الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سننسبها أيضا للنازية

حسونة فتحي

2013 / 6 / 13
المجتمع المدني


ربما كان الفقر الثقافي والحضاري للتتار وهمجيتهم وحقدهم على العلم والحضارة والثقافة هو أهم الأسباب التي دعتهم إلى تدمير وإحراق مكتبة بغداد العظيمة الغنية بكتب الفنون والآداب والعلوم والتي كانت نتاج ستمئة عام من البحث والتطوير والإبداع، وربما أيضاً كان خطأ الحاكم المحاصَر" يوليوس قيصر" في دفاعه عن نفسه وعن" كليوباترا" ضد أخيها" بطليموس الصغير" سبباً وحيداً لحرق مكتبة الإسكندرية القديمة العظيمة الغنية أيضاً، وهاتان الحادثتان هما أشهر حادثتي حريق مكتبات عبر التاريخ.
ذات الفقر الثقافي والحضاري وذات الخطأ الجسيم يحاصر هذه الأيام مكتبة العريش العامة، تلك المكتبة العامة الوحيدة التي تكلفت الحكومات المتعاقبة مهمة الحفاظ عليها وتطويرها وترميمها منذ إنشائها عقب جلاء الاحتلال الصهيوني عن سيناء عام 1982م، ففي عام 2003 تم تحديث السور المحيط بالمكتبة بتكلفة نحو مئة ألف جنيه، وعام 2007 تقريباً تكلفت ترميمات وتحديثات المكتبة نحو نصف مليون جنيه وذلك كله بتخصيص مالي من وزارة الثقافة بعيداً عن موازنة محافظة شمال سيناء، لنفاجأ مساء الأحد الماضي 9 /6 /2013م بقيام جرافات مجلس مدينة العريش وتحت حراسة قوات أمن شمال سيناء بهدم السور المحيط بالمكتبة تماماً تمهيداً لإزالة المكتبة قريباً وذلك بحجة أنها تعيق امتداد شارع شجرة الدر الفرعي الممتد حتى الطريق الدائري، وقرار هدم السور جاء أمنياً فقط دون قرار إزالة أو خلافه، ويجري العمل على استصدار قرار من اللواء/ عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء لإزالة المكتبة وكذلك إزالة ونقل تمثال الرئيس الراحل أنور السادات الكائن بميدان الحرية- البلدية سابقاً- لنفس السبب، وبتقصي الأمر تبين تقدم عدد من المواطنين أطلقوا على أنفسهم" شيوخ وعواقل وشباب شمال سناء مدينة العريش" للسيد المحافظ بطلب يفيد بهدم لمكتبة ونقل التمثال، وتم وضع خطة لتطوير الميدان يتبناها رئيس مجلس مدينة العريش د. عمار جودة( عضو جماعة الإخوان) تبدأ بعمل حارات لموقف سيارات أجرة بين أحياء المدينة ثم نظر ما يمكن عمله في بقية المساحة، كل هذا دون حتى توفير مكان بديل سواء للمكتبة أو للتمثال.
عندما صعد الحزب النازي للحكم عام 33 كتب الشاعر الألماني النازي" هانز بوهست" مسرحية جاء على لسان أحد أبطالها:" كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي"، وهذه العبارة لصدق تعبيرها عن حال النازية نسبت إلى أكثر من قائد نازي حتى أنها نسبت لهتلر نفسه، وغدت كَسِمةٍ أساسية لكل فكر نازي، وهي بعيدة كل البعد بل يقع على النقيض منها الفكر الإسلامي، فالقرآن الكريم الذي هو دستور قلوبنا وعماد عقيدتنا وفكرنا أول كلمة منه أنزلها الله تعالى على نبيه الكريم هي كلمة" اقرأ"، فهل يمكننا أن نطلق صفة المسلم على من يفكر في هدم مكتبة؟ الخليفة المأمون الذي كان يهب وزن الكتاب ذهباً لكل من يؤلف أو يترجم كتاباً حتى غدت مكتبة بغداد مركز إشعاع أسهمت في براعة المسلمين الأوائل في علوم الطب والفلك والرياضيات وكل المجالات وظلت أبحاثهم تدرّس في الكليات ومراكز البحث العلمي حتى يومنا هذا، لم يفعل المأمون ذلك إلا تأسياً بالنبي(ص) الذي وضع اللبنة الأولى للعلم والتعلم وكلنا يعرف ما حدث بعد غزوة بدر وفداء الأسرى، ما نلمسه الآن في كل الدول المتقدمة من رقي وتقدم علمي وتقني كان أساسه القراءة، حتى أن معظم دول العالم تقيم المكتبات في محطات الباصات والقطارات حتى لا يضيع المواطن أي وقت دون قراءة ومعرفة، إنه الإسلام بلا مسلمين، وإن ادعاء إقامة الإسلام أمر لا يشغلكم قيد أنملة أيها السادة المسؤولون، وإلا لاقتديتم ولاهتديتم.
ولو أنني كنت ضمن رجالات القوات المسلحة الذين خاضوا غمار حرب أكتوبر المجيدة تحت قيادة الرئيس السادات، لشعرت بعار ليس كمثله عار أن يتم هدم أو نقل نصبه التذكاري من ميدان متسع احتواه لسنوات طوال وغدا من أهم ملامحه، إلى مكان آخر تحت سمعي وبصري، وأنا صاحب الأمر والقرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن