الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الإنسان

محمد لفته محل

2013 / 7 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مهما تقدم الإنسان حضاريا يبقى قانون المكافئة والعقاب هو من يحكمه، رغم علمه إن الالتزام بالقوانين طوعا وقناعة وليس خوفا هو في مصلحة الحضارة وتقدمها لان الالتزام نتيجة الخوف يعني إمكانية خرقها في حال زوال رادع الخوف أو الحيلة عليه؟ إن هذا القانون هو انعكاس لصراع الإنسان ما بين غرائزه ورغباته وما بين القيم الاجتماعية التي تنظم علاقته بالآخر والطبيعة لأن الإنسان يتحرك وفق قوانين حتمية داخلية، نفسية و بايلوجية كالغرائز والرغبات والعواطف والانفعالات، وقوانين خارجية كالبيئة والأسرة والعادات والتقاليد الاجتماعية التي يصطدم بعضها مع منبهاته وحاجاته النفسية و البيولوجية، كلها تؤثر وتحرك في الإنسان متصارعة، تجعلها من المستحيل التوافق فيما بينها في الالتزام بنظام أو قانون سواء كان هذا النظام أخلاقي أو قانوني أو ديني أو فكري، وإن النظرة التقليدية للإنسان كحيوان يتحكم به عقله، ينبغي قلبها إلى حيوان يتحكم بعقله حتمياته النفسية والبيئية والاجتماعية، ليس عدم فهم لهذه القوانين أو عدم قناعة بها، وإنما بسبب طبيعته النفسية والبايلوجية، ونحن نرى كثير من الناس يخالفون أقوالهم ومبادئهم وانتماءاتهم التي يؤمنون بها بدون أدنى شك بها؟، لذلك وجدت العقوبة لمنع هذه الحقيقة، فكلنا تقريبا نعرف أن الرشوة والغش والتزوير والاختلاس والكذب والنفاق التي تخالف النظام الأخلاقي والقانوني ذات أضرار اجتماعية مع ذلك كثير من الناس يرتكب هذه الأخطاء والجرائم انسياقا لرغباته ومصالحه وأنانيته أو انسجاما مع بقية الفاسدين، أو لشيوع الفساد اجتماعيا، تحت مبررات أو من غير مبررات، وطبعا إن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لها دور في تفشي هذه الجرائم أو انحسارها دون محوها قط. إن ما يحدث في الحروب أو الاستيلاء على السلطة يفجر طاقات الإنسان المكبوتة والممنوعة التي كانت تعوقها العقوبة الاجتماعية والقانونية و إلى حد نسبي الضمير، فنرى العجائب من أناس بسطاء مسالمين ينتهكون الأنظمة الأخلاقية والقانونية والدينية والفكرية وهذا يعني إن الإنسان حيوان قطيعي بالأساس وتحول إلى كائن اجتماعي بحكم ضرورة التطور البقاء والتكاثر!.
يمارس الإنسان الخير والالتزام بالقانون لأنه مقبول اجتماعيا وفيه مكافئة دنيوية وأسطورية (الثواب والعقاب بعد الموت) سواء ماديا أو معنويا أو للمصلحة العامة والإنسانية كما عند النخب المثقفة، لكن الشر رغم عقوبته الاجتماعية والقانونية المادية والمعنوية والأسطورية فانه يمارس بقوة وإغراء وشهوة في السر أو تحت مبررات بالعلن، فالإنسان يرتكب الخير من اجل المكافئة المادية أو المعنوية أو الأسطورية، ويرتكب الشر رغم وجود العقوبة الاجتماعية والقانونية والأسطورية وهذا يعني تأصل الشر أكثر من الخير في الإنسان!!. وهذا يتوافق مع رؤية التحليل النفسي التي تصور الإنسان في صراع مابين غرائزه ورغباته وما بين المجتمع والقوانين الأخلاقية.
الطبيعة ترتقي ببعض كائناتها بانتخاب الذكر الأقوى لتلقيح الإناث، وانتخاب الحيمن الأصلح من بين الآلاف، والبيضة الأنضج للتلقيح لإنتاج أجيال سليمة جينيا، لهذا نرى البيضة تحدد بأيام من نزولها للرحم فيتم إتلافها إذا لم تلقح لإنتاج بيضة انضج منها، وفي الثدييات العليا تقوم الذكور والإناث بطرد ذكورها الشباب من مجموعتها لتجنب التزاوج الداخلي حتى لا تتوارث نفس الجينات، وليستقلوا بأسر منفرده وهذا قانون الطبيعة لتحسين النسل واعتمادهم على انفسهم وتكوين قطعان جديدة، لهذا يكون التزاوج الخارجي أول خطوة لتحسين الجيل لتجديد الجينات وكسر وحدة الدم وتجديد الجينات، أما عند الإنسان فإن التزاوج الخارجي له وظيفة نفسية وفكرية تضاف لوظيفته البايلوجية؟ فمن الناحية النفسية يعتبر تحريم الزواج الداخلي أول خطوة للاستقلال كشخصية اجتماعية وتكوين أسرة جديدة، أما من الناحية الفكرية فإن الزواج الخارجي هو الانفتاح على الآخر والتأثير والتأثر به، وحدوث تلاقح ثقافي يكسر وحدة الثقافة ونقائها الجامد، فيحدث تجديد في الجينات الثقافية أي التطور. والزواج الخارجي هو أساس قانون التلاقح الحضاري الذي دفع الإنسان للتطور الفكري والتكنولوجي وهو ما يمكن تسميته بقوانين التطور الثقافي.
أن ميزة الإنسان الأخرى أنه لا يستطيع إدراك الأشياء والأفكار والعبارات مستقلة متجردة بذاتها ألا ويوازيها تداعي أو إسقاط أو تأويل ثقافي يفقدها استقلالها، فتمتزج الذاتية بالموضوعية وهذا سر اختلاف الأمم ثقافيا، وهذا يعني إن كل العبارات والموضوعات والأشياء تبقى ناقصة لا تكتمل إلا بتأويل المتلقي وإسقاطاته.
مشكلة الإنسان انه كلما تقدم بالعمر زاد خبرة ونضوج وقلت قدرته على التغير والتعلم، في حين انه في مقتبل عمره يكون قليل الخبرة سريع التعلم والتغير!؟ إلا أن الإنسان يركز على نضوج عقله في الأمور التي تصب في بقائه وتكاثره كجمع المال والربح والحفاظ على مصالحه ومنفعته، في حين بقية قضايا حياته التي لا ترتبط ببقائه فلا يكرس لها جهدا عقليا بل يعتمد على التصورات الثقافية والاجتماعية والغيرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ