الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


س مكعب ضرب ص مكعب

هيبت بافي حلبجة

2013 / 7 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



إذا سألت أحدهم من هو الإله ، لأجاب ماركس هو الطبيعة ، وأما هيجل فيؤكد هو العقل الكلي ، اللوغوس ، وهاهو جان بول سارتر ينتقد زاعماُ : هو غير موجود ، أنا أبحث عن الكوجيتو ، وأما توما الأكويني فيصرخ هو رب العالمين ( الآب والأبن وروح القدس ) ، وربما تهانف أحد المتحذلقين الماهرين في وعي جدلية المعاني : وما هو الفرق ما بين تلك الأجوبة سوى إن أحدهم يجذب أنتباهنا نحو ( شيء) تآلفنا معه وأوتلف في داخلنا وكأننا بتنا نعرفه ، أو بتنا نزعم أنه جزء من حياتنا أو وعينا ، أما أنا فأقول دعونا نؤجل الإجابة إلى ما بعد معرفة جوهر س مكعب ضرب ص مكعب .
إذا سألت أحدهم أين أنت ، لأجاب أنا في طريقي من بغداد إلى أربيل ، أو في طريقي من باريس إلى القاهرة ، أو أنا على الشاطىء اللازوردي ، أو أنا في مقهي ليلي في أمستردام ، فيرد عليه الآخر ، وكأنه أدرك تماماُ أين هو ، وفي الحقيقة أنه يجهل تماماُ أين صاحبه ، وهو لم يعرف سوى أرتباط لغوي ، وربما مسافاتي ، وفي أفضل الأحوال مكاني ، ما بين مدينة أسمها باريس ومدينة أخرى أسمها أربيل وكائن أو جسد أسمه ( صديقه ) .
إذا كان لدينا خط مستقيم ، أو منكسر ، أو مائل ، أو منحرف ، أو ملتوي ، أو يرسم دوائر متقاربة أو متباعدة ، أو يتكاثف هنا أو هناك ويخلف نقاط أو قطع من خطوط متآكلة ، فهل هو كذلك !! فهل يتمتع بتلك الصفات أو النعات كما لو كانت جزءاُ منه !!
إذا كانت لدينا س زائد ص ، وعلى فرض إن س هو رقم عددي وإن ص هو الآخر رقم عددي ، فهل الحاصل هو ما يجمع س و ص حقيقة ، أي إذا كان لديك أربع تفاحات ، وقلت أنها جمع 2 زائد 2 ، فهل قولك صادق فعلاُ ، أم إن لديك ، تفاحة وتفاحة وتفاحة وتفاحة ( هذا إذا أعتبرنا التفاحة تفاحة جدلاُ ) ، أي هل أربعة هو حاصل جمع 2 زائد 2 ، هل عملية الجمع الحسابي حقيقية في الطبيعة !!
إذا كان لديك ص ناقص س في معادلة رياضية ، فهل يحق لك فعلاُ أن تنقص س من ص !! وكيف يمكن أن تقوم بعملية الطرح !! هل فكرت يوماُ كيف تنقص شيئاُ ما من شيء آخر !! وهل بمقدور أي شخص كان أن ينفذ هذه العملية !!
ماذا سيكون شعورك لو عرفت إن الإنسان ما هو إلا كائن مكاني ، يتصرف وفق محتوى المكان ، يتكلم مكانياُ ، يفتكر حسب معطيات المكان ، يحسب مكانياُ ، يحلق في الأجواء مكانياً ، يملك حواساُ مكانية ، وكأنه لايستطيع تجاوز المكان ، هو المكان ، هو منطق المكان ، هو أحساس المكان .
هل تود أن ترى مصيرك في عام 2023 وأنت في عام 2013 ؟ هل تود أن تشاهد بأم عينيك كيف أحرق نيرون روما ؟ هل تود أن تكشف النقاب عن سر جريمة قتل حدث لأحد أفراد عائلتك أو لأحد أجدادك ؟ هل تسعى إلى معرفة ظروف مدينتك قبل مائة عام ؟ هل تعتقد إن هذه العمليات الأربعة هي صعبة جداٌ إن لم تكن مستحيلة ؟ في الواقع إنها أسهل بكثير من عملية الجمع والطرح .
ما هو رأيك لو كان المكان مثل تفاحة تقذفه في الهواء ، تدحرجه على الأرض !! ما هو رأيك لو كان المكان موجود هنا وليس موجود هناك !! له كثافة كبيرة هنا وتخلخل تام هناك !! ما هو رأيك لو إن المكان مثل الغيوم تسير ، تسبح !!
ما هو رأيك لو كان الزمن مثل قارورة مملؤة ، أو مثل أخرى فارغة !! ما هو رأيك لو أنك تترقب الزمن كما تترقب هطول الأمطار !! ثم ألا ترى إن الزمن شيء يصعب أدراكه كما لو أنه كان هناك أو كأنه غير موجود في محل ، هو حاضر ، سائل ، غائب ، تمسك به فيقبض عليك !!
هل تصورت يوماُ إن ولجت في كهف فشاهدت المكان هنا ، والزمن هناك ، والتجريدي في موضع ثالث ، أو ربما أبصرت منطقة مشتركة من تلك المفاهيم الثلاثة ، أو منطقة مشتركة ما بين أثنين منها ، وهل خطر على بالك أن تتنازع تلك المفاهيم فيما بينها وكأن أحدهما يفني الآخر !!
قد تستغرب عزيزي القارىء من السر الذي يجمع ما بين كل هذه الأمثلة ، وأمثلة أخرى مشابهة لها ، وتسعى جاهدا في فك رموز هذا المشترك ما بينها ، في الحقيقة لايوجد سر بقدر إن هذه الأمثلة وغيرها تدلل فقط على فحوى موضوع مفاده أن الفضاء الذي نعيش فيه يملك منطقه الخاص به ولا يجوز أن نفرض عليه منطقنا البسيط الساذج .
نحن إزاء فضاء أعقد بكثير ، وأوضح بكثير من أطروحة فرويد ، عقدة أوديب ، والجنس ، وما تحت الشعور ، رغم الأهمية القصوى لهذه المقولات ، ومن أطروحة هيجل ، الفكرة المطلقة ، ومبدأ التناقض في حيثيات الوعي ، ومن أطروحات ماركس ، التشكيلات الأقتصادية التاريخية ومسألة علاقات الأنتاج ووسائل الأنتاج ومحتوى الآلة العلمية رغم الدور التاريخي البنيوي لهذه الرؤيا في موضوع التجربة البشرية ، ومن أطروحات فرضية وجود إله مبعثر ، إله ذاتي ، على الرغم من المكانة العالية لهذه الفكرة في الوجدان البشري ووعيه كأحد مكونات التاريخ الحدثي والموضوعي .
نحن إزاء فضاء أصعب بكثير من تلك الخطوط المستقيمة أو المتداخلة ، من تلك الجاذبية النيوتونية السطحية التي لاتصدق إلا في مجال جزئي صغير ، من تلك العمليات الحسابية والرياضية التي تبدو كشرط مكاني في تحريك عقولنا .
نحن إزاء فضاء قد يناسب في نشوئه ونموه وتطوره ما يسمى الآن بالرقمي أو الديجيتالي أو التجريدي ، فنغدو على أثر ذلك موسوعة رقمية تفك رموز الإله ، الزمن ، المكان ، الموقع الفضائي ، الخطوط المتعاكسة ، محتوى الرياضيات والفيزياء .
نحن إزاء فضاء قد يوحي إلينا في المستقبل بأطروحات جديدة ، أطروحات كانت غائبة كلياُ ، ثم ظهرت لتعيد للحياة ، للتاريخ ، للتجربة البشرية الأبعاد والمقومات العلمية والمعرفية الفعلية .
نحن إزاء فضاء قد ينقذنا من ( المكان ) الذي بتنا جزء منه ، ونتخلص من هذه الذهنية المائتة ، التي لاتستخدم إلا المعايير الأولية والسطحية في أدراك وتفهم المعطيات الدقيقة .
نحن إزاء فضاء قد يمنحنا المقدرة على إعادة صياغة المعرفة البشرية من خلال معادلات عديدة منها على سبيل المثال دور الكائنات الدقيقة ، تلك الكائنات التي ، على ما يبدو ، هي المسؤولة ، من طرف ما ومن زاوية ما ، عن أستمرارية بقاء الإنسان حتى الآن .
نحن إزاء فضاء قد يتصرف على ضوء س مكعب ضرب ص مكعب ، وعلى ضوء زمن يتحرك ، لايقيد نفسه ، لا يقبل الأصفاد ، زمن يتداخل مع مفهوم ( الأحلام التنبؤية ) ، تلك الأحلام التي من أجلها كتبنا هذا المقال ، كيف ذلك ؟
نحن نقسم الأحلام إلى ثلاثة مجموعات ، منها الأحلام الشعورية التي تتعلق بوضعية الجسد مباشرة ، والأحلام الدفينة ( ما تحت الشعور ) التي تتمظهر حول الرغبات والنزوات التي تنغرس في النفس كما لو إن هذه الأخيرة غدت أسيرة لها ، والأحلام التنبؤية التي أود أن أوضح علاقتها ، من جهة ما ، مع كل تلك الأمثلة السابقة .
دعونا نفترض أنك حلمت حلماُ تحقق تماما بعد ثمانية أيام ، فتتساءل كيف يتم ذلك ؟ وزعمت أن وعيك ، ذهنك ، المادة المدركة الواعية لديك ، هي التي تقفز إلى هنا وهناك في محيطك ، وتأكدت من وجود مخطط مدروس من قبل جماعة معينة لتنفيذ مضمون ذلك الحلم الذي حلمت به ، فلم يكن منها ، وهي الحريصة عليك ، إلا أن تخبرك عن طريق الأحلام لأنها لاتملك سبيلاُ آخراُ .
لكن هذا الأستدلال من قبل المادة المدركة الواعية قد لايضمن تماماُ النتائج التي صبت إليها الجماعة ، ماذا لو أنها غيرت رأيها ، ماذا لو أستجد ما يمنع أو يعرقل تنفيذ ذلك المخطط !!
أنني لاأرتاب أبداُ إن المادة المدركة الواعية تجوب الآفاق ، الفضاء ، بطرقها الخاصة ، وتبصر كل شيء ، وتتبادل مع ( المادة المدركة الواعية ) للآخرين ، ومع الطبيعة ، كل مايمكن أن أسميه ( السيالة الذاتية ) ، كما أنني لاأشك مطلقاُ من أنها هي المسؤولة عن الأحلام التنبؤية .
لكن الحلم التنبؤي هو الحدث الذي يتحقق ، وتحقق فعلاُ ، وكأن هذه المادة المدركة الواعية قد قفزت إلى المستقبل ورأت بأم عينبها حدوث الأمر ، فما كان منها إلا أن تخبرك به عن طريق الحلم لأنها على دراية تامة إن الأمر يهمك جداُ .
رغم قوة المنطق في هذا الأفتراض إلا أنه منقوص ومبتور ، كيف ذلك ؟ إن الإشكالية الكبرى هي أننا فريسة اللحظة الراهنة ، الآن ، التي إن أعتقنا من سطوتها وحركنا الزمن ، أو اللحظات ، وجعلناه مثل حبل يمكن أن تذهب إلى أي حد معه ، إلى الأمام ، إلى الخلف ، عندها تبصر الأمور بطريقة مغايرة ، بطريقة مرنة .
سأضرب مثلاُ مكانياً ، ماذا لوكنت ، أنت بالذات ، في باريس ، وفي نيويورك ، وفي القاهرة في نفس البعد المكاني ، فالخط الواصل ما بين هذه المدن الثلاثة هو خط وعيك ، فلا تحتاج إلى أي وسيلة نقل لتتحرك عليه ، لأنك ، ومن حيث المبدأ والوجود ، كائن عليه وفيه .
الآن ماذا لو كان ( أحمد ) في لحظة ( 30 ، 6 ، 2013 ) أي لحظة اليوم ، وكنت أنت في لحظة ( 30 ، 5 ، 2013 ) أي لحظة قبل شهر ، وكان ( سعيد ) في لحظة ( 30 ، 7 ، 2013 ) اي لحظة بعد شهر ، وتبادلتم الأخبار والوقائع دون أن تدرون أطلاقاُ في أي لحظة حقيقية أنتم ، ولنفترض إن وعيكم مثبت تماما ، وفقط تماما، على تلك اللحظات دون غيرها .
ما سترويه أنت ( أحراق روما ، جريمة أغتيال الشيخ معشوق ) سيكون كشفاُ للنقاب عن خبايا الماضي وأسراره بالنسبة لأحمد ، وما سيرويه سعيد ( وضع مرسي ، وضع سوريا ) سيكون بمثابة حلم تنبؤي لأحمد ، وما يرويه أحمد هو الآن المكاني في هذه اللحظة .
والآن لو ألغينا كل من أحمد وسعيد ، وكنت أنت موجود في هذه اللحظات الثلاثة في عين البعد الزمني ، فسوف تشاهد بيسر كل من ( ماضيك ومستقبلك وحاضرك ) .
هذا مستحيل الآن لأننا مكانيون ، لأننا مكبلون بمليار قيد وتصور ، لكن ينبغي أن ندرك أن ذلك الحلم التنبؤي لم يكن حلماُ تنبؤياُ إنما واقع حقيقي قد حدث وكانت مادتنا المدركة الواعية هناك تبصر وتشاهد الحدث ، كما نشاهد أي حدث في الآنية الحاضرة . ( سنعود إلى هذا الموضوع ) وإلى اللقاء في الحلقة الحادية والعشرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتنا استاذ
عاصم ( 2013 / 7 / 1 - 12:38 )
رائع استاذ ومزيدا من هذا التنويرالفكري والعلمي الخارق


2 - سؤال
عبد الله خلف ( 2013 / 7 / 1 - 13:15 )
هل الكاتب ملحد؟ .


3 - نيوتن
رعد كبوتا ( 2013 / 7 / 2 - 04:46 )
نحن إزاء فضاء أصعب بكثير من تلك الخطوط المستقيمة أو المتداخلة ، من تلك الجاذبية النيوتونية السطحية التي لاتصدق إلا في مجال جزئي صغير ، من تلك العمليات الحسابية
والرياضية التي تبدو كشرط مكاني في تحريك عقولنا

نظرية نيوتن ليست سطحيه بارجل وليس صحيحا انها لاتصدق الا في مجال جزئي صغير بل هي نظريه تنطبق على معظم كل الاشياء التي نتعامل بها في حياتنا اليوميه وهامش الخطأ فيها ضئيل جدا حتى في تفسيرها لحركات الكواكب والاجرام السماويه وقد جاءت النسبيه بنتائج ادق بالتاكيد ولكن الاختلاف بنتائج النظريتين لايصبح واضحا الا عندما تتعامل مع الاجرامذات الكتل الهائله.
ثم الصراحه لم افهم اي شئ مما تريده في مقالتك فعذرا.

اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد