الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحيا مصر ام الدنيا

حسين رشيد

2013 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



اثارت قضية مقتل الشيخ حسن شحاته الكثير من الردود الفعل المتعقلة والمتشنجة مع الاختلاف بوجهات النظر على الصعيد الثقافي والاجتماعي الشعبي والديني في مصر، وعلى ذات الاصعدة في العراق، حتى ان البعض وخاصة من الادباء والكتاب ومن ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي دخل بقوة وعنف كتابي، وهو يندد ويستنكر هذا الجريمة البشعة، داعيا ادباء ومثقفي مصر الى ادناتها واستنكارها. مذكرا اياهم بانهم اصحاب حضارة تمتد لالف السنين واصحاب منجز ثقافي وفكري وفني فكيف يحدث في بلاد مثل مصر. جاهلا ان ادباء ومثقفي مصر قبل ايام من وقوع الحادثة سحبوا شرعية الحكومة، مثلما منعوا دخول وزير الثقافة الى مكتبه، لانه حاول الاساءة الى وجه وتاريخ مصر الحضاري والثقافي.
المؤسف له ان هذه القضية بينت بعض من طائفية المثقف العراقي الضامرة في ثنياه، كما بينت مدى سطحية البعض الاخر في النقاش وعرض وجهات النظر، وتعصبهم وانشدادهم المذهبي. هذا مع عجزهم شبه التام في اي حراك ثقافي او مدني يراد منه اعادة بغداد والعراق الى واجهة الاشراق والابداع والتحضر.
لكن الغريب بالامر والمفجع، انهم نسوا او تناسوا ان العراق بلد الحضارات والامجاد ايضا وهو من علم الكتابة والقراءة، وهو بلد الانبياء والاولياء والصالحين، وقد قتل المئات او الالف من شبابه على الهوية او الاسم او اللقب، وليس المعتقد كما في قضية شحاته، اين كانت هذه الاصوات من احداث بورسعيد الدامية، وقتل الاقباط وتهجيرهم، وحرق الكنائس، واين هم من قتل وتهجير مسحيي العراق، وقتل الايزيديين والصائبة وغيرهم من الوان الطيف العراقي.
*******
اما المستوى الشعبي والاجتماعي فقد كانت ردت الفعل في الاوساط الشعبية طبيعية جدا وعادية فالكل مشغول بامتحانات الصفوف المنتهية، وبمباريات منتخب الشباب في نهائيات كاس العالم للشباب، وبحرب الملاعب والمقاهي التي اندلعت مؤخرا وهي تزهق اروح شبابنا الغالي، وحرارة الجو وانقطاع التيار الكهربائي بالرغم من وعود الحكومة بتحسنه، ووو عشرات المشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي. الذي لم يلتفت للامر الا من خلال بعض لافتات التعزية والاستنكار التي علقت من قبل جهات دينية عراقية في الاحياء الشعبية، تستنكر وتدين الجريمة. التي ادينت من قبل كل القوى والتوجهات الاخرى، كونها جريمة ضد الانسانية في المصاف الاول.
*******
ربما لايخلو فلم مصري او مسلسسل تلفزيوني، الا وتم تصوير بعض مقاطعه في السيدة زينب وحي الحسين ، او مثلما يسميه ابناء مصر، سيدنا الحسين، وليس كما نسميه نحن "الحسين" فقط. مصر لم تعرف التحارب الطائفي او المذهبي بشكله المعلن، او التعصب الديني والتطرف، مصر البهية مصر الثورة والتغيير، مصر الحرية مصر الملايين التي خرجت زاحفة لتنحية وتخزية الاخونة وحكمهم، مصر الجمال والغناء والفن والحارات وعوالم نجيب محفوظ،، مصر احمد امين وطه حسين وعباس العقاد، واحسان عبد القدوس، وتوفيق الحكيم، ورومانسية عبد الحليم، كبرياء ام كلثوم وعبد الوهاب، مصر بليغ حمدي وكمال الطويل واحمد رامي، وكارم محمود وعبده الحامولي واحمد فواد وامل دنقل ورياض السنباطي والقائمة تطول وتطول لقامات مصر الابداعية الثقافية والفنية والفكرية، مثلما يطول الكلام عن اثر مصر في ثقافتنا العربية الرسمية والشعبية. فلا تحمول مصر اكثر مما هي بها ولا تتحاملو على مصر واهل مصر هكذا.
*******
ما يميز مصر في هذه المرحلة بالذات هو ان الشعب المصري يمتلك القرار والخيار والارداة في تحديد مصيره ومستفبله، وهو هو يعاود الخروج المليوني لاسقاط حكم الاخواني "اللاشرعي". الشعب المصري بوعيه السياسي والاجتماعي، استطاع تغيير دفة الصراع من صراع اريد له ان يكون ديني او طائفي او قومي، الى صراع مدني علماني – ديني، وهذا ما عجزنا عن تحقيقه منذ عقد من التغيير السياسي في العراق، فما زال صرعنا طائفي مذهبي مغلف بسليفون سياسي امريكي.
الاسلاميون في العراق نجحوا في مخططهم وسقوا ما زرعه البعث من بذور الكره والانانيية، مع تغييب وتجهيل للناس واشغالهم بحروب وصراعات وسجون وحصار، وبعد ذلك احتلال محاصصة طائفية زيارات دينية، تحذيرات بحروب اهلية، تفجيرات ممنهجة، فساد اداري ومالي، اعادة النعرة والعصبية العشائرية، الامر الذي ادى بالتالي الى تدجين الروح العراقية. عكس مصر وما حاول الاسلام السياسي فعله، فقد اصتطدم بوعي كبير وفطنة قل مثيله في شعوب العالم العربي.
*******
الامر الاخر ان الجيش المصري والشرطة وقفوا الى جانب الجماهير الخارجة والغاضبة على نظام حسني مبارك، وها هو اليوم يقف مع الزحف المليوني ويسقط مرسي وحكم الاخوان. عكس قواتنا الباسلة التي استخدمت ما اتيت من قوة ضد متظاهري ساحة التحرير، علما ان الجماهير المصرية رفعت شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" والجماهير العراقية رفعت شعار "الشعب يريد اصلاح النظام"، ترى كيف سيكون الحال، او رد قواتنا الباسلة، لو تم الاستعانة بشعار الجماهير المصرية.
عشرات المصريين اقتحموا بالامس مقار الاخوان ومكتب الارشاد، هل يجروا احد منا على المرور بجانب مقار احزاب وقوى سياسية عراقية كالاخوان؟! بالمناسبة هي ليست دعوة للعنف فقط مقارنة برئية. واخير وزارة الداخلية المصرية اعلنت من خلال صفحتها في الفيسبوك يوم الاثنين واحد تموز"النهاردة عيد الشرطة " و "الشعب والشرطة يد واحدة" حيث رددو سوية "ارحل يامرسي". المصريون يقولون " كل من له نبي يصلي عليه". ابناء مصر يوم 30 حزيران تركوا عملهم في دوائر الدولة وتغيبوا ليلتحقوا بشباب الثورة، كذلك حال فنانيها ومثقفيها في مسيرتهم الاحتجاجية، والحال ذاته مع الفنانات وهن يمضين بمسيرة "القباقيب". وهناك المئات والمئات من الشواهد على ان الشعب المصري هو صاحب الخيار والاردة وهو من يصدر القرار ومن ينفذه، وهو ايضا صاحب القدرة على التغيير، تذكروا الشعب المصري بملاينه المتعددة هو من يصنع قراره، وليسوا مثلنا حين ننفذ قرارت لعدة اشخاص، سوا اتفقوا او اختلفوا، فان اتفقوا على شيء فهم مختلفون على اشياء، وان اختلفوا على شيء فهم متفقون على اشياء اخرى.... بالطبع هذا الشيء ما يخصهم والاشياء ما تعنيينا. بالتالي تستحق مصر ان تكون ام الدنيا وقبلة العرب .... تحيا مصر.
هل ثمة فرق بين قاتلي حسن شحاته ومحمد عباس؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah