الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ثقافة التطوع والعمل المأجور

عطا مناع

2013 / 6 / 20
المجتمع المدني


حديث ذو شجون اتسم ببعض ألمتعه التي شابها المُ دفين، أن تتألم يعني انك موجود، وان تكون موجوداً في زمن جرذان السفينة يعني انك بخير، وبتفسير أدق انك لا زلت قابضُ على الجمر كما تعلمنا، والجمر في حالتنا ليس بالأمر الصعب، انه قيمُ وأخلاق نشأنا عليها، وهي ثقافة العطاء التي تحولت إلى لعنة تلاحق من تبقى منا.
كما أسلفت حديث ذو سجون عنوانه سؤال يندرج في خانه السهل الممتنع، أين نحن من العمل التطوعي؟؟؟؟ جبارة هي تلك القوى التي أفقدتنا هذه القيمة؟؟؟؟ جاء الجواب كمياه النهر المتدفقة، إنها مؤسسات المجتمع المدني التي أفسدت ما تبقى فينا من قيم، قد يأخذ علي البعض هذا الكلام لكنني وأنا الذي عايشت ظاهره العمل التطوعي في الثمانينيات من القرن الماضي، تلك الظاهرة التي لوحقت من قبل دوله الاحتلال لإدراكها أن مضمون العمل التطوعي يؤسس لثقافة وطنية يتشربها قطاع الشباب الذي يمتطي ناصية التضحية والتمسك بالثوابت الوطنية.
كانت المخابرات الإسرائيلية تلاحق نشطاء العمل التطوعي في الضفة الغربية، فالعمل التطوعي مثل في تلك الفترة رأس حربة العمل الجماهيري الذي أسس للانتفاضة الأولى عام 1987، ولا أبالغ إذا قلت أن العمل التطوعي كان بمثابة الحاضنة التي تمد الحركة الوطنية الفلسطينية بالقيادات الشابة والكادر الجماهيري، لذلك كان دولة الاحتلال تستشيط غضباً عندما يشارك الشباب الفلاحين الفلسطينيين في قطف الزيتون، أو أن يتوجه الشباب والصبايا لإزالة الأعشاب من الأراضي المهدد بالمصادرة، وكانت المخابرات الإسرائيلية تنزعج إذا حاول شباب العمل التطوعي تنظيف الشوارع في المخيم أو حول قبور الشهداء. من واجبي وإنصافا لجيلنا أن اذكر حقيقة لصالح شباب العمل التطوعي، وهي أنهم كانوا يساهمون من مصروفهم الخاص لشراء السندوتشات أو المواصلات، ومن واجبي أن اذكر أن شباب العمل التطوعي شاركوا في بناء بيوت سواء للعائلات الفقيرة أو لرفاقهم، ومن واجبي أن أسجل أن المرأة الفلسطينية شاركت بقوة في هذه الظاهرة التي أسست لان تكون مشاركه المرأة في ألانتفاضه الفلسطينية الأولى ملحوظة حيث كانت دائماً في المقدمة.
حديث ذو شجون يشوبه بعض الامتعاض عندما أرى رفاقي الذي حملوا ثقافة العمل التطوعي على أكتافهم يغادرون الخندق ويؤسسوا لثقافة قبيحة تتناغم مع الحالة الانقلابية على قيمنا وثقافتنا الوطنية، ولا أجد غضاضه إذا قلت أن من يقودوا المؤسسات في فلسطين كانوا بغالبيتهم ينادون بتلك الثقافه بالفكر والممارسه وهنا مكمن الخطر.
مكمن الخطر يتمثل في الثقافه التي أنتجها لنا أوسلو، وعندما أقول أسلو اقصد تكالب ما يسمى بالمؤسسات التي تدعي أنها تدعم الشعب الفلسطيني على ضخ الأموال بهدف التخريب وتغييب الوعي، وإذا تحدثنا على الوطن العربي نجد أن هناك أكثر من 70 ألف مؤسسة غير حكومية وكانت حظوظ فلسطين ما بعد أوسلو كبيره حيث الآلاف المؤسسات المنتشرة في الضفه الغربية وقطاع غزه، صحيح أن القله منها لا زالت تحافظ على أسباب وجودها إلا أن الغالبية وقعت في الفخ. في مخيم الدهيشه حيث اسكن والذي يعتبر جزء من فلسطين كل فلسطين لقيت ظاهرة العمل التطوعي إقبالا ملحوظاً في أوساط الشباب، وبما أنني بصدد الحديث في الواقع المعاش فأنا اجزم أن العمل التطوعي تحول لمدفوع الأجر، حيث يستهجن الشباب اليوم مجرد استذكار أيام العز، وتعتبر مجنون إذا فكرت مجرد التفكير لدعوه المؤسسات ألقائمه إيجاد متنفس للعمل التطوعي فيها، هذا الطرح مرفوض لان الممول يمنع هذه المؤسسات ممارسه العمل التطوعي لارتباطه بالقيم الوطنية والمجتمعيه النظيفة. اذكر أن ميزانية العمل التطوعي لإحدى اللجان المركزية في محافظة بيت لحم وهذا ينطبق على لجان في الضفة المحتلة لم تتجاوز أل 500 شيكل، واذكر أن هذا المبلغ وكما أسلفت كان من جيوب المتطوعين، وهذا يضعنا أمام الواقع الصادم عندما نجد أن الميزانية الشهرية لإحدى المؤسسات 250 ألف شيكل شهرياً كان هذا قبل الانقلاب عليها أو الانسحاب منها، واستطيع أن اجزم أن مؤسسات المجتمع المحلي غارقه في ثقافه الإفساد لدرجه أن المقاومة الشعبية خربت من خلال توظيف قياداتها. إن المتغيرات التي تعصف في مجتمعنا الفلسطيني غايه في الخطوره حيث غياب قوة المثل لدرجه أن المواطن الفلسطيني لم يعد يثق بالقياده الميدانية التي سمنت جراء العمل المؤسسي، هذه القياده التي أوجدت فجوه عميقه بينها وبين جماهيرها التي باتت مقتنعة أنها فاسده وتعمل على نشر ثقافه الإفساد، وبما أن القياده الجماهيريه الميدانيه اصبحت سجينه مصالحها فان أدائها بات مشبوهاً، حتى أنها تعيش الرعب من خلال تحويل هذه المؤسسات لشلل وعلاقات يسهل السيطره عليها في الأزمات.
إن الثمن الذي يدفعه شعبنا بسبب أداء شريحه خانت قيمها باهظ جداً، فهم الذين يحاولون اخذ دور الحركه الوطنية الفلسطينية، وقد نجحوا نسبياً بذلك لاسباب موضوعية وذاتية، وهذا جعلهم ينظرون بفوقيه لكل ما هو وطني، ما أدى لبروز ثقافه الانجزه التي باتت تتحكم بكل شيء في مجتمعنا، ثقافه الانجزه أوجدت سياجاً لها قوامه جيش من الشباب الذي يحمل الثقافه المسطحه وطبعاً لا أعمم ولكن هذا هو هدف مؤسسات الانجزه، وهذا الشباب توهم بان تلك المؤسسات هي الوعاء الذي يمكن أن يستوعب الطاقات والإبداعات الكامنة في صدور شباب متعب وطموح .
جاء الصيف الذي كان بمثابة عامل أساسي لشحذ الهمم باتجاه العمل التطوعي، غير أننا في زمن يمشي على رأسه حيث ألهجره إلى الغرب من خلال تنظيم السفريات للشباب إلى الخارج، وقد أكون مقتنعاً عن أرى التأثير الايجابي على شبابنا الذي يشارك في مثل هذه النشاطات لكنني أجد أن حاله من الاغتراب تجتاح قطاع الشباب لدرجة ان الغالبية العظمى منهم تفتش عن فرصه للهجره وهذا ما حصل مع البعض الغير قليل.
مجرد حديث ذو شجون يشوبه بعض الوجع القادم من الماضي، والسؤال الذي يطرح على رفاق الامس؟؟؟؟ انتم عايشتم مرحلتين؟؟؟؟ مرحله مفعمه بالحرية والكرامة ومحبه الناس، ومرحله قوامها قيود من ذهب، يا هل ترى لو خيرتم للعودة الى الوراء فهل ستفعلون؟؟؟؟ اعرف انه سؤال غبي، لكنني استطيع ان ارى التعب الذي يجتاح تلك الوجوه التي كانت تحمل الامل للناس، استطيع ان ارى حاله الانفصام والانقلابات بين الاجيال، والاكيد لا ثقه يأي جيل لا يحمل هموم واوجاع الناس، ولا ثقه بمن حاد عن الطريق وانا لا اعمم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ديلي ميل: تحقيق يكشف تورط خفر السواحل اليوناني بقتل عشرات ال


.. مؤسس نادي كرة قدم للمكفوفين في العراق يروي قصته بعدما فقد بص




.. عراقيون كلدان لاجئون في لبنان.. ما مصيرهم في ظل الظروف المعي


.. لدعم أوكرانيا وإعادة ذويهم.. عائلات الأسرى تتظاهر في كييف




.. كأس أمم أوروبا: لاجئون أوكرانيون يشجعون منتخب بلادهم في مبار