الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاختلاف في تحديد بداية شهر رمضان المبارك

زاهر نصرت

2013 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعلنت سلطنة عمان قبل أيام ان يوم 10/7/2013 هو اول أيام شهر الفضيلة شهر رمضان ، شهر الطاعة والغفران ، لقد سارت السلطنة في تحديدها هذا اليوم على أساس الساعة الكونية التي يسير بها نظام الكون والذي لا يأتيها الباطل او يحل بها الخلل .

ان العالم الإسلامي يعاني في كل سنة عند قدوم شهر رمضان الكريم بخلاف مستديم في تحديد اول أيامه ، فنجد ان بعض الدول تصوم عن بعضها الاخر بفارق يوم واحد او في بعض الأحيان يصبح يومان وما يترتب على ذلك في تحديد عيد الفطر لاحقاً ، والعلم الحديث قادر على قياس الزمن لجزء من مليون من الثانية ، حقاً ان أمور العالم الإسلامي غريبة ووجه الغرابة يكمن باعتقادهم في صحة الأسس العلمية تارة فيركنون اليها في صلاتهم وامساكهم وافطارهم او أي شأن من شؤون دنياهم ثم يعودون فيكفرون بها تارة أخرى .

فالكون – بلا شك ، وكما نعرفه من خلال علومنا الحديثة بمثابة ساعة كونية دقيقة غاية في الدقة ومتقنة اعظم الاتقان لأنها من صنع الله الذي قدر فسوى وعلى هذه الساعة المضبوطة نعتمد ونحن مطمئنو الفؤاد ومرتاحو البال ، صحيح اننا لا نستطيع ان نرى هذه الساعة الكونية كما نرى ساعاتنا التي نضعها حول معاصمنا لكن العالميين ببواطن الأمور والذين ينظرون الى الكون نظرة أعمق وأشمل وأعم ليدركون ان حركة الأرض والقمر والشمس والكواكب والنجوم والمجرات والمذنبات تضع امام اعيننا وفي عقولنا كما ذكرته في بداية هذه المقالة نظماً لا يأتيها الباطل او يحل بها الخلل !! .

فالعلماء الذين يتعاملون مع قوانين الكون ونواميس الوجود ، هم وحدهم الذين يعلمون انهم امام افلاك متقنة وأزمنة محددة ودورات مقننة ، وهم بتطلعهم الطويل الى الاجرام السماوية واستعانتهم بأجهزة ومعدات ومناظير فلكية متطورة قد استطاعوا صياغة كل هذا الابداع في معادلات وقوانين توضح لنا بجلاء ما يغم على عيوننا القاصرة وعقولنا المحدودة ، فاذا بالكون العظيم يتجلى لنا بصورة أروع وابدع وأوقع من كل ما رآه الاقدمون ، او ما يراه رجال الدين !.

والذي قد لا يعرفه بعض أئمة الدين ان الزمن حركة او ان الحركة زمن ، ثم ان التقويم الزمني الذي يعتمدون عليه في نتائج الحائط او الجيب او المنشور عن طريق وسائل الاعلام لا يأتي من لا شيء ولا ينبع من فراغ بل جاء أساساً من حركة الكون المضبوطة . واذا كان أئمة المسلمين في شك مما أقول ، فعليهم ان يعودوا الى القرآن الكريم ليستلهموا منه فصل الخطاب " هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك الا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون " ، " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا " ، " فالق الاصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم " ، " والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون " ، " وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى " ، " والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم " .

كل هذه الآيات وغيرها تشير بوضوح او من طرف خفي الى ان الزمن الفلكي او الكوني او الأرضي انما هو انعكاس حقيقي لحركة الكون وما حوى والفضاء وما طوى . وطبيعي ان رجل الدين لا يستطيع ان يرى الاتقان في التقدير والدقة في التسخير والابداع في التسيير والانضباط في الافلاك ، الا اذا درس القوانين الصامدة والمعادلات الاصلية التي تحكم هذا الكون المحيط فاذا بها تريه ما لا يستطيع هو الاجتهاد فيه ، او الاعتراض على ما يطويه .

والى هنا ، ورغم تقدم العلوم الفلكية تقدماً عظيماً – أرى الذين لا يعلمون عن أمور هذا التقويم الكوني المضبوط شيئاً لا يستفتون الذين يقدرون ويحسبون ويعلمون عدد السنين والحساب - ارضياً وقمرياً وشمسياً ونجمياً او ما شاءوا من مواقيت ولهذا يركبون رؤوسهم ويذهبون لتسجيل رؤية هلال رمضان او شوال او أي شهر من الشهور القمرية التي لهم فيها مآرب ، وهم في هذا التسجيل يعتمدون غالباً على عيونهم ولا يعرفون ان العين أحياناً ما تخدع او هي قاصرة جداً بالنسبة لأجهزة الرصد الحديثة وحتى هذه الأجهزة المتطورة غير ذات موضوع فيما يريد أئمة المسلمين الاختلاف فيه او الاتفاق عليه لان منازل القمر ودورته وزمنه محسوبة جميعاً بدقة متناهية والذين حسبوا وقدروا قد تنفر نفوسهم من أنماط تفكير الذين يتدخلون فيما لا يعرفون .

وقد يقول قائل : ان كل هذا الكلام مردود عليه بآية صريحة وبحديث شريف ، فالآية تقول " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ، والحديث يقول " صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته " . وبدون الدخول في التفاصيل والمتاهات أقول ان رؤية الهلال قد لا تثبت في كل البلاد كما انه لا يمكن توحيد مواعيد الصلاة او الإفطار او الإمساك في جميع هذه البلاد ، فرب صائم ينوي الإفطار في بلد ما وإذا بالأخر يمسك عن الطعام في بلد اخر او ان احدهم قد يصوم ثماني عشرة ساعة في حين الاخر قد يصوم 12 او 15 ساعة في الوقت ذاته ، أي انه لابد من الاختلاف هنا ولا يمكن توحيد مواقيت صلاة او صوم او حتى أعياد ولهذا لم تعمم الآية فتقول (( فمن شهد منكم الشهر فلتصوموه )) بل قالت (( فليصمه )) أي ان الذي يرى يصوم فاذا غم عليه فليأتمر بما أمرته به شريعته اما اذا يسر العلم أموره فليأخذ بأسباب العلم لأنه قائم أساساً على النظم الكونية التي تجري كساعة مضبوطة .

والقول الفصل الان : اما ان نثق في نظم الكون التي جاءت من عند الله ونثق في العلم الذي لم ينشأ من فراغ بل هو اظهار لعظمة الله وابداعه في كل ما خلق فسوى فأتقن فتجلى فسار كل شيء وفق نواميس لا خلل فيها ولا فوضى ... واما ان نركب رؤوسنا وتتجمد افكارنا ولا نساير الزمن ومن تجمد في فكره او عاش بزمن غير زمنه فقد ركد والركود جمود والجمود موت والعياذ بالله من جمود لا ناقة لنا فيه ولا جمل وحتى لا نكون اضحوكة العالمين ، واخيراً وليس اخراً من حق أئمة المسلمين ان يختلفوا في تفسير او فتوى او تشريع ، لكن ان يتفلسفوا ويتعالموا ويتعالوا في امر من أمور هذا الكون العظيم ... فهذا ما لا يقره منطق ولا عقل ولا دين .


زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ