الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقيض الاسلامي الكلي للديمقراطية!

مالوم ابو رغيف

2013 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اذا كانت الشعوب تناضل من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، فكيف لنا ان نفسر بان الديمقراطية وبدلا من ان تكون حلا للمشاكل والصراعات السياسة، تكون هي نفسها المشكلة، كما في العراق وفي مصر وفي تونس.؟
واذا كانت الانظمة في الدول الغربية انظمة مستقرة سياسيا واجتماعيا بفضل الديمقراطية، فلماذا عدم الاستقرار الذي تشهده البلدان في الشرق الاوسط بعد ان اختارت الطريق الديمقراطي للوصول الى السلطة.؟
سنشير اولا الى ان الانظمة الديمقراطية في الدول الغربية لا تقتصر على الديمقراطية السياسية، اي تلك التي يسمح فيها تشكيل الاحزاب والمنظمات والجمعيات السياسية والمهنية والمدنية وتضمن الوصول الى السلطة عبر آلياتها القانونية والدستورية المختلفة، انما تشمل ايضا الديمقراطية الاجتماعية، ونعني بها منظومة الثقافات والعلاقات التي تربط الافراد مع بعضهم وتربطهم مع المجتمع والمبنية على المساواة والاحترام والمحمية بقوانين، مثل المساواة بين المراة والرجل، والمساواة بين الطوائف المكونة للشعب، واحترام حق الانسان في اختيار دينه وعقيدته وميوله الجنسية وارائه السياسية، ودعم الدولة لكافة الفعاليات الاجتماعية والثقافية، ومعاقبة اي اجبار مهما كان نوعه، اكان اجبارا ثقافيا او اجتماعيا او دينيا او شرطويا. ان اخلاق المجتمع في هذه البلدان تستند على وعي جماعي بما يجيزه وما يحضره القانون وليس على ما يحرمه الدين وتمنعه العقائد.
الديمقراطية الاجتماعية هي اساس نجاح الديمقراطية السياسية، اذ ان المجتمعات التي تحكمها علاقات عدم المساواة، كما هو الحال في المجتمعات الاسلامية، حيث القوانين العادات والتقاليد والالتزامات الدينية تكون مثل جدران لمعتقل شاسع لا يسمح للافراد بتجاوزه، انها مثل انظمة السجون التي على النزلاء التقيد بها قسرا.
ان منظومة الاخلاق والقيم الاسلامية تمثل الانا العليا{ المجتمع} حيث تفرض قوانينها وسيطرتها وقيمها على الـ {هو}الانسان الفرد فلا يبقى له من حرية الاختيار الا عاداته السرية. ان هذا التناقض بين قيم المجتمع المتزمت اخلاقيا حتى وان كانت لا تظهر على السطح، تعكس حالة النفاق الموجودة في المجتمعات الاسلامية. ان ذلك يعني ان مجمل الاختيارات لا تتم بمعزل عن تاثير هذه القيم التي تشكل المرجعية الاساسية اللاشعورية للافراد.
الديمقراطية ستكون فاشلة ان لم تعمل على هدم منظومة الاخلاق والاعراف الموروثة من النظام الشمولي الدكتاتوري والذي يشكل الدين احد ابنيته الفوقية، اذ ان هذه المنظومة الموروثة ستكون العامل المعرقل لنجاح اي تجربة، وبدون هدمها ولو تدرجيا، ستكون الديمقراطية مظهرية، شكلية خالية من جوهرها التحرري.
اذا جاز لنا ان نصف الديمقراطية بـ اللعبة، فان الدستور يمثل قواعد اللعب الاساسية التي لا يجب الخروج عنها اطلاقا. من ناحية اخرى يكون الدستور بمثابة الاب والام للقوانين التي تسن وفق قواعده، انه بالنسبة للقوانين، مثل الله للمؤمنين يفرض شروطه وعليهم الالتزام والطاعة. لذلك لا يجب ان يكون للدستور اب اخر غير مبادئ حقوق الانسان العالمية، غير المبادئ الديمقراطية الانسانية، غير النظر الى الانسان كانسان مجرد دون اعتبارات الدين واللغة والقومية والجنس واللون والميول. لا يجب ان يكون الله وصيا على الدستور، اذ ان الله نفسه يحكم من خلال وكلاء، والحقيقة ان رجال الدين لم يعدوا وكلاء، لقد حجروا على الله واصبحوا اوصياء عليه.
عندما يكون الدستور متسقا يخلو من مطبات الدين والاخلاق فان التنافس الانتخابي يجري خارج ميادين الصراع الطائفي والاخلاقي. الفائز في الانتخابات هو ومنتخبوه، سوف لن يكون على طرفي نقيض مع الخاسر ومنتخبيه، سيكون في منطقة الحياد لا يسمح له بالميل نحو جهة ما، سيكون ملتزما بنفس نظام وقوانين ودستور الخاسر وجماهيره، ما يميزه عن الخاسر هو خططه حول البناء الاقتصادي والضرائبي والاصلاحي والوعود التي يقطعها على نفسه والتي تذكره فيها الصحافة وتكون رقيبا دائما عليه.
في انتخابات بلدان الشرق الاوسط، يكون الرابح، فيها هو النقيض الكلي للخاسر ومنتخبيه، سوف لن يكون حالة حياد، انما حالة احتلال، حالة انحياز، حالة لفرض الامر الواقع المضاد، ان فوزه يعني لغير المتعاطفين معه قضاء وقدرا يسعى الجميع للتخلص من بلائه. سيكون نقيضا طائفيا ودينيا واسلاميا للمعسكر الاخر. الديمقراطية قد تكون صراعا بين الاحزاب، لكنها لا يجب ان تكون صراعا بين الناس كما في البلدان العربية.
وبما ان جميع الاحزاب الاسلامية، وبدون اي استثناء، هي لملوم لمشاريع اخلاقية وطائفية وقوانين لا تؤمن بالتساوي ولا بالعدالة الاجتماعية، فالارزاق من الله، وغير المسلمين هم من اهل الذمة والعلمانين كفرة، وتعادي كل من يختلف معها بالرأي والسياسة، فانها وفي حالة فوزها تخلق حالة من الصراع والتناقض الاجتماعي والطائفي والاحتباس التحرري الذي يؤدي الى امراض اجتماعية خطيرة مثل تلك التي نراها تنتشر في المجتمعات عند وصول الاحزاب الاسلامية الى سدة الحكم.
وذا كانت الديمقراطية تفترض وصول الاصلح او الافضل وفق اختيارات الناس، والذي سوف لن يكون مختلفا حتى عن الذين لم ينتخبوه كثيراـ اختلاف سياسي فقط وليس اختلاف اخلاقي، فان في حالة وصول النقيض الكلي، اي النقيض السياسي والاجتماعي والطائفي والديني والاخلاقي، فان ذلك يضع مشروعية خضوع الملايين الذين لم ينتخبوه والذين يتناقضون معه كليا ايضا في حيرة من التساؤل والصراع الفكري. فهو سيكون وصيا عليهم وليس مكلفا منهم، خاصة اذا كانت نسبة فوزه مقاربة لنسبة الخاسر، مثل نسبة محمد مرسي الذي فاز بـفرق واحد بالمئة على المرشح المنافس. الديمقراطية تكليف وليس وصاية كما يضنها الاسلاميون.
من هنا اقول، ان اشراك الاحزاب الاسلامية في الانتخابات يعني تدهور وضياع الاوطان وعدم استقرارها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديمقراطية والحرية هي لمن يؤمن بهما
ammar shbat ( 2013 / 7 / 7 - 04:09 )
تقوم الديمقراطية حول مفهومي الحريات العامة والحقوق والاسلامين ابعد ما يكون عن هذين المفهومين فالحريات الدينية عندهم معدومة (من بدل دين الاسلام اقتلوه) و الحريات الجنسية غير موجودة وتتدخل الاسلام بحياة الرجل و المراة لا يمكن ايقافه و الملحد لا مكان له في اي مجتمع اسلامي فهو كافر ولا مجال للمساومة فيه اما يقتل او يرجع للاسلام و اتباع الديانات المسمات غير سماوية البوذية و الهندوسية ووو..غيرمعترف بهم اصلا
اما اتباع المذاهب الاسلامية الباطنية (الدروز-العلويين-الاسماعيليين-..)فتاوي تكفيرهم جاهزة و اتباع الديانتين المسيحية و اليهودية حالهم افضل بقليل فاما يدفعون الجزية وهم صاغرون او يسلموا او يقتلوا
وحقوق المراة عندهم ليست كحقوق الرجل
الحياة الفنية و الثقافية و العلمية مقيدة باحكام شرعية منذ قرون و هذا بعض من فيض
ان العبودية اذيلت عبر اراقة الدماء و ليس عبر النصوص
الديمقراطية والحرية هي لمن يؤمن بهما ويعمل على ترسيخهما وتطويرهما
وكل من يعادي هذه المفاهيم ليس له الحق في الاستفادة من ميزات الديمقراطية


2 - الاخ عمار شبت: الاسلاميون بلاء يجب التخلص منه
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 7 / 7 - 09:14 )
الاخ عمار شبت المحترم
اتفق تماما مع ما جاء في مشاركتك، التي تبين وبصورة جلية التناقض الحاد والكبير بين الاسلاميين وبين بقية المجتمع، ان ذلك يعني، وفي حالة فوز الاسلاميين بالانتخابات
في مجتمعات الجهل والامية، بانهم سيكونون النقيض الكلي لبقية الشعب، والديمقراطية لا تفترض حكم النقيض الكلي، اذ ان النقيض يمثل حالة انفصال بينما الديمقراطية تمثل حالة ارتباط واتصال.ـ
اليمقراطية تعني حكم الشعب، بينما حكم النقيض الاسلامي الكلي يفرض وصايته على الشعب، فهم لا يكتفون بشؤون السياسة ، بل يتدخلون في حياة الناس الشخصية، يدخلون حتى في غرف النوم الازواج ، ويتدخلون في شؤون المراة الخاصة جدا.ـ وفي طرق المعاشرة الجنسية. انهم عار الانسانية وشنارها.
تحياتي


3 - الاسلاميون بلاء يجب التخلص منه
حميد كركوكي ( 2013 / 7 / 7 - 11:24 )
كيف يا أخ أبو رغيف كيف نتخلص منهم؟ مع أشواقي وتقديري.


4 - الاخ حميد كركوي، الجهل بيئة الدين
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 7 / 7 - 15:32 )
الاخ حميد كركوكي
لا توجد وصفة جاهزة للتخلص من هذا البلاء الاسلامي بسرعة، ان ذلك يتطلب عملية تثقيف متواصلة وعلى كافة المستويات، الاعلامية والادبية والعلمية والتربوية والمدرسية.ـ
اذ ان الجهل هو البئية المناسبة لانتشار افكارهم الغبية، فان قضينا على الجهل والامية، فسينقرض بانقضائها تاثير الدين السيء ورجاله على الناس.ـ
تحياتي


5 - السعود تصرف البلاين لشراء الجهلة
Hamid Kirkuky ( 2013 / 7 / 9 - 00:13 )
أنضر إلى العراق كيف يدفعون مبالغ السفر لحج العمرة، الناس ماعندهم نعال يطيرون بالطائرات لحج العمرة! أمريكا دخلت العراق ودخلت الجهالة معهم، حتى في كوردستان لهم الصاع مع القروين و البسطاء ومنافقي الشعب المثقفوين كذلك،حقا إنها الخطر المحدق بنا الجميع


6 - الاخ حميد كركوي: الدين تجارة
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 7 / 9 - 08:31 )
الاخ حميد كركوكي
وصف الدين بالتجارة ليس وصفا مجازيا، انه وصف يعبر عن الحقيقة، فهناك شركات كبرى قد تاسست لصناعة ما يتلائم و المفاهيم الاسلامية. شركات اطعمة حلال وملابس للاناقة الاسلامية من الحجاب وما تحت الحجاب وما تلبسه المراة الاسلامية في مخدع الزوجية وما يتلائم وطقوس الحج والعمرة وماكياج اسلامي وطهورات اسلامية وادوية اسلامية ، وكذلك اغاني وفيديوهات اسلامية ربما ستجد في الاسواق قريبا فياغرا اسلامية.
كان الاخوان المسلمون في مصر يعدون العدة للقضاء على الفن المصري الجميل واستبداله بفن محجب، ، اليوم قرات تصريحا للفنان الرائع هاني شاكر قال فيه بانه كان يشعر بالغربة في زمن حكم الاخوان، وقال بانهم حاربوا الفن والصحافة ان هذه المحاربة هي لاستبدال اذواق الناس ثم بيع ما ينتجوه الاخوان ـ
لا شيء بدون ربح، لو لم يكن الله مربحا، لرجعوا الى عبادة الاصنام مرة اخرى ولباعوا هبل واللات في جوامعهم .ـ
ولكي تباع تجارة الدين يجب نشر الجهل والخرافة، وهم مبدعون في بيع بضاعة الجهل والخرافة التي تقبل الناس على شرائها بكل حماس



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah