الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن دحض الواقع والانا المثالي

عصام عابدين

2013 / 6 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


انه المرض اللاعضوي , هكذا وصف الطبيب الفرنسي "شاركو" مرض العُصاب الذي لا يجدون له عله فى كُتب الفسيولوجي وعلوم التشريح . وهذا الوصف كان بمثابه بدايه فرويد فى بحثه عن علاج وتشخيص للمرض , مما جعله فى نهايه الامر يتوصل لصياغه منهج شامل لاسرار النفس التي عجز عن كشفها علماء الفسيولوجي , المنهج المعروف حاليا بـ "التحليل النفسي " والذي يرتكز فى اساسه على نظريه الكبت التي تقول بضروره تنفيس طاقه الشُحنات النفسيه المكبوته فى الهو ( اللاشعور ) والتي مازالت نَشٍطه ( مُستثاره) , اي انه فى فتره من الفترات كانت هناك دوافع ما غريزيه قد تكون دوافع غريزه الـ "الايروس - الثاناتوس او تفرعاتهم " تم قمعها وكبتها فى اللاشعور بسبب تعارضها مع قواعد الانا المثالي "العضو الذي تكون على اساس البيئه الاجتماعيه المحيطه , سواء اكانت اسره فى اضيق الحدود - او مجتمع كـ كل , بالاضافه الى "الانا الوجداني " العامل على دراسه العالم الخارجي والتوفيق بين المُتطلبات الداخلية والبيئه الخارجيه , والتي على اساسها ( اي الاخيره ) يقوم بكبت الرغبات وتحويلها الى اللاشعور في غالب الاحيان بالنسبه لعامه الاشخاص , لاعدم تناسبُها مع الوضع الاجتماعي الخارجي, وحتي يقدر ( الفرد ) على مواصلة وجوده فى المجتمع كاحد اعضاءه بدون اي نبذه له من المجتمع او ايذاء له . وحتي يستطيع فرويد علاج مرضاه المُصابين بالعُصاب ,وهو المرض الذي يعاني منه غالب سكان الكوكب تقريبا ان لم يكن الكل , بعد ان عجز على علاجهم بدراسته الفسيولوجيه أتجه الى ابداع منهجه الخاص "التحليل النفسي " امل فى علاج مرضاه , فاقتبس وابتكر عدٍة وسائل تمكنه من الوصول لعله المرض , فى مجملها تستغل اعراض المرض للوصول الى ماهيه الدوافع المكبوته حتي يقدر على تنفيسها الى الشعور حتي يزيل الكبت وبالتالى المرض النفسي . ومن الطرق التي استخدمها سيجمُند للتوصل الى ماهيه المكبوت ... " تفسير الاحلام - التداعي الطليق - الطرح - الاعراض العصابيه - الهفوات اللغويه " يظهر لنا انه استخدم شتي الطرق والمحاولات الممكنه والغير ممكنه للوصول الى معرفه شيء يجهله صاحبه نفسه (اي المريض ) . مما يجعل العملية فى غايه الصعوبه والاهدار للوقت بالاضافه الى ان اسلوب العلاج يختلف من شخص الى شخص حسب عله كل مريض وحسب الموثرات الايكولوجيه التي اثرت فى شخصه والتي ستنعكس على هيئه رموز معينه في اعراض المرض مما يُعزر من عمل المُحلل . (( تلك كانت نظره سريعه على نظريه فرويد فى الكبت )) .
بيد لي انه من الايسر على المُحلل بدل من اهدار الوقت والجهد فى تفسير احلام المريض التي تكون فى غالب الاحيان اشباع هلاسي للرغبات تُخفي المحتوي الكامن للحلم وراء قناع ما تتقنعت به , ليس له اي علاقه بالمرض فى الظاهر , بغرض الهروب من الرقيب الذي يقف على سجن اللاشعور كحارس على المساجين ( الدوافع المكبوته ) حتي لا تهرب من سجنه .
او فى محاولة اللتماس هفوه او زلة لسان من المريض تسطيع من خلاله بعض الدوافع المكبوته التقنع والهروب من الرقيب بشكل الارادي او ربما لا يحدث هذا الهروب ,
بيد لنا من ما سلف ان مُعضله المُحلل الاساسيه هي كيفيه الحصول على طرف خيط يشير الى المرض حتي يستطيع تنفيس المكبوتات من اللا شعور الى الشعور عن طريق خداعه للرقيب الذي هو فى حقيقه الامر اساس المرض واساس كل كبت .
كما سبق وقولنا اٍن الانا المثالي ( الرقيب ) يحمل فى تكوينه مجموعه القواعد التي يتعايش بها الشخص فى هذا الكون , اي مجموعة التحليلات والمحرمات التي تنص الاسره والدين و البيئه الاجتماعي الاجتماعية المحيطه بشكل عام ( ستناولهم بالتحليل فى السطور القادمه ) التي قامت بغُرس تلك القواعد فى ذات كل شخص مُنذ الطفولة بالتلقين لا الاقناع المنطقي والتفكير فى غالب الاحيان . ولذلك اقترح على المُحللين ان يسلكو سلوك مختلف عن سلوكهم الاعتيادي . اقترح عليهم التحليل والتعديل في خواص الانا المثالي بدل من محاوله التقنثع والهروب منه . الذي سيُسبب امراض نفسيه اخري بعد الشفاء من تلك الاصابه او التي بعدها - اذ ان نفس الدوافع والاحتياجات الشخصيه لا تتغير ولا الرقيب يتغير ولا الواقع الاجتماعي الخارجي يتغير ولذلك فستتكرر الفعله مره اخري وتدخل الحاله النفسيه فى حلقات شبيها بحلقات الازمات الاقتصاديه التي يمر بها المجتمع الراسمالي (وافراده ) "ازمه - ركود - انتعاش - ثم ازمه من جديد " .
حيث يتضح لنا ان اسلوب المعيشه فى النمط الاقتصادي الحالى والذي يؤثر بدوره فى تكوين الحياه الاجتماعيه الى اقصي حدود الاعتقاد في مدي تاثيره , وهو اساس الازمه النفسيه التي يتم اسقاطها علي شخص كل فرد بعد ان اصابة المجتمع ككل . اذ ان البشريه بمُضيها فى طريق الراسماليه سلكت مسار بعيد كل البُعد عن طبيعتها واحتياجاتها الغريزيه , والتي لا تقدر البشريه على تحمل عواقبه ( اعني عواقب طريق الراسماليه ) . وانا هنا اخص النقد لنمط الانتاج الراسمالي لا الحضاره بشكل عام كما قال سيجمُند فرويد فى عدد من مجلاداته , اذ ان الحضاره يمكن تسخيرها لخدمه اغراض واحتيَجَات المجتمع ككل لا فئه قليله منه ( الطبقه البرجوازيه ) والعوده مره اخري الى المسار الطبيعي "المشاعي" مره اخره الذي تنعم به الانسان لفتره زمنيه ليست بقليله قبل بدا ظهور الطور الانتاجي العبودي , وامتدادته المستمره فى السيطره على الامبراطوريه البشريه حتي اللحظه .
- العامل الثاني هو الدين , وبغض النظر عن استغلال الحُكام لة فى السيطره على الحكم منُذ بداء الطور العبودي حتي صاغ ميكافيلي فى احد نصوص كتابه الامير ليصبح اداه شرعيه فى يد السلطه , مرورا بالطور الاقطاعي ( عبودي متطور الى حد ما ) وصولاَ للعبودي الحديثه ( الراسماليه ) ,
هو ايضا ( الدين ) يعتبر من اهم العوامل المسببه للعصاب . حيث ان معظم الدوافع المكبوته كما يقول فرويد تكون فى الغالب ليبيدو جنسي يتم قمعه وكبته بسبب خوف الشخص من العقاب الذي سيتحصل عليه كنتيجه لهذه الفعله . وتلك الرهبه موجوده عند غالب مُعتنقي الاديان ان لم يكن الكل تقريبا , ولذلك فأن نفس الحديث الذي طبقناه على العامل الاول ( الراسماليه ) ينطق على العامل الثاني .اقصد انه اٍن كانت الاديان لا تتطابق مع الطبيعه البشريه التي هي فى الاساس اهم اهدافها تقريبا هو الجنس والتكاثر وهي طبيعه كل الكائنات الحيه وليس البشر فقط , فهم موجوداُ لممارسه الجنس والتكاثر مُنذ ان ارتطم اهم نيزك فى التاريخ بالارض و وَلد بفعل الضغط والحراره التي نتجت عن الاصتدام , الـحمض النووي (DNA ) مرورا بمراحل تطور الكائنات الحيه والعمليه الجنسيه , من التكاثر عن بعُد كما هو حال النباتات وبعض الكائنات الجامده ( مشلوله الحركه ) في البر والبحر , حتي بدات الكائنات بالحركه لنفس الغرض (الحصول على عمليه جنسيه اكثر جوده و ضماناَ لاستمرار وجود النوع ) ومن بعد ظهور قضيب الذكور لاول مره فى كائن حي فى اسماك القرش لتكون واحده من اهم الطفرات الجينيه التي حدثت لتدعيم العمليه الجنسيه والتاكد من حتميه وصول الحيونات المنويه الي البويضه لتخصيبها وانتاج مخلوق جديد يرسخ وجود النوع على ارض هذا الكوكب , الطفر التي انتقلت فيما لكل فصيله اللبونات تقريبا بما فيها الانسان نفسه .
ومن الواضح لنا انه كان نيزك على هيئه حيونات منويه ( لم يكن الوحيد الذي وصل الارض لكنه كان الوحيد الذي نجح فى اتمام عملية التخصيب ) اصتدم بالبويضه وخصبها فانتج كائنات منويه اخري (الحي كَكل - والبشر خاصه ) تبحث عن بويضه لتخصيبها . وهذا قد يكون الغرض الوحيد لوجودهم ان كان هناك غرض من ذلك . اما كل الابداعات فى المجالات الاخري مثل " العلوم والسياسه والفنون والرياضه والاديان والكتابه والتصوف والبناء وما الى ذلك , ما هو الا تسامي للغريزه الجنسيه . فيه يتحول هدف الليبيدو الجنسي من موضوعه الاساسي الى مواضيع اخري نتيجة كبت او نقص او عقد نفسيه وبدنيه اخري .
اطلت فى التوضيح وسهوت عن الاستنباط من اول معثطي عرضته فى السطور السالفه , " ان كانت الاديان معارضه للطبيعه البشريه " فيجب على الانسان تعديلها حتي تتوافق مع طبيعته او دحضها ان عجز عن التعديل . فما هي الا مجرد وسيلة الى خلق مُعين خارق للطبيعه البشريه يقوم بحمايه ومساعده الانسان الوحيد الضعيف ( كما تصوره الاديان ) فى الطبيعه وكل هذه الافكار وضحها فرويد وتحدث عنها فى عدد من مجلداته لا حاجة لنا هنا بسردها الان , فقط علينا التركيز على انها كانت مرحله ما من مراحل التطور فى تاريخ البشري ابتدعها الانسان حتي يجد المُعين له فاسس الديانه الاوله ( الطوطم ) والتي مازالت موجوده فى بعض الاماكن التي يسكنها الاناسيَ المتوحشه ( البدائيه ) على ما اعتقد او كانت موجوده حتي زمن قريب ماضي .
- العامل الثالث هو الاخلاق التي ماهي الا امتداد الى العامليٍن السابقين فى حقيقه الامر , ولذلك لن نطيل الحديث عنها , لانه يتلخص امرها في انها تتكون حسب البيئه الاجتماعيه التي يقطنها كل فرد وتختلف من مكان لـ اخر حسب طوبوغرافيه المكان . ولذلك نلاحظ انه هُناك بعض الاساسيات فى حيات المواطن المدني اليوميه تجدها محرمات وجُرم جسيم عند قاطني الارياف , فى نفس الان تختلف نفس الافعل عنها عند سُكان الاطراف وحدود الدول فى الحكم , عن سكان الجبال والصحاري . و فى العام انحرفاتها فى كثير من البُلدان احد عوامل قمع الرغبه الجنسيه وكبتها لـ تعارضها مع المعتقدات والفولكلور , فعلى سبيل المثال تجد علاقه جنسيه باءت بالفشل بين شخصين بسبب خجلهم من بعضهم او خوف احدهم من عواقب الفعل - كعلم احد بتلك الجريمه , التي هي ليست جريمه بقدر ما هي سنه الوجود واساس الخلود البشري الا انها تعتبر جريمه فى بعض المجتمعات التي تسيطر عليها معتقدات رجعيه منحدره فى الفكر والوعي . فتجد فى تلك الاخيره تفاشي لظواهر التحرش الجنسي والاغتصاب كنتيجه حتميه لـتحريم غايه الوجود ( الجنس ) ونبذه , كما سبق ووصفناه . فلا يجد الليبيدو الجنسي له مصرفاَ سوي فى تلك التصرفات عند عامه الاشخاص التي تفتقر عقولهم للفكر والوعي كنتيجه للعامل الاول ( المجتمع الراسمالي ) الذي جعل منهم ادوات عمل لقضاء حاجته ومصالحه الشخصيه فقط , وجردهم من انسانيتهم واحتياجاتهم الشرعيه الانسانيه الانسانيه .
وبناء على ما سلف , انا لا اجد "الانا المثالي" يحمل فى تكوينه سوي الاخطاء والمساوء بجوار الواقع الخارجي ( يحمل المساوء فى تكوينه ايضاَ ) والذي على اساسه يقوم الانا الواعي بالتشارك مع الانا المثالي فى اتخاذ قرار بقمع طاقه الشُحنات النفسيه فى اللاشعور . الامر الذي يدعم فرصة الحصول على مرض نفسي جيد ( عن العُصاب اتحدث ) المفعول بالنسبه للنظام الراسمالي وعباده , ولذلك , فلماذا نظل مُحتفظين به بعد كل تلك الحقائق التي تم سردها فى السطور القليله السالفه والتي خفي اكثر منها , اليس هذا مبرر جيد لدعم النظريه ( لم تصبح نظريه موضوعيه بعد - مازالت فكره ذاتيه في بداية صياغتها )
. اعني اقتصار عمل المُحلل مُستقبلاَ على أبادة او تعديل "الانا المثالي" بدل من خداعه . والجدير بالقول فى هذا الصدد انهُ هناك عوامل اخري متعدده تدخل فى اطار عٍلل مرض العُصاب , لكنها تعتبر تفرعات عن العوامل الاساسيه التي تحدثنا عنها ولذلك فلن نذكرها لنكتفي بهذا القدر من التوضيح للفكره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ