الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكهف السفلي و تمرد

شوكت جميل

2013 / 6 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قال محدثي:
(صدق أو لا تصدق ..لن يبدل هذا من الأمر شيئاً..ما حدث فقد حدث..وما سأحكيه..لا ريب فيه،كجلوسي إليك و جلوسك الي الآن.. على اني عاذرك في كل حالٍ .. فأنا نفسي لا أصدق و أكاد أتهم نفسي بالجنون..وهو للحق من الإمور التي لا يصدقها احدٌ؛ لانها أغرب من أن تحدث فتصدق....وهو مع ذلك من الأمور التي لا املك لها دفعا ،ولا استطيع لها انكاراً؛ لانها حدثت معي وامامي ، و شاهدتها بعيني رأسي ،و آثارها لم تزل على جسدي!).

فأجبت محدثي( وهو صديق إنقطع عني بضعة أيام على غير عادته..وهو من أكثر الناس أمانةً، و لطالما عهدت فيه الصدق ): بايمائةٍ من الراس أن يكمل..وقد ملك الفضول على كل جوارحي.
قال محدثي: فبينما أنا أتمشى أول الليل.. مذ أيام معدودات في طريقي المألوف كعهدي.. على مرمى حجرمن منزلي ..25شارع الحرية كما تعلم،وكانت ليلة رقيقة..صافية الأفق ..والنسيم يداعب وجهي رقراقا، ينساب وتنساب معه الأحلام ..و في ليلة كهذة تولد الاحلام حقاً..فلفت ناظري و أنا أتمشى نجمٌ بارقٌ بالسماء،ينضحُ جاذبيةً و غواية....فخطف بصري لأعلى .و آسر عيني فلم احفل بشيء سواه،ولم أستطع لبصري عنه تحويلا،و إذا هوةٌ هاوية تنتظر الاقدام ..من حيث لا أحتسب ،و أنا في غفلتي مع نجمنا هذا..فما أحسست إلا وجسدي يسقط كالريشة،فهويت في ما يشبه فوهة البالوعة الضخمة ...أو قل كفوهة البركان...أو قل كثقب اسود كمثل ما نشاهده على التلفاز..
و لست أعلم لما و كيف مر بخاطري في لحيظات السقوط القصيرة الرهيبة المخوفة تلك..في سرعة شريط السينما ما قرأته عن عذاب القبر..وعن زبانيه الجحيم..و وحوش الغياهب و الغيابات...والمرزبات التي تهوي على اليافوخ فراسخا...والثعبان الاقرع ذي السبع رءوس الذي ينفس فيفلق الصخر!ولم يكد يأخذني العويل والبكاء، و ما هي الا طرفة عين و إذا بجسمي يرتطم بأرضٍ رخوةٍ وقبل ان أحس بوجع الارتطام،تحلقوا حولي كما يتحلق حول الفريسة أَكَلَتها... و الحق لم تكن هناك ثمة مرزبات أو ثعابين .. إنما اناس او شيء يشبه الاناس،فلهم وجوه كوجوهنا ،و قد طالت أظافرهم و لحاهم يتزاحمون و يتكأكأون ..و إذ بهم يصيحون و يكبرون: رزق آخر عند الله، قد بعثت به و القته الينا السماء..عبد مصري،يبدو عليه الشدة و العنفوان...ويصلح أن يقوم مكان الابل.اونزج به في مقدمة الغزوات ولن نعدم له عملا في الصراع و القراع....وانا أصيح مبهوتا وقد أخذت مني الرعدة جسدي كله ..لا أعي ما قد حدث أو يحدث.. وهم يتزاحمونني ويتدافعونني، ولا اعدم لكمة من هنا و صفعه من هناك،و لكزة من حيث لا أعلم ...،كحافلة في رمسيس..وانا أصرخ مستغيثا سائلا:يا قوم الرحمة! الرحمة!...فلا يضنون بالجواب السريع بمزيد من الضرب و الاذى..
و يصيح اكثرهم بالمأثور:الرحمة خور في الطبيعة.أيها الفسل الضعيف..
..فاستعطفهم:انما انا رجل كهل في العقد الخامس من العمر..و الأخير فيما يظهر.......فما لي و الأبل و ما لي و الغزوات.و ما لي و الصراع و القراع... ثم اني رزقت كل الامراض المزمنة..و المعدية .و اخاف عليكم كما اخاف على الابل منها!.
فيقول قائلهم بلهجة بدوية جافية:خسئت وبئس العبد أنت ...متمارض و كسول...يا لك من عبد مكير..سكير شرير ..بربري من اكلة بني الخنزير...علقوه إذن الى طاحونة الشعير..
فلبوا النداء جميعهم:القول قولك أبا حنظلة، فما أحسست إلا و أتباعه يحملونني كأهون المتاع و أخفه ..و يقيدوني إلى ما ذكر .واذا رأسي تنتطح برءوسٍ كُثُر... كانت أقربها بين كتفي رجلٍ..او قل عبداً الآن .. يبدو انه كان مصريا ايضا..وهو مربوطاً للرحي و على عنقه حبالٍ كأمراس الكتان..لكنه يدور و لا ينطق..فقلت له وانا أدور تحت السوط،بصوت كالهمس الصارخ المبحوح:كيف حالك؟ما هذا المكان؟من هؤلاء؟ما هذا كله بالله عليك؟ما هذا الجنون؟اخبرني لا اسكت لك الله صوتا؟!.فلم يجب بشيء،ولا ألتفت إليّ؛و كأني أحدث آلةً تدور ولا تفقه غير الدوران...فنظرت اليه محملقا مستفسرا عن سكوته؟فانتبه انتباهة نائمٍ ثقيل النوم بين الوعي واللاوعي،و فتح فمه قليلا..قليلا،وببطيء شديد..حتى آخره ، لا لينبس بكلمه ولكن ليشير باصبعه على فيه .....واذ به بلا لسان!..اعني مقطوع اللسان؛فالله _عافاك الله_يخلق الناس جميعاً بألسنة كما تعلم...ويبدو أنه ايضا قد قطع بسلاحٍ ثلم أو حجر من صوان أو ما شابه...فآثار تشويهه في جذور لسانه باقيه كجذل شجرة خرب....فعلمت من ذلك علما،و وقع في نفسي ان هذا ما أورثته الشكاية بلسانه و الإمتعاض والتافف لحاله...فابتلعت لساني.. و آليت على نفسي واخذت العهد عليها.. ألا انطق مهما يكن من الامر،أما صاحبنا الأخرس هذا او بالادق المخروس...فعلى جبهته وسم ككواء الخيول بالمناسم ،كلمة (صامت) او( صامد) او( صابر).. لست اذكر..والتمس لي العذر..فما كابدته يذهب بالعقل و الذاكرة جميعا...على أني أتذكر فيما أتذكر .. أنهم قد وضعوا عصابه..على عيني...فأخذت أدور و أتخبط خبط العشواء...واني أقف لاقع..و أتقدم لأتأخر..و أموج وأروج؛ فلا اكاد احسن عملا ولا طحنا..فإذا بسوط ٍ يقع على ظهري ..وصوت اشد منه..حده..يصيح.:لا أباً لك...هكذا هؤلاء العبيد جميعاً..لكن لا بأس سنوات قليلة...وسوف يتعلمون الطحن بالعصابة..اما الآن فانزعوها عنه.
وبهاتين العينين و و تينك الاذنين. عافاك الله ..شهدت عجباً و سمعت عجباً .....أي والله..عجب العجاب .

توقف محدثي عن الكلام، ليلتقط أنفاسه التي بدأت الآن تتقطع..ونظر اليَّ يتفحص آثار حديثه..وردة فعلي...من تكذيب او إنكار ، فلم يرَ على وجهي غير التصديق و الفضول و التوق لمعرفة المزيد من خبره؛فشجعه ذلك على إكمال حديثه.
غزو العالم بالنصال!
قال محدثي: و من أعحب ما رأيت،أن هؤلاء النفر، كانوا يجمعون بعض العصي الجافة و بعض النصال الصدئة...ويخططون لغزو العالم بها،و يتدارسون كيف سيخضعون الأرض لهم،وكيف سيذلون العالمين جميعا ..و يحسبون كم من العبيد ومن الجواري النحاف و المربربات سيربحون في غزواتهم تلك، واين سيذهبون بتلك الوفرة إذا ضاق كهفهم بهذي العنائم..فيقول كبيرهم :نبيع من نبيع،ونعتق من نعتق،فنفوز بمتاع الدنيا ولذاتها،ونكسب الجنة بما اعتقناه!..
لا تلمس المرأة بل أرتضعها!
ومن عجائب عاداتهم و شرائعهم، ما يخص النساء،فهم يتحرجون أشد التحرج من النساء ويرونهن عورة،فالواحد منهم يأنف أن يسمع للنساء صوتا،أو يرى لهن وجها،غير أنهم لا يرون بأساً في التلذذ بسماع أصوات صراخهن تحت الجلد،و يتلذذون برؤية وجوههن المدماة تحت الرجم،أو بأجسادهن العارية تحت السحل!.
و من أغرب أمرهم مع النساء ايضاً فيما رأيت،انهم يغيرون على نسائهم كل الغيرة،حتى من ذويهم و أخوانهم،ويحرمون لمس المرأة تحريما باتا، و يرون أن سفوداً مشتعلاً بصدغ المرء خير له من لمس الأنثى، ومع هذا كله لا يرون بأساً في رضاعة الرجل امرأة صاحبه او غير صاحبه..اي نعم و الله ليرضعنها..كالطفل البريء..ولا اعلم لهذا سببا؛ فالاغنام كثيرة هناك.. وإن أحس أحدهم للسغب للبن..فما عليه الا ان يمسك باثداء الشاة،ويرتضع ما شاء،بيد أنهم يجيبونك جواب الراسخين في العلم:إنما الأمر ايها الجاهل الكافر،جلباً للعفة،ودراءا للفتنة !واني لدهش مما يفعلون......والاغرب من هذا في سيرتهم في لمس النساء ..أنه لا بأس لديهم في ان يضع الرجل الطفلة او قل الرضيعة على حجره ليفاخذها!.
أكلة بني البشر و أكلة بني الحنزير

قال محدثي:أما امر طعامهم و دوائهم فهو من أغرب غرائبهم، ثم هم لا يأكلون الخنزير..انفا و عفة ويصفونه بالقذارة..بيد انهم يضعون الاواني المذهبة..تبول بها الابل..ويشربونها دواءاً و ترياقا لجل الامراض،و سوف أنبؤك أمراًٍ،وقع أمام عيني، لم يفارق ذاكرتي،ولا أظن أنه مفارقها يوما،أقسم بالله بعقد الهاء،أني شاهدت أحد هؤلاء ذات يومٍ ،يشق جوف واحد من البشر يسمونهم الأغيار،و ينزع شيئا منه ربما كان قلبه أو ربما طحاله أو رئته،فأني قليل الخبرة بالتشريح،ثم يمضغه بين فكيه!أي نعم والله،دون أن يكلف نفسه حتى عناء طهيه.
بدأ صوت صاحبي يتهدج قائلاً: يعوزني الوقت،لأحكي لك،عمّا شاهدت،من تحريم قتل بعض حشرات و هوام أكرمها الله،وكأنه الذنب الذي ضاقت عنه رحمته!،ثم يقتلون الناس بدمٍ بارد،ويسحلونهم بعد الموت،ويعجنونها عجناً.


و أعتلت وجه محدثي سحابة مظلمة: وانا على هذا الحال الممضة وقد فقدت كل الأمل في منجاةٍ أو مهرب..ولم أعلم ساعتها كم من الايام قد أتى علي وانا قيد هذا الحال ورهين هذا المحبس..فهذا الكهف..او هذا القبو.أو سمه ما شئت.فلست أعلم ما أسميه ... لم تكن لأشعة من نور شمس او ضياء من نور قمر أن تنفذ اليه،إنما ظلمات فوقها فوق بعض..فلم أستبن. صباحا من مساء....ولكن رحمة الله واسعة..فإذا بي وانا قد بلغ بي اليأس منتهاه..وانقطعت كل أسباب الأمل .وقد أيقنت من الهلاك..و إن شئت الصدق كان الهلاك العاجل قد اصبح أملا لا يطلبه إلا المترفون في حالتنا ...واذا ببارق من السماء. يمخر هذا المكان مخرا.. و ينبجس النور جباراً عفياَ متمرداً،و اكبر الظن انه نفس النجم الذي كان بعث بي (لعنه الله) في رحلتي المريرة تلك..كلا بل رحمه الله فلقد احسن أليَّ..انما غفلتي هي السبب...فوجدت نفسي قيد ما كنت، قبل ان اهوي على مرمى حجر من داري 25 شارع الحرية كما تعلم.....و عاهدت نفسي بعدها ألآ انظر الى النجوم مرة ثانية، و أغفل عن الطريق أمامي.بل لا ارفع ناظري من تحت اقدامي..واحتاط كل الإحتياط ...واتوخى الحذر متفحصا موطيء اقدامي..وحتى لا اطيل عليك.وها قد لمحت الملل يتسرب اليك من حكايتي الطويلة تلك....فنهاية الأمر اني تسللت الى داري تحت جنح الليل متخفيا..حتى لا يراني احد..و قد بت رث الثياب......و أشعث الشعر.. و طالت لحيتي..وما إن شقشق الفجر حتى سارعت اليك..فانا لا اكتم خبرا عنك .. والفيتني عندك الان؛ عسى تفيدني بشيء او تجد تفسيراً لما حدث.ومن يكون هؤلاء وما هذا المكان.وما عسى ان يكون الامر كله؟

نظر الي محدثي. في لهفة للاجابة،،و متوجسا ان تذهب بي الظنون فيه كل مذهب..وبدلا من الدهشة و الاستغراب..اللتين قدر ان يراهما على وجهي..رأى بسمة ساخرة،و أخذت الدهشة والاستنكار موضعهما على وجهه هو لا أنا . فاجبته:لا بأس بك و لا خوف عليك،ولا تأخذك في عقلك الظنون..و لا تقلق..فقد سبقك اليها..ثلة من الاصدقاء..لكن الجميع يتكتمون الامر،وهاك علاجك..وناولته قصافة من ورق عليها حروفا ..ت....م....ر....د.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المقال لم يتهم احدا
محايد فكري ( 2013 / 6 / 29 - 01:22 )
الى الاستاذ هاني..ليس بالمقال ما هو مقزز ولبيس به اتهام لأي شريعة،هو يتكلم فقط عن فصيل من الناس،فلماذا تحمل المقال ما لا يحتمل،و تنطقه بما لم ينطق،..هو يكلم عن فصيل سياسي بلا دين،ولا يتكلم عن جموع السنة،فكفى مهاترات.


2 - تعقيبا على التعليق
شوكت جميل ( 2013 / 6 / 29 - 02:23 )
السيد/هاني شاكر
تحية طيبة وبعد
تخيلت أن تعليقك على مقال آخر و أنك لم تقرأ المقال جيدا..
اولا:ليس بالمقال أي شيئا سافلا أو .مقززا كما تقول.
ثانيا:لا يصف المقال كما هو واضح اأي مساسا بصحيح الدين،إنما الفهم الخاص الخاطيء بطائفة معينه،و لا يمثل فهم المعتدلين؛ولذلك تخيلناها تعيش في كهف معزول
ثالثا:لم أفهم قولك بغسل يديك باليتول قبل كتابة المقال و بعده!!!!!هل تقصد مقالي المتواضع هذا أم تعليقك؟
رابعا:تعليقك بما تسميه(المص).. ومحاولة البحث و التاصيل التراثي له،ليس له علاقة من قريب أو بعيد بما ورد بالمقال..
كنت أتمنى أن تقرأ المقال جيدا؛و أن تعي مقصده،بلا تجريح،وتلبيسه ما ليس فيه.

..


3 - توضيح واجب
هانى شاكر ( 2013 / 6 / 29 - 04:50 )


ألسيد ألكاتب و ألسادة ألمعلقين

أستخدامى للأوصاف .. و ألأضطرار لغسل ألأيدى .. منعكس فقط وحصرياً على ما ورد فى تعليقى أنا .. وليس على كلمات ألمقال ألأصلى للأستاذ شوكت حميل ، أو ما ورد بمقاله من أفكار

...

اخر الافلام

.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح ما المراد بالروح في قوله تع


.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة تجيب عن -هل يتم سقوط الصلوات الف




.. المرشد الأعلى بعد رحيل رئيسي: خيارات رئاسية حاسمة لمستقبل إي


.. تغطية خاصة | سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال عهد رئ




.. تربت في بيت موقعه بين الكنيسة والجامع وتحدت أصعب الظروف في ا