الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللائحة الوطنية للنساء .... أو المرأة في عصمة الرجل

الحسين العنايت

2002 / 10 / 30
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


المغرب 

تهييئا  للانتخابات التشريعية ليوم 27 شتنبر 2002 ، قامت وزارة الداخلية بتوزيع الهيئة الناخبة على 91 دائرة محلية ودائرة وطنية واحدة. كما اتفقت الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، على مراوغة بعض المقتضيات الدستورية، التي تساوي بين النساء والرجال في الحقوق السياسية ،  وذلك بتخصيص الدائرة الوطنية لترشيح النساء. إن وضع كل هذه الترتيبات، بعد أخد ورد بين الحكومة والبرلمان من جهة والمجلس الدستوري من جهة أخرى، ليس من باب إعطاء الأفضلية للنساء بل لتكريس القوامة السياسية للرجل على المرأة ، وهذا في حد ذاته إجماع جديد على الدونية.

 

 فأين تتجلى دونية المرأة  في المسطرة الانتخابية؟

 

 إن الاتفاق على  تخصيص لائحة وطنية خاصة بالنساء يدل على أن المرأة المغربية مهمشة سياسيا، بحيث:

- أن الأحزاب السياسية لا تتوفر على العدد الكافي من النساء لتقديمهن في اللوائح المحلية، كما أن النساء المتحزبات  اللواتي استطعن انتزاع مقعد في بعض اللوائح  يرتبن فطريا في الدرجات الدنيا بعد الرجال؛

- أن نمط الاقتراع باللائحة، يتطلب من ناحية أولى  التوفر أو البحث عن "بارون محلي"، إن لم يكن عضوا بالحزب المعني فيجب أن يكون بالضرورة رجلا، لتنصيبه وكيلا للائحة بهدف تقوية حظوظ الحزب في الحصول على مقعد في مجلس النواب، ومن ناحية ثانية ضمان حظوظ بعض المسؤولين الوطنيين أو الإقليميين للحزب، وهم بدورهم رجال؛

- أن أغلب الدوائر تضمن فقط من  2 إلى 3 مقاعد في مجلس النواب، فلا مكان  للنساء في اللوائح المحلية إلا نادرا.  فمن بين   5873 مرشح لا يتعدى عدد النساء 269 مرشحة، بمعدل أقل من 3 نساء، أي بمعدل امرأة واحدة لكل 10 أحزاب بالدائرة الانتخابية.  ومن بين 1772 وكيل لائحة نجد فقط 26 من الإناث، أي  بنسبة امرأة واحدة على الصعيد الوطني  لكل حزب.

يتضح إذن أن المرأة المغربية مهمشة ولا تستفيد من حقها السياسي ، فما بالك  بالحقوق الأخرى التي سلبتها منها مدونة الأحوال الشخصية؟

 

 إن الحديث عن تمثيلية النساء في مجلس النواب لا يتوخى الاستجابة لبعض المطالب المشروعة للحركة النسائية، بل الهدف الأساسي منه هو تحسين مرتبة المغرب في مؤخرة لائحة الدول  بالنسبة لتمثيلية النساء في الهيئات المنتخبة. الهدف إذن هو  تلميع الصورة تجاه الخارج كما هو شأن الاستشارة الانتخابية برمتها، بحيث  لم يدل سوى 43,6  %  من الناخبين لفائدة الأحزاب المشاركة.

 

 في هذا الإطار يندرج اقتراح  اللائحة الوطنية التي جعلت قوامة الرجل على المرأة تمتد إلى المجال السياسي للأسباب الآتية:

- إن كون ورقة التصويت الفريدة تتضمن رموز الأحزاب مكررة (خانة للتصويت المحلي وخانة للتصويت الوطني)  توهم بالاهتمام بقضية المرأة وبتمثيليتها، كما توهم بالتصويت على البرنامج الحزبي؛

- إن اختيار الناخب لوضع العلامة على رمز حزب معين في اللائحة الوطنية مستمد أساسا من  اختياره لرمز ذلك الحزب في اللائحة المحلية (التصويت لوكيل اللائحة)، والعكس ليس بصحيح. وتبين  من خلال قراءة الإحصائيات التي أدلت بها وزارة الداخلية أن الفرق بين مجموع الأصوات المحصل عليها في اللوائح المحلية والأصوات المحصل عليها في اللائحة الوطنية ضعيف جدا، بحيث  لا يتعدى عدد الناخبين الذين لم  يضعوا  العلامة على رمز اللائحة الوطنية 18 في الألف؛

- إن الحملة المباشرة التي قامت بها جميع الأحزاب وسط المواطنين  تهم الدعوة للتصويت على اللائحة المحلية دون اللائحة الوطنية؛

- إن الحملة الانتخابية التي قامت بها جميع الأحزاب تركز على وكيل اللائحة، "البارون" المحلي، ولا تركز على المرتبين بعده ولا على البرنامج الحزبي، فما بالك بعضوات اللائحة الوطنية.

 

 اعتمادا على كل  ما سبق ذكره، نستنتج ما يلي:

-        أن عدد النساء اللواتي  سيمثلن حزبا معينا في البرلمان ما هو إلا حصيلة لعدد الأصوات التي حصل عليها هذا الحزب في مجموع الدوائر المحلية، وأن وضع  الرمز الحزبي مرتين  في الورقة الانتخابية هو فقط  من أجل تفادي ملاحظات المجلس الدستوري، ولا يصلح  تكرار الرمز، في الورقة الفريدة،  للناخب في شيء؛

-        أن عدد الأصوات المحصل عليها من طرف الحزب  محليا مرتبط أساسا بالمستوى الاجتماعي في جل الأحيان  أو بالمستوى السياسي في حالات نادرة لوكيل اللائحة. إنها أصوات مرتبطة بنفوذ الوكيل وليس بالبرنامج الحزبي.

 

لذا فإن عدد الأصوات التي حصلت عليها اللائحة الوطنية هو مطابق تماما لمجموع الأصوات التي حصل عليها البارونات المحلية وكلهم رجال. هذا ما يجعل تمثيلية المرأة داخل البرلمان تعتمد أساسا على الأصوات المحصل عليها من طرف الرجال/ الأعيان على المستوى المحلي.

 

لكل هذا، فإن اللائحة الوطنية  تبقى  رغم كل الحيل خرقا للمساواة الدستورية بين الرجل والمرأة في المجال السياسي، فما بالك بالمساواة التي تتضمنها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لأنها تضع المرأة في مرتبة أدنى من الرجل من الناحية السياسية.

 

 ويبقى أمام الحركة النسائية وكل الديمقراطيين المدافعين عن المساواة الفعلية بين الجنسين فضح هذه المهزلة التي تصفق لها بعض النساء الطموحات  للجلوس وسط جيش من الأعيان. إنها مهزلة  اهانة المرأة المغربية عامة والحط من مكانة المرأة المهتمة  بالشأن السياسي خاصة. 

                                                                                                          








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير


.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م




.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد


.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد




.. فتحية السعيدي ناشطة نسوية وأخصائية في علم الاجتماع