الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر في عين العاصفة

جمال الهنداوي

2013 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحبس مصر انفاسها هذه الايام,ويترقب معها العالم ما سوف يسفر عن ذلك الاستقطاب الحاد والمخيف الذي يسود المشهد السياسي المصري على خلفية انقسام الشارع حول التحركات الشعبية المناوئة والمؤيدة لنظام الحكم الذي افرزه "تمكن"حركة الاخوان المسلمين من مفاصل السلطة الرئيسية في مصر.مما يثير الكثير من التساؤلات التي قد تبررها المخاوف من التأثير الذي من الممكن ان تحدثه مثل تلك التخندقات على سلامة وامن المصريين والتي قد تحجب اجوبتها عنا الادخنة الكثيرة التي تتصاعد من شوارع وازقة المحروسة وتعشق مفاصل النزاع بارادات ومشاريع اقليمية ودولية متكاثرة قد تشوش على امكانية المقاربة السليمة للواقع..
والاهم,وهواليقين الوحيد المتاح بين ايدينا الآن,هو ان الحكم المصري قد فقد الميزة الاساسية التي كانت توفرها له نتائج الانتخابات التي جاءت به للحكم من خلال الاندفاع السريع لأخونة الحياة السياسية المصرية بدون النظر الى الممانعة الشعبية الطبيعية تجاه التنميط والقولبة السياسية العجول تجاه ايديولوجيات متطرفة قد لا تجد نفس الهوى والقبول في ضمائر ونفوس المصريين..
فعلى الرغم من اتفاقنا مع من يذهب الى ان وصول الاخوان الى الحكم كان نتيجة عملية انتخابية كان يفترض ان تكون كلمة الشعب وخياره الحر..وان أس العملية الديمقراطية وجوهرها هو القبول بما تمخضت عنه الانتخابات وما عبرت عنه الجماهير وارتضته غالبيتها طريقا ومسارا واسلوبا للحكم..خصوصا وان تلك النتيجة التي تمخضت عنها الانتخابات لم تكن مما يمكن عده بالطارئ والمفاجئ-او الفاجع-..ولا بالغريب عن طبيعة وتركيبة المجتمع المصري ولم تحد عن الاشارات الكثيرة المتناثرة على طول وعرض المشهد السياسي العربي والتي تسرف بالتلميح على النشاط والدأب المتقادم لحركات الاسلام السياسي وتمدده وتشعب خيوطه وتشابكها في افق واسع فضفاض من العلاقات المعقدة مع المجتمع ..
ولكننا قد نجد العذر للجماهير الرافضة لحكم الاخوان من خلال ان الصندوق لا يعد تفويضا كافيا الا من خلال الايفاء بالالتزامات والعهود الواردة في الخطاب الانتخابي الذي سوق للاخوان كرواد لمشروع نهضوي وتنموي يخرج مصر من قمقم الاختناقات الاقتصادية والسياسية ويطلقها لما تستحق من مكانة ضمن منظومة المجتمع الانساني وهذا ما فشل فيه الاخوان المسلمون مقابل اندفاع مقلق ومربك نحو استكمال مرحلة"التمكين",الحلم الاثير لقوى الاسلام السياسي مما قد يشير –او يؤكد- بان الترويج للخيار الديمقراطي لم يكن الا تقية للولوج الى مراكز الحكم العليا اكثر منه اسلوب ومبدأ لتحقيق شعار الدولة المدنية الحديثة التي قامت لاجلها الثورة المصرية ..
اذ انه لم يطل الامر حكم الاخوان حتى تضعضعت شعاراتهم الوطنية امام مغريات التموضع فوق رقاب العباد والامساك بمقاليد الامور ليقوم باعادة انتاج تقنيات الحكم القمعي المستبد والنفخ بالازمات لاطالة أمد هيمنته على مقدرات الحكم بطرق ملتوية، دون الأخذ في الاعتبار مطالب الجماهير وقيادات الثورة الشبابية والنخب السياسية الاخرى, وهذا ما يجعل العديد من ابناء الشعب المصري وقواه الحية في شعور بانهم في حل من البيعة التي عبر عنها صندوق الاقتراع, ان لم يكن هو الحنق من تلك البيعة التي اوصلت الاخوان للحكم.
كما ان ممارسات الحكم في تحشيد وتجييش الشارع الموالي تجاه الاحتجاجات الشعبية قد يشي بقصر نظر كبير من خلال تصور امكانية كسر الارادة الشعبية الحرة من خلال استخدام الاساليب القمعية المستنسخة عن سياسات السلف المخلوع..او العمل على احتواء قوى الشارع وترويض طلائعه الثورية باستخدام سياسات العصا الغليظة التي لم تكن التجارب الكثيرة في صالحها..فمثل هذا قد يشير الى عجز عضال عن استيعاب منطق التاريخ وطبيعة التحول التاريخي الذي انطلقت شرارته من ميدان التحرير وتعود الان لتصحح مسارها من نفس الارض التي تعمدت بدماء وعرق وصلابة الشعب المصري واصراره على تشكيل واقعه حسب خياراته وارادته الحرة التي اعادت لمصر دورها القيادي الرائد..
ان الكلمة العليا ما زالت لقوى الشعب الثائر ..وما زال الخير معقودا في نواصي الوعي الشعبي بحتمية الانتصار في معركة الحفاظ على نقاء الثورة ووجهها الناصع واولية اهدافها بالحكم المستند على مبادئ الحرية والمساواة والكرامة والعدالة وحقوق الانسان..وكل الامل في شباب مصر العظيم في استعادة زمام المبادرة وافشال المخططات التي تستهدف حرية الشعب ومنجزه الثوري العظيم..
نتمنى للاهل في مصر العزيزة ان تمر عليهم هذه الايام بردا وسلاما وان يلهم الله شعب مصر وقياداته السياسية السبيل نحو تحقيق المصالحة الوطنية التي تعيد للوطن بهجته وامنه وموقعه الرائد ضمن المنظومة الدولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها