الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة الى برهان شاوي

خالد السلطاني

2005 / 5 / 4
المجتمع المدني


الدكتور العزيز برهان شاوي المحترم
اللجنة التحضيرية للحزب الكوردي العراقي
تحية ،
اسمحوا ، ايها الاستاذ الكريم ، ان اقدم لكم ومن خلالكم الى رفاقكم المحترمين ، تمنياتي الصادقة بالنجاح والموفقية ، بمناسبة تشكيل لجنة تحضيرية معنية بتأسيس كيان سياسي عراقي جديد هو " الحزب الكوردي العراقي " .
وفي هذه المناسبة ، يغمرني ، كشخص ، يعتبر نفسه معاضدا ومساندا لقضية الكورد الفيليين ، شعورا مفعما بالامل ومشوبا بالفرحة ، للنية المباركة في تأسيس هذا التنظيم االطليعي ، المرجو منه ان يكون احدى الادوات المؤثرة للدفاع عن قضايا الكورد الفيليين وارجاع حقوقهم العادلة المستلبة .
لقد عانى شعبنا العراقي ضروبا ً متنوعة من التعسف والجور والظلم والارهاب ابان النظام البعثي الصدامي البائد ، لكن معاناة اهلنا الفيليين كانت ذروة اجراءات ذلك التعسف والجور والظلم والارهاب ، الذي طال اثره جميع بنات وابناء هذه الفئة الوطنية والمسالمة والمحبة للعمل والتواقة للتعاون . والانكى من ذلك ان ضروب تلك المعاناة ، التى تحملها الفيليون بجلد وصبر نادرين ، والتى اثارت دهشة العالم وتعاطفهم ، لم تكن مبررة اطلاقا ً ، بل ومدانه اخلاقيا ً وسياسا ً ودينيا ً .
وستظل محنة الكورد الفيليين ومأساتهم ، التى عانوها بسبب سياسات النظام الديكتاتوري التوتاليتاري ، ستضل تمثل صرخة مدوية تطالب بانزال اقسى العقوبات ضد اولئك الذين خططوا وشاركوا ونفذوا تلك الجرائم الوحشية والجائرة ، التى ترتقي بظلمها وبشاعتها ، مثيلاتها من الجرائم الكبرى الموجهة ضد الانسانية ! .
ان ما يمنحنى رجاءا واملا برؤية تمتع الكورد الفيليين بحقوقهم عاجلا ً، تلك الحقوق التى استخف بها النظام الاستبدادي المقبور ، هو وجود طبقة طليعية من المثقفين الوطنيين الواعيين ، وانت ، ايها الصديق العزيز ، احد ممثليهم الشرفاء ، الذين نذروا انفسهم للدفاع عن قضية حقيقية ومحقة وعادلة وواضحة المعالم ، والتى يحاول البعض من معدومي الضمير تجاهلها وحتى انكارها . وآن الاوان ليأخذ الكورد الفيليين مكانتهم ومكانهم الطبيعيين ضمن مكونات نسيج المجتمع العراقي ، النسيج الذي نأمل ان يكون متماسكا ً ، وقويا ً ، وان يكون اعضاء مجتمعه محبين للخير، ومعترفين ومدافعين عن حقوق الاخرين غير المنقوصة .
وبعيدا عن فكرة الزعم ، بان اكون مصدرا ً لطرح اراء معينة ، او مناديا بشعارات محددة ؛ اود ان استميحكم عذرا ً ، في ايراد ملاحظة ، اراها مؤاتية ، وربما نافعة ، صادرة من معاضد لقضية الكورد الفيليين العادلة ؛ ويحسن ، كما اعتقد ، ان تكون حاضرة وانتم في صدد نقاش مسودة الكيان السياسي المزمع تشكيله .
ليس ثمة جدال بان الاكراد الفيليين تعرضوا لابشع صنوف القهر والمظلومية ابان النظام الديكتاتوري البعثي البائد . وقد اشرنا الى ذلك في مطلع هذه الرسالة . لا احد يمكنه ان يتغاضى عن ذلك ، فقط عتاة المجرمين الارهابيين ، فاقدي الحس الانساني السوي ، بمقدورهم ولوحدهم نكران ما عانى الكورد الفيليين من مظلومية عالية ، بدون ادنى مبرر او سبب مقنع !
بيد ان هذه المحنة الانسانية ، يتعين ، في رأي ، ان لاتكون مصدرا ً لحالة من التفرد " الفجائعي " ، والارتقاء بها كحالة خاصة ومتقدمة عن المظالم الاخرى ، التى انزلها النظام الاستبدادي في حق الاخرين ؛ بمعنى آخر ، لا ينبغي ان تكون مأساة الكورد الفيليين سدا ً وحاجزا في عدم الاحساس بمظالم الاخرين ؛ فالظلم واحد ، وآلام ضحاياه متشابهة ، والقتل نتيجته واحدة ، رغم تنوع الاساليب والطرق المستخدمة .
لقد مرت فئات وطوائف وشعوب وقوميات عديدة ، على امتداد التاريخ الانساني ، في مآسي مماثلة لما عانى به الكورد الفيليين بالعراق . لكن حديث بعض ٍ من تلك الكيانات في استذكاراتها لتلك الفواجع ، وشعارات استدعاءتها ، ظل قرين خطاب مأساوي يتبنى رؤية بعينها ، رؤية تمجد معاناتها " المتفردة " عاليا ، وتتماهى مع ماهية الحدث الكارثي الذي عانته ، بحيث وصل بها الامر الى انكار تماثل محنتها مع محن الاخرين التى مروا بها ، طمعا للحصول على تعاطف منتظر ودائم وكثير . لكن هوس " التغني " والتمجيد الزائد احيانا ً ، التى دأبت على تكراره بعض تلك الكيانات ، افضى بكثير من الحالات الى نتائج معكوسة ، اضرت كثيرا ً بقضايا المظلوميين الحقيقية ، جراء تكرارالاشارات المبالغ بها لجهة تأكيد نزعة التفرد الفجائعي .
لا ازعم بان مثل هذه الافكار او الممارسات هي الان رائجة اوسائدة في مناطق تجمعات الكورد الفيليين ، بيد ان هول ما وقع عليهم من ظلم وجور وانتهاك ومظلومية ، قد يغرى البعض منهم لسلوك مثل تلك المقاربات التى اشرنا اليها .
هل اوصلت اليكم ، تماما ما اريد ؟
باختصار شديد ، لا اتمنى ، وانا القريب من مآسي الكورد الفيليين ، وهم على اعتاب حدث سياسي مبارك ، ان يجعلوا من محنتهم حالة خاصة ومتفردة ، تقنعهم " بخصوصيتها " ، ويمكن لها ، ان تؤدى لاحقا ً الى عدم الاحساس ، وحتى عدم الاكتراث بمظلومية الاخرين.
ولعل طبيعة الطروحات وومغزى المناشدات التى وردت في بلاغكم الاخير ، عن اعمال اللجنة التحضيرية ، كفيل لان يجعلني واثقا ومطمئنا ، بانكم ومعكم رفاقكم الاخرين الطامحين لتأسيس هذا الكيان ، ستجعلون من المآسي التى مر بها اهلنا ، واهلكم ، مناسبة مؤاتيه لبلوغ هدف مشترك يؤسس لمبادئ حقوق الانسان ودولة المؤسسات الدستورية وقيم المجتمع المدني المتكافئ .

اغتنم هذه الفرصة لاقدم لكم اسمى اعتباراتي ،
المخلص
د . خالد السلطاني
معمار واكاديمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل