمح أن يكون بيننا "رانجيش" جديد يؤسس جماعته الدينية ليقودنا نحو غايته وأهدافه... إذ لا يجوز لنا التفكير في تنصيب أحدانا ووضعه في مصاف الخالق... منزه بذلك عن الخطأ والجرم والإخفاق والتقصير... الخ... فما نحن سوى بشر نخطيء ونصيب... وهذا ما أشار إليه "المسيح" عليه السلام بقوله: (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.... فسكت القوم)... وهكذا... يتبين بعدها من سكوتهم... أن كل منهم شعر أخيراً أنه غارق حتى أذنيه في خطايا ... علها تجاوزت خطيئة هذا المرأة بكثير... ومن ثم لم يجروء أحدهم على رجمها...!!












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات متواصلة في جامعات أوروبية للمطالبة بوقف إطلاق النار


.. هجوم رفح.. شحنة قنابل أميركية معلّقة | #الظهيرة




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي شمالي إسرائي


.. فصائل فلسطينية تؤكد أنها لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي وصاية




.. المواطن الفلسطيني ممدوح يعيد ترميم منزله المدمر في الشجاعية