الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات ضمير أبله

سامي الحجاج

2013 / 6 / 29
المجتمع المدني


(يُعرف الضّمير أو ما قد يسمّى " الوجدان " هو قدرة الإنسان على التّمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التّمييز بين ما هو حقّ وما هو باطل، وهو الّذي يؤدّي إلى الشّعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقيّة، وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتّفق الأفعال مع القيم الأخلاقيّة، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كلّ إنسان.)
عندما كُنت طفلًا ثمة اشياءٌ مشاكسةٌ كثيرة ٌتسكن فيّ ومن هذه الآشياء كُنت مولعاً بصيد العصافير وبعد الصيد يبتدء الشواء ،كانت تغمرني سعادة لا حدود لها خاصة حين ادعوا احداً من اصدقاء المنطقة ليأكل معي ،وحدث ذات مرة ان بدأت العصافير تبني عشاً في شجرة منزلنا، فرحت كثيراً لآنني هذه المرة اصطادها حيّةٌ،وبدأت أراقبهن على بُعد الى أن بدأت اسمع زقزقة صغارها وحانت ساعة الصفر ، صعدتُ اليهن على سلم معدني فوجدتُ في العش اربعة ، أخذت احداهن وبدأت الآم تطير حولي وقرب صغيرها الذي بيدي يزقزق،وكنتُ قبل ذلك قد ربطت خيطاً بباب الدهليز الذي يتحكم بأغلاقه نابض (سبرنك) ،وضعت صغيرها في داخل الدهليز وقرب الباب وسحبت الخيط الى ان دخلت واغلقت الباب واصطدتها ووضعتها في علبة كرتون، وفعلت نفس الشئ مع الآب،ولكنني عند مطاردتي له داخل المنزل ارتطم بزجاج النافذة وسقط ومات،عند ذلك احسست بتأنيب الضمير فأعدت الصغير الى عشه واطلقت سراح امه,لكن وخزات الضمير بدأت تؤلمني كثيراً، وتعذبني وتمطرني بوابل من الآسئلة المحرقة,ماذا لو ان احد قتل ابي؟كيف اتدبر معيشتي ؟وكيف اتواصل مع مدرستي؟ ومن الذي يعينني ويرعاني ويوفر لي المأوى والملبس والمأكل؟ ومن ومن...؟ومنذ ذلك الحين توفقت عن ممارسة هذه الهواية المقرفة ولأن الطفولة كما قيل عنها كالأسمنت المبلل أي شيء يسقط عليه يترك فيهِ أثرًا !
غير أن دهشتي تكمن في ذاتي أكثر من أي شيء آخر, حين عشت في فنلندا وعرفت قوانينها التي ضخمت الشعور لدي بالذنب مما كنت اقترفه مع العصافير في بلدي،وجدتُ هنا اكثر البيوت تعلق في الآشجار الآطعمة للطيور, وهناك مجموعة من القوانين تحمي الطيور ومن هذه القوانين على سبيل المثال وليس الحصر ,ان من يقتل غراب متعمداً تصل عقوبته الى ثلاث سنوات سجن!
قد يُؤنّبك الضمير في بعض الآحيان وقد تتألم وتشعر بالعذاب والمحاسبة وقد يَشعرك بأنك اسوء خلق الله ولكن كُن مطمئناً اذا تفاعلت مع هذا التأنيب وأخذت بأسبابه ستصبح أطهر انسان بالوجود
ليس المطلوب دين او اخلاق او قيم او أمن او خدمات او عيش كريم..المطلوب ضمير اذا توفر وفّر كل شئ..!
في مصر بالآمس القريب حدثت جريمة بشعة في قتل وسحل رجل الدين حسن شحاته والآبشع من ذلك لم يسمحوا بدفنه!
وقبلها بفترة ليست بعيدة في لبنان قُتل الشاب المصري محمد مسلم بطريقة اكثر بشاعة وعلق عارياً على احد اعمدة الكهرباء وتم التمثيل بجثته بدوافع ثأرية مجنونة!
هذه التركيبة من النفسيات المأزومة اصبحت ظاهرة لا يستهان بها في مجتمعاتنا العربية ... وما يحدث في العراق وسوريا كل يوم من مجازر ومذابح مروعة ضد الآبرياء تقشعر لها الآبدان ويندى لها جبين الآنسانية ، ولكن الآكثر أيلاماً ان صناعة الموت هذه صناعة عروبية بأمتياز وبأيدي محترفة للآخوة الآشقاء العرب! كل صناعات العرب بائرة كاسدة فاسدة ألا صناعة الموت وتصديره الى دول الجوار فقد صنعوها بمهارة واتقان ليس له مثيل!
شاعر العراق الكبير مظفر النواب كانت له صرخة في خرائب العروبة
,هل عرب انتم؟؟
والله انا في شك من بغداد الي جدة!
الجرائم الآنفة الذكر التي حدثت وتحدث تناقلتها وسائل الآعلام اما ما خفي فأعظم وافظع. كل المصائب اتت وتأتي نتيجة غياب الضمير لآن الضمير هو ضوء الآحاسيس النبيلة في دواخل النفس البشرية وهو الرقيب الذي يهذب السلوك، وهو النور الذي نرى به الآشياء والسلوك هو انعكاس لهذا النور،فكلما كانت كمية الضوء داخل القلب اكثر كلما كان السلوك اكثر تهذبا واكثر انسانية وتحضر،واذاغاب هذا النور كان الآنسان اكثر همجية واكثر وحشية من الحيوان المفترس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال