الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((محاكم تفتيش )) تلوح في الافق بعد فتاوى الذبح والسلخ !!

لؤي الخليفة

2013 / 6 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول فريدريك نيتشه في كتابه (غروب الاصنام ) , ان الانسانية عاشت حتى الان على عبادة الاصنام , اصنام في الاخلاق واخرى في السياسة وثالثة في الفلسفة ... مشيرا الى ان مهمته باتت هي العمل المتواصل للكشف عن هذه الاصنام وتحطيمها حيثما صادفته .
قبل ايام طلت علينا مجموعة من اصحاب اللحى المنفوشة من احدى قاعات القاهرة الفخمة , وهم جلوس اشبه ما يكونون بالاصنام , متبرقعين بعباءة الدين , تلبس الوجوم وجوههم والشرر يتطاير من عيونهم ... القرف يصيب الناظر اليهم , ورغبة في التقيء لمن يسمعهم ... هؤلاء الاصنام افتوا بعد لقائهم المخزي ذاك بأن يذبح كل من يملك سكينا او سيفا اخاه دون ان تاخذه فيه اية رحمة او شفقة , ومن اين تأتيهم الرحمة وهم انفسهم من اباح سفك الدماء في افغانستان والصومال وباكستان والعراق واليمن والجزائر ... وما كان عصيا على هؤلاء الاصنام تبرير فتواهم تلك بتبريرات دينية وما هي في حقيقتها سوى سياسية ومادية ... فبعض من هؤلاء الجهال جاء الى هذه القاعة بناء على اوامر صدرت اليهم من اولياء النعم فيما الاعم الاغلب منهم جاء ليلتهم حفنة الدولارات الوفيرة لدى من اوعز بأنعقاد هذا المؤتمر ...
وقد فعلت فتوى هؤلاء حراكا غير مسبوق وخلقت مناخا اقل ما يقال عنه انه متشنج بين البسطاء الذين لا يزالون فريسة سهلة للتعصب والافكار المتطرفة , في حين ان بعضا اخر استل سيفه معلنا استعداده لتلبية نداء الجهاد والذود عن حياض ومكاسب هؤلاء العلماء الجهال .
لم اسمع قط بعالم دعا الى قتل الناس او تعذيبهم , ذلك ان رسالة كل عالم هي انساية في المقام الاول وتطويع كل شيء لرفاهية المجتمعات وسعادة المخلوق ... فنوبل الذي اخترع المتفجرات لخير البشرية , قرر عندما علم ان البعض من الاشرار راحت تستعملها للقتل , ان يخصص جائزته الشهيرة لمن يبدع في خدمة البشر ... واديسون بعد ان اتم مهمته وصارت الكهرباء تنير لاخوانه الطرقات وتكتسح الظلمات , قال لهم اياكم وان تلمسوا السلكين معا , ففيها نهايكم ... وقال العالم الذي صنع القطار , لا تقفوا على السكة اذ سيكون موتكم محتما ... فكل العلماء الاجلاء كانوا وما زالوا يكرسون وقتهم وبحوثهم لاسعاد الفرد واطلاق عبقريته صوب افاق اوسع وارحب تضمن امنه وسعادته محذرين من المخاطر اي كانت , كي لا يروا احدا يتعذب او يموت , الا علماء الامة فهم يفتون مع سبق الاصرار على القتل والذبح والسلخ ... والا ؟ .
المهم ان هذه الشلة من العلماء , وما ان انفض المؤتمر حتى راحوا يتدافعون فيما بينهم لاستلام مخصصاتهم الدسمة جزاء ما بذلوه من جهد جهيد طيلة ساعات انعقاد اللقاء وتحقيق او انجاز فتوى القتل ... فيما راح احدهم طائرا الى لندن للقاء صويحباته , وثان عاد الى الدوحة , ربما ليتزوج من صبية جديدة احضروها له ذوي الشأن ممن يعرف ببواطن هذا الشرير, وثالث انسل على عجل ليذهب الى مجلسه الذي يعلم فيه الصبيان القران ويغتصبهم طوعا او جبرا ... حقا انه العصر الذي حلت فيه الخرافة محل العلم والجهلاء محل العلماء ... ومع كل الاسف كان ثمة بل وجمع كبير ممن صفق لهم وحملهم على الاكتاف ... فيما راحت بعض القنوات الفضائية تكرس برامجا ولقاءات وحوارات عن هذا الانجاز الهائل , واي انجاز , في تصورهم او في تصور من يوحي اليهم افضل من فتوى القتل والدماء ...
ها انذا ارى ان الدائرة بدات تضيق وتضيق , وان قابل الايام ستكون على غير ما نحن عليه الان , طالما امتشقت عصابات الشر سيوفها من اغمادها , وصارت تلوح بها لمن يخالفونهم , ذلك ان اي متعصب يرى من ليس معه فهو خارج عن الدين والملة , واي اختلاف في الرأي بدعة وضلالة ... , وصارت تهمة التكفير جاهزة لمن يسعى الى غير ما يريد اؤلئك الجهلة ... وهنا تردني مقولة للكاتب المصري الراحل يوسف ادريس ذكرها ابان ثمانينيات او بداية تسعينيات القرن الماضي , اذ قال ان الحرية الموجودة في كل البلدان العربية لا تكفي كاتبا واحدا ... ادريس قال هذا يوم كانت الحرية في مصر وحدها تزيد عما هي عليه الان في اكثر من نصف دول العالم العربي ... فيما كانت فتاوي المشايخ انذاك بسيطة قياسا الى ما نحن فيه اليوم , اذ لم تكن تتعدى الابتعاد عن لعبة كرة القدم مثلا , او عدم التشبه بالكفار من ابناء الغرب او ما شابه ... .
ترى الى اين يريدون بنا هؤلاء الجهلة , الى اي منحدر او واد سحيق سياخذوننا ... ان الامة اشد ما تكون اليوم بحاجة الى الوقوف بوجه الجهال وقارعي طبول الحرب والموت , وسد الطرق امام فتاواهم الاجرامية التي تعددت بل وصارت تتكاثر كما الفطر , فتارة نراها تهديد ووعيد و واخرى مغلفة بأسم الجهاد وثالثة تحت مسميات الوطنية والاخلاق والدين ... ولم تجلب سوى الدمار وتزايد وطأة الارهاب وتصاعد التطرف الديني واتهام كل مجتهد خالف خطابهم بالكفر والالحاد والخروج على الملة ... .
اعتقد ان ثمة من يعد لما يشبه محاكم التفتيس , وثمة من يدعم ويمد بالاموال وغيرهم يهيء البسطاء من خلال اعلام هابط لهذا الحدث, متخذين من اسم الدين والسنة مبررا لهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا