الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب الدينية والحريات

داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)

2013 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


للاحزاب الاسلامية اجندة خاصة بها بما له علاقة بالحريات ، تلك الحريات التي تجد لها مكانا رئيسيا في تحديد اولويات الامر في أي مجتمع يريد ان ينهض ليواكب المجتمعات الاوربية المتطورة والمتقدمة في كل شيء .
فهذه الاحزاب تعتقد انها ستطبق الاسلام الاصولي – بالنسبة للاحزاب السنية – و الاسلام الشيعي – بالنسبة للاحزاب الشيعية – وهذا الامر يتطلب امور منها ما له علاقة بالحريات ، ان كانت تلك الحريات عامة او على المستوى الشخصي .و هناك اكثر من سؤال يثار بوجه هذا التطبيق – السني او الشيعي – ومن ضمن هذه الاسئلة في هذا المستوى اسئلة على الحريات السياسية والحريات الشخصية.
واول ما يتبادر الى الذهن على مستوى الحريات السياسية هو موقف الاحزاب الاسلامية اذا وصلت الى الحكم من الاحزاب التي تشكل ليس على اساس ديني ، بل انها تشكل على اساس قومي ،او ليبرالي ،او علماني ،او شيوعي، او وطني؟
فهل تقبل تلك الاحزاب الدينية بمثل هكذا احزاب؟
مثلا لو تاسس حزب على اساس قومي ، فما هو موقف تلك الاحزاب الدينية الاسلامية من هكذا احزاب؟ و تلك الاحزاب الدينية تجد ان الاسلام فوق القوميات .
ولو تاسس على اساس ليبرالي ، كيف تقبل به تلك الاحزاب الدينية ؟وهي ترى ان عقيدتها لا تسمح بترك الامور على غاربها .
او على اساس علماني، فان الاحزاب الاسلامية تعادي العلمانية وتعتبرها كفر والحاد.
او على اساس شيوعي، وهذه الاحزاب تعد الشيوعية كفرا والحادا ايضا.
اما اذا كان على اساس وطني فالاحزاب الدينية اممية في توجهاتها وليست وطنية.
اذن فحرية تشكيل الا حزاب عندما تصل الاحزاب الدينية للحكم تساوي صفرا.
اما على المستوى حرية الفكر و الاعتقاد فانها تصطدم بالاتي من الامور :
- حرية الابداع الفكري والادبي والفني .
ان تلك الاحزاب الدينية لا تؤمن بحرية هذه الامور ، فالابداع الفكري معناه ان حريته ستطال فكر الاسلام ، وابسط امر في الفكر الاسلامي انه فكر غير موحد ، بل هو فكر مذاهب مختلفة في المنطلقات والمخرجات .
اما على صعيد الابداع الادبي ، فالاحزاب الدينية لا تؤمن قالابداع الحر ، فهي اساسا لا تؤمن بما ينتجه هذا الابداع بعيدا عن توجهاتها الايديولوجية ومعتقداتها الاصلية .( الرواية على سبيل المثال ونجيب محفوظ خاصة ومحاولة قتله).
والابداع الفني فيه الكثير مما يقع تحت طائلة الممنوع ، ابتداءا من الموسيقى والغناء وانتهاءا بالنحت ، مرورا بالفنون التشكيلية ، والمسرح والسينما.
وهكذا نجد ان كل ابداع محرم ، و ممنوع القيام به.
***
- تطبيق الشريعة ( الاسلامية !!!) في ما يخص الحدود الاسلامية ، كرجم الزاني ،وجلد شارب الخمر ، وقطع يد السارق ، وحد من يبدل دينه او يخرج منه ، او ما يسمى بحد الردة.
هذه الحدود وغيرها ، تتعارض ودولة المواطنة التي تؤمن بالحريات والتي هي دولة القرن الواحد والعشرين التي تعيش في كنفها كل الاديان والاقليات بالتساوي.
***
- حرية الاخر في الاعتقاد الديني ، ومدى احقيته في ان يكون مخالفا في الدين، وما موقف الاحزاب الدينية منه ؟ أي ما هو موقفها من مبدأ المواطنة الذي ينظر لكل سكان البلد بالتساوي؟
مجتمعاتنا مجتمعات فسيفسائية ، فيها المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي والايزيدي ..........الخ ، وداخل هذه الاديان مذاهب وطرق دينية ، فاين تقف تلك الاحزاب الدينية من كل ذلك ؟
***
مثل هذه الحرية لو طبقت ستطرح تساؤلات كثيرة امام الاحزاب الدينية المستلمة للحكم ،منها:
- دين الدولة هل هو الاسلام ؟ وكيف يطبق ؟ هل تطبق شريعة ما قبل 1400 سنة ، وما موقفها تلك الاحزاب الدينية من الديانات الاخرى ؟
- ما هو موقفها – الاحزاب الدينية – مثلا :من شارب الخمر في الاسلام ،وعند تلك الاديان الاخرى ؟( ان كان حراما او حلالا عندها).
- ماذا تقول تلك الاحزاب الدينية عن حلية تربية واكل لحم الخنزير ؟ وما هو الاجراء الذي تتخذه ضد الديانات التي تحلله؟ وكيف يمكن الحصول عليه؟
- مسالة الحجاب عند هذه الاحزاب الدينية، ومدى الحرية في لبس – من ابناء الديانات الاخرى - ما تراه صالحا لها.
هذه المسائل وغيرها حتما انها ستطرح على الاحزاب الدينية التي تستلم الحكم او التي استلمت الحكم ،وقد طرحت فعلا في المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي، وفي الدول التي تحكمها احزاب دينية قبل تلك الفترة مثل العراق ، الذي تغيرت الحريات الشخصية والسياسية فيه واصبح مجتمعا اسلاميا بالاكراه خاصة في جنوبه.
***
ان تطبيق التجربة الاسلامية في مجتمعات مثل مجتمعاتنا العربية تحتاج الى تنازل الحاكم من الكثير من الخصوصيات الدينية ، وتحويلها الى عموميات دينية بما له علاقة بتطبيق الشريعة ، بحيث تحافظ على الاصل المرسوم لها، وجعل الدين مسألة خاصة بالفرد ، لان الدين اساسا كما يقول القران ( لا اكراه في الدين).
ليكن الدين مسألة خاصة بالفرد ،لا امر منزل عليه من الاخر، مجبور على تطبيقه.
هذه نظرة اولية لما ستواجهه الاحزاب الدينية ( الاسلامية ) عند استلامها للحكم ، وهناك تجارب على ارض الواقع ، حيث ان استلام الحكم من قبل الاخوان في مصر كان قد جوبه بثورة عارمة هذه الايام واستدعى تدخل الجيش لانها حكم الاخوان لانهم قد ساهموا بعودة الشعب المصري الى عصر الجاهلية الاولى في كل شيء ، بل ان الجاهلية الاولى هي اهون مما حدث للشعب المصري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا