الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار العربي بين فكي كماشة

مازن جهاد وعري

2013 / 6 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اليسار العربي بين فكي كماشة

شكل "الربيع العربي" صفعة قوية على وجه اليسار العربي عموما، من خلال النتائج التي أدى اليها هذا الربيع، من وصول الأحزاب الإسلامية وتوليها مقاليد الحكم الى انشقاق وانقسام اليساريين أنفسهم ، فالبعض أيد حركات الاحتجاج او الثورات العربية والبعض الآخر عارضها بدعوى انها حركات شعبوية تحتاج الى ظروف معينة لحدوثها ولنجاحها..
فمشاركة الأحزاب المدنية في المظاهرات التي قامت في كل من تونس ومصر لم تمنع وصول الحركات الإسلامية الى الحكم بل واقصائهم لباقي الفئات التي ساهمت بشكل رئيسي في عملية إسقاط الأنظمة الحاكمة،بل إن أشد اليساريين تفاؤلاً لم يكن يعتقد أن الأمور ستصل الى هذا الحد من التحكم الإسلامي والديني على الشارع العربي عموماً بدءا من تونس وصولا الى سوريا، فأغاني "شيخ إمام" التي صدحت في ميدان التحرير تسكتها اليوم فتوى أي "شيخ" في أصغر جامع عربي....
إن البحث في أسباب ضعف اليسار عموما يرافقه بالتأكيد البحث في أسباب سيطرة الأحزاب الإسلامية والحركات الدينية على الشارع العربي.. بلا شك ان المسؤول الأول عن هذه العلاقة العكسية هي الأنظمة العربية الحاكمة التي عمدت على تفريغ المجتمع من مظاهر الحياة السياسية الفعالة والمشاركة السياسية الحقيقية التي تؤدي الى دمقرطة المجتمع وحرية الإنسان العربي و تقبله لنقد وفكر الآخر.. فمنذ قيام الراحل عبد الناصر بملاحقته للشيوعيين واليساريين عموما وكذلك للأخوان المسلمين باتهامهم محاولة اغتياله.. الى هزيمة ال67 والتي تعد الضربة الأساسية التي أدت الى انكسار الحركة القومية العربية وفشل المشروع القومي في مواجهة العدو الصهيوني،الى انهيار المنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي..جميع هذه الأسباب ساهمت في ترهل الحركة اليسارية وتقوقع تياراتها تحت مظلة الأنظمة العسكرية الحاكمة..
لقد تسبب غياب الحركة القومية عموما وغياب حامل حقيقي فعال لمشروع اليسار خصوصا في فتح الباب أمام الإسلاميين للسيطرة على الشارع العربي المهزوم داخليا المقموع سياسيا فنظموا أنفسهم ولو بشكل سري من أجل تمرير مشروعهم الفاشل تجربةً عبر السيطرة اللاشعورية على الإنسان العربي المغلوب على أمره فكان "الجامع" هو المكان الجامع الوحيد بين الزعيم صاحب الفكرة وبين الفرد المكسور أصلا..
إن وصول الإسلاميين الى الحكم في بلد كتونس (حركة النهضة) والذي كان يعد من أكثر البلدان العربية توجها نحو العلمانية أو نجاحهم في الفوز سابقا في الانتخابات الجزائرية (جبهة الإنقاذ) في التسعينيات بانتخابات ديمقراطية شهد على نزاهتها الجزائريون أنفسهم أو الحرب الإيديولوجية المذهبية الدائرة في سوريا حالياً يضع اليساريين أمام تساؤل مهم: أين هو البرنامج أو المشروع اليساري المتكامل من كل هذا..؟ فأغلب اليساريين أو العلمانيين العرب يعملون بشكل فردي غير ممنهج وسط سيطرة إسلاموية شعبوية على الشارع العربي وليس لديهم برنامج متكامل لمواجهة هذا المد الديني، وعندما نقول "مواجهة" لا نقصد بذلك مواجهة الدين نفسه وإنما مواجهة مشاريع الإسلام السياسي وتنحية الدين جانبا وفصله عن الدولة خاصة بعد الفشل الذريع الذي مني به الإسلام السياسي في مصر حاضنة الحركة القومية العربية وغيرها من الدول العربية ما بعد الربيع العربي..
إن غياب النهج الواضح كان وراء تخبط اليسار بعد نجاح المظاهرات في اسقاط الأنظمة (تونس ومصر) وما يزال حتى الآن يرتبك في البلدان التي تتهيأ لهذه الحركات المفاجئة.. فهو حاليا أمام خيارين: إما ان يساند الشارع المحتج الذي وإن انتصر فإن القوى الإسلامية ستنفرد في الحكم كون المجتمع العربي بشكل عام متدين بل يمكن القول أنه قد تمت سلفنته إعلاميا وبالتالي سيتحول الحكم الى ديكتاتورية اسلامية(مصر مرسي خير مثال) أو انه سيقف مع الأنظمة الحاكمة التي تحكم بصفة شبه علمانية وبالتالي سيساند الديكتاتوريات العسكرية..!! وهكذا يمكننا القول أن اليسار العربي "يقع الآن بين فكي كماشة..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah