الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفالنا لا يعرفوا الخوف

نشأت المصري

2013 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أطفالنا لا يعرفوا الخوف
كنت أسترخي أمام التلفزيون لمشاهدة فلم أجنبي لا أعرف اسمه لأني لا أتفاعل مع الفلم بل مستلقي أتفكر في 30 يونيو وما سوف نشاهده من الدماء والدمار وقطع الشوارع وبلطجية الأنظمة والتي هددت كل جميل في حياتنا ,, وغلاء المواد الغذائية وأفكر في توفير السلع الأساسية لأسرتي بنظرة فيها كثير من التشاؤم والملل والخوف , وفي وسط كل هذا استيقظت من غفلتي أمام مشهد في الفلم :
أب يضع ابنته في الفراش ويقبل جبينها ويتركها تنام في غرفة مظلمة لأنه أطفأ نور الغرفة وقفل بابها على الطفلة لتصبح وحيدة وسط ظلام دامس.
وعندها تذكرت طفولتي وطفولة أترابي من جيلي مواليد الخمسينات وممكن أوائل الستينات , كنا نخاف النوم ونخاف الظلام نخاف المدرسة والشارع ونخاف طريق الكنيسة , نخاف العسكري وكل من يحمل شرائط أو رتب نحاسية.
أهلينا كانوا يقصون لنا قصص مرعبة أبو رجل مسلوخة ,, العروسة أم رجل حمار , الأفاعي والثعابين والعقارب , كلها قصص خيالية ولكنها تعكس واقع مرير , وهو الجهل والقمع السلطوي وأرباب الخارجين عن القانون , والخارجين عن الآداب ومغتصبي الأطفال والبنات , والسكارى والمدمنين , وجميعها إفراز مجتمعي ينم عن الفقر والهروب من الواقع.
كنا نخاف النوم في الظلام خوفاً من الأفاعي والعقارب والتي كانت منتشرة في كل مكان وتوحي أن المدن كانت خربة لا تتمتع بالنظافة الكافية , حتى القمامة كانت تكنس بواسطة قطعان الخنازير التي تجوب أروقة المدينة في الليل وعند الفجر.
ولكن هل أهلينا كانوا مخطئين ؟ فلو تأملت الظروف المحيطة لكنت تعذرهم خوفاً على أبناءهم من الأهوال والواقع المرير , ولكنا كنا نغط نوماً وطمأنينة عندما نذكر أسم الله في صلاة قصيرة كانت تقودنا فيها والدتنا قبل النوم , وكانت تدعوا الملاك الحارس ليسهر علينا ويحافظ علينا , وفي أحيان كثيرة كنا نستيقظ من النوم لنشاهد والدنا يدعوا لنا في صلاته في نصف الليل يدعوا الملائكة لتحيط بنا ,, وهذا كان حال جميع الأسر في ذاك الوقت , ليس لهم حول ولا قوة إلا بالله العزيز القوي الجبار.
وخرجنا من هذه المرحلة بدون خسائر ولا اصابات ولا لسعات عقارب أو عقر ثعبان , ولكن هذه النتيجة كانت من الخوف المزروع فينا أم من اليقظة والتحفز لما يصادفنا من أخطار ,, أم انها عناية الله ودعوات الوالدين .
والظروف اختلفت ومن جيل إلى جيل تسلمنا راية الأبوة , وأصبحنا نفعل ما يفعله آباءنا ولكن ما كان يقنعنا ونحن صغار أصبح لا يجدي مع أبناءنا , فهم جيل جديد تعلم الانترنت وشاهد القنوات الفضائية فالأهوال التي كانت تخيفنا أصبحت أمامهم مجرد علم أو أفلام لا تخيفهم من كثرة مشاهدتها , والقصص التي كانت ترعبنا وتحفزنا ضد الخارجين عن القانون وغيرهم أصبحت ثقافة عملية تدرس ,, وأنفتح العالم وأصبح أصحاب الرتب مجرد موظفين عموميين لخدمة هذا الجيل , فلا داعي من الرعب منهم .
ولكن نحن مازلنا نخاف عليهم وعلينا فبطش الحكام واقع مرير ربما يغيب عن ادراك أبناءنا , ولكنهم استوعبوا القضية قبلنا وبدل من أن نخاف نحن عليهم هم أصبحوا قادة التغيير وتبديل الخوف بالمواجهة , لقد تملكوا حرية كنا نفتقد أن ننالها ولكنهم ملكوها وآمنوا بها , ومازلنا نخاف عليهم فرحنا نغير أفكارهم بقول أن الحاكم من الله ولا يجوز الخروج عليه ,, لكنهم آمنوا بالله لكي يغير حياتهم من ظلام العبودية إلى الحرية , ونالوا مرادهم وحدث التغيير بثورة أذهلت العالم في 25 يناير 2011م ولكن المخاوف التي شعر بها الآباء تحققت فخرج الخارجون عن القانون وتجار الدين والقتلة باسم الله سرقوا حلمهم وحريتهم ,, ولكن هيهات هذا الجيل لا يعرف الخوف ,
أطفالنا الذين هم الآن شبابنا غلبوا الخوف بالحرية ولا يستطيع أحد أن ينزع حريتهم منهم ,, وغداً لناظره قريب سواء هذا الغد هو 30 يونيو أم 30 من شهر آخر ولكن لابد أن يكون 30 هو نهاية شهر وبداية شهر آخر ينعم بالعيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية , ونهاية والفتن الطائفية .
نشأت المصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كثر البكاء يعلم النوح
حكيم العارف ( 2013 / 6 / 21 - 04:39 )
كثر البكاء يعلم النوح

الموضوع ان الشباب الحديث لم يرى وحشية الانسان عمليا التى راها ابويه .. من زوار الفجر ايام عبد الناصر ومن قبله الانجليز.

انا شخصيا لما اشوفهم فى الافلام فيديو دمى بيغلى

الشباب المعاصر يعتقد ان اذا قتله احد فمن الممكن ان يحاول مره اخرى .. (Game) وله عددمن المحاولات فى حالة فشله فى احدهم

بالاضافه انهم لم يخوضوا اى حرب حقيقيه لفتره كبيره كالتى عاشها اباؤنا ...

اعتقد ان كل شئ لدى الشباب فى مرحلة التجربه .. حتى الان .

فلنتركهم لعل بركات الاباء يجنيها الابناء

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي